وكيل مأرب يفتتح مشروعين تربوي وصحي بتكلفة نصف مليون دولار
رئيس مجلس القيادة يعزي بوفاة محافظ عمران الاسبق المناضل يحيى العذري
عضو مجلس القيادة عثمان مجلي يعزي في وفاة اللواء يحيى العذري
سفير اليمن لدى المانيا يؤدي اليمين الدستورية امام رئيس مجلس القيادة الرئاسي
الإرياني: نهب وتهريب مليشيا الحوثي للاثار جزء من مخطط إجرامي يستهدف طمس الهوية
محافظ تعز يناقش اوضاع المشتقات النفطية بالمحافظة
مصر تدين تصريحات رئيس وزراء إسرائيل وتؤكد دعمها الثابت للقضية الفلسطينية
لقاء في عدن يناقش أهمية الحفاظ على أصالة المنتجات الوطنية
رئيس مجلس الشورى يزور الشيخ عبدالواحد الدعام للاطمئنان على صحته
رئيس هيئة العمليات يزور المنطقة العسكرية الثانية ويشيد بأدائها خلال العام المنصرم
- سفير اليمن لدى المغرب
أعلنت إدارة العمليات العسكرية فى سوريا إسناد منصب رئيس البلاد فى المرحلة الانتقالية إلى أحمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة. هذه مرحلة جديدة قد تفضى إلى انفراجة حقيقية.او صنع ( أسد جديد).
وحسب لعبة الزمن المعروفة ،فإن الثورة قد تفضى إلى بناء دولة، أو قد تذهب بالدولة إلى غير رجعة!.
تلك محطة انتظار وترقب. والأمر لا يعنى أن النظام السابق مأسوف عليه.
فلا يحتاج أمر إظهار سوء حكم الأسد فى سوريا لاختلاق الحكايات. مجرد السجل العادى للجرائم يكفى لإثبات الإدانة الواضحة وطنياً ودولياً. البعض يريد خلق قصص سنجد فى الأخير أنها تخدم الهارب ولا تعزز مطالب المظلومين. والنظام الذى سقط تأخر سقوطه لعشرين عاماً على الأقل. وسوريا، التى تشكل دُرة العقد العربى، تستحق غير هذا الذى يجرى لها منذ عقود.
وأنا مع دمشق مثل ما قال نزار قباني:
(أنا الدمشقى.. لو شرحتم جسدى.. لسـال منه عناقيـدٌ.. وتفـاح.).
(مآذن الشـام تبكـى إذ تعانقـنى... وللمـآذن.. كالأشجار.. أرواح)
ونحن جيل وُلد وكبر ولم يسمع برئيس غير عائلة الأسد، وتلك كارثة لمتابع عربى عن بعد، فكيف بالمواطن السورى الذى تُطبق على أنفاسه ليل نهار صورة الرئيس إلى الأبد؟! وكأنى أسمع أحمد شوقى يردد:
(وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ).
أعرف سوريا ومشهدها السياسى والثقافى بما يكفى لمعرفة الواقع الصعب، وزرت مدنها من دمشق إلى الحسكة. وأحب دمشق ولا تفارق مخيلتى شُرفة فى ركن منزل قديم عامر بالياسمين، وصدر لى فيها كتابان فى عز الشباب والعطاء، وعشنا تقلبات الصراع مع النظام الذى اختلفنا معه وهو لا يحب أحداً، ولكن بقينا نحب سوريا!.
بلد يدهشك بتنوعه وجماله وثراء تاريخه وثقافته، ويحزنك أنه رُمى به إلى قلة لم تدرك جحيم ما تصنعه بالناس الطيبين، وما تفعله بفكرة العروبة التى تستحق أنظمة غير هذه التى أساءت للفكرة والأمة معاً.
يجب ألا نذهب إلى التهويل أو التقليل. ما تم إنجازه انتظره الشعب السورى والعربى طويلاً، وهروب بشار تأخر عقدين من الزمن. وكان القدر قد اختار خاتمة معقولة لسوريا مع النظام السابق، بوفاة حافظ الأسد منتصف العام 2000. بشكل طبيعى والبدء بتفكير يخرج البلد من أقبية الخوف وقبضة زوار الفجر. لكن الحرس القديم، الذى فاته تطور العالم، أصر على إعادة العجلة، وأحضر الابن الشاب على عجل من مستشفى ويسترن للعيون فى لندن ليزيد من حالة العمى فى النظام الذى كان يشيخ، مثل كل شيء هرم فى السلطة والسجن.
وبشكل مسرحى تم تغيير الدستور ليلائم قامة الشاب، ويكون عمر الرئيس من أربعين إلى أربعة وثلاثين ونصف العام، ويُدفع به ليذهب بالبلد إلى منتهى الجحيم.
كان الوضع بحاجة إلى حنكة سياسية ومستشارين شجعان مخلصين ليقولوا لخليفة دمشق إن البلد بحاجة إلى عدالة انتقالية صادقة لا سجون إضافية. تأخر الأمر وضاعت فرص تنقذ بلدا جميلا، وتنقذ معها مسار فكرة القومية والعروبة، وهما أكبر الضحايا لسوء التقدير وسوء التدبير، لا سوء الجوهر فى الفكرة التى هى براء.
فى 10 يونيو 2000 مات حافظ الأسد، وفى 17 يوليو تم تعيين بشار. بدأت العملية مسرحية هزلية لتنتهى بدراما دامية. تلك هى قصة مسلسل الحكم. رحل الأب عن 69 عاماً، وفر الابن عن 59 عاماً.
ولم يكن بوسع الشعب تحمل عشر سنوات أخرى ليموت الابن بعمر الأب على يد القدر.
حكم الابن ربع قرن، نصفها فى صراع مع الثورة ضد النظام. مرت فيها الكثير من المحطات التى كان يمكن لها أن تحدث مصالحة وتوقف حمام الدم بدلاً من براميل البارود.
لكن التمترس خلف عقلية هرمت جعل النظام يسقط فى اثنى عشر يوماً. وكان يعوّل على حليف متسربل بالاثنى عشرية الإمامية فى طهران، لكنها كانت غائبة كالعادة عند كل كارثة تحل بحلفائها. فسقط النظام بعد أربعة وخمسين عاماً من الحكم، وبعد أن ظن الناس أنه دائمٌ للأبد.
قيل الكثير عن السقوط المروع والسريع، والحقيقة أن أسباب سقوط الأسد ليست فى آخر اثنى عشر يوماً، بل بسنوات طوال من تآكل النظام وابتعاده عن الناس، حتى قيل إن معظم الطائفة الحاكمة والجيش تمنوا فى أعماقهم الخلاص مثل غيرهم مما يجرى، فكان هذا السقوط.
والآن تُعيد الدنيا علينا وجهها ودرسها وتقول إنه للخروج إلى بر الأمان لا بد من عدالة انتقالية، وجدية فى بناء دولة القانون والحق، ومحاسبة المجرمين، ولكن أيضاً تشييد بناء دولة تحفظ للناس الكرامة والأمان وتحفظ لنا سوريا البلد الأجمل بتنوعه، الذى يشكل درة عقدنا العربى، والذى يواجه الاحتلال من كل جهاته.
تلك سوريا التى يجب ألا تُترك وحيدة فى الأسرة العربية ويجب ألا يختلف العرب على وحدة وقوة سوريا. ولا يجب لمآذن الشـام ان تبكـى ثانية!.
ولا حتى فى عناق الأحبة يا نزار.
فللمـآذن.. كالأشجار.. أرواح.
* نقلا عن صحيفة الأهرام