وفد اليمن في مؤتمر المناخ يبحث مع نائب وزير الصحة الاذربيجاني تعزيز أوجه التعاون المستشار العسكري للمبعوث الأممي يطلع على نشاط مشروع مسام بمأرب اللواء ثوابة: المليشيات الحوثية تهدم أي مبادرات لإنهاء الحرب وإحلال السلام قوات الجيش تفشل هجوم لميليشيا الحوثي على قطاع الكدحة غرب تعز الأغذية العالمي: نحتاج الى 16.9 مليار دولار لمعالجة أزمة الجوع العالمية "موديز" ترفع تصنيف السعودية الائتماني عند "aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة رئيس الامارات يبحث مع الرئيس الاندونيسي العلاقات بين البلدين وشراكتهما الاقتصادية فريق طبي يؤكد استقرار حالة جدري الماء في ميناء نشطون بالمهرة مأرب تحتفي باليوم العالمي للطفولة ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 44,176 شهيدا و104,473 مصابا
الفكر لا حدود تقيده أو تحد من امتداده وهذا هو بالضبط ما التقطه الكاتب هشام علي بن علي في كتابه الجديد (ادوارد سعيد..وتفكيك الثقافة الامبريالية) والصادر في صنعاء قبل أيام. فمن نقطة قصية في الأرض تتمثل في اليمن اطل هشام علي الى نقطة قصية أخرى تتمثل في أمريكا لينهل من فكر مثقف عربي عاش فيها وأنتج فكرا يعم الكرة الأرضية..انه “إدوارد سعيد هذا المفكر الذي لم يحظٍ بالقدر الذي يستحقه من الدراسة والتحليل في العالم الثالث”. يذكر الأستاذ هشام في مقدمة كتابه الذي احتوى على ستة فصول “لا تحاول هذه الدراسة تقديم عرض واف لفكر إدوارد سعيد المتعدد المجالات والموضوعات فتلك مهمة صعبة أو مستحيلة التحقيق لاسيما أننا أمام مثقف كوني عابر للثقافات مترحل بين النظريات ليس انتقاءٍ بل تأسيساٍ وتوسيعاٍ لدوائر الفكر والنقد واختراقاٍ للمجالات المحظورة للثقافة الغربية وما تعرضه من مركزية وهيمنة ثقافية سواء في خطاب الاستشراق أو في الكتابة الروائية الغربية التي مثلت خطاباٍ موازياٍ للاستشراق أو متوافقاٍ معه وهو الاكتشاف الرهيب لإدوارد سعيد الذي قام بقراءة الرواية الأوروبية في عصر الاستعمار قراءة طباقية كشفت حضور الفكر الاستعماري داخل الروائع الروائية الأوروبية . ويضيف تعزيزا لهدف ونهج مؤلفه “بأن هذه الدراسة لم تتمكن من تقديم قراءة مغايرة لفكر إدوارد سعيد لكنها اهتمت بتحقيق إعادة موقعه نقدية لهذا المفكر العصي على التصنيف داخل الثقافة العربية وفي أوساط المثقفين العرب الذين لم يكونوا معاصرين فعليين له رغم اشتراكهم معه في زمن واحد ولم يكونوا محاورين حقيقيين لفكره” . احتوى الكاتب على ستة فصول أبرزها (القراءة وإساءة القراءة..التلقي العربي للاستشراق..ادوارد سعيد وتفكيك ثقافة الامبريالية) في الفصل الأول تطرق المؤلف إلى حالة ادوارد سعيد والثقافة العربية مزاوجة ومقاربة لما بين عالمي سعيد..” محاولة لكتابة سيرة ذاتية لهذا المفكر داخل المكان داخل الثقافة العربية أو في سياقها وضمن التحديات التي تواجهها. ويتساءل المؤلف ..كيف تتشكل هذه العلاقة بالثقافة العربيةليس في استقبال فكر إدوارد سعيد في أوساط المثقفين العرب وحسببل في التكوين الثقافي أو إعادة التكوين العربي لهذا المفكر الذي لم يعرف هل كانت الكلمات الأولى التي نطق بها في الطفولة عربية أم انكليزية¿ وفي حالة إدوارد سعيد يظهر الاختلاف والتميز. فهذا المثقف الخارج عن مظلة العزلة الأمريكيةوكان قد وصل إلى أعلى مراتب الثقافة الغربية يعود إلى الشرق وإلى العروبة وإلى الهوية لا يبشر بسفينة نجاة غربيةبل ليعلن من هناك بدايات مغايرة لتأسيس فكر مختلفيتجاوز الثنائيات التي كبلت الثقافة العربية عند حدود الاختيار بين التقليد والحداثة والأصالة والمعاصرة وغيرها. ويورد ادوارد سعيد ثلاثة أسباب لهذه العلاقة السطحية بين الغرب والثقافة العربية والسبب الأول هو اتجاه الغرب إلى تحويل كل ما هو غريب إلى صورة عن نفسه هذه الفكرة هي أساس صورة الشرق التي أنشأها الغرب على صورته كما جاء في كتاب الاستشراق. وفي المقال عدد من القضايا المهمة مثل العلمانية واللغة باعتبارها مكوناٍ أساسياٍ للفكر وليست مجرد وعاء حاءُ للخطاب في فصل آخر حاول هشام علي قراءة وتحليل دور ادوارد سعيد في تفكيك ثقافة الامبريالية وذلك عبر إيجاد مقاربة حوارية وعلمية ..”كيف نستطيع تحقيق مقاربة علمية لفكر ادوارد سعيد ومنهجه النقدي الذي كان حريصاٍ على عدم التصريح بأصوله النظرية وتفاصيله العملية””…” قام بتفكيك خطاب الاستشراق والكشف عن المعرفة الغربية بالشرق التي أنشأها المستشرق إنها ليست صورة مطابقة للشرق بل هي علاقة سلطة وسيطرة وهيمنة فالاستشراق علاقة سلطة مع موضوع قابل للخضوع إنه تمثيل لكائنات خرساء لاتستطيع أن تعبر عن نفسها . وهذه هي الهيمنة التي يحملها الاستشراق فهو لايكتفي بتكوين صورة متخيلة للشرق على هوى الغربي بل هو يقوم على منع الشرقي من الكلام والتفكير إنه يقوم بتحطيم إرادة المعرفة التي يمكن أن يمتلكها الشرقي لتمثيل ذاته . هكذا يتحول الاستشراق إلى مؤسسة تاريخية و”استثمار مادي” وجسدي من النظرية والتطبيق ونظام من المعرفة يرتب من خلالها الوعي الغربي “علاقته التخيلية بالشرق ترتيبا سياسياٍ يغدو الاستشراق معبراٍ عن وعي السيطرة الغربية على الشرق وخطاباٍ يبرر مشروعية هذه السيطرة .” في الفصل الأخير والمعنون ب (ادوارد سعيد : المثقف العربي الكوني..خلاصات طباقية..) يقدم هشام علي خلاصات محاوراته لفكر سعيد وهي خلاصات جديرة بان تقرا مرات عدة. ولا يظهر القصور في استيعاب المثقفين العرب لفكر ادوارد سعيد في كتابه الأول ” الاستشراق ” ولكنه يظهر بعد سنوات لاحقة لم يعد فيها إدوارد سعيد مجهولاٍ كما كان الحال لأول مرة وهو الجهل الذي جعل مفكراٍ بحجم ادوارد سعيد وثقافته الواسعة مقيداٍ بحدود الثقافة الغربية وهيمنتها 3- لا تبدو المسافة الثقافية أو التقدم الثقافي هي ما تمنعنا من تحقيق قراءة واعية لفكر ادوارد سعيد والإفادة منه واستئنافه º إذ أن مسألة أخرى تقف في نفس الخط الفاصل تتعلق بالهوية هوية إدوارد سعيد ذاتها الهوية الثقافية وليس هوية النسب والمكان . إن ادوارد سعيد عربي فلسطيني ولد في القدس وانتقل مع أسرته إلى القاهرة حيث بدأت رحلة وعيه وإدراكه للحياة بكل تكويناتها وفي القاهرة التحق بمدرسة فيكتوريا وهي مصنع الثقافة الكولونيالية الإنجليزية وفيها تعلم اللغة الإنجليزية والتاريخ الإنجليزي وكان محرماٍ عليه أن يتكلم باللغة العربية أو أن يقرأ التاريخ العربي ولم يكن حاله في البيت مختلفاٍ عن المدرسة فالأب الغائب والمترحل دائماٍ كان مفتوناٍ بالغرب إلى درجة اختيار اسم ادوارد لابنه تيمناٍ باسم أمير انجليزي كما غرست الأم الأدب الانجليزي واللغة والثقافة الانجليزية في تكوين طفلها منذ القراءات الأولى في البيت وحين اصطدم ادوارد سعيد بنظام مدرسته الانجليزي أخذه الأب إلى أمريكا ليكون بعيداٍ عن كل ما هو عربي وكانت نصيحته له أن يبتعد عن العرب ولا يختلط بهم . وتبدو ماركسية السيد سعيد متحكمة في تحليله لفكر ادوارد سعيد ومن هنا يبدو مضطرباٍ في تحليلاته التي ترتكز على العلاقة الجدلية بين النظرية والممارسة وهو ما عبر عنه بمفهوم “المنصة التي يرتفع عليها ليراقب فكر ادوارد سعيد وفعله وهنا نخلص إلى القول أن ادوارد سعيد لم يقرأ بعد قراءة تمكن من استئناف مشروعه الفكري داخل الثقافة العربية بطريقة تضمن تحريرها من هيمنة الغرب وتفتح أمامها إمكانية الحضور والتفاعل مع ثقافات العالم وامتلاك تقنيات المعرفة المعاصرة .