الرئيسية - محليات - محافظة المحويت .. القطاعات كابوس مرعب على الطرقات
محافظة المحويت .. القطاعات كابوس مرعب على الطرقات
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

المحويت/ إبراهيم الوادعي – مشايخ ووجهاء المحويت يوقعون وثيقة تجرم التقطع على الطرق واعتراض الآمنين مواطنون: ضحاياها من الأبرياء ومحافظتنا لم تكن تعرف بالقطاعات إلا من وقت قريب إصلاح شئون القضاء أحد المداخل الهامة للقضاء على مثل هذه الظواهر المقيتة تحول انتقال محمد اسكندر إلى عمله كل أسبوع مهمة تكتنفها الصعوبة الجمة خشية من تعرضه لمخاطر الطريق بعد أن كانت لسنوات مضت إجراءٍ روتينياٍ وسفراٍ اعتيادياٍ لا يتطلب منه سوى التأكد من جاهزية سيارته فنياٍ للسفر من مدينته إلى العاصمة صنعاء حيث يعمل هناك في مصنع لإعادة تشكيل الألمنيوم.

قبيل سفره يجري «محمد» سلسلة من الاتصالات بأصدقاء وسائقي أجرة ممن يعرفهم ليتسنى له التأكد من إمكانية وصوله إلى وجهته النهائية وعدم وجود قطاعات متعددة كما يؤكد على الطريق الذي يربط مدينته المحويت بالعاصمة صنعاء (114) كيلومتراٍ ويضيف والقلق يرسم ملامحاٍ على وجهه: بات الوضع صعباٍ للغاية مع استمرار الأمر اعتقدنا أن الأمر سيتم تجاوزه مع تجاوز البلاد أحداث العام 2011م ولكن لايبدو أن هناك أملاٍ قريباٍ وكلما أملنا بتحسن الوضع تعود القطاعات على الطريق من جديد وعلى أتفه قضية وتجد نفسك ضحية فيها ولا علاقة لك بالطرفين وبالأصح لا تعرفهما أساساٍ. ويضيف: أعيش خلال ثلاث ساعات المدة الزمنية لقطع المسافة بين مدينة المحويت والعاصمة صنعاء في حالة توتر شديد من أن يفاجئني قطاع من أي نوع لقد تحول الأمر إلى معاناة شديدة خاصة وأنا أضطر إلى السفر كل أسبوعين وأحياناٍ كل أسبوع لزيارة عائلتي والبقاء بقرب أطفالي.. حقيقة الوضع صعب والصبر قد بلغ بالكثيرين مداه.

مشكلة تتفاقم ارتبط اسم محافظة المحويت باسم محافظة السلام لما تمتلكه هذه البقعة الجميلة من اليمن من مقومات سياحية ومناطق خلابة حباها الله سبحانه أورثت طمأنينة في نفوس ساكنيها وعلى صدور زائريها وظلت محافظة المحويت إلى وقت قريب بعيدة بشكل تام عن حوادث التقطعات على الطرق الرئيسية وبين مناطقها ويجري حل الخلافات الناشبة بين قبائلها أو سكانها بعيداٍ عن أي أعمال تقطع تضر بالعامة والسالكين على الطريق ولا يعرفون بالقطاعات على الطرق واحتجاز سيارات المارة إلا عبر ما يتناقل إليهم من أخبار من المحافظات الأخرى الموبوءة بهذه الظاهرة المقيتة. ويقول خالد الزيدي إن القطاعات أصبحت اليوم تمثل مشكلة كبيرة في المحافظة منذ ثلاث سنوات ومن لديه خلاف شخصي مع آخر من منطقة أخرى يلجأ إلى قطع الطريق وحجز سيارات المواطنين لإرغام الطرف الآخر على الخنوع له والطرف الآخر يفعل نفس الفعل وهكذا تتضخم المشكلة وتتوقف أرزاق الكثير من الأسر ممن يعتمدون في رزقهم على الطريق. يعمل خالد منذ سنوات على باص أجرة اشتراه بعد أن أفنى جل عمره في العمل سائقاٍ أجيراٍ على سيارات الغير وهو اليوم أحرص على باصه من أن يقع في أيدي آخرين ممن يقومون بأعمال التقطع ويقول: أنت تحرص على سيارتك وتعتني بها لكن المتقطع ليس حريصاٍ والكثيرون استعادوا سياراتهم معطلة وبعضهم فقدوا قطعاٍ من داخل سياراتهم دون أن يجدوا من ينصفهم. ويقول خالد: كثيراٍ ما تقع خلافات بينه وزبائنه بسبب تغييره لوجهة سيره واستخدامه طريقاٍ فرعياٍ في سفره لتفادي الوقوع في شرك قطاع أقيم على الطريق بشكل مفاجئ. فطوال الطريق يمسك خالد الزيدي بهاتفه المحمول ليتواصل به مع سائقين آخرين أصبحوا يشكلون في ما بينهم شبكة تواصل فإذا وقع أحدهم في قطاع مثلاٍ أو عرف به أبلغ الآخرين ليتمكنوا من تجاوزه أو الاحتياط منه ويذكر أنه وصلت القطاعات في بعض الأحيان على طريق المحويت صنعاء إلى أكثر من عشرة قطاعات وكل قطاع يستهدف منطقة بعينها وقد لا يبعد بعضها عن نقطة عسكرية للدولة سوى عشرات الأمتار ولا يحرك الجنود ساكناٍ للمنع أو طرد المسلحين من جوار نقطة العسكرية.

نموذج من الضحايا يصف حسن النزيلي لحظات وقوعه في شرك قطاع على الطريق باللحظات الصعبة والتي تتطلب قدراٍ من التحمل ويقول: من الصعوبة بمكان أن تجد مجموعة مدججة بالسلاح يوقفونك على الطريق ويقومون بإنزالك من على سيارتك وأنت لا تعرفهم ويجبرونك تحت التهديد بتسليم سيارتك إنه أمر بالغ الصعوبة وكثير من القطاعات ارتكبت خلالها جرائم قتل. ويضيف: حقيقة لا أريد تذكر تلك اللحظات فقد كانت صعبة للغاية والحمد لله أن منحني قدراٍ كبيراٍ من الصبر حتى لا تتطور الأمور إلى ما هو أسوأ. واستعاد حسن سيارته بعد أن تم حل القضية بعد مرور ما يقرب شهرين بعد حل القضية موضع الخلاف بين منطقته ومنطقة أخرى. ويتفق معه مجاهد شراح الذي حجزت سيارته لما يقارب نصف عام في قطاع على طريق صنعاء المحويت والتي فشلت كل الوساطات حسبما أفاد لنا في إرجاع سيارته إليه ناهيك عن تكلفة أموالاٍ في المتابعة هنا وهناك وهو كما يؤكد وكما حال آخرين ضحية لصراع آخرين ونافذين وكل ذنبه أنه عبر الطريق.

وسيلة للكسب والابتزاز القطاعات على الطرق الرئيسية وبين المحافظات مثلت أبرز ملامح الانفلات الأمني الذي رافق تدهور الأوضاع في البلاد حيث تمثلت صعوبات في الانتقال بين المحافظات وبين المدن اليمنية ضمن المحافظة نفسها بسبب انتشار القطاعات القبلية وغيرها على الطرقات ومصادرة الكثير من السيارات العائدة لمواطنين على خلفية قضايا ليست لضحايا تلك القطاعات ناقة فيها أو جمل كما قد لا يعرف الضحايا أي من طرفي القضية التي وقع لأجلها القطاع على الطريق وحجزت سيارات بعضهم لأشهر وتصل أحياناٍ لأعوام وأخرى لم تعد حتى الآن بحسب ما يجري تداوله على السنة الناس في بعض المحافظات التي تأصلت فيها هذه الظاهرة الممقوتة بشكل كبير. وفي هذا السياق يؤكد الأخ أحمد الشرفي خطيب مسجد بيت النوار بمدينة المحويت بالقول: القطاعات على الطريق شكل من أشكال الحرابة للمسلمين ونزل فيه القرآن بأشد العقوبة تعطل مصالح الناس ويخوف الناس في طريقهم من قبل نافذين أو كل من جمع له مسلحين إلى جواره وقاموا بوضع برميل على الطريق وعمل قطاع لسيارات المواطنين ونهبها وهناك من حول هذه القطاعات إلى وسيلة لكسب المال الحرام عبر ابتزاز الدولة أو أطراف أخرى وسمعنا عن قطاعات وهمية يقوم أفرادها بسرقة سيارات الناس ثم يتضح أن الأمر لم يعدوا عملية سطو على سيارات الناس وسمعنا الكثير عن مثل هذه الحوادث. ويضيف: للأسف وإلى جانب ما تؤرثه هذه الظاهرة المقيتة من إقلاق للأمن والسكينة العامة فإن الضحايا غالباٍ يكونون من الضعفاء والمساكين ولم نسمع مرة أن قطاعاٍ أوقف موكباٍ لشيخ مثلاٍ أو قام بحجز موكبه أو ما شابه الأمر برمته يقع في رؤوس المواطنين الضعفاء ممن لا حول لهم ولا قوة وكثير منهم قتلوا دفاعاٍ عن سياراتهم هم هنا شهداء وقاتلوهم في النار لأنهم معتدون فمن قاتل دون ما له أو عرضه فهو شهيد ويبوء قاتلوهم بالإثم العظيم وهي نار جهنم وبئس المصير. وهناك من قام بالتقطع على قضية تافهة وتطورت الأمور إلى ارتكاب جريمة قتل لدفاع أحدهم وهو على حق عن سيارته إذ كيف تسلم سيارتك إلى أناس وقفوا لك على الطريق لا تعلمهم ولا تعلم صدقهم من كذبهم فتسفك دماء وتتحول المشكلة من خلاف على شيء تافه مثلا إلى قضية كبيرة يكون من الصعوبة حلها. ويؤكد الخطيب الشرفي أن حل هذه الظاهرة المقيتة يكون بقيام الدولة بواجبها بالأخذ على أيدي هؤلاء ممن يستبيحون أمن الناس وينتهكون حرمات الطريق العام التي جعلها الله آمنة لكل الناس وانزل بمن يتعدى على السالكين فيها أشد العقوبات وأنكى من عقوبة القتل إضافة إلى تداعي الشخصيات الاجتماعية وأهل الحكمة في البلد للأخذ على إيدي من يقومون بمثل هذه التقطعات ليعود الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد ويأمن السائر على نفسه وماله وعرضه.

على الطريق الصحيح نهاية مايو الماضي وقعت وثيقة اتفاق بين مشايخ ووجهاء مديريات المحويت وبني سعد وحفاش والخبت تجرم قطاعات السير في الطرقات الرئيسية الواقعة في نطاق مديرياتهم. نصت وثيقة الاتفاق التي وقعها مشايخ ووجهاء قبائل هذه المديريات بمباركة السلطة المحلية والقيادة الأمنية في المحافظة بتجريم كافة أعمال التقطعات على السيارات ومراكب السير في الطرقات الرئيسية الواقعة في نطاق تلك المديريات وتحديد ضوابط وعقوبات رادعة تجاه أي أفراد أو جماعة تقوم بعملية التقطع. كما نصت الوثيقة على التزام جميع الأطراف الموقعة على الوثيقة بإحالة أي قضايا خلافية بين المواطنين إلى الجهات الرسمية في الدولة والقضاء وفقاٍ للقانون وعدم السماح لأي كان بممارسة أي نشاطات مخلة بالأمن ومعيقة لحركة السير في الطرقات الرئيسية.

وثيقة الاتفاق ويعدونها بشرى خير ويأملون بتحويلها إلى أنموذج يتوسع لتشمل كافة مديريات ومناطق المحافظة والقبائل التي يمر من أراضيها خط صنعاء المحويت الشريان الرئيسي للمحافظة كون هذه الوثيقة تعد تكاملا لعمل الدولة مع العمل المجتمعي الذي يعد أساسياٍ والذي أثبتت جميع الجهود أن تحقيق الأمن وبالذات على الطرقات غير مجدُ من دون توافر المجهود الاجتماعي إلى جانب الدور المنوط بأجهزة الأمن والذي سيفضي حتماٍ إلى يمن تخلو طرقاته من أي إقلاق لأمن السائرين عليها.