الرئيسية - محليات - إطلالة على العادات الرمضانية بعدن وأبين قبل نصف قرن
إطلالة على العادات الرمضانية بعدن وأبين قبل نصف قرن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

عدن/ صالح الدابية –

, تبادل وجبات الإفطار بين الجيران.. وزيارة الأرحام من أهم طقوس الشهر الكريم

• بإطلالته المباركة والكريمة يهل شهر رمضان كل عام علينا وعلى أمتنا العربية والإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها وتبتهل القلوب خاشعة فرحة بقدوم هذا الشهر الكريم الذي تعد له الطقوس التقليدية المعتادة التي توارثتها المجتمعات وفي مجتمعنا اليمني عامة والأسرة العدنية بخاصة ليستذكر جيل الأمس عن ماضي رمضان قديماٍ وحاضره الذي يختلف كثيراٍ عن ماضيه وطقوسه الاجتماعية وواقعه المعاش آنذاك ((الثورة )) أستطلعت ذاكرة عدد من مواطني محافظتي عدن وأبين في هذه الأيام الرمضانية التي تتوق إلى زمنها الجميل قبل 4 عقود من الزمن أو يزيد وعسانا وإياهم من عواده فإلى تلك الذكريات الرمضانية.

> تساءلت عن أي رمضان تتحدث فأجبتها مقاطعاٍ: عن رمضان زمان وهل احتفظت الأسرة العدنية بتقاليدها الرمضانية حاضراٍ فأجابت أم محمد قائلة: قبل حلول شهر رمضان نبدأ بتجهيز متطلبات رمضان من : البر المبشور الشربة العتر وحوائج الطباخة ويتم تجهيز ذلك في المنزل من خلال «الملكد» الخشب الصومالي ونشتري ذلك من سوق الحدادين في كريتر ونقشر به البر للشربه والبن «بملكد» حديد نشتريه من حافة الحدادين. وهذه عادة عند جميع الأسر العدنية ونترك البر في الماء مبلولاٍ للشمس لمدة يومين -3أيام ويتم تجهيز البن من خلال دقه (تكسيره) وفصل القشرة عن الحبة الداخلية (النواة) وبعد ذلك يتم تحميص البن الحبوب عن القشرة ثم نلكد أو ندق البن الحبوب وبعد ذلك يتم طحن كل صنف على حدة ثم يتم خلطهما مع بعض. ويوضع بعد ذلك في علب للحفظ طوال أيام شهر رمضان المبارك للإستخدام اليومي قبل أن تضاف إليه حوائج البن من ((قرفة وهيل وذرة)) والبعض يضيف إليه الشمار أو السمسم الأبيض (المبشور). تجهيز الوجبات > وأضاف عند إعلان شهر رمضان نقوم بتجهيز وجبة السحور من الخبز الأسمر ونعمل فتة لبن بالسمن الجبلي إضافةٍ إلى القهوة السمراء والذي لا يرغب بتناول الفتة من أفراد الأسرة يأكل خبزاٍ مع الشاي كما أنه عند إعلان رمضان يخرج الأطفال من فتيان وفتيات إلى الشوارع هاتفين (مرحب مرحب يارمضان يامرحباٍ بكِ يارمضان) ويذهب الآباء إلى المساجد لأداء صلاة التراويح في أول ليلة من ليالي رمضان (ليلة الغرة ). ووقت الفطور يتم تجهيز الشربة العترالباجيه الفلوري والشراب بأنواعه وكذلك التمر والقهوة ووجبة الحلويات المشهورة بـ(بنت الشيخ)اللبنية المهلبية(لبن لوز نارجيل نشاء) والبالوزية المكونة من( السكر حليب صباغ هيل فانيليا). ويفرض كبير العائلة على جميع أفراد الأسرة تناول الفطور كل من كان صائماٍ أو مفطراٍ من الأطفال كسنة وبركة. توزيع الإفطار > وأردفت أم محمد :أما وجبة العشاء فيتم تجهيزها من : الخبز وعقدة لحم ومطفاية بالسمك ووجبة الرز بالعدس مع الصانونة. وبعد العودة من صلاة التراويح يتم تقديم وجبة العشاء لأفراد الأسرة من كان حاضراٍ منهم وبعد ذلك وخلال ليالي رمضان تتم تبادل الزيارات بين الجيران والأسر من بعد الساعة’ 9 مساءٍ حتى 12 ليلاٍ ثم تعود كل أسرة منزلها لتجهيز السحور والأستعداد له. وكان في ذلك الزمن من أيام شهر رمضان المبارك كل جار يخرج من فطوره لجيرانه من كل ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات والحلويات بأنواعها إضافة إلى إخراج وتوزيع القهوة مع التمر للمساجد المجاورة لإفطار الصائمين طوال أيام شهر رمضان المبارك ويذهب به أحد أبناء العائلة .أما عن رمضان قديماٍ ورمضان اليوم فبالتأكيد هنالك فرق كبير بين عاداته سابقاٍ (أيام الزمن الجميل) وهذه الأيام التي تفتقر لنكهة رمضان الحقيقية التي أفتقدناها¿ حيث فرحة قدومه لا تضاهيها فرحة وكانت الأسعار للمواد الغذائية رخيصة جداٍ بكافة أنواعها من لحوم أسماك والسلع التي تباع في الدكاكين «البقالات». وكان سعر علبة الحليب آنذاك بـ25 شلن حتى نهاية الثمانينيات رغم أن سعرها قبل ذلك كان أقل بكثير نظراٍلدعم المواد الغذائية من قبل السلطة حينذاك و لحاجة كل الأسر لمادة الحليب في هذا الشهر الكريم واستخداماته المتعددة مع القهوة والفتة وشرب الحليب أثناء السحور. ذكرى جميلة > وعن المسحراتي تقول: كانت للمسحراتي ذكرى جميلة في تنبيه الصائم بوقت السحور حيث كان المسحراتي يجول الشوارع من بعد الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ومعه طبلة يقرع بها ومنادياٍ بأعلى صوته: سحورك ياصائم أصحى يانايم ويستمر بدورانه في الشوارع والحارات حتى تستيقظ الأسر واحدة تلو الأخرى لتجهيز وجبة السحور ثم الإمساك عن الطعام ونفس المسحراتي يأتي في نهاية شهر رمضان المبارك ويجول شوارع الحارات ثم تناديه الأسر من كل منزل لإعطائه فطرة رمضان من حبوب ومبالغ نقدية وغير ذلك بحسب قدرة كل أسرة. ولأبين عاداتها الرمضانية. > وعن العادات والتقاليد الرمضانية أيام زمان في أبين والتي تختلف كثيراٍ عن عادات وتقاليد الأسرة العدنية في رمضان يستذكر الشيخ أحمد أبو ناصر قائلاٍ: يا أبني كل عام يمر فيه شهر رمضان المبارك يختلف عن ماقبله وظروف الناس ونفسياتهم تختلف من حال إلى حال ورمضان أمس عكس رمضان العام الماضي كما هو عكس رمضان قبل 40 أو 50 عاماٍ مضت في أيامنا كنا نعد العِدة لهذا الشهر الكريم لأن الأرض كانت مليئة بالخيرات ومواسم الزراعة والحصاد متواصلة دون توقف وهي نعمة من عند الله سبحانه وتعالى فقبل حلول شهر رمضان الكريم كانت الأسر الميسورة الحال هنا في زنجبار لديها مايكفيها من أنواع الحبوب والذرة من مخزون المحصول للعام الماضي فنأخذ مانحتاجه من حبوب: ذرة بيضاء أو دخن أو ذرة شامية ونذهب بها لطاحونة السيد عبدالله القريبة من الحارة لتجهيزه قبل أسبوع من حلول الشهر الكريم ويكون جاهزاٍ في متناول ربات البيوت أما ماتبقى من مواد غذائية أخرى فقد كانت رخيصة جداٍ ونقوم بشرائها يومياٍ من الدكاكين المشهورة آنذك في زنجبار كدكان باسنبل أو دكان بابطينة أو دكان عمر الشحاري أو دكان القميشي وهذه الدكاكين كانت في ذلك الزمن أشبه بمراكز تجارية في الزمن الحالي. وفي ليلة غرة رمضان الذي نسمع بها عبر إذاعة عدن وتأكيدها في مساجد المدينة حيث تقوم النسوة بإعداد السحور في أول ليلة رمضانية وهي وجبة العصيدة بـ((سليط الجلجل)) مع السكر والعسل والبعض من يعد وجبة فتة خبز الدخن بالحليب والسمن الجبلي الذي يتم إعداده قبل حلول شهر رمضان المبارك في عدد كبير من المنازل التي لديها ثروة حيوانية بما فيها الأبقار لأنتاج الحليب الطبيعي وتجميعه في ((الدبية)) لأنتاج الحقين البلدي ويوماٍ بعد يوم لأنتاج السمن الطبيعي وكان الجار يعطي جاره مما لديه من هذه المواد الغذائية وكان الكرم سائداٍ في ذلك الزمن بين الناس ويتعمق أكثر في شهر الصوم. أما عن الخضار والفواكه فحدث ولا حرج فقد كانت هذه الأرض الطيبة لمنطقة الدلتا قاطبة عبارة عن سلة خير من أصناف الفاكهة والخضروات وكانت المعين الدائم لمدينة عدن ونتمون من هذه الخضار بشكل يومي بحكم عدم وجود التيار الكهربائي وتأمينه في تلك الحقبة الزمنية والأمر كذلك بالنسبة للأسماك وجميع تلك المواد الغذائية رخيصة جداٍ وفي متناول الجميع فإذا لم تستطع شراؤها فبإمكانك الذهاب إلى أقرب بستان أو مزرعة مليئة بهذا المحصول فيمد لك صاحبها «خصار يومك» لإعداد وجبة الفطور والعشاء والسحور وهكذاكانت حياة الناس في هذا الشهر المبارك. «الباجية» و«المدربش» > وأضاف : أما عن وجبة الفطور فيتم إعداد مادة التمر والقهوة والمقليات من الباجية والمدربش وهي ماتعرف في أبين بـ«القروع» وكذلك الخمير الحالي ويتم اعداد فطور يومي للمسجد مع «كتلي قهوة» بعد سماع أذان المغرب من الجامع الكبير في وسط مدينة زنجبار وإذا استعصى أو تعذر سماعه فيتم الإفطار على إذاعة عدن. ثم نذهب للصلاة وبعد العودة من الصلاة نعود إلى المنزل للجلوس مع أفراد الأسرة نتجاذب أطراف الحديث حتى ميعاد صلاة العشاء ثم تقوم الأسرة بإعداد وجبة العشاء وبعد العودة من الصلاة يجتمع أفراد الأسرة ثانية لتناول العشاء وهي عادة الوجبة الشعبية المكونة من: خبز الذرة أو الدخن أو فطائر المخلم مع عقدة اللحمة وذلك لأن معظم الأسر في زنجبار ينحرون الذبائح في أول يوم من شهر رمضان كتقليد سنوي ومن لم يستطع يحظى بتكرم الجيران وتتنوع وجبة العشاء من يوم لآخر كا الخبز العروف في أبين بـ«الشموط» الذي يجهز في الموفى ويرش بالسمن إلى جانب السمك وصانونة السمك أو بدون وهكذا.. ممارسة الألعاب > وتحدث الشيخ أحمد بقوله: كما أنه في شهر رمضان تجتمع بعض النسوة للعب لعبة ((الطياب)) وهي عبارة عن أربع قطع خشبية رفيعة ناعمة الملمس تقبض باليد ويتم اللعب بها ثم ترمى على الأرض على وضع معين لاحتساب النتيجة وهكذا. ويقضي الشباب أوقاتهم في الأمسيات الرمضانية لممارسة الألعاب المختلفة مثل: الكيرم الدمنة وغيرها أو الألعاب الشعبية التي لم يعد لها وجود في رمضان اليوم والبعض يقضي وقته في قراءة القرآن ثم يذهب إلى النوم. حتى إذا حان ميعاد السحور تقوم النسوة قبل ذلك أو على صوت المسحراتي عند الساعة 2 بعد منتصف الليل فقد اعتدنا سماع صوته مع سكون الليل من حي العصلة في وسط مدينة زنجبار ثم يقترب شيئاٍ فشيئاٍ حتى يصل حارتنا «سواحل » ثم الحارات الأخرى وهو ينادي بصوته المبحوح: أصحى يانايم – سحورك ياصايم وكان صدى رنين الأسطوانة الحديدية التي يقرع بها لإيقاظ النائمين للسحور توقظ من به صمم وكنا نشفع كثيرا لهذا المسحراتي ورسالته النبيلة التي يؤديهااتجاه الصائم وذلك لأن رنين أسطوانته الحديدية تستفز أيضاٍ الكلاب المنتشرة في أزقة الحارة وعلى أسطح المنازل القديمة آنذاك الأمر الذي يدفع بأعداد منهم إلى تشييعه بالنباح المتواصل بل ومهاجمته أحياناٍ. وبعد تناولنا لوجبة السحور بعد استيقاظ أفراد الأسرة بأكملهم وهي عبارة عن وجبة خبز الشموط بالموفى مع الخضار المقلية أو السمك أو أن تكون عصيدة دخن أو بر بالسكر وزيت السمسم الطازج والعسل نذهب بعد ذلك لأداء صلاة الفجر في أحد مساجد مدينة زنجبار ثم نعود أدراجنا أما إلى المنازل وإما إلى الحقول للحصاد إذا ما صادف حلول شهر رمضان موسماٍ زراعياٍ.