الرئيسية - اقتصاد - القطاع الخاص فشل في الاختبار!!
القطاع الخاص فشل في الاختبار!!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يرتبط المواطن اليمني بعلاقة توصف بالسيئة مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأت الحكومة اليمنية تطبيقه منذ العام 1995م بالاتفاق مع صندوق النقد والبنك الدوليين وذلك للتغلب على ما يعانيه الاقتصاد من اختلالات هيكلية نتيجة اقتصاره على رفع الدعم عن المشتقات النفطية رغم أن البرنامج كان يهدف إلى إصلاح الإدارة الحكومية ومحاربة الفساد وتحويل النشاط الاقتصادي إلى القطاع الخاص , أي تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي , وذلك من خلال تحرير قوى العرض والطلب وتخفيض العوائق والقيود التي تعترض نمو القطاع الخاص , وقد استهدفت هذه السياسات تحجيم دور الدولة من خلال عمليات التحرير الاقتصادي في المجالات المالية والنقدية والسياسات التجارية وخصخصة بعض مؤسسات الدولة.

بالرغم من مرور أكثر من ثمانية عشر عاماٍ منذ بداية الإصلاحات الاقتصادية في اليمن إلا أن الاقتصاد لم يتمكن حتى الآن من تحقيق الاستقرار الاقتصادي الحقيقي وضمان استدامة ويتضح ذلك من خلال مؤشرات عجز الميزانية العامة والميزان التجاري وقصور السياسيات الاقتصادية المتبعة لمعالجة معدلات التضخم وسعر الصرف بالإضافة إلى ضعف أداء السياسات الاقتصادية والمرتبطة بجانب الإنفاق الاجتماعي كذلك قصور في السياسيات الاقتصادية ذات العلاقة بالنمو الاقتصادي مما لا يسهم في إصلاح الوضع الاقتصادي في اليمن لذلك ما زال جهداٍ كبيراٍ مطلوباٍ لضمان نجاح برنامج السياسات الاقتصادية والذي يجب تصميمه ليكون ملائماٍ لظروف اليمن المرتبطة ببيئة النشاط الاقتصادي وواقعة الاجتماعي والثقافي إضافة إلى ضعف الدور الاقتصادي والاجتماعي للقطاع الخاص وبناءٍ على ذلك يمكن تحديد متطلبات نجاح السياسات الاقتصادية في اليمن . ويرى استاذ الاقتصاد بجامعة عمران الدكتور عبدالله العاضي أن النشاط الاقتصادي الذي تمارسه الدول بحاجة إلى حماية ورعاية يتعاون في تحقيقها الأفراد والجماعات لذلك كانت الحاجة إلى تدخل الدولة في الإنتاج والنشاط الاقتصادي, إذ أظهرت الأزمة المالية العالمية في عام 2007م ضرورة التدخل الشديد للدولة في الاقتصاد واليمن كغيرها من الدول النامية بحاجة أكثر إلى إعادة النظر في دور الدولة الاقتصادي, وبخاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحلية والعالمي وهذا له مبررات كما يطرح العاضي منها ضعف الاستقرار الاقتصادي والمتمثل في عجز الموازنة العامة, والميزان التجاري وارتفاع معدلات نمو الأسعار وضعف الاستقرار الاجتماعي ويتمثل ذلك في تدني مستوى التنمية البشرية, مما ينعكس في انخفاض نسبة الأنفاق على التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية بالمقارنة بنسبة الإنفاق على الدفاع , إذ تمثل هذه الاختلالات الاقتصادية أبرز التحديات لليمن في المستقبل وكذا ضعف النمو الاقتصادي ويتمثل ذلك في ضعف قاعدة مصادر الدخل , إذ يعتمد الاقتصاد على مورد قطاع النفط بشكل رئيس كما أن مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي ما زالت ضعيفة , إضافة إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي, هذه الاختلالات تحتاج إلى تدخل الدولة كإجراء وقائي من التدهور والتراجع . الاستقرار الاقتصادي يستدعي تحقيق الاستقرار في الجانب الاقتصادي من خلال ترشيد الإنفاق الجاري وزيادة الإنفاق الاستثماري وربط الأجور والمرتبات بالأداء والإنجاز وكذا زيادة الإيرادات العامة عن طريق الضرائب المباشرة وغير المباشرة ودعم الصادرات المحلية وتقليل الواردات وذلك من خلال قيام الحكومة بإجراء عمل حماية انتقائية لبعض الصناعات الوطنية وتشجيع الصناعات التي تمتلك اليمن فيها ميزة نسبية مثل الاهتمام بالجانب الزراعي لاسيما زراعة القطن بغرض صناعة الأقمشة والمنسوجات لتقليل الطلب الخارجي لهذه السلع وكذلك دعم الصناعة التحويلية مثل مواد البناء وغيرها من المواد التي تتوفر خاماتها في اليمن, الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق انخفاض في معدلات التضخم وسعر الصرف مما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي. دور على الرغم من تغير وظيفة الدولة وتراجع دورها في النشاط الاقتصادي وتقليص وظائفها الاجتماعية والتنموية إلا أن دورها في ظل اقتصادات السوق لا يزال مهماٍ وكبيراٍ. وتستند أهمية هذا الدور وأهمية تكامله مع دور القطاع الخاص بصورة عامة وفي اليمن بصورة خاصة إلى العديد من المبررات المسوغات يأتي في مقدمتها أن القطاع الخاص لن يتمكن من توسيع دوره الاقتصادي وزيادة استثماراته إلا في ظل دولة قوية تضع القواعد العامة والمبادئ الأساسية التي تحكم النشاط الاقتصادي وتضع الضوابط الحاكمة التي تحول دون الخروج عن هذه القواعد والمبادئ. فالدولة هي التي تضع التشريعات القانونية والتنظيمية وهي التي تقوم بتنفيذها وتفسيرها. وكما تدل عليه الشواهد التاريخية فإن نشأة اقتصادات السوق وازدهارها قد ارتبط بنشأة الدولة الحديثة وبالتالي لا يمكن للقطاع الخاص أن يزدهر ويوسع أنشطته ويزيد استثماراته إلا في ظل دولة قوية معاصرة. كما أثبتت الشواهد التاريخية والواقع المعاصر بأن اقتصاد السوق وآلياته ليس نظاماٍ مثالياٍ وأنه لا يمكن له أن يقوم ويزدهر في ظل سريان “دعه يمر دعه يعمل” إنما يتطلب الأمر وجود نظام تنظيمي وتشريعي محكم ومتكامل وفعال وهو ما يدخل في نطاق مهام الدولة ومسؤولياتها. الاستقرار الاجتماعي يعد الاستقرار الاجتماعي جانباٍ مهماٍ في إحداث التطور والاستقرار الاقتصادي طبقا للدكتور عبدالله العاضي وهذا يتطلب الاهتمام الكبير من الدولة بالتعليم بحيث يتم الاهتمام به من خلال توفير المستلزمات الضرورية لرفع المستوى النوعي في الكفاءة والمهارة لإفراد المجتمع ويأتي ذلك من خلال توجيه الإنفاق على التعليم نحو الاستثمار في العنصر البشري وكذا الاهتمام بالرعاية الاجتماعية من خلال رفع مخصصات الإنفاق بغرض زيادة القدرات الأساسية لأفراد المجتمع وتقليل الجوع ونقص التغذية مما يسهم في أحداث النمو المستدام , وذلك من شأنه أن يضمن تحقيق الاستقرار الاجتماعي للمجتمع ورفع معدلات النمو الاقتصادي من خلال تنويع مصادر الدخل القوى وخلق فرص عمل جديدة لذلك ينبغي إحداث تغيير في هيكل الإنتاج بحيث يتم تقليل الاعتماد على قطاع الصناعة الاستخراجية المعتمد على النفط والتوجه نحو الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى والمتمثلة في قطاعي الزراعة والثروة السمكية قطاعات السياحة والصناعة التحويلية وخدمات الموانئ والنقل البحري. بيئة النشاط الاقتصادي: يؤدي التكامل والمشاركة والتسوية والفاعلية بين الجهات الفاعلة في النشاط الاقتصادي إلى رفع كفاءة استغلال الموارد الاقتصادية وبخاصة تلك الجهات الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة إلا أن نجاح ذلك في اليمن يستلزم توفر عدد من الشروط منها توفر المؤسسات الإدارية الفعالة إذ تعتمد فاعلية المؤسسات الإدارية على مدى توفر مؤسسات تشريعية منتخبة وممثلة لسيادة أبناء المجتمع ووجود قضاء نزيه ومستقل وفعال واعتماد الأساليب العلمية في اتخاذ القرارات إذ يعد استيعاب التقنية الحديثة إحدى الأساليب العلمية اللازمة لتحقيق الإنجازات الاقتصادية كما أن اختيار التقنية الملائمة لاستغلال الموارد المتاحة هي جزء هام من اتباع الأسلوب العلمي في التخطيط الاقتصادي.