الرئيسية - محليات - ‬ظاهرة التسـول‮.. ‬بين الحاجة لتوفير مـا‮ ‬يسـد الرمق والجشع لجمع المـال
‬ظاهرة التسـول‮.. ‬بين الحاجة لتوفير مـا‮ ‬يسـد الرمق والجشع لجمع المـال
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

حافظ حفظ الله‮ ‬ –

قبل نحو عقدين كانت الظاهرة محدودة جدا ومقتصرة على نسبة ضئيلة من النسوة والأطفال دون الرجال‮‬

‮البطالة والفقر وارتفاع أسعار المواد الغذائية‮ ‬من أهم الأسباب التي‮ ‬دفعت للتسول

‮> ‬يشكل المتسولون بمحافظة حجة نسبة كبيرة من إجمالي‮ ‬المتسولين في‮ ‬مختلف محافظات الجمهورية‮ ‬حيث أصبحت ظاهرة التسول شائعة في‮ ‬مدينة حجة والعديد من مديريات المحافظة وتشكل عائقاٍ‮ ‬رئيسياٍ‮ ‬لحركات وتسوق المواطنين‮ ‬وللطلبة الذاهبين والعائدين من وإلى مدارسهم وجامعتهم‮ ‬كما أصبحت تشكل عائقاٍ‮ ‬كبيراٍ‮ ‬لحركات السيارات ومختلف أنواع المركبات‮ ‬حيث لم‮ ‬يعد‮ ‬يخلو شارع ولا إشارة مرور ولا جامع ولا سوق من المتسولين من مختلف المراحل العمرية‮ ‬الذين‮ ‬يفترشون الشوارع والأسواق‮ ‬‮ ‬ويقفون أمام وحول الناس والسيارات المارة‮ ‬يلحون على تقديم المساعدة لهم‮ .‬ ولا‮ ‬يتوقف الأمر عند ذلك الحال بل أن هنالك من المتسولين في‮ ‬العديد من المحافظات‮ ‬‮ ‬من‮ ‬يطوف المنازل بحثا عن‮ “‬ما‮ ‬يسد رمقه ورمق أسرته‮..- ‬كما‮ ‬يقول هؤلاء المتسولون-ومثلما‮ ‬يوجد أناس دفعتهم الحاجة إلى مد أيديهم‮ ‬هنالك‮ -‬أيضا‮- ‬أناس‮ ‬يدفعهم جشعهم إلى الخروج إلى الشارع وإلى التنقل من منزل إلى آخر‮ ‬ليمد‮ ‬يده متسولا‮ ‬وهو‮ ‬يردد المزاعم والأكاذيب بغرض استعطاف المواطنين وهذا ما تأكد لنا ونحن نجري‮ ‬الاستطلاع التالي‮:‬

لم نكن نعتقد قبل أن نجري‮ ‬هذا الإستطلاع أن المتسولون باتوا أكثر حذرا من الصحافة‮ ‬كما هو حال بعض المسئولين في‮ ‬بلادنا‮ ‬حيث‮ ‬يصعب طرح سؤال عليهم أو أخذ تصريح منهم‮ ‬‮ ‬إذا ما عرفوا بأنك صحفي‮ ‬ومع هذا‮ ‬غامرنا ووجهنا لعدد من المتسولين والمتسولات بمحافظة حجة أسئلتنا التي‮ ‬تتمحور حول معرفة الأسباب التي‮ ‬دعتهم إلى احتراف التسول فأجمع مختلف المتسولين والمتسولات الذين التقينا بهم‮ ‬على أن الظروف المعيشية الصعبة وصعوبة واستحالة حصولهم على وظائف أو أي‮ ‬أعمال أخرى والفقر‮..‬هي‮ ‬الأسباب الرئيسية التي‮ ‬دفعتهم إلى امتهان التسول‮ ‬.

عاطل عن العمل ‮> ‬ويقول أحمد أسلم‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يتواجد وحشد من المتسولين في‮ ‬منطقة حرض‮: ‬ما دفعني‮ ‬للخروج من منزلي‮ ‬لطلب المساعدة من الناس هو عجزي‮ ‬عن تلبية حاجيات أفراد أسرتي‮ ‬من متطلبات مختلف المواد الغذائية وغير ذلك من متطلبات المعيشةكوني‮ ‬عاطلاٍ‮ ‬عن العمل ولا‮ ‬يوجد معي‮ ‬أي‮ ‬دخل‮.‬ وأوضح متسول آخر رفض الإفصاح عن إسمه قائلاٍ‮: ‬إن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي‮ ‬يعيشها ابناء محافظة حجة‮ ‬وخاصة الفقراء من أمثالي‮ ‬هي‮ ‬التي‮ ‬جعلتني‮ ‬أمد‮ ‬يدي‮ ‬طالباٍ‮ ‬المساعدة بما كتبه الله‮ ‬لأستطيع توفير الاحتياجات الضرورية لأبنائي‮ ‬وبناتي‮ ‬البالغ‮ ‬عددهم ثمانية‮ (‬ثلاث بنات وخمسة أولاد‮) ‬بالإضافة إلى أمهم حفظها الله‮.‬

الفقر ‮> ‬وأضاف‮: ‬إن الفقر وتردي‮ ‬الوضع المعيشي‮ ‬والارتفاع الفاحش لأسعار المواد الغذائية‮ ‬خاصة منذ حرب الخليج عام‮ ‬1991م التي‮ ‬كان لنظام الحكم في‮ ‬بلادنا حينها‮ ‬موقف من تلك الحرب‮ ‬وهو بالتأكيد موقف لم‮ ‬يكن حريصاٍ‮ ‬على مصلحة البلد وأبنائها المغتربين في‮ ‬الخليج‮ ‬‮ ‬مما تسبب بخروج وطرد نحو مليوني‮ ‬مغترب‮ ‬يمني‮ ‬من دول الخليج وفي‮ ‬مقدمتها السعودية‮ ‬‮ ‬وإرتفاع نسبة البطالة والفقر في‮ ‬اليمن‮ ‬‮ ‬كل هذا أدى بالبعض إلى التوجه للتسول‮ ‬‮ ‬وبعد أن وصل وضع البعض إلى العجز الكلي‮ ‬عن اقتناء أبسط احتياجاته واحتياجات أفراد أسرته‮ ‬خصوصا ما‮ ‬يتعلق بالمواد الغذائية الأساسية‮.‬

إعالة البنات ‮> ‬ومن جانبها تحدثت متسولة‮ ‬يبدو من الملامح الظاهرة من وجهها أنها لم تتجاوز العقد الثالث من عمرها بالقول‮: ‬أنا أرملة وأم لثلاث بنات‮ ‬وأنا من أعيلهن ولا أجد خيارا آخر‮ ‬غير التسول للحصول على المال الذي‮ ‬أستطيع به توفير لقمة العيش لبناتي‮ ‬بعد أن طلقني‮ ‬والدهن وتركهن معي‮ ‬قبل أربع سنوات‮ ‬دون أن‮ ‬يسأل عنهن‮.‬ وعزى عدد من الأطفال تسولهم إلى طلاق الوالدين أو وفاة أحدهما‮ ‬وتحملهم المسؤولية في‮ ‬غياب معيل الأسرة‮.‬ وقالوا‮: ‬لقد اخترنا منطقة حرض مكاناٍ‮ ‬دائماٍ‮ ‬لنا للحصول على المال الذي‮ ‬ننفقه على أسرنا‮ ‬‮ ‬كون هذه المنطقة ممراٍ‮ ‬للمغتربين اليمنيين إلعائدين من السعودية والمغادرين إليها‮ ‬وممراٍ‮ ‬للكثير من السياح الخليجيين الذين‮ ‬يقصدون اليمن‮ ‬وهم‮ ‬يحبون الخير والحمد لله لا‮ ‬يقصرون معنا‮.‬

في‮ ‬مواجهة الأطفال المتسولين ‮> ‬وقبل أن أوجه لهم سؤالاٍ‮ ‬آخر‮ ‬يتعلق بجانب التعليم في‮ ‬حياتهم‮ ‬‮ ‬تركني‮ ‬أولئك الأطفال المتسولون وانطلقوا مسرعين نحو ثلاثة أشخاص قادمين من منفذ حرض الحدودي‮ ‬من جهة السعودية‮ ‬ويبدو أنهم عائدون إلى الوطن وأهلهم بعد رحلة اغتراب في‮ ‬المملكة العربية السعودية‮ ‬إلا أن فضولي‮ ‬الصحفي‮ ‬قادني‮ ‬مرة أخرى نحو أولئك الأطفال لمعرفة إن كانوا قد التحقوا بالدراسة أم لافلم‮ ‬يأبهوا لفضولي‮ ‬ولا بي‮ ‬حيث كنت كلما اقتربت منهم‮ ‬يتجهون إلى أماكن بعيدة مني‮ ‬ومثلما كنت أرقبهم كانوا كذلك‮ ‬يرقبونني‮ ‬وهم‮ ‬يجولون طالبين من المارة والمتسوقين مساعدتهم بما‮ ‬يستطيعون من النقود‮ ..‬ الحاج عبدالله‮ – ‬كما‮ ‬يطلق عليه أقرانه المتسولون-وفيما كنا ننتظر منه الإدلاء بحديثه‮ ‬رمق سيارة فاخرة قادمة باتجاهنا من المنفذ فانطلق مسرعا وهو‮ ‬يتعكز بعصا‮ ‬غليظة نحو تلك السيارةوبدأ‮ ‬يتحدث إلى سائقها بهدوء مبالغ‮ ‬فيه‮ ‬فتركناه لحاله واتجهنا إلى متسول آخر كان‮ ‬يهم الانطلاق إلى صيده الراجل خلسة‮ ‬فقلنا له مازحين‮ “‬يبدو أن الشخص الذي‮ ‬تهم بالذهاب إليه من المغتربين المطرودين‮ ‬العائدين بخفي‮ ‬حنين من السعودية ولا فائدة منه ما دام لا‮ ‬يحمل سوى قميص‮ ‬يستر جسده‮” ‬فتبسم ضاحكاٍ‮ ‬وقال:صحيح والله‮.‬ وأردف قائلاٍ‮:‬لم أعد قادرا على ملاحقة المارة‮ ‬‮ ‬ولا الذاهبين والمغادرين من وإلى اليمن‮ ‬‮ ‬لقد تعبت من الملاحقة من الفجر إلى الآن(كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد الظهر‮) ‬دون فائدة ما عدى ما حصلت عليه قيمة الفطور والغداء‮ -‬حسب قوله‮- ‬وبقي‮ ‬معي‮ ‬زوجتي‮ ‬تنتظر مني‮ ‬حق القات وحق الغداء لها وللأولاد‮ ‬‮ ‬وليس لي‮ ‬مصدر آخر‮ ‬غير ما‮ ‬يقدم لي‮ ‬من مساعدات من رجال الخير‮ ‬فأقوم بإنفاقه على أسرتي‮ ‬المكونة من الزوجة وخمسة أطفال‮.‬

العادة والمهنة ‮> ‬ومن رجال الخير الذين وجدناهم‮ ‬يفتشون في‮ ‬جيوبهم ليقدموا مبلغاٍ‮ ‬من المال مساعدة لمن‮ ‬يعترض طريقهم أو‮ ‬يلقفهم من المتسولين‮ ‬التقينا الأخ فؤاد قائد الذي‮ ‬تحدث عن ظاهرة التسول بالقول:لا ننكر وجود من دفعتهم الحاجة إلى لقمة العيش‮ ‬يتسولون هنا وفي‮ ‬كثير من مناطق ومحافظات الجمهورية‮ ‬إلا أننا في‮ ‬ذات الوقت لا ننكر أيضاٍ‮ ‬بأن التسول لدى البعض أصبح عادة ومهنة لجمع وتخزين الأموالوهذا الشيء‮ ‬يدعونا إلى توجيه نداء إلى الجهات المختصة لتقوم بدورها في‮ ‬مكافحة تسول العادة والمهنة‮ ‬والبحث عن معالجات عاجلة لأوضاع المتسولين الذين‮ ‬يدفعهم الفقر الشديد إلى مد أياديهم طالبين مساعدتهم بما‮ ‬يمكنهم من توفير لقمة العيش لهم ولمن‮ ‬يعولون‮.‬

أعداد هائلة ‮> ‬من جانبه قال الأخ نبيل‮ ‬يحيى إسماعيل العائد إلى الوطن بعد ما‮ ‬يقارب من عام قضاه في‮ ‬الغربة بالمملكة العربية السعودية‮ -‬وفقاٍ‮ ‬لما ذكره‮- ‬قال‮: ‬ظاهرة التسول في‮ ‬مديرية حرض والعديد من مديريات محافظة حجة أصبحت مقلقة جدا‮ ‬حيث‮ ‬ينتشر المتسولون في‮ ‬مختلف الفنادق واللوكندات والأسواق والشوارع والجوامع والحارات بمديرية حرض خاصة‮ ‬وبقية مديريات المحافظة بصورة عامة‮ ‬بشكل كبير وملفت للانتباه‮ ‬ويصطدم الذين‮ ‬يقصدون منطقة حرض والمارة وأهاليها بأعداد هائلة من المتسولين من الجنسين‮ ‬ومن مختلف الفئات العمرية‮ ‬أطفالاٍ‮ ‬نساء‮ ‬رجالاٍ‮ ‬شيوخاٍ‮ ‬وعجائز‮ ‬وحتى الفتيات الشابات أصبحن‮ ‬يمتهن هذه المهنة بكثرة وجميعهم‮ ‬ينتشرون في‮ ‬كل مكان‮ ‬وفي‮ ‬مفترقات الطرق وفي‮ ‬مواقف السيارات والباصات‮ ‬وعند أبواب المساجد‮…‬‮ ‬يستوقفونك طالبين بإلحاح شديد مساعدتهم‮ ‬وهو ما‮ ‬يشكل إزعاجاٍ‮ ‬لكل من‮ ‬يمر من حرض أو‮ ‬يقصدها لأمر ما‮ ‬‮ ‬أو‮ ‬يعمل فيها‮ ..‬كما ان ظاهرة التسول تعد من أهم الأسباب التي‮ ‬تؤدي‮ ‬إلى وقوع حوادث السرقات وحوادث الطرق‮.‬ وعموما فإن ظاهرة التسول قد استفحلت بشكل لافت للانتباه في‮ ‬مديرية حرض وباقي‮ ‬المديريات المجاورة منذ أكثر من عقدين‮ ‬‮ ‬أي‮ ‬منذ اندلاع حرب الخليج الثانية عام‮ ‬1991م‮ ‬بعدما كانت هذا الظاهرة محدودة جدا ومقتصرة على نسبة قليلة جداٍ‮ ‬من النسوة والأطفال دون الرجال قبل هذه الفترة-كما ذكر عدد من كبار السن-ومن ثم أصبحت خلال هذه الفترة الممتدة لأكثر من عقدين من الزمن وحتى اليوم مستفحلة وبصورة كبيرة ولم تعد مقتصرة على الأطفال والنساء بل أصبح الرجال شيوخاٍ‮ ‬وشباباٍ‮ ‬في‮ ‬مقدمة المتسولين‮ .‬