الرئيسية - عربي ودولي - ليبيا والعامل الخارجي
ليبيا والعامل الخارجي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

رسكندر المريسي –

الفوضى الأمنية التي تجتاح ليبيا في الظرف الراهن وما تشهده من أعمال عنف ارتفعت وتيرتها مؤخرا وراح ضحيتها العشرات من المواطنين خصوصا ماحدث يوم السبت الماضي من مواجهات مسلحة داخل العاصمة طرابلس وما نتج عنها من ردود أفعال مختلفة تؤكد على أن ليبيا لا تزال تواجه تحديات كبيرة أبرزها المستوى الأمني واتساع تأثير المليشيات المسلحة وانحسار تأثير الحكومة. كما يؤكد ذلك حقيقة القوى الخارجية التي تمارس من خلال أدواتها المحلية أقصى درجات التوتر والاستنفارات المضادة في أكثر من بلد عربي شهد حركة احتجاجات شعبية وتبرهن أحداث ليبيا الأخيرة عمق الأزمة الجارية في ظل الفوضى الأمنية فضلا عن فشل المؤتمر الوطني في تطبيع الأوضاع الاقتصادية والسياسية عوضا عن اتساع نطاق المجموعات المسلحة في واقع الانقسام الحاصل داخل السياسية المحلية.. ووفقا للشواهد وبحسب المراقبين فإن غياب الأمن والاستقرار وحالات الانهيار المتلاحقة في الحالة السياسية الليبية يرجع إلى مجموعة عوامل متداخلة مع بعضها البعض يبدو أبرزها على الاطلاق العامل الخارجي المهيمن على المستويات السياسية عقب انتصار حركات الربيع العربي في معظم البلدان العربية سيما تونس وليبيا واليمن مع استثناء مصر وسوريا بالإضافة إلى غياب أبسط أسس ومقومات الدولة التي قامت عليها حركة التغيير المتمثلة باحتجاجات 17 فبراير 2011م الموسومة بأنهار ثورة شعبية قامت في واقع غياب دولة المؤسسات فلم تكن في ليبيا دولة مؤسسات بالمفهوم الوطني بقدر ما كانت الزعامة الفردية بدعم ومساندة العامل الخارجي متحكمة بالشؤون الاقتصادية والسياسية والأمنية وتلبي اشتراطات قوى الخارج المتصارعة. وهو ما أظهر ضعفا واضحا في بنية المؤسسات الأمنية والعسكرية جراء غياب مفهوم الدولة الوطنية وهيمنة التأثير الخارجي غير المعلن على الحالة السياسية في واقع غياب بناء الجيش الوطني وكذلك غياب المؤسسات العسكرية فوسع التغيير الذي حدث من حالة الاختلالات الأمنية وبالتالي انتشرت ظاهرة المليشيات المسلحة وجرى تعزيز العامل الدولي وإظهاره بشكل أقوى واشمل في الشؤون السياسية الليبية وفقا◌ٍ لمركزية ثلاثية يحتل الأولوية فيها بحسب مراقبين التأثير السلبي لإيطاليا إلى جانب التأثيرين الفرنسي والأميركي.. كل ذلك جعل الحكومة الحالية غير قادرة على تجاوز التحديات القائمة إلا من خلال إجراء تسوية شاملة لكافة النزاعات المحلية لإيجاد أجواء ملائمة تنهي حالة الاحتقانات وتحول دون اتساع نطاق الاستنفارات المضادة من أجل حل موضوعي للمشاكل العالقة. ويتطلب ذلك الحد من تنامي العامل الخارجي بشقيه الأوروبي تحديدا◌ٍ والأميركي خصوصا◌ٍ كعامل يراهن على المليشيات المسلحة حتى لا يتم تكريس حالة الأمن والاستقرار لأن تلك المليشيات هي نتاج طبيعي في المشكلات القائمة والبعد الآخر لقوى التدخل الخارجية والتي يحلو لها استمرار الصراعات والنزاعات والمواجهات بين أبناء البلد الواحد سواء◌ٍ في ليبيا أو سوريا أو تونس ومصر وليس ببعيد منها اليمن إذ لا يروقها أن تنعم هذه البلدان التي شهدت ثورات شعبية بالأمن والاستقرار والسلام.