الرئيسية - اقتصاد - (أذون الخزانة).. فشلت في تحقيق أهدافها
(أذون الخزانة).. فشلت في تحقيق أهدافها
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لم يْبد اليمنيون شكوكا حيال موضوع اقتصادي مثلما يبدونه حيال أذون الخزانة فهم يشعرون بأنها تضر اقتصاد بلادهم أكثر مما تفيده إذ سحبت السيولة من السوق لصالح آخرين وباتت الآلاف من الأيادي العاملة متوقفة عن العمل لأن المشاريع الاستثمارية المفترض أن تنشأ بتلك الأموال لم تتم في يوم ما. البداية يؤكد الدكتور محمد عبدالحميد فرحان الخبير في التمويل الإسلامي وأستاذ الاقتصاد والمصارف الإسلامية المساعد بجامعة تعز أن أول إذن للخزينة صدر في اليمن بموجب قانون الدين العام رقم 19 لعام 1995م كان في يناير 1997م بغرض تحقيق هدفين أساسيين هما تمويل المشاريع الاستثمارية وسحب فائض السيولة النقدية في السوق. ويضيف: الأذون تعتبر من أدوات الاقتراض قصيرة الأجل من قبل الحكومة ويقصد بالأذون إذن من الحكومة للبنك المركزي بإصدارها ووعد من منها للمشتري بسدادها وهذه الكلمات مكتوبة على وثيقة أذون الخزانة ومدة الأذن الواحد المعمول بها في اليمن تمتد من 3 أشهر إلى 12 شهرا من تاريخ إصداره ويطلق عليها أحيانا مسمى السندات الحكومية كون الحكومة تصدرها من خلال البنك المركزي للاكتتاب العام بعائد ثابت. استثمار مالي يفيد علي العسيلي الخبير في المالية العامة أن الدولة تستخدم أذون الخزانة لتمويل مشاريع لا يقوم القطاع الخاص بتمويلها فالبنوك لا تستثمر في أذون الخزانة إلا فوائضها الزائدة التي لم تجد لها مجالاٍ لاستثمارها وأموال البنوك هي أموال المودعين ولا يمكن أن تغامر البنوك باستثمار هذه الودائع في مشاريع غير ذات جدوى اقتصادية أو ضخها في قروض لا يمكن استردادها وتصبح ديوناٍ ميتة تؤثر على ملاءة البنوك وقدرتها على دفع أموال المودعين البنوك يجب أن تكون دقيقة جداٍ في اختيار المشاريع التي تمولها وخالية أو قليلة المخاطر وهناك تجارب مع بنوك مولت مشاريع لكنها في النهاية تكبدت خسائر كبيرة والبنك المركزي دائماٍ يشجع البنوك على الإقراض المأمون بل عمل على إصدار قانون التأجير التمويلي بهدف تمويل المنشآت المتوسطة والصغيرة واستخدام أموال البنوك في هذه الأنشطة التي ستخلق فرص عمل وتخفف من الفقر ومن يقول إنها سبب من أسباب الركود لديه مفهوم خاطئ ونعتقد نحن أنها وسيلة تمويل للكثير من المشاريع والأنشطة التنموية للدولة وإضافة إلى ذلك فهي أداة نقدية تحافظ على الاستقرار وتحد من التضخم وتمنع المضاربة بالعقارات والعملات الأجنبية. تجميد يتفق الخبراء على أن البنوك التجارية جل استثماراتها ينصب في أذون الخزانة وشهادات الإيداع الحكومية وبذلك جمدت مبالغ طائلة دون استخدامها في مجالات الاستثمار الحقيقية هذا من جانب ومن جانب آخر سوف تحمل فوائد هذه الأذون على حساب الدين الداخلي الذي يزداد بشكل مضطرد في ظل عدم استغلال احتياطات البنك المركزي في استثمارات تمكنه من تغطية تلك النفقات. مزاحمة القطاع الخاص ترى الدكتورة نجاة جمعان -أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء- أن البنوك تجمع المدخرات من الناس ويقوم البنك المركزي ببيع أذون خزانة بمعدلات فائدة مرتفعة جدا وبالتالي تظهر لدى البنوك قناعة حيال إقراض الأفراد والشركات في القطاع الخاص لأن مخاطرهم عالية جدا وبالتالي تعتقد البنوك أن الدخول في أذون الخزانة أضمن لها. وتضيف: في الواقع الدولة هي التي تحاول من خلال أذون الخزانة أن تمتص الأموال الموجودة في النظام المصرفي لسببين: الأول أنها تمول عجز الموازنة والثاني: أنها تمتص البطالة لأنه كان في فترة من الفترات تصدر عملات للسوق ولا يقابلها إنتاج محلي وطني وأيضا كان في فترة من الفترات تصدر هذه النقود ولا يكون لها تغطيه إنتاجية أو تغطية ذهب وبالتالي هذا يؤدي إلى تفاقم العجز فهي تحاول تمتص التضخم والآن الدولة عاجزة عن العمل حيال أذون الخزانة. الآثار على الاستثمار كان قانون الدين العام صريحا بأن توجه قيمة الإصدارات نحو تمويل المشاريع الاستثمارية وهو ما يعني أن تلك الاستثمارات لها أثر إيجابي على حجم الاستثمارات في الاقتصاد إلا أن الدراسات التي قام بها خبراء كالدكتور فرحان تؤكد أن الإصدارات لم تحقق أهدافها في هذا المجال بل كان لها آثار سلبية على الاستثمار من جهتين: الأولى أن التوسع في الإصدارات وبشكل أسبوعي أدى لحرمان القطاع الخاص من الموارد التي اتجهت للاستثمار في أذون الخزانة وهو ما يعني التأثير السلبي على قدرة القطاع الخاص في تنفيذ الخطط الاستثمارية الأمر الذي أدى إلى ظهور ما يعرف اقتصاديا بـ(أثر المزاحمة) أي مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على موارد السيولة والمدخرات المحلية المتاحة في الاقتصاد وهذا يؤدي إلى ضعف حجم الاستثمارات في الاقتصاد. ويشير الدكتور فرحان إلى أن من الآثار السلبية لأذون الخزانة هو التوسع في إصدار وبيع أذون الخزانة إلى الجمهور بصفة عامة والبنوك بصفة خاصة أدى إلى تراجع نسبة الأرصدة النقدية المتاحة لدى البنوك مما أدى إلى إضعاف قدرتها على منح القروض وهذا سلبي للاقتصاد بالإضافة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة على الأذون أدى إلى التوجه من الاستثمار العيني الإنتاجي للاستثمار المالي كما أن الأعباء المالية لأذون الخزينة ارتفعت بقوة مشكلة أكثر من 500 مليار ريال منذ يناير 1996وحتى نهاية العام 2010م . الخلاصة تؤكد الدراسات المالية أن أذون الخزانة قد استنفدت أغراضها وفشلت على الأقل منذ العام 1998م في تحقيق الأهداف التي قررها القانون ومن ثم فإن اليمن بحاجة إلى ابتكار وطرح أدوات مالية بديلة يمكن أن تحقق أهداف التنمية الاقتصادية والاستثمارية التي قررها قانون الدين العام ومن أهمها ما يعرف بالصكوك الإسلامية.