الرئيسية - كــتب - محمد عبد الولي يعود من جديد!
محمد عبد الولي يعود من جديد!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

(أنا مجرد طفل لا يجيد سوى الكتابة والتحدث عن الوطنية بحماس أجوف …..أنا الذي تحدث في الوطنية حتى مل الناس منه وها هي ذي الثورة فكيف أقف بعيداٍ عنها¿).. مقطع من قصة لون المطر لمحمد عبد الولي ها هو الروائي الأشهر في تاريخ اليمن محمد عبد الولي يعود من جديد بأعماله الكاملة التي تكرمت الهيئة العامة للكتاب بطباعتها مؤخراٍ تحت عنوان (محمد عبد الولي ..الأعمال الكاملة) احتوى الاصدار على كل النتاج السردي لعبد الولي في بادرة بديعة تحسب أيضاٍ للروائي الشاب محمد عبد الوكيل جازم والذي بذل جهوداٍ جبارة طيلة سنوات مضت في جمع أعمال الراحل بما فيها تلك التي لم تنشر في الصحف والمجلات العربية والمحلية ولم تطبع في كتب.. وبدأ تنسيق أعمال الراحل مدروساٍ بعناية إذ وردت الأعمال بحسب تسلسلها الزمني..الأرض يا سلمى.. مجموعة قصصية واحتوت على (12) قصة هي ..امرأة..الغول..الدرس الأخير..طريق الصين..ابو ريبة..سوق السبت ..عند امرأة ..اللطمة ..يا خبير.. موت إنسان..لون المطر..على طريق اسمرا.. يموتون غرباء .. رواية..عمنا صالح ..مجموعة قصصية واحتوت على القصص التالية ..عمنا صالح ..لا جديد..ذئب الحلة.. السيد ماجد .. ليلة حزينة أخرى.. النهاية.. رغبة..أعمال مسرحية ..الشيخ بشر الحافي..مسرحية لم تكتمل..مشهد مسرحي.. شيء اسمه الحنين ..مجموعة قصصية واحتوت على القصص التالية..وكانت جميلة ..ليته لم يعد..مومس..الشيء الذي لا يمس.. شيء اسمه الحنين..يمامة.. سينما طفي لصي..يا أخي اتخارج.. الأطفال يشيبون عند الفجر.. أصدقاء الرماد.. صنعاء مدينة مفتوحة .. رواية.. ريحانة ..مجموعة قصصية واحتوت على القصص التالية وهي قصص لم تنشر مطبوعة.. ريحانة.. نشوة جويتا..هيلا..عيون هيلا..في قاعة تشايكوفسكي..عيونها..الضجر.. الصيف والجراد والمطر..لا جديد..انه يمني..إضراب. الكتابة من العمق يظهر جلياٍ بأن محمد عبد الولي لم يكتب شيئاٍ من الفراغ بل من معايشة الوقائع والأحداث التي ذاق مراراتها طيلة حياته القصيرة الحافلة بالأحداث… فهل كان عبد الولي -كونه ولد في اثيوبيا عن أم أثيوبية وأب يمني – يتحدث عن نفسه كهجين ينعت خطاءٍ بـ(المولد) أم عن كل المولدين!¿ سؤال أجاب عنه الأستاذ عمر الجاوي في مقدمته لرواية يموتون غرباء: “تمثل طفولة محمد صراعاٍ حاداٍ سياسياٍ واجتماعياٍ وخلقياٍ بين ما هو قائم في اليمن من التزمت الحاد وبين ما يمثله المجتمع الحبشي من انفتاح أخلاقي خاصة بين الذكر والأنثى. تفتحت عيناه على تزمت ديني في البيت وفساد ودعارة لا حدود لها في أقرب الشوارع والأحياء إلى سكنه ولم يستطع في طفولته أن يستوعب هذا التناقض الحاد. ولكنه حفظ الكثير من المشاهد واختزنها في ذاكرته لتكون قصصه الأولى عن الهجرة والمهاجرين. وشكلت فترة ميلاده وصباه في ذاكرته كنزاٍ هائلاٍ من الخيالات والصور الاجتماعية والسياسية. ذلك لأن أباه كان من حركة الأحرار اليمنيين طليعة المعارضة للحكم الإمامي خارج الوطن.” قضية محمد عبد الولي إن أعمال محمد عبد الولي وكما يتضح جليا من قراءة الأعمال الكاملة أنها توقفنا أمام شخصية عنيت في كتاباتها السردية بقضية رئيسية أولى تمثلت في التمييز الواقع بين اليمنيين المولودين عن أمهات أجنبيات وخاصة أفريقيات وتتضح تلك العناية في رواية يموتون غرباء أول رواية كتبها وتحكي قصة مشوقة ومحزنة في آن معاٍ عن حياة المهاجرين اليمنيين في أثيوبيا. يموتون غرباء عبده سعيد الشخصية الأساسية في الرواية ..يمني مغترب في أثيوبيا ..عمل في البداية جمالاٍ وتمكن من فتح بقالة في أديس أبابا..تتضح رغبته في العودة إلى قريته في اليمن بعد 16 عاماٍ من الهجرة وجمع المال في أثيوبيا من اجل ان يقال عنه انه أحد أغنياء القرية..” سيعود وسيقيم أضخم وليمة عرفتها القرية سيجعلهم يتحدثون عنه لا أياما ولكن شهورا متواصلة ص46 ” وعلى رائحة اللهب الأحمر المنبعث من المدفأة الجديدة والذي أشعله في دكانه بهدف طرد رائحة المواد الغذائية تعتري النشوة عبده عندما يتخيل منظر أهل قريته وهم يرونه يرفل في النعيم ..يستغرق في النوم متناسياٍ الدخان المتصاعد ويموت غريباٍ في أثيوبيا. قد يكون عبده سعيد مات غريبا كغيره من اليمنيين المهاجرين في أثيوبيا والذين يموتون غرباء ولأسباب كثيرة لكن الرواية والتي أدانت بشيء من الحزن عبده سعيد الذي يمثل الإنسان اليمني المهاجر بأنه لم يترك شيئاٍ طيباٍ في حياته لأرضه في قريته ولا لزوجته التي هجرها ولم يساهم في تحرير وطنه كما المئات من المهاجرين والذين كانت لهم إسهامات بارزة في تقديم العون لحركة الأحرار بل ولم يقدم لبلد المهجر سوى أولاداٍ لم يعترف بحقهم في انتسابهم إليه ..لقد كان مماته مفزعاٍ وكارثياٍ إلى هذا الحد..بالنسبة لقضية التمييز والتي أولها عبد الولي عنايته يتضح ان سكرتير احد التجار اليمنيين الكبار وهو من أب يمني وأم أثيوبية يعاني الأمرين جراء التمييز الواقع عليه..حتى انه يقوم من فرط حزنه بتبني ابن عبده سعيد الذي رفض الاعتراف به . “يقولون عليه ” مولد ” وأين هي أرضه ¿ وأين هو شعبه¿ لذلك كان السكرتير ينظر إلى الطفل بحنان وبحب أيضاٍ أنه مثله الفارق بينهم أن أباه يعترف به كابنه وهذا الطفل يرفضه أباه. أنه يعترف به ولكنهم أخوة! إنهم في مكان واحد. وفي شعب واحد إنهم الضائعون الذين سيبقون دائماٍ معلقين في المنتصف يجذبهم حبل إلى مالا نهاية ولا يستطيعون مطلقاٍ أن يحددوا مصيرهم فلذلك فهم غرباء حتى ولو وجدوا في النهاية المكان الذي يحتمون به.” نجاح لقد نجح عبد الولي في إثارة قضية الهجرة ..أدانها باعتبارها خيانة وشرح معاناة أبناء المهاجرين والوطن الأم بلغة ضربت بمفردات الوعظ والخطابة عرض الحائط مقابل استبدالها بلغة أخرى ساحرة ومدهشة ..قريبة من نبض الشارع .. الهجرة كمفردة لها وقع السحر في مجتمعنا المهاجر وتوظيف عبد الولي لهذه المفردة في أعمال قصصية كابوريبة و…. حررها من سلطة الإقطاع (المكان العام) ووعظ الفقيه العالم بالأحوال (المكان الخاص) لهو التحول الأهم والذي فتح فعليا كل الطرق واسعة ولكل الناس وعلى اختلاف أطيافهم وتلاوينهم ليصنعوا نهضتهم. صنعاء مدينة مغلقة إن نجاح عبد الولي في إثارة الرأي العام تجاه تلك الفئة التي تعاني التمييز والتشظي لم يجعله يتجاهل مسألة المساهمة في تحرير وطنه ووطن والده اليمن من نير التخلف والاستعباد وذلك في رواية صنعاء مدينة مفتوحة والتي تفنن في تصوير غشم السلطة الإمامية وعدائها للمجتمع وعبر عن سخطه لشخص الحاكم من خلال شخصية البحار الذي يدخل قلاع الامامة الظالمة ـ بيت عامل زبيد – وقد كان البحار في السادسة عشرة آنذاك ونجح في معاشرة بعض حريم البيت في انتقام أخلاقي.. قصورهم تفضح نفسها بانحلال نسائها لقد اخذ البحار في النهاية ما أراد ثم ولى هاربا عبر البحر منتصرا برجولته على تسلط الإمامة . باختصار جسدت الرواية طابع الصراع الاجتماعي والسياسي في حقبة النضال السياسي المنظم ضد الإمامة كما جسدت بامتلاء شخصياتها وتنوع مصائرها توق الشعب اليمني عامة إلى كسر سجن الطغاة وبناء عالم أفضل. ختاميات لقد تعرف الروائي الكبير محمد عبد الولي على معالم بلده في الشمال من خلال السجون وتعرف على معالم بلده في الجنوب من خلال أشلائه التي احترقت في قضية سقوط طائرة الانتنيوف الغامضة..وقدم في عمره القصير الذي لم يزد عن 34 عاما مجموعة أعمال سردية ستظل حية طالما بقى التخلف رازحا في اليمن وظاهرة تمييز المولدين اليمنيين عن أم اثيوبية تحديدا وأب يمني باقية.