الرئيسية - محليات - البيع بالتقسيط شفاط المرتبات وفخ الموظف الغلبان
البيع بالتقسيط شفاط المرتبات وفخ الموظف الغلبان
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحديدة/فتحي الطعامي –

باتت ظاهرة إقبال موظفي الدولة على أخذ الأدوات المنزلية من الشركات التجارية بالتقسيط على الراتب تتزايد بشكل كبير .. فالكثير من أؤلئك الموظفين ومن مختلف قطاعات الدولة يقومون بأخذ أدوات كهربائية ( تلفزيونات – ثلاجات – غسالات أثاث – مواد غذائية – محالات الكترونيات .. وأخرى ) يتم أخذها على ذمة الراتب والذي يخضع في كثير من الأحيان لتلك الأقساط التي تأخذ لصالح الشركات التجارية.. ليقوم الموظف بعد ذلك ببيع تلك الأدوات بأسعار أقل من قيمتها بتخفيض 50% ليتم الاستفادة من تلك المبالغ في وقت محدد وتبقى ملاحقة الشركات التجارية وخصمياتها تلاحق الموظف .. وتتزايد مع ذلك معاناة العديد من الأسر والتي تذهب مرتبات أربابها أقساطاٍ لهذه الشركة أو تلك خاصة مع ما يمكن أن يطلق عليه إقبال غير مدروس من قبل البعض .. بل وصل الحد من قبل بعض الموظفين للاتفاق مع مطاعم يقومون بأخذ وجبات غذائية منها ليتم خصم قيمتها من رواتبهم الشهرية.

بسبب التدني في المرتبات التي يتقاضاها موظفوا الدولة بمختلف قطاعاتهم المدنية والعسكرية الأمنية .. فالراتب أصبح اليوم لا يفي بتغطية الاحتياجات الضرورية والأساسية المنزلية لمدة أسبوع من الشهر .. ناهيك أن معظم موظفي الدولة يرزحون تحت الالتزامات المالية لإيجارات المنازل التي يسكنون فيها الأمر الذي يدفع ببعضهم – وبسبب الضغوط والمطالبات التي تمارس عليه – العمل على تسديد تلك الالتزامات المالية بواسطة طرق أخرى منها السعي لشراء أدوات ومعدات منزلية كهربائية (ثلاجات – وغسالات – وتلفزيونات … أخرى) من الشركات التجارية التي تعمل بيع أدواتها بالتقسيط بالاتفاق مع المكاتب الحكومية ومكاتب المالية .. لتتحصل مبالغها بواسطة تقسيطها على راتب ذلك الموظف لمدة تتجاوز في بعض الأحيان السنة .. حيث يقوم الموظف بأخذ المعدات والأدوات بمبالغ مالية هي أكبر من سعرها الموجود -بسبب الطريقة التي يتم بها البيع (التقسيط) – ومن ثم يقوم الموظف ببيعها بقيمه أقل من سعرها الرسمي بنسبة تتراوح بين %3- %50 وهي مبالغ مالية كبيرة يتكبد خسارته الموظف .. .. < ويبرر هؤلاء الموظفون لجوءهم الى هذه الطريقة بسبب ما يقولون إنه الحاجة الماسة التي تجبرهم لسداد التزامات مالية في ظل تدني الراتب الذي يتقاضاه الموظف الحكومي والذي يتراوح ما بين (40- 70) الف ريال وهو مبلغ بسيط لا يفي بتغطية الاحتياجات لهذا الموظف من إيجار وتسديد فواتير الماء والكهرباء والهاتف والصرفيات اليومية المنزلية وصرفيات المدارس .. فالراتب وفي أحسن حالاته لا يقوم بتغطية - كما يقول الموظفون - صرفيات أسبوع من الشهر في ظل تزايد تلك الالتزامات والاحتياجات التي يفرضها الحال على هؤلاء الموظفين الأمر الذي يجعلهم يلجأون الى المغامرة بأخذ تلك الأدوات على ذمة الراتب وبأسعار عالية وبيعها بأقل من ذلك .. ويرجح العديد من هؤلاء الموظفين سبب إقبالهم على اتباع هذه الطريقة للتخلص من بعض الالتزامات التي يتم مطالبتهم بها حيث يقول المدرس (محمد صالح) والذي يذهب ثلاثة أرباع راتبه لصالح شركات التقسيط إنه وجد نفسه محاصر بطالبات مالك المنزل وتسديد فواتير الماء والكهرباء .. فالمالك يطالبه بتسديد إيجار المنزل مدة تصل إلى 9 أشهر لم يستطع محمد كما يقول تسديده بسبب قلة المبالغ المالية المتبقية من الراتب .. وما زاد الطين بلة أن المالك قام برفع شكوى ضده في النيابة يطالبه فيها بإخلاء المنزل في مدة محددة بسبب عجزه عن سداد الإيجار وكذا تفريغ المنزل .. كما أصبح مهددا من قبل مؤسستي المياه والكهرباء بفصل الخدمة عنه لعدم قيامه بسداد الفواتير لفترة طويلة .. الأمر الذي دفعه إلى اللجوء الى هذه الطريقة وأخذ أدوات منزلية من احدى الشركات التجارية على ذمة الراتب وبقيمة تتجاوز 500 الف ريال على أن يتم سدادها عن طريق تقسيطها على الراتب .. ويضيف محمد صالح: أن الأوضاع المتدهورة وتدني الراتب والغلاء الذي أصبح يسود كل شيء اليوم وزيادة الاحتياجات المنزلية مع وجود الأولاد كل ذلك زاد من معاناة الموظف الحكومي والذي أصبح لا يعرف أن يدير أموره أو يسدد حقوق الناس. وطالب الدولة العمل على رفع الرواتب بما يوازي تلك الاحتياجات وبما يجعل الموظف يعيش في الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

انتعاش للشركات وخسارة للموظف < أعداد كبيرة من الموظفين الذين يلجأون الى الشركات والمؤسسات التجارية لأخذ الأدوات وتسديدها بالتقسيط ويمكن القول أن أغلب موظفي الدولة في كل القطاعات أصبح الكثير منهم مرهوناٍ لتلك الاستقطاعات بسبب ما أخذوه من أدوات فالشركات التجارية والتي تعمل جاهدة للترويج عن بضائعها وجدت نفسها أمام سوق خصبة تضمن بيع أدواتها كما تضمن المبالغ المالية المتحصلة لها .. .. ولهذا لجأت العديد من تلك الشركات إلى التعاقد مع المكاتب الحكومية ضمن اتفاق يقضي بموافقة تلك الشركات ببيع أدوات منزلية وكهربائية لموظفي تلك الجهات مقابل تسديد قيمتها عن طريق راتب الموظف الذي قام بشراء تلك الأدوات .. ولتسهيل المهمة قامت تلك الشركات بعمل مندوبين لها من موظفي تلك الإدارات يقومون بمتابعة الأقساط وإنزالها في كشوفات المرتبات مقابل نسبة مئوية يتم توزيعها على المندوبين وعلى المعنيين في تلك الإدارات .. وبهذا ضمنت تلك الشركات بيع أدواتها وضمنت السداد ..

إجراءات حازمة < هذه الطريقة دفعت بالعديد من الموظفين وتحت ضغط الحياة الى اللجوء الى شراء الأدوات والايفاء بالالتزامات التي عليهم لكنه وبسبب تزايد الإقبال بسبب الفقر أو الحاجة قام البعض بالمجازفة بأخذ أدوات ربما يتم بسببها تقسيط راتبه بالكامل الأمر الذي يدخل الموظف في أزمة مالية جديدة وطويلة بعدم الإيفاء بالتزاماته إن وجدت .. وحرصا من بعض المكاتب الحكومية للحفاظ على جزء من الراتب حتى لا يقع الموظف وفي لحظة تهور في وضع مالي متدهور وبشكل مستمر يفتقد راتبه وبصورة تتجاوز السنة قامت بعض تلك المكاتب بتحديد نسبة مئوية من الراتب بحيث لا يتجاوز القسط الشهر من راتب الموظف %30 كما هو الحال مع مكتب التربية والتعليم بالحديدة والذي أصدر قراراٍ إدارياٍ بمنع أخذ الموظفين أدوات خلال العام تتجاوز فيها النسبة الشهرية %30 من مرتباتهم بسبب قيام بعض المدرسين والذين أصبحوا في حال يرثى لها وأصبحوا يتمنون أن هم لا لو لم يقوموا بمثل ذلك التصرف .. وقال الدكتور علي بهلول مدير عام مكتب التربية والتعليم بالحديدة إن المكتب قد ألزم بهذا القرار المدرس والإدارت المعنية وكذا الشركات التجارية التي تعمل على بيع أدواتها على هؤلاء المدرسين عن طريق التقسيط .. وعن أعداد الموظفين والذين قاموا بأخذ أدوات من شركات تجارية وتخضع أجزاء من مرتباهم لأقساط لصالح تلك الشركات قال بهلول .. إن هناك إقبالاٍ على هذا النوع من الشراء فبعض المدرسين يقومون بأخذ تلك الأدوات سواء من (تلفزيونات أو غسالات – أو ثلاجات و طباخات) لحاجتهم المنزلية لها والبعض منهم يقوم ببيعها وتصريف يومه أو لمدة أسبوع أو شهر ليتكبد بالسداد فترات طويلة والبعض منهم وقع تحت ضغط التزامات مالية فيقوم ببيعها والإيفاء بتلك الالتزامات .. وقد بلغ عدد المدرسين الذين قاموا بأخذ أدوات أكثر من 3 آلالف مدرس من مدينة الحديدة عاصمة المحافظة ومن بقية المديريات الثانوية.. وأضاف: الإجراءات التي لجأ اليها مكتب التربية والتعليم بالحديدة بتحديد نسبة مئوية من راتب الموظف خاصة بالتقسيط تم الالتفاف عليه – للأسف – من المدرسين أنفسهم والذين يقومون بشراء أدوات عن طريق مكتب التربية بنسبة لا تتجاوز %30 ثم يذهب ليقوم بشراء أدوات أخرى يتم خصم مستحقاتها المالية عن طريق البريد والذي يتسلم معظم موظفي الدولة رواتبهم منه .. وقال إن مكاتب البريد وبسبب أنها لا تخضع في ذلك لتوجيهات الإدارات التي يتبعها الموظف كما أن القائمين عليها لا يقومون بالتنسيق معنا.. فهم يمنحون الموظف النسبة التي يطلبها والتي تصل في بعض الأحيان الى %70 وهي النسبة المتبقية من راتب الموظف.. الأمر الذي يجعل راتب الموظف كله خاضع لعملية الخصم لهذه الشركة أو تلك .. وللأسف فإن بعض هؤلاء الموظفين يقومون بشراء تلك الأدوات وبيعها بنصف سعرها الموجود في السوق لظروف معينة وهو ما يجعل هذا الموظف الذي أقدم على هذا الإجراء يقع تحت وضع مأساوي ربما يستمر الى أكثر من العام ومعه تزداد معاناة أبنائه وأسرته وذويه .. وأضاف بهلول (أن الراتب الموجود والذي يتقاضاه الموظف هو بالاساس لا يفي بتغطية الاحتياجات الضرورية لعائلات هؤلاء الموظفين فكيف إذا لم يجد هذا الموظف و أسرته راتباٍ يستندون عليه ويغطي الإحتياجات الضرورية ولو بالشيء اليسير الأمر يصبح هنا أكثر سوءاٍ للأسف

بيع بنصف الثمن وجهات تستثمر يقوم في الغالب هؤلاء من الموظفين وكما هو معتاد بأخذ الأدوات التي أخذوها من الشركات التجارية الى محلات تجارية تقوم بشرائها منهم بأقل من سعر في تلك الشركات ونقص يصل الى ٪50 ليقوم بعد ذلك أصحاب تلك المحلات ببيعها على أشخاص ومشترين آخرين بنسبة أيضا لا تصل الى سعرها الرسمي .. حيث يقول أحد أصحاب تلك المحلات ( عبد الله) وهو صاحب محل تجاري في سوق المطراق إنه يقوم بشراء الأدوات الكهربائية والمنزلية التي يشتريها الموظفون من الشركات التجارية عن طريق التقسيط بنسبة هي أقل بالتأكيد من السعر الذي تباع به هذه الأدوات في حال تم شراؤها نقدا ..

استقطاعات لمطاعم ويتحدث مسئولون في الخدمة المدنية ومكتب المالية في الحديدة عن أن القروض التي تخصم على الموظفين مقابل أخذ أدوات بالتقسيط أصبحت في تزايد من حيث أعداد المقبلين ففي العام الحالي بلغ عدد من خضعت رواتبهم للخصم 2463 شخصاٍ يضافون الى الأعداد السابقة الذين تجاوز عددهم 8480 موظفاٍ .. كما بلغ إجمالي قيمة المبالغ المالية المستقطعة شهريا من موظفي التربية والتعليم ما يصل الى (104107113) ريالاٍ .. توزع على شركات تجارية وبنوك تسليف ومحلات لبيع الأجهزة الالكترونية وشركات تأمين ومحلات تجارية لبيع المواد الغذائية .. ومحلات لبيع الأثاث المنزلي .. ووصل الأمر الى خصم جزء من تلك المبالغ المالية لصالح مطاعم .. وقال أحد المسئولين في الخدمة المدنية إنه لا يوجد سقف محدد أو نسبة معينة من الراتب تحدد لعملية الاستقطاع يمنع تجاوزها بل إن الأمر متروك للموظف وللجهة التي يتبعها .. وأضاف لا توجد أية ضوابط تقوم بها المكاتب الحكومية فيما يتعلق بعملية الاقتراض أو الشراء المقسط لموظفيها بل الأمر متروك لهذا الموظف فهو وكما ترى هذه المكاتب صاحب الحق والراتب..

بين القرض والغياب < مشكلة أخرى تبرز وهي أن بعض الموظفين تذهب كل رواتبهم لصالح الشركات التجارية أو جهات مقرضة الأمر الذي يجعل الجهة التي يتبعها هذه الموظف ملزمة بتسديد تلك المبالغ وخصمها لصالح تلك الجهات إلا أن وجود غياب وربما انقطاع لهذا الموظف يجعل تلك المكاتب الحكومية في وضع محرج فهي معنية بتنفيذ الاتفاقات المبرمة مع الشركات التجارية وهي أيضا معنية بمعاقبة هذا الموظف غير المنضبط في وظيفته أو منقطع عنها كونه لم يعد يعنيه الراتب الذي يذهب لشركات الاستقطاعات .. هذا الأمر دفع بالخدمة المدنية بالحديدة إلى إنزال رواتب الموظفين المنقطعين أو الغائبين للخصم مقابل ذلك الغياب وكما يقولون (حتى يصبح الموظف) محاسباٍ أمام تلك الجهة ولا يستطيع التهرب من وظيفته ..

زوجات تلجأ للقضاء < وحيال ما قام به هؤلاء الموظفون (أرباب الأسر) من أخذ تلك الأجهزة خضعت بموجبه رواتبهم لعملية التقسيط ليكون ذلك سبب في زيادة معاناة الأسر .. الأمر الذي دفع بعض الزوجات الى تقديم شكاوي الى الجهات الرسمية والتي يتعبها هذا الموظف بل قامت بعض تلك الزوجات الى تقديم شكاوى الى المحكمة يطالبن فيها بتخفيض نسبة التقسيط وتمديد الفترة حتى يتمكن من توفير الحد الأدنى لأطفالهم .. الزوجة (أم أنس) هي إحدى الزوجات التي قامت بتقديم شكوى الى محكمة جنوب الحديدة تشكو فيها من أن راتب زوجها الموظف في التربية والتعليم لم يتبق منه سوى 180 ريالاٍ والباقي يتم أخذه للشركات التجارية .. وقالت إنها تعيش هي وأطفالها في وضع مأساوي ناهيك أن المالك للمنزل يطالب بقيمة الإيجار .. مما دفع بأم أنس الى تقديم شكوى الى المحكمة واستخراج حكم قضائي ينص على إعطائها مبلغ وقدره 25 الف ريال من راتب زوجها الى أن يتم تمديد فترة خصم الأقساط .. وأكد مدير مكتب التربية في الحديدة الدكتور علي بهلول أن هناك العديد من تلك الشكاوى التي تتقدم بها الزوجات الى المكتب في محاولة منهن للحفاظ على جزء من مرتبات أزواجهم لكن المكتب لا يستطيع خفض تلك الأقساط والتي تعطى للشركات بحسب موافقة صاحب الوظيفة والذي أخذ بموجبها أجهزة ومعدات وبالتالي فإن المكتب لا يستطيع التخفيض سوى بحكم قضائي يقضي بذلك .. < هذا وتبقى الظروف المادية القاسية التي يعاني منها موظفو الدولة وغيرهم سببا في مغامرة هؤلاء الموظفين وأمثالهم للإقدام على مثل هذه الإجراءات والتي تحل لهم مشاكل آنية ليبقى بعد ذلك سببا في معاناة تمتد إلى فترة طويلة وتأثر بشكل كبير في زيادة معاناة أولئك الموظفين ومن يعولون.