الرئيسية - عربي ودولي - لـيـبـيـــا والتحديات الراهنة
لـيـبـيـــا والتحديات الراهنة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

إسكندر المريسي –

¡ يرى بعض متابعين لتداعيات الشأن السياسي الليبي في التنديد الصادر عن رئيس الوزراء علي زيدان بالميليشيات المسلحة المنتشرة في بلاده واتهامه لها بأنها تريد أن تعبث بمقدرات الشعب الليبي وأنها باتت تمثل عبئا◌ٍ في طريق مساعي الحكومة للخروج من المأزق الذي تعيشه بالمرحلة الحالية¡ حيث ورد ذلك التنديد متضمنا◌ٍ تصريحا◌ٍ رسميا◌ٍ على هامش مشاركته في مؤتمر الاستثمار الأجنبي المباشر في ليبيا المنعقد خلال اليومين الماضيين في العاصمة البريطانية لندن¡ وإن كان يفترض عقده في العاصمة طرابلس¡ وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا◌ٍ للشك حجم التحديات الكبيرة التي يواجهها ذلك البلد¡ خاصة◌ٍ في اللحظة الراهنة¡ سواء◌ٍ أكان ذلك على صعيد الميليشيات المسلحة أو الجماعات المتشددة. وهو ما يعكس حقيقة أن ليبيا حاضرا◌ٍ تشهد صراعا◌ٍ داخليا◌ٍ شديد التعقيد وفي منتهى الخطورة¡ حيث أخذ الصراع الجاري في المشهد السياسي الليبي يتداخل بين أطراف داخلية وقوى خارجية¡ وكأن ذلك المؤتمر مخرجات الصراع الدائر بطابعه الدولي المحض حول ليبيا كدولة غنية بالنفط¡ وبالتالي أي حديث عن استثمار أجنبي مباشر لا يمكن أن يكون بمعزل عن ذلك النفط¡ لأن الحديث عن بنية تحتية وسلطة تشريعية وقضائية وهيكلة مكتملة للدولة أمر ما زال بالظرف الراهن غير ممكن نسبيا◌ٍ إذا لم يصل ذلك البلد إلى مشروع وطني جامع حيال بناء الدولة القانونية¡ بدليل ما يعانيه من صراعات داخلية نتيجة جملة عوامل خارجية وما يترافق معه من قيام المجموعات المسلحة بالسيطرة على موانئ تصدير النفط¡. وأصبح الصراع يدور ويجري بين الحكومة والجماعات المسلحة حول الثروة النفطية وبالمقابل من ذلك تعزز القوى الدولية مركزيتها في أطروحاتها حول الاستثمار الأجنبي على جدلية العلاقة بين النفط والاستثمار¡ وكأن ليبيا بعد أعمال الناتو بحاجة ماسة في السياسة الغربية إلى إعادة الإعمار وليس كما يتردد ويطرح في تلك السياسة من أجل بناء المؤسسات وتحقيق رفاهية الشعب¡ ولكن ذلك البعد الواضح يتمحور حول النفط¡ لذلك فإن الواضح الذي لا خلاف عليه هو أن ليبيا حاليا◌ٍ طبقا◌ٍ لتصريحات رئيس الوزراء تشهد صراعا◌ٍ سياسيا◌ٍ لإعاقة تقدم أو تطور الشعب وهدر إمكانياته¡ خاصة◌ٍ وأن من مصلحة القوى الدولية أن تبقى ليبيا في مثل هذه المرحلة القائمة من أجل أن تتلاعب تلك القوى بمقدرات وثروات ذلك البلد تحت دواعي ومبررات الاستثمار الأجنبي. فهي من تغذي الميليشيات المسلحة والمجموعات المتشددة لما من شأنه توسيع نطاق الاضطرابات لا من أجل تحقيق إجماع وطني يعبر عن الشعب وعن رؤيته في بناء دولته وفقا◌ٍ لخصوصياته المحلية دون تدخل أطراف خارجية¡ بدليل أن صراع النفط صار داخليا◌ٍ وخارجيا◌ٍ في آن واحد¡ حيث سبق وأن سيطرت مجموعات مسلحة على موانئ تصدير البترول¡ وشمل ذلك ثلاثة موانئ هي ميناء الغيل والبريقة والشرارة¡ وما زال التضارب يدور ويجري على أربعة منافذ أخرى تتفاوض الحكومة فيها مع المسلحين¡ ثم على الصعيد الدولي تعقد الدول الغربية¡ كما أشرنا¡ مؤتمرا◌ٍ دوليا◌ٍ بخصوص سبل وإمكانية ما ستقوم به من فرص الاستثمار الأجنبي داخل ليبيا¡ وإذا كانت تلك الدول حريصة فلماذا لم يتم عقد مؤتمر في الصومال لإصلاح ذلك البلد الذي لا يمتلك أي ثروة نفطية¿!