الجمعة 29 مارس 2024 م
الرئيسية - الدين والحياة - فاز المحسنون
فاز المحسنون
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الإحسان كما قال العلماء هو الإتقان تقول أحسنت صنع الشيء يعني أتقنته أو هو بمعنى الزيادة والمبالغة في فعل شيء من الأشياء أو أمر من الأمور وعليه فالإنسان المحسن هو الذي لا يكتفي بفعل ما طلب منه فقط ولكنه يزيد عليه أمور كثيرة تجمله وتحسنه وتجعله شيئا فريدا له قيمة عالية ورائعة ولذلك فالمحسنون في كل زمان ومكان قلة قليلة قلما تجدها فهم مثل الجواهر النفيسة التي يصعب الحصول عليها فهم الكنز والذخيرة والعدة والعتاد.

الإحسان في القرآن الكريم قال تعالى “إن الله يحب المحسنين” وقال تعالى “والله يحب المحسنين” يعني أن أقصر طريق إلى محبة الله عز وجل هو أن تكون من المحسنين وماذا تريد بعد أن تصل إلى محبة الله عز وجل لك إنه أعظم شيء في الحياة. وقال تعالى على لسان من خاطبوا قارون ينصحونه وينبهوه “أحسن كما أحسن الله إليك” يعني مبادلة الإحسان بالإحسان فالله أحسن إليك بأن جعل لك رزقا سهلا وصحة قوية ومالا وفيرا فقابل الإحسان بالإحسان ولكن قارون مع الأسف قابل الإحسان بالجحود والنكران فما كان مصيره إلا الخسف والخذلان. وقال تعالى ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” على عكس قارون هذا جزاء المؤمنين الذين أحسنوا جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لأنه لا يستوي هؤلاء وأولئك, وقال تعالى :” لöلذöين أحسنوا فöي هذöهö الدنيا حسنة ولدار الآخöرةö خير ولنöعم دار المتقöين ” نعم لمن أحسن في الدنيا حسنة لا تكون أبدا كأجر الآخرة حتى لا يظن الناس أن الإحسان يضيع كما يقولون في المثل الشائع: “أفعل الخير وارم في البحر إنك لا ترمه في البحر أبدأ ولكن يقع في يد الله تبارك وتعالى ولذلك فالسيدة عائشة رضي الله عنها كانت تعطر الدرهم قبل أن تضعه في يد الفقير ولما سألت عن ذلك قالت لأني أضعه في يد المولى تبارك وتعالى قبل أن أضعه في يد الفقير وهذا هو الإحسان في أبهى صوره”. وخاطب الله عز وجل بني إسرائيل بقوله تعالى: “إöن أحسنتم أحسنتم لöأنفسöكم وإöن أسأتم فلها ” نعم من أحسن في الحقيقة فإنما يحسن لنفسه ومن أساء فإنما يسء لها فليقدم كل إنسان لنفسه ما يحب فمن أحب الإحسان فعليه أن يحسن أولا. الإحسان في السنة المطهرة عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يده على فخذين ثم قال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا” قال: صدقت فعجبنا يسأله ويصدقه ثم قال أخبرني عن الإيمان فقال: صلى الله عليه وسلم “الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره حلوه ومره” قال صدقت فعجبنا يسأله ويصدقه ثم قال وما الإحسان¿¿ فقال صلى الله عليه وسلم “الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه” فإن لم تكن تراه فإنه يراك…. الخ” وهنا نلاحظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا رتب الدين درجات بعضها فوق بعض فجعل مرتبة الإحسان أعلى من الإسلام والإيمان فالمحسنون في القمة لا يسبقهم ولا يعلو عليهم أحد وبعد ذلك حدد معنى الإحسان بدقة حينما يشعر الإنسان في كل لحظة أنه تحت عين الله عز وجل ليس تحت نظر مخلوق أو بشر ومن هنا تأتي منزله المحسنين أنهم خاصة الخاصة وصفوة الصفوة فهم المقربون قال تعالى “فأما إöن كان مöن المقربöين فروح وريحان وجنة نعöيم”. وهناك مثال للمؤمن وللمحسن: هب رجلا لديه اثنين من الخدم فأمرهما في وقت واحد بأن يخضرا له قطفا من العنب فذهب أحدهما وأحضر العنب وغسله غسلا جيدا ووضعه في طبق جميل وقدمه لسيده فلو أنك مكان هذا السيد أي الخادمين يكون أحب أليك لا شك هو الثاني لأنه أحسن وأجاد. حاجة المجتمع إلى الإحسان لو أحسن كل واحد عمله وأتقنه ولم يكن لحاجة إلى مراقبة احد من الخلق لأنه يراقب المولى جل وعلى ما احتجنا إلى كثير إنفاقه ولا كثير جهد ولتقدم المجتمع من تلقاء نفسه ولكافئانا الله عز وجل وأجرنا الخير على أيدينا وأصبحت بلادنا أعظم البلاد لأنه أهلها محسنون. لذلك نحن في اشد الحاجة إلى هذه الخلف العظيم ولاسيما وهذه الأيام التي تتلمس فيها الأمة الطريق إلى النهضة المنشودة والرقي العظيم. أسأل الله من واسع فضله وكرمه أن يمن علينا بالإحسان وأن يجعلنا من المحسنين. ● عضو بعثة الأزهر الشريف باليمن