الرئيسية - فنون - الأقمار لا تأفل إلى الأبد
الأقمار لا تأفل إلى الأبد
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

جميل مفرøöح –

> حين يتوارى القمر وراء أقداره وتغمض النجوم أعينها¡ لا يبقى أمام السماء ولا في يدها إلا أن تتشح الحلكة¡ إيذانا◌ٍ بحداد◌ُ كله نشيج◌َ وألم◌َ¡ وعزاء◌ُ لا يمكن أن يكون ثوبه براقا◌ٍ بغير الأسف.. ولا تجد الحياة¡ في بهرجها وزحامها وشغلها¡ بدø◌ِا◌ٍ من أن توقد أحضانها لهفة◌ٍ ولوعة◌ٍ وعينيها حسرة◌ٍ وافتقادا◌ٍ¡ وأن تتمنى لو لم يكن شيء اسمه الأفول.. > إنø◌ِه الغياب.. ذلك الكائن المرجف للكائنات.. حين نصفه نمعن في اللغات وندقق ونجتهد في الكلام لنفيه شيئا◌ٍ مما نظنه¡ فلا نكاد ندرك منه شيئا◌ٍ¡ عدا كونه يسرق الأحبة ويذهب بهم بعيدا◌ٍ بعيدا◌ٍ جدا◌ٍ وأحيانا◌ٍ حد لا مكان ولا مكانة للرجوع.. إنه الغياب.. م◌ِن يدرك منا ما ي◌ْحال أن ندرك منه.. نبحث عن ماهيته في أقاصينا القصية بينما هو يربøöت على أرواحنا من أقرب ما يكون منا!! يدهشنا الغياب حين يغيب عن إدراكنا¡ ويدهسنا حين يدنو منا بغتة◌ٍ¡ أو يزاول من حوالينا ليعلن عن حضوره¡ وكأن لا غنى لنا عنه!! حينها فقط نتعرø◌ِف عليه أكثر مما ينبغي¡ فنتمنى لو أنø◌ِنا لم نفعل!! > وهاهو الغياب يطل علينا ويأخذ في يده زمنا◌ٍ طويلا◌ٍ من اليمن¡ من الفن¡ من العشق¡ من الريادة¡ والتاريخ¡ جاء وكان نصب عينيه فنان◌َ عشقته الأجيال المتعاقبة فأحبته حب الأوطان¡ وذلك حق له¡ لأنه كان واحدا◌ٍ من معالم وملامح هذا الوطن الذي أحبه فكان أمة◌ٍ فيه وشعبا◌ٍ بأسره وهو يشدو من جوهره وتكوينه له (أنا الشعب).. حضر الغياب اليوم وكان عنوان ضيافته في هذا الحضور روح◌َ (ضناها الشوق) فأبدعت وتجلى عشقا◌ٍ طربا◌ٍ ونغما◌ٍ وانتماء.. زاره الغياب فكان أكبر من السماء الباكية¡ خالفها فاتشح البياض بدلا◌ٍ عن السواد والحلكة ومضى وهو ينشد أيضا◌ٍ للغياب (أهلا◌ٍ بسيدي) ويودøöع (نشوان) و(أرض امجبل) و(الفل والورد) و(ردفان) ويلوøöح لليمن من ورائه مرددا◌ٍ (أكيد باحبك أكيد).. > إنه الفنان اليمني الأصيل والعربي اللامع الأستاذ محمد مرشد ناجي.. لوø◌ِح البارحة تلويحته الأخيرة ولم يقل (ليه يا بوي) مدركا◌ٍ ألا جدوى من حوار كهذا حين يحضر الغياب وأنه يكفيه أن يشدو (حان الوفا حان)¡ واثقا◌ٍ من ما تركه وراءه من إرث إبداعي كاف◌ُ لأن يحقق انتصارا◌ٍ طويلا◌ٍ على الغياب.. مضى المرشدي¡ جرø◌ِه الغياب من يده لحظة كان يسترجع أغنيته الشهيرة للأستاذ الأديب الكبير عبدالله البردوني (من أرض بلقيس) لتكون تحيته إليه هناك حيث لا يرجعون.. > وداعا◌ٍ أستاذ محمد وداعا◌ٍ أقول أيها النجم..¿ لا أيها القمر¡ فالأقمار لا تغيب إلى الأبد.. أيها القمر الذي ستدركنا بعده الحلكة والحزن الدامس.. ولكن عليك أن تطمئن بأنه ليس بمقدور◌ُ عليك حين يفرد لك الغياب ساعديه¡ إنك أكبر من أن يطويك أو يطوي ذكراك المكتظة بكل معاني الوجود.. لأنك فنان الأجيال اليمنية¡ فناننا الأكبر وشادي أغنيتنا اليمن التي كانت بالنسبة إليك (أجمل هوى).