وفد اليمن في مؤتمر المناخ يبحث مع نائب وزير الصحة الاذربيجاني تعزيز أوجه التعاون المستشار العسكري للمبعوث الأممي يطلع على نشاط مشروع مسام بمأرب اللواء ثوابة: المليشيات الحوثية تهدم أي مبادرات لإنهاء الحرب وإحلال السلام قوات الجيش تفشل هجوم لميليشيا الحوثي على قطاع الكدحة غرب تعز الأغذية العالمي: نحتاج الى 16.9 مليار دولار لمعالجة أزمة الجوع العالمية "موديز" ترفع تصنيف السعودية الائتماني عند "aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة رئيس الامارات يبحث مع الرئيس الاندونيسي العلاقات بين البلدين وشراكتهما الاقتصادية فريق طبي يؤكد استقرار حالة جدري الماء في ميناء نشطون بالمهرة مأرب تحتفي باليوم العالمي للطفولة ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 44,176 شهيدا و104,473 مصابا
• التدوين هو العنصر الوحيد الذي يجعل الجزء العضوي من الثقافة ثابتاٍ. • الإصدار يعد بجدارة إضافة نوعية إلى حقل الموروث الشعبي/السردي. • حرص الباحثة على إتباع المعايير العلمية المتعارف عليها في البحث العلمي والدراسة الموضوعية.. أكثر ما ميز كتابها. -1- ” الذكرى: صورة من صور اللقاء” هكذا قال الأديب الخالد جبران خليل جبران.. ومدى صدق المقولة هذه يتطابق تماماٍ مع معطيات واقعية.. فالذكرى هي كل ما يتبقى للإنسان بل ما يتبقى منه.. لذا فإن إنسان بلا ذكرى إشارة إلى إنسان بلا وجود عنصر سلبي في الحياة.. لا يمتلك مستقبلاٍ لأنه في الأساس لم يكن له ماض. وكما أن الذكرى أنواع قد لا تحصى فوسائلها على اختلاف وتباين.. إذ ثمة لحظة قدرية تفصيل معين وبلا توقع أو حسبان تجدك فجأة هناك في زمان بعيد تلاشى وأمحى خلف جْدْر السنوات كلمة مارقة ابتسامة شاحبة لونَ خاص شكل مميز..إلخ -2- والكتاب.. وسيلة مناسبة.. تذكرة سفر مجانية يعود بالإنسان إلى فراديس الذكرى الحميمة أو هو العكس يرمي بك من حالق إلى ذكرى كلها جحيم. وكلمة السر في الكتاب تعود إلى مادته سواءٍ كان شعراٍ أو نثراٍ.. فسطر شعري أو مقطع نثري يفعل مفعول.. عبارة لشخصية في قصة أو رواية كما أن أوصاف الشخوص أو اصطدامهم بحوادث معينة في نص سردي يعود بالقارئ إلى بقعة مركونة في زاوية ما في الذاكرة.. وكالعنقاء التي تتجدد من الرماد تنهض الذكرى..! قد يكون هذا من شائع المألوف لكن المغاير له أن تصادف الذكرى في كتاب بحثي مادته الأولى والأخيرة دراسة منهجية. هذا بالضبط ما سيفاجأ به القارئ ولا بد سيتأكد له ذلك بعد أن يكمل قراءة الإصدار الفريد لبيت الموروث الشعبي قراءة في السردية الشعبية اليمنية «70 حكاية شعبية» للباحثة المبدعة «أروى عثمان». -3- كونها جزء من الذاكرة العربية لذا فإن الذاكرة اليمنية تغلب عليها صفة «النقل الشفاهي» وهو ما يعني نصف ذاكرة وفي أسوأ الأحوال «ذاكرة مشوشة/مشلولة»..!! إن الاعتماد على النقل الشفاهي يفضي إلى كوارث مهولة في البنية الاجتماعية داخل الوسط البيئي المعاش وذلك بسبب عوامل متداخلة أهمها الزمن فالذين يحفظون الروايات أو من عاصروا أحداثاٍ معينة لها مكانها الخاص في تاريخ أمة من الأمم..هم في الأساس المرجع الأول لما كان لذا فإن عدم إخراج ما لديهم سيكون مهدداٍ بالتلاشي والفناء كلما تقدم بهم العمر وهو ما يعني ضياع كم كبير من المحكيات والمشاهدات للأبد. كما أن توريث ما يكنزه الإنسان في سجل ذاكرته بشكل شفاهي.. لا يخلو هو الآخر من مخاطر جمة أولها: إغفال مجريات معينة بسبب التقدم في العمر وثانيها: عدم ضمان محافظة المنقول إليه تلك المجريات على تسلسل الأحداث إذ كلما زاد عدد متناقلي الحكاية/الحدث كلما لاحظنا دخول إضافات أو وجود نواقص لاعتبارات شتى تعود في جلها إلى شخصية الراوي/الناقل ونوع وحجم ثقافته البيئية ومؤثراتها التي قد تفرض عليه اتخاذ موقف معين من حدث ما أو شخصية شاركت بالأحداث مع سلوك لا يتوافق مع سلوكيات هذا الراوي الجديد. ولعل ارتكاز الذاكرة العربية عامة واليمنية خاصة على النقل الشفاهي عائد بدرجة أولى إلى أسلوب النظر إلى هذا التراث المتناقل واعتباره في الأساس مجرد «حكي» يقال بهدف الثرثرة أو التسلية أو اللهو لذا فإن إغفال أهمية هذا التراث ينعكس عليه بصورة سلبية. مما يجعله أبعد ما يكون عن التدوين الذي لا بد سيكون حاميه الأول والأخير من الضياع والتشويه ولعل الأهم من هذا كله أن التدوين- حسب عبدالرحمن منيف- هو العنصر الوحيد الذي يجعل الجزء العضوي من الثقافة ثابتاٍ وتالياٍ مرجعاٍ يمكن الاطمئنان إليه حتى لو تعددت الروايات أو اختلفت إذ يمكن بجهد منظم وباللجوء إلى الوسائل العلمية التثبت من إحدى الروايات المكتوبة وترجيحها مقارنة بغيرها الأمر الذي يجعل التدوين في أية ثقافة كانت عنصر ترجيح وقوة وبالنظر إلى حصيلتنا من هذا وذاك يلاحظ الإنسان بدون عناء مدى ما نفتقر إليه في ميدان التدوين ومن أراد إحصاء كم الكتب الصادرة من سرديات أو دراسات شعبية سيصاب بالصدمة مرتين: الأولى: ضآلة الرقم الذي سيصل إليه عند إحصائيته هذه. الثانية: عند اكتشافه حجم القصور المؤسسي في هذا الجانب إذ أن غالبية- إن لم يكن كل- الكتب الصادرة في هذا الجانب هي بفعل غيرة وإخلاص فرد واحد لا غير أحس بقيمة هذه الثروة فعمل على تتبعها وتدوينها ومن ثم طباعتها في كتاب ولعل ما يدهشك أكثر- إن لم يورث لديك الأسف المحبط- أنك لو شئت تبريراٍ لانعدام وغياب الاهتمام المؤسسي من مراكز البحوث أو المؤسسات الإبداعية لا تجد أي مبرر ولا تلقى أي سبب قد تتحجج به أية جهة في حال تم استفسارها عن ذلك إضافة إلى أنك ستجد مختلف التخصصات أو الأنشطة على اختلاف تلك المؤسسات الثقافية لكن ليس لثمة واحدة متخصصة في الموروث الشعبي طبعاٍ عدا بيت الموروث الشعبي الأول في هذا المجال ولعله سيكون الرائد.. -4- على قلة الإصدارات المتخصصة في الموروث الحكائي الشعبي/اليمني.. إلا أنها ذات اتجاهين الأول: مجموعة حكايات لأساطير ينقلها لنا المؤلف الثاني: دراسات بحثية عن هذا المجال الأمر الذي يستدعي الإضافة النوعية لا الإضافة الكمية في حال فكر أحد الباحثين أو المهتمين بإعداد كتاب بهذا الخصوص.. لا يكون «كمالة عدد» بقدر ما يجب أن يشكل مساهمة جادة يضع الموروث الحكائي الشعبي في منعطف جديد يخرج به من حالة الركود أو المألوف إلى المغايرة الجدية. ولعل مثل هذه الحقيقة كفيلة بإخماد نار الحماس عند أي دارس أو باحث يفكر بخوض غمار هذه اللعبة ولعل ذلك هو ما شكل هاجساٍ أولياٍ عند الباحثة المبدعة «أروى عثمان» قبل إقدامها على تجربتها الجديدة المتمثلة بالإصدار: قراءة في السردية الشعبية اليمنية «70 حكاية شعبية». والكتاب يقع في «370» صفحة من القطع الكبير وهو مقسم إلى ثلاثة أقسام.. الأول: الدراسة والمشتملة على عدة محاور الثاني: النصوص الحكائية الثالث: ألبوم صور فوتوغرافية من أرشيف الباحثة/مؤلفة الكتاب. ولأن هذا الإصدار يعد بجدارة إضافة نوعية إلى حقل الموروث الشعبي/السردي فإنه ينفرد عن الإصدارات السابقة بعدد من المميزات لعل أهمها ما يلي: 1- إلى جانب الدراسة المنهجية.. لم يخل الكتاب من تثبيت مجموعة من الحكايات وهو ما يحسب للمبدعة الباحثة أروى عثمان ولعلنا للمرة الأولى سنتعرف على جوانب جداد في السرديات الشعبية وذلك من خلال الاضاءات البحثية التي قامت بها الباحثة في ثنايا دراستها حيث استطعنا في هذا الكتاب- أو منه- التعرف على : 1- المؤثرات الداخلية والوافدة على الحكاية الشعبية: أهمها «الهجرات- التنوع الطبيعي» 2- سمات الحكاية الشعبية اليمنية مثل: «مطلع القص- البساطة والعمق- التشابه والتغاير- المبالغة- عدم الدخول في التفاصيل- حركة السلب والإيجاب». 3- بعض وحدات الحكاية الشعبية اليمنية وقد رصدت الباحثة هنا 13 وحدة مختلفة. 4- تصنيف الحكايات: من اجتماعية- معتقدات- أمثال وتجارب إضافة إلى حكايات: الحيوان- والحيوانات التي تتحدث فيما بينها وحكايات : الألغاز والحكاية الفكهة وحكايات الجن. 5- معوقات توثيق الحكاية الشعبية. – 5 النقطة الثانية في انفراد الكتاب موضوعياٍ على ما سبقه هو كم الحكايات الشعبية التي ثبتتها الباحثة المؤلفة أروى عثمان وعددها «70» حكاية إحدى هذه الحكايات وردت وثبتت بروايتين وهي حكاية علي بن الجارية. وعدد الحكايات كبير جداٍ مقارنة بالإصدارات السابقة مثل: – حكايات وأساطير يمنية/علي محمد عبده: 10 حكايات زاد عليها المؤلف حكايتين في طبعة الكتاب الثانية عام 1985م ليصبح العدد الإجمالي 12 حكاية. – الحكايات الشعبية من التراث اليمني: محمد أحمد شهاب «33» حكاية. أما في هذا الإصدار الجديد والذي ضم «70» حكاية فلعل مرد ذلك إلى: أ- المدة الزمنية التي استغرقتها الباحثة في جمعها والتي دامت خلال الفترة «1995-2002م» ب- تعدد واختلاف بيئات رواة تلك الحكايات الشعبية التي دونتها الباحثة وهم تسعة رواة.. إضافة إلى مجموعة من طالبات مدرسة أسماء الثانوية بأمانة العاصمة- صنعاء وأغلب هؤلاء الرواة من النساء ومعظمهن من كبيرات السن «حمامة إسماعيل 82 سنة- فاطمة أحمد صالح المطري 60 سنة- بنت عبده حسن سويد «أم محمد» 48 سنة- أم منصور عبده البرعي 40 سنة» إضافة إلى فاطمة بامحيسون- فاطمة الريمي «خلقت في سنة الجوع» وهناك يحيى علي مقبعة وعبدالله سعيد محمد العطار وكلاهما «27» سنة أما غسان عوض حيدرة فقد «أخذ الحكايات من جدته» ص14 . -6- الميزة الثالثة: تجاوز الجهود السابقة فيما يخص التدوين ففي حين عمد كلاٍ من علي محمد عبده ومحمد أحمد شهاب إلى عدم تثبيت البدايات أو استهلالات الحكايات حرصت الباحثة على عدم إسقاط ذلك تقول: «وهذه الاستهلالات هي ما استطعنا تدوينه حتى الآن من أفواه الرواة رجالاٍ ونساءٍ الذين ينحدرون من مناطق مختلفة من اليمن» ص34 . الاهتمام بالحكايات المدونة من حيث وضع العناوين إضافة إلى «صياغة الحكايات من اللهجات المختلفة بحيث تكون بلغة وسطى بين العامية والفصحى مع إبقاء بعض المفردات بلهجتها الأصلية» ص13 -7- الميزة الرابعة.. حرص الباحثة على إتباع المعايير العلمية المتعارف عليها في البحث العلمي والدراسة الموضوعية وذلك من حيث تثبيت الهوامش وإرجاع كل معلومة إلى مصدرها الأصلي إضافة إلى رد الاعتبار لرواة الحكايات الشعبية وإخراجهم إلى دائرة الضوء من خلال تثبيت أسماؤهم وصور ملونة للبعض منهم. -8- «التدوين ليس مجرد مرحلة في التطور لثقافة من الثقافات وإنما تغير نوعي وانتقال جوهري في هذه الثقافة» كما يقول عبدالرحمن منيف وهو ما يجعلنا ندرك حجم الأهمية الكبرى لمثل هذا الإصدار المتميز الذي لا يسع الإنسان معه إلا أن يشيد بجهود المبدعة الباحثة أروى عثمان والتي أثمرت الكثير. -9- • عبدالرحمن منيف: – رحلة ضوء – الطبعة الأولى: 2001م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت- لبنان • أروى عثمان: قراءة في السردية الشعبية اليمنية «70 حكاية شعبية» – الطبعة الأولى: 2005م – من إصدارات بيت الموروث الشعبي اليمني «2» – صنعاء