الرئيسية - تقارير وحوارات - تحذيرات من "إبادة ثقافية" في اليمن: ميليشيا الحوثي تواصل تفكيك الهوية اليمنية
تحذيرات من "إبادة ثقافية" في اليمن: ميليشيا الحوثي تواصل تفكيك الهوية اليمنية
الساعة 03:07 مساءً

 

«صحيفة الثورة»خاص

في ظل المساعي الدولية لإيجاد تسوية سياسية تنهي النزاع المسلح في اليمن، تتزايد التحذيرات من خطر موازٍ لا يقل فتكًا، يتمثل فيما يصفه خبراء في القانون الدولي بـ"الإبادة الثقافية" التي تمارسها ميليشيا  الحوثي العنصرية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وسط قلق متنامٍ حيال تداعيات هذه السياسات على التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية.

وأوضح الباحث والسياسي  سمير مريط" أن ميليشيا الحوثي الإرهابية الطائفية، ومنذ سنوات، تنتهج سياسة ممنهجة تهدف إلى إعادة تشكيل الهوية الثقافية لليمنيين، من خلال استهداف الذاكرة الجمعية، والنظام التعليمي، والمفاهيم الوطنية، بغرض إحلال رؤية مذهبية ضيقة تخدم مشروعًا أيديولوجيًا مرتبطًا بإيران.

ويشير مراقبون إلى أن ما يجري في صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية يمثل نمطًا من الجرائم الثقافية، لا يقل خطرًا عن الانتهاكات الموثقة دوليًا في حالات مشابهة، كالفلسطينيين والعراقيين في محطات تاريخية مختلفة. ووفقًا لموسوعة الدراسات الأفريقية، فإن الإبادة الثقافية "تشمل عمليات ممنهجة تهدف إلى محو ثقافة شعب، وتشكيل وعيه وهويته من خلال وسائل قسرية، تشمل العنف والترهيب والسيطرة على مصادر المعرفة".

وفي هذا السياق، يشدد باحثون في القانون الدولي على ضرورة توسيع مفهوم الإبادة الجماعية ليشمل الأبعاد الثقافية، مؤكدين العلاقة الوثيقة بين العنف الثقافي والمادي. ويستشهد بعضهم بما قاله الكاتب الأميركي ديفيد نرسسيان، بأن استهداف ثقافة شعب هو مقدمة لتهديد وجوده المادي، وهو ما يتماشى مع مقولة الشاعر الألماني هاينريش هاينه: "أينما تُحرق الكتب، يُحرق البشر لاحقًا".

خياران أحلاهما مرّ

وبحسب الباحث مريط، فإن السكان في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي الإرهابية أذرع إيران باليمن يواجهون خيارين لا ثالث لهما: إما الخضوع للمنظومة الفكرية التي تُفرض على المدارس والمساجد ومؤسسات الدولة، أو مواجهة أشكال متعددة من العنف والتمييز، قد تصل إلى التهجير أو التصفية الجسدية.

وأشار الباحث مريط إلى أن محافظتي تعز ومأرب تمثلان نموذجين بارزين لهذه السياسات؛ حيث تخضع تعز لحصار مستمر يُقصد منه إضعاف سكانها وكسر إرادتهم، في حين تواجه مأرب محاولات مستمرة لاختراق نسيجها الاجتماعي وفرض واقع أيديولوجي جديد، نظرًا لأهميتها الجغرافية كبوابة للمناطق الشرقية.

معركة الوعي

من جانبهم، يؤكد باحثون يمنيون في المجال الحقوقي، أن الصراع الدائر لم يعد يقتصر على الأرض، بل امتد إلى الوعي والهوية، معتبرين أن الدفاع عن الهوية الثقافية اليمنية بات أولوية وطنية لا تقل أهمية عن استعادة مؤسسات الدولة.

وطالب الحقوقيون المجتمع الدولي بالتعامل مع ممارسات الميليشيا المتطرفة بوصفها انتهاكات خطيرة تمس جوهر التنوع الثقافي والإنساني، محذرين من أن تجاهل هذه الممارسات قد يفتح الباب لتكرارها في مناطق أخرى حول العالم.