الرئيسية - السياسية - لا داعي لتجربوا مأساتنا
لا داعي لتجربوا مأساتنا
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الثلاثاء الفائت كانت فتاة صومالية مقيمة في صنعاء تبحث عن أفضل طريقة لإبراز علم بلادها في حفل تخرجها في ذات الوقت وعلى مقربة من سكنها كانت تعلو أصوات رصاص اقتتال اليمنيين ومعها أماني الفتاة أن لا يحدث ما يعيق فرحتها في اليوم التالي ” سئمنا الحرب ولا نريدها أن تلحق بنا أينما اتجهنا ” . قبل أن ينطلق حفل تخرج الطلاب الصوماليين في إحدى القاعات صباح الأربعاء كانت الفتاه قد سبقت الحضور وهي ترتدي علم بلادها فوق لباس التخرج وظلت تنتظر مع بقية أسرتها التي رافقتها إعلان اسمها للصعود إلى منصة التكريم كي يرى الجميع مدى حبها للوطن الذي غادرته طفله بسبب الحرب الدائرة فيه ” أتمنى أن لا تضطرون للرحيل عن بلادكم وتركها للمقاتلين كما حدث لنا “

أكمل داود وهو من ذات منطقتها ما كانت قد بدأت الحديث فيه “وحتى لا تحتفلون بعيدا عن أهلكم بفرح ناقص -ها أنتم تسيرون في الطريق الذي سرنا فيه قبل ثلاثون عاما ووصلنا إلى تدمير وطننا” وحتى يقنع فضولي في معرفة ما حدث هناك حشد معلوماته التي لم ينساها ” لم نستيقظ في الصباح لنجد أن بلادنا قد أصبح الصومال المعروف في الأذهان تدهور الحال تدريجيا إلى أن تم السقوط وزعت الأسلحة وانقسم الناس إلى فصائل حرب ” طابق ما قاله اللاجئ ما ذهبت إليه صحيفة بريطانية منذ أيام ” في اليمن هناك من يحاول استنساخ التجربة الصومالية ” . كرر داوود أمانيه بان لا نمضي في ذات الطريق وان نشق مسلكا جديدا يقينا ويلات خبرها شعب يعيش بعيداٍ عن أرضه التي قرر الشاب العودة إليها قريبا لأنها بدأت تستقر حسب روايته ” لقد بداء كثير من أبناء وطننا العودة لأنه حدث تحسن في مقديشو والمدن الأخرى وهناك رحلات جوية دائمة للعودة إما على حسابهم الشخصي أو برعاية منظمة الهجرة الدولية التي تشجع العودة إلى الوطن .

درس لكل يمني عبدالرحمن جامع تردد في الكلمات الأولى لكنه تمالك ذاته وبداء يقول إن ما حدث في بلاده يفترض أن يكون درسا لكل يمني بحيث يعرف معنى الاستقرار وقيمة الأمن جامع أكمل تعليمه في مجال الحاسوب ويفرح بحفل تخرج اليوم ولا يدري هل سيسمح له موطنه من العودة أم البقاء في بلد اللجوء المهدد من قبل أبنائه الذي يطلب منهم أن يتوقفوا عن المغامرة في المجهول ” هل سمعت عن وطن يقتل فيه الجميع دون سبب قبل أسابيع قتلت فنانه غنت كثيرا للصومال الذي أحبته وبذلت فيه كل قدراتها تركت حياتها في الولايات المتحدة وعادت إلى موطنها بعد أن اختارتها قبيلتها لتمثيلها في البرلمان وكان جزائها الموت على يد الجماعات المسلحة تقول رسالة هذا الشاب أن الحرب عندما تشتعل لا تفرق بين المقاتل والفنان بين من يحب بلاده ومن يكرهها بين من يحمل الكلاشينكوف ومن يحتضن الجيتار – حين تذكر طريقة موت الفنانة تكونت سحابة حزن على وجهه ذا الملامح الطفولية .

أسر مكتملة . كان الحضور من جميع الفئات أطفال وشباب وكبار سن ذكور وإناث اسر مكتملة فرت عبر البحر للوصول إلينا في سنوات متقطعة وشكلت هنا مجتمعها الخاص المتطلع إلى خوض البحر ذاته لكن في رحلة معاكسة – حضرت هوازم المتخرجة من قسم الصيدلة في الكلية الدولية مع كافة أفراد أسرتها ” أنها فرصة ليفرح الجميع وينسى ما فعلته الحرب بنا – قالت فتاه أخرى تقف بالجوار هل تريدوا أن تجربونها¿ واضح أن مقصدها الحرب التي نستخدمها نحن لتهديد بعضنا ونيل المكاسب السياسية والمصالح الشخصية . عادت هوازم لتهدي تفوقها إلى أهلها في موطنها خلف البحر الذي قتل الآلاف ممن حاولوا العبور عبر عقدين من الزمن ” كل نجاح أحققه كل فرحة تغمرني أتذكر المكان الذي جئت منه والذي أتمنى لو أتمكن من تضميد جراحه وخدمته بما استطيع ” تضيف الفتاه التي لا تعرف غير الحلم بالأفضل أنها ستستمر في التعليم بوجود من يساندها سوى كانت الأمم المتحدة أو منظمات المجتمع المدني في اليمن المهتمة باللاجئين وكل من له يد عون في ظل ظروف قاسية . سميه محمد مدينة بالجميل لبلادها رغم أنها تخلت الأميال التي تفصلها عنها والألم التي خلفتها لها تقول إنها تنتظر أن يعود الاستقرار بأي شكل إلى موطنها البعيد كي تساهم في إعادة رسمه وتصويره من جديد والاستفادة مما تعلمته في بلد اللجوء اليمن الذي تتمنى له كل الخير وأن يتجاوز مشاكله دون الحاجة إلى تشريد أبنائه البسطاء.

هنا أجمل أيام عمري إلهام محمد عاشت أجمل أيام عمرها في هذا البلد كما قالت خاصة أيام دراسة تخصص المختبرات وهاهي مستمرة فيه تنتظر أن يتقدم وليس أن تلحقه الحرب التي عصفت ببلادها الأم الصومال ولم تتعافى منها حتى اليوم وإن كانت تشهد استقراراٍ نسبياٍ تتمنى أن يطول أضافت إلهام أن من ذاق الحرب يعرف ماذا تعني ويتمنى كل لحظة دقائق السلام مهما كانت الظروف صعبة والحياة قاسية في كل نواحيها . ولأنها عاشت يوما من الفرح الكبير فقد أحبت أن تشكر كل من صنع هذا اليوم وساهم في نجاحها مع زملائها .. مطهر الحيدري الذي ظل يتابعنا طوال فتره الدراسة وصولا إلى اليوم مع زملائنا في الدفعة الحالية وكل من في المفوضية السامية الذين قدموا لنا الدعم في غربتنا كي نتجاوز مشكلة التوقف عن التعليم العالي . من بين الخريجين عبدالفتاح أخذ يلتقط الصور مع جميع الحضور محتفلا بما حققه في دراسته باعتباره أهم منجز في حياته تحقق في اليمن موطنه الثاني الذي يأمل أن لا يدخل في مغبة ما جربه موطنه الأول ودفع به مع ملايين الصوماليين إلى الهرب والتفرق بين دول المهجر بعد أن كانوا مستقرين في بلدهم وتمنى أن لا يصل اليمن إلى ذات المصير وأن يرسم مصيره أبنائه وليس جهات مجهولة تريد تدمير كل شيء وتبدأ بروح اليمني واستقراره .