الرئيسية - محليات - اليمن وأميركا.. شراكة السلام والتحول الحضاري
اليمن وأميركا.. شراكة السلام والتحول الحضاري
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحليل حمدي دوبلة –

> الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية إلى الولايات المتحدة الاميركية تعد الثانية له خلال أقل من عام إلى هذا البلد الذي اضطلع بدور حيوي وهام في دعم عملية التحول السياسي في اليمن وترسيخ الاستقرار في ربوعه بعد أحداث عاصفة كادت أن تدخل البلاد في أتون صراعات طاحنة لا شك ستلقي بآثار خطيرة على السلم والاستقرار في دول المنطقة والعالم بأسره وهو الأمر الذي اجمعت عليه كل بلدان العالم وسارعت في دعم وتشجيع مسارات التسوية السلمية بعد أن رأت في النموذج اليمني تجربة رائدة جديرة بأن تصبح أنموذجا يحتذى به في حل الخلافات على مستوى المنطقة. نتائج هامة > لقد حمل الرئيس هادي هموم شعبه وتطلعاته في الغد الأفضل وكانت حاضرة وبقوة في كل مباحثاته مع كبار القادة الاميركيين والتي كان آخرها مباحثات القمة اليمنية- الاميركية مع فخامة الرئيس باراك اوباما والنتائج الهامة التي تمخضت عنها هذه القمة التاريخية والتي كانت انعكاسا للرغبة اليمنية الكبيرة في الدفع قدما بعلاقات الشراكة الكاملة بين البلدين وعلى مختلف المستويات بما يحقق تطلعات الشعب اليمني في الخروج الآمن من الأزمات والتأسيس الدقيق للدولة المدنية الحديثة. ولقد حرص الرئيس الأميركي خلال القمة التي عقدت خلال الساعات الماضية في البيت الأبيض على تأكيد التزام بلاده بمواصلة دعم أمن واستقرار ووحدة اليمن وتعزيز التنسيق مع القيادة اليمنية من أجل انجاح التسوية السياسية التاريخية وتحقيق طموحات الشعب اليمني في التحول الحضاري.. كما لم يفت الرئيس أوباما الإشادة والثناء على أداء الرئيس هادي وحنكته في التعاطي مع تطورات الأحداث في اليمن بما يلبي أهداف التسوية وينتقل بالبلاد إلى آفاق السلام والتطور على الرغم من الصعوبات والتحديات الجمة التي يواجهها على كافة المسارات. وأشاد الرئيس الأميركي بمستوى المشاركة الشاملة في مؤتمر الحوار وفي ما يخص قضية المعتقلين اليمنيين في جوانتانامو أكد الرئيس أوباما التزامه القوي بإغلاق معتقل جوانتانامو.. مشيرا إلى قراره برفع الحظر عن نقل المعتقلين اليمنيين واتفق الرئيسان على مواصلة الحكومتين التنسيق المشترك لتسهيل عودة المعتقلين فيما جدد الرئيس هادي عزم اليمن على إنشاء مركز إعادة تأهيل معتقلي جوانتانامو في اليمن بما يضمن تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع وبذلك يكون الجانبان قد قطعا أشواطا جيدة في حل هذه القضية التي ظلت طيلة الفترة الماضية من أبرز القضايا المعقدة والشائكة في ملف علاقات البلدين على الرغم من أنها شهدت خلال الأعوام القليلة الماضية نقلات نوعية متميزة في مختلف المجالات. أهمية استثنائية وتكتسب الزيارة الثانية للرئيس هادي لواشنطن عقب زيارته الأولى في أواخر سبتمبر الماضي أهمية خاصة انطلاقا من الأوضاع الصعبة التي تمر بها اليمن على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية حيث تزداد المخاوف من مخاطر أي تعثر أو انزلاق لمسيرة التسوية السياسية خاصة وأن هناك معلومات مؤكدة- كما يقول مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر- بوجود عناصر تتربص بهذه التسوية وتمني نفسها بعرقلة تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالشأن اليمني وبالتالي فإن هناك إدراكاٍ عميقاٍ من قبل المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة بحاجة اليمن في الظرف الراهن إلى الدعم الحقيقي من قبل الدول العربية والاجنبية سياسياٍ واقتصادياٍ وأمنياٍ حتى يتمكن الشعب اليمني الذي يعيش مخاضاٍ حقيقياٍ ومصيرياٍ صوب التحول المنشود من تجاوز كل المخاطر وتأسيس دولته المدنية الحديثة القائمة على مبادئ الحكم الرشيد ومبادئ الحرية والعدالة والمساواة بين كل أبنائه. الهم الاقتصادي والوضع الأمني كان الهم الاقتصادي الموضوع الأكثر إثارة من قبل الرئيس هادي في مباحثاته مع الرئيس أوباما وكبار مسؤولي الإدارة الأميريكة ولذلك فقد حرص على التأكيد مراراٍ بأن النسبة الأكبر من المشكلة اليمنية تتمثل في الجانب الاقتصادي إذ أن هناك ما نسبته 75 % من شباب اليمن عاطلون عن العمل يبحثون عن أعمال وهو الأمر الذي يعد التحدي الأكبر أمام عجلة المسيرة التنموية.. ناهيك عن تداعيات الأزمة التي حدثت في العام 2011م والتي ألقت بظلالها السلبية على مستوى الاستثمارات في البلد إضافة إلى ما تسببت فيه الأعمال الإرهابية من خسائر فادحة على الاستقرار الاقتصادي وهو ما يحتم على الدول الراعية للمبادرة الخليجية والمجتمع الدولي قاطبة وفي المقدمة الدول والمؤسسات المانحة الاضطلاع بمسؤولياتهم التاريخية في دعم اليمن في هذه المرحلة الهامة وإعانة الشعب اليمني لتجاوز التحديات وصولاٍ إلى تحقيق أماله وطموحاته في الاستقرار والعيش الكريم في ظل دولة حديثة تحكمها مبادئ المدنية والديمقراطية الحقة.. انطلاقاٍ من حقيقة أن التنمية تظل الضمان الأبرز لإنجاح التسوية ومواجهة التحديات السياسية والأمنية بكفاءة واقتدار. الانتقال للشراكة وحرص الرئيس هادي خلال مباحثات القمة ولقاءاته مع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية في واشنطن على تأكيد حرص اليمن على الانتقال بعلاقات البلدين إلى الشراكة الكاملة وعلى مختلف المستويات وخاصة في مجالات التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب الذي بات القضاء عليه واستئصال شأفته بصورة نهائية ضرورة ملحة لأمن واستقرار البلدين والعالم بأسره.. لذلك فقد شدد الزعيمان هادي وأوباما في مباحثاتهما الحرص المشترك على بناء القدرات الفعالة لمواجهة التحديات الأمنية بما يرسخ السلام والاستقرار في اليمن التي تحتل موقعاٍ استراتيجياٍ مؤثراٍ على سلامة الملاحة الدولية والسلم العالمي ولذلك فقد جدد الزعيمان في قمة البيت الأبيض التزامهما بمواصلة الشراكة في مكافحة الإرهاب كما ناقشا مجموعة من الجهود الرامية إلى مواجهة المخاطر المشتركة لتنظيم القاعدة الإرهابي في منطقة الجزيرة العربية وبما يدرأ خطره على السلم الدولي باعتباره خطراٍ بات يهدد العالم بأسره. إشادة أميركية نجاحات اليمن في تنفيذ التسوية السياسية والانتقال الحضاري على الرغم من التعقيدات العديدة لفتت أنظار العالم وحازت ثناء وتقدير المراقبين للشـأن اليمني على مختلف المستويات.. وفي هذا الصدر لم يكن مفاجئاٍ أن يوجه الرئيس باراك أوباما عقب لقاء القمة كلمات الثناء للأداء السياسي والحنكة الكبيرة التي اتسم بها أداء الرئيس هادي في قيادته للمرحلة الانتقالية في اليمن على الرغم من التركة الثقيلة وحساسية المرحلة. وقال أوباما في تصريحاته الصحفية عقب لقائه برئيس الجمهورية بأن الحنكة القيادية للرئيس هادي مكنته من تحقيق نجاحات عديدة تقود إلى انجازات تاريخية في سبيل ترجمة خطوات التسوية السياسية في اليمن. ويضيف: من الواضح أن الرئيس هادي يواجه وبشكل واضح تحديات هائلة ولكن وبفضل قيادته الرائدة استطاع ان يقود اليمن والتحول نحو الحوار الوطني الذي أسهم في لم شمل كافة الأطراف بغية بلورة دستور جديد يحقق الديمقراطية الكاملة.. معتبراٍ هذه النجاحات انجازات تاريخية من أجل اليمن. وبالفعل فإن هذه الكلمات تعد شهادات إضافية حول تفرد القيادة السياسية اليمنية بسمات رائدة في التعاطي الأمثل مع الأحداث والتطورات ناهيك عن إعجاب العالم بالتجربة اليمنية الفريدة في انتهاج الحل السلمي في الصراعات السياسية التي صاحبت أحداث الربيع العربي.. وما التطورات الخطيرة التي تشهدها معظم بلدان الربيع العربي إلا تأكيد إضافي على حكمة اليمنيين وانتصارهم للغة الحوار والعقل وبالتالي الانتصار لوطنهم وتطلعات شعبهم العظيم.