الرئيسية - الأخبار - انقلاب الميليشا تسبب بوضع إنساني مؤسف ومرشح للانهيار
انقلاب الميليشا تسبب بوضع إنساني مؤسف ومرشح للانهيار
صورة ارشيفية
الساعة 07:03 مساءً الثورة نت../ خاص

تتأمل الاطفال العائدين من مدراسهم بعينين دامعتين، انها تفتقد الجلبة التي كان يحدثها اطفالها عند عودتهم من المدرسة بزيهم الكاكي و حقائبهم الزرقاء، مريم الشيعاني ،46 عام ام لخمسة أطفال، ماتزال تحتفظ بحقائب وكتب أبنائها سمير15 عام و فاضل 13 عام، و تؤمن بانهم سيحتاجونها ذات يوم.

قالت مريم لـ "الثورة نت" ان زوجها اضطر الى اخراج أبنائه من مدرسة النور الاهلية عام 2016 بسبب عجزه عن دفع الرسوم ليلتحقوا بمدرسة الحمزة الحكومية قبل ان تقضي الكوليرا على حياته في ديسمبر من العام نفسه. 

وفي عام 2017 قرر سمير وفاضل ترك المدرسة والبحث عن مصدر دخل، قالت فاتن بعد نوبة بكاء "عندما اخبروني بقرارهم لم استطع الرفض" فهناك ثلاثة أطفال اخرين بحاجة الى الطعام، بعد توقف راتب والدهم الذي كان يعمل في وزارة الكهرباء منذ عامين ضمن اكثر من 500 الف موظف حكومي مدني في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات عجزت الحكومة التي شكلها الحوثي في صنعاء عن دفع مرتباتهم.

ويحصل سمير على 1500 ريال يوميا مقابل ثمان ساعات عمل في مزارع القات بضواحي صنعاء، بينما لا دخل ثابت يحصل عليه فاضل من جمع علب البلاستيك الفارغة من الشوارع وصناديق القمامة وبيعها لبعض معامل إعادة التدوير في صنعاء.
ورغم ان ما يجمعه الطفلين لا يتجاوز 90 الف ريال شهريا يدفعون نصفه مقابل ايجار السكن تقول مريم الشيعاني ان ما يكسبه اطفالها "جنبهم الوقوع في الفاقة" في بلد اعتاد سكانها خلال السنتين الأخيرتين على مشاهدة الأطفال والنساء وهم يبحثون عن بقايا الطعام في صناديق القمامة.

أسعار الصرف

تدهورت الأوضاع الإنسانية في اليمن بشكل متسارع في النصف الاخر من العام الجاري نتيجة استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية وفي تصريح لـ "الثورة نت" أوضح رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي مصطفي نصر بأن هذا الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية ( الدقيق ، السكر ، الارز ، حليب الاطفال ،زيت الطبخ ) يعود الى العديد من الأسباب ابرزها تراجع سعر صرف العملة الريال وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، و وصف تدهور سعر الريال بـ"المرعب"  يفوق اسوء التوقعات ويثبت ان هناك عجز كامل عن السيطرة من قبل الحكومة  في التدخل للحد من هذا الكارثة. 
وبحسب نصر فان 85% من المواطنين اليمنيين غير قادرين على توفير طعامهم الأساسي بعد ان فقد الريال  ثلثي قيمة منذ بداية الحرب في مارس 2015.
 
خسائر متتالية
فقد وسام ،9سنوات، ثلاثة كيلوا من وزنه خلال أربعين يوم فقط بينما فقدت اخته ميار اثنين كليو وتخشى والدتهم فاتن الربيعي 34عام من ان يزيد الامور سوء خلال الفترة القادمة، بعد ان عجزت زميلاتها عن الاستمرار في تقديم المساعدات الغذائية لأسرتها الصغيرة.
تقول الربيعي منذ شهرين تقريبا لا نتناول الا وجبه واحدة في اليوم وغالبا نعيش على "لحوح وزبادي" ، وتضيف " انا مرعوبة، أرى اطفالي في كل طفل يعاني من سوء تغذية تعرضه شاشات التلفزيون" 
وكانت ليز غراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن قد تحدثت في فعالية عقدها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية حول اليمن عشية بدء المداولات العامة رفيعة المستوى للدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة عن ان 80% من أطفال اليمن ما يساوي 11 مليون طفل، يحتاجون المساعدة، وان طفل واحد على الأقل يموت كل عشر دقائق لأسباب مرتبطة بالحرب، وتفيد تقارير صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ان 50% من الأطفال في اليمن مصابون بالتقزم.
لم تكن فاتن الربيعي تعيش هذه المخاوف قبل ثلاث سنوات، فقد كانت اسرتها تعيش حياة طبيعية تعتمد فيها على راتب زوجها الذي يعمل في وزارة التربية بالإضافة الى عمله في فترة المساء سائق سيارة اجرة قبل يتوقف راتبه و يبيع سيارته، بعد ان تعرض لحادث سير اقعده في منزله.

عائلة فاتن الربيعي ضمن  18مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب احاطة مارك لوكوك وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية في 21سبتمبر، والتي جاء فيها أيضا "لا يعرف 8 ملايين يمني كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، وتشتد حاجتهم للمساعدات الغذائية الطارئة ليبقوا على قيد الحياة".

قلق التجار

وكانت مخازن كبار مستوردي المواد الغذائية في شارع الزريقي شمال العاصمة صنعاء اغلقت أبوابها في 30 سبتمبرالماضي نتيجة للانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني للتضاعف أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال أيام.
يقول رجل الاعمال عبدالرزاق الحبابي "لا نستطيع تصريف بضائعنا في ظل هذا الجنون لسعر الدولار" مؤكدا لـ "الثورة نت" ان جميع تجار الجملة في شارع الزريقي ،وهو مركز لتوزيع البضائع الى جميع المحافظات اليمنية الشمالية، كانوا قد اقفلوا مخازنهم الى حين يتم تثبيت سعر الصرف، قبل ان يعاودوا فتحها قبل أيام بعد ان شهد سعر الدولار استقرار نسبي.
وفي هذا السياق قالت ليز غراندي إن كل مرة تقل فيها قيمة الريال اليمني ولو حتى بنسبة مئوية ضئيلة، تصبح عشرات الالاف من الأسر اليمنية غير قادرة على شراء احتياجاتها الأساسية اللازمة لبقائها على قيد الحياة.