الرئيسية - عربي ودولي - اتفاق جنيف.. هل يعني الاعتراف بإيران دولة نووية¿
اتفاق جنيف.. هل يعني الاعتراف بإيران دولة نووية¿
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

بعد أكثر من عقد من الزمن توصلت إيران مع القوى الكبرى إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني في العاصمة السويسرية جنيف¡ حيث شكل ذلك الاتفاق البدايات الأولى لطي صفحة النزاع بين طهران ودول (5+1) طيلة تلك الفترة التي شهدت تجاذبات بين السياسة الإيرانية والسياستين الأوروبية والأميركية عوضا◌ٍ عن العقوبات التي سبق وأن ف◌ْرضت على طهران في المجال الاقتصادي تحديدا◌ٍ وعلى مستوى النفط أيضا◌ٍ وكذلك التعاملات التجارية مع إيران. وأظهر الاتفاق الجديد ترحيبا◌ٍ دوليا◌ٍ أكان ذلك على مستوى القوى الغربية أو القيادة السياسية الإيرانية فضلا◌ٍ عن دول العالم التي رحبت بتسوية الملف النووي الإيراني باستثناءات قليلة تكاد تكون محصورة بالكيان الصهيوني الذي أبدى معارضة شديدة للاتفاق الذي توصلت إليه طهران عبر فريق التفاوض الإيراني مع المفاوضين الغربيين وما تضمن من نقاط حساسة وجوهرية لعل أهمها وأبرزها دخول مرحلة الثقة السياسية المتبادلة بين السياسة الإيرانية وسياسات الدول المعنية بتنفيذ الاتفاق والبدء برفع العقوبات جزئيا◌ٍ كمرحلة أولى وصولا◌ٍ إلى رفع العقوبات بتبادل كامل¡ كما ظهر ذلك الاتفاق بالنظر لمعارضة إسرائيل واعتباره خطأ تاريخيا استطاعت من خلاله طهران أن تقدم تنازلات شكلية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية مع إبقاء البرنامج النووي قيد التشغيل والتطوير الجاري طبقا◌ٍ لتصريحات رئيس وزراء إسرائيل¡ وهو ما يعني أن الانسداد كان دائما◌ٍ ما يطرأ في جولات التفاوض والمباحثات النووية السابقة خلال السنوات الماضية وما شهدته تلك المفاوضات من تعثر واضح أدى إلى تأزيم العلاقات الإيرانية الغربية إنما كان نتاجا◌ٍ طبيعيا◌ٍ لدور اللوبي الصهيوني الذي عبر عن رفضه للاتفاق وتجديد تهديداته لإيران وكأنه بذلك يدفع طهران إلى الاستفزاز والتشدد لكي ينهي ما تم الاتفاق عليه¡ كما يدفع القوى الغربية إلى الالتفاف على التسوية الأخيرة لأن المحك العملي لتلك التسوية التي جرى إنجازها عقب مفاوضات شاقة وصعبة خلال الشهر الجاري يكمن بمدى الالتزام من قبل الأطراف الموقعة بدخول الاتفاق حيز التنفيذ الإيجابي والبناء ليكون جسر عبور لتعميق الثقة السياسية وتعزيزها بين الطرفين مع الالتزام المماثل برفع العقوبات الاقتصادية على إيران. ولعل الدوافع والحيثيات التي أوصلت المفاوضات إلى حالة الوفاق وإنجاز وثيقة أولية لتسوية شاملة حلا◌ٍ للنزاع وإنهاء للمشكلة كان دليلا◌ٍ واضحا◌ٍ على أن العزلة السياسية والاقتصادية والحصار شبه المعلن على طهران بحسب مراقبين باءت بالفشل وكذلك السيناريوهات المختلفة التي كانت تراهن على تفكيك الجبهة الداخلية لإيران وزعزعة أمن واستقرار الوحدة الوطنية وإضعاف اقتصادها الوطني لإرباك موقفها من التفاوض إزاء الملف النووي كل تلك السيناريوهات باءت كلها بالفشل وأظهرت طهران تماسكا◌ٍ فاعلا◌ٍ على صعيد الجبهات السياسية والاقتصادية والإعلامية والأمنية والعسكرية فضلا◌ٍ عن تعزيز إمكانياتها وقدراتها العلمية والدفاعية كقوة إقليمية أدارت التفاوض من موقع القوة وبناء على أسس واضحة من الشفافية والانفتاح الدبلوماسي سيما في عهد الرئيس حسن روحاني¡ تأكيدا◌ٍ على أن العزلة الدولية المفروضة على إيران لم تكن عند المستوى الذي جرت المراهنة عليه.. ولا شك بأن ما تحقق بالنظر لأهميته يعتبر بحسب متابعين إنجازا◌ٍ استراتيجيا◌ٍ وانتصارا◌ٍ للدبلوماسية الإيرانية وللسياسة الخارجية لطهران واعترافا◌ٍ بأن إيران جزء من العلاقات الدولية وهي طرف فاعل في بناء التسويات والتفاهمات التي من شأنها العمل مع الأسرة الدولية على تعزيز السلام والأمن الإقليميين والدوليين لاعتبارات عدة بقدرما تركزت على المفاعلات النووية فإنها تحددت على مكانة وأهمية إيران كدولة متماسكة في المنظومة الدولية ورقم حقيقي في السياسات العالمية. ولأن سنوات الإقصاء والتهميش في نظر المراقبين لم تثن طهران عن مواصلة جهودها في بناء مفاوضات سليمة تنهي الأزمة المفتعلة مع القوى الغربية وما يؤكد حقيقة ذلك أن سنوات التفاوض السابقة بالنظر للاتفاق الذي أنجز يعني بكل التقديرات أن جملة المفاهيم والتطورات الغربية كانت خاطئة ومبنية على معلومات مغلوطة وحملات تضليل متعددة الخلفيات والأبعاد والمصادر أزمت علاقات طهران مع بعض الدول سيما داخل منظومة أطراف التفاوض المعروفة بدول (5+1)¡ وإذا ما نظرنا بموضوعية إلى الاتفاق الأخير وفقا◌ٍ لتقديرات وأبعاد ما تضمنه فإنه يعني أن إيران سواء◌ٍ بالمباحثات السرية مع الأميركيين أو بمفاوضات جنيف حافظت على حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية وفي الجانب الآخر حصلت على اعتراف رسمي من الدول الكبرى بأنها دولة نووية.