الرئيسية - عربي ودولي - تداعيات الحالة الليبية
تداعيات الحالة الليبية
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يعتقد بعض متابعين بأن اعتقال القيادي المشتبه لتنظيم القاعدة أبو أنس الليبي في عملية خاصة نفذتها القوات الأميركية وإن كان ذلك عملا◌ٍ غير قانوني وانتهاكا◌ٍ سافرا◌ٍ للسيادة الليبية¡ بحسب محللين سياسيين أن الجهة التي نفذت اعتقاله هي ذات الجهة التي احتجزت رئيس الوزراء علي زيدان¡ وفي كلتا الحالتين يكون العامل الدولي اللاعب الأساسي داخل المشهد السياسي الليبي ما يعني أن اعتقال أبو أنس حالة جزئية ترتب عليها ضمن السيناريو الخارجي اعتقال رئيس الحكومة الليبية. حيث يظهر الحدثان عمق الفوضى السياسية والأمنية التي تسود البلاد منذ عامين بعد الإطاحة بالنظام السابق¡ كما يظهر ذلك هيمنة العامل الدولي والقوى الخارجية في إدارة الشؤون الليبية سيما وتلك القوى ضد فكرة بناء دولة وطنية مستقلة لأنها ستتعامل بكفاءة وندية لا تتيح لها فرصة التحكم في مقاليد الأمور أو السيطرة على الشؤون السياسية والاقتصادية. لذلك تبدو القوى الخارجية أقرب إلى المليشيات المسلحة من الدولة لأنها ستجد في حالة الفوضى السياسية ضالتها المنشودة لفرض إملاءاتها السياسية والتحكم بثروات ومقدرات البلاد¡ ما يعني أنها رتبت العمليتين معا◌ٍ لكي تعمق حالة الانقسام وحالة الفوضى الأمنية التي تشهدها ليبيا منذ بدء الاحتجاجات الشعبية مما عرض ذلك البلد لحالات واسعة من الاختلالات الأمنية في ظل سيطرة المليشيات المسلحة والأطراف القبلية المتنافسة حتى على آبار وموانئ النفط. وإذا كانت الحكومة الليبية قد عجزت عن توفير الأمن لرئيس وزرائها فإنها بالتأكيد عاجزة عن بسط نفوذها حتى في العاصمة طرابلس فضلا◌ٍ عن عواصم بقية المدن الليبية الأخرى وذلك ما تريد أن تقوله القوى الدولية أن على زيدان بعد تصريحه لوزير الخارجية الأميركي جون كيري عن عملية الاعتقال لأبو أنس كانت على علم بتلك العملية. هذا يعني في استقراء تداعيات المشهد السياسي الليبي تعميق الفوضى بصورة أعم وأشمل وتقديم رئيس الحكومة وكأنه يعمل مع قوى خارجية لما من شأنه تكريس الاختلالات الأمنية وتعميق الصراعات الداخلية لإضعاف الصف الوطني وتوسيع نطاق الاحتقانات المتبادلة وتعميم ذلك من خلال إدارة الحروب الداخلية على أساس هيمنة الأزمة المركبة على العملية السياسية. وذلك ما سبق وأن أشار إليه رئيس صحيفة الواشنطن بوست” هوجلاند” الذي قال في نهاية الثمانينيات:إن ليبيا لا يمكن التعامل معها كدولة غنية بالنفط إلا من خلال الحروب الداخلية وإذكاء الصراعات القبلية وإيجاد المليشيات المسلحة حتى يسهل على القوى الغربية السيطرة على الثروة النفطية. وهو ما يتطابق فكرا◌ٍ وسلوكا◌ٍ مع أطروحات وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر عن سبل وإمكانية غزو ليبيا من الداخل بأدوات داخلية¡ بما معناه القوى الدولية من الاستئثارات بالنفط في ظل دعواتها المتكررة بل والمنعقدة ضمن ما تسميه سلسلة مؤتمرات الاستثمارات الأجنبية في ليبيا. وهو ما يؤكد أن قوى التدخل الخارجي لا تفضل وجود دولة لأنها ترى حساباتها السياسية ومصالحها الاقتصادية بقدر ما تفضل وجود المليشيات المسلحة وفي العمليتين ما يؤكد حقيقة ذلك.