الرئيسية - كــتب - الروائي وجدي الأهدل: في “فيلسوف الكرنتينة” حاولت فيها الخروج من الواقعية إلى نسق يحاكي روايات الخيال العلمي
الروائي وجدي الأهدل: في “فيلسوف الكرنتينة” حاولت فيها الخروج من الواقعية إلى نسق يحاكي روايات الخيال العلمي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

مساحة الحرية الضيقة تؤخر العربي عن اقرانه.. والرواية تحتاج إلى مجتمع مستقر

وجدي الأهدل روائي وقاص وكاتب مسرحي متميز يدهشك بثقافته الواسعة وتقنياته الناضجة – بنائيا ومعرفيا – لا تستطيع وأنت تقرأ أي عمل له سوى أن تتفرغ للتحليق في عوالمه ومداراته المتداخلة وأن تصغي بكل حواسك لما يهمس به هذا المثقف الكوني الخطير في أعماق أعماله الروائية والقصصية والمسرحية على حد سواء وجدي الأهدل المثقف الحصيف والروائي المخيف …رجل كثير يؤمن بالتجريب وبجدوى القراءة والإطلاع على كل جديد مع كل عمل جديد له تشعر أنك ما تزال تجهل الكثير عن معارفه ومواهبه .. مثقف يستعصي على التصنيف والتجييل يسابق الزمن ويحاور الوجوه والأشياء يسحرك بتواضعه اللامحدود وبصمته المكتظ بالمعارف والأسرار …. وجدي الأهدل مثقف حقيقي يعي ما يكتب ويدرك أسرار التحولات في أعماله الإبداعية أصدر قرابة أحد عشر عملا إبداعيا مابين رواية وقصة ونص مسرحي بعد قراءتي لأي عمل من أعماله ينتابني شعور بأنه مثقف مهيأ لمجد عظيم ولا أزال أعتقد في الآن ذاته أن المأمول منه أكبر في الأيام القادمة….. إلتقيته وكان لي شرف أن أحظى بالتحاور والتثاقف معه فكانت هذه حصيلة الحوار المختلف معه . حاوره / عبد الرقيب مرزاح *لماذا تكتب القصة والمسرحية إلى جانب كتابة الرواية¿ -يبدو أن المسألة لها علاقة بمزاج الكتابة أحياناٍ يجد الكاتب نفسه دون سبب واضح يميل إلى العمل في نوع معين من الأدب دون سواه ثم يْفارقه هذا المزاج ولا يعرف متى يعود. *هل يمكننا القول أنك استفدت كثيراٍ من تجربتك في كتابة القصة للدخول إلى عوالم الرواية¿ – ولماذا لا يكون عكس ذلك هو الصحيح.. بالنسبة لي ساعدتني الروايات التي كتبتها على فهم أفضل لفن القصة. *يقولون إن هذا العصر هو عصر الرواية.. برأيك هل هذا الرأي محقاٍ¿ ولماذا¿ – إنه مزاج البشر يا أخي العزيز وليس للرواية بذاتها فضل في ذلك فيمكن أن أنواعاٍ أخرى من الفنون تحقق تقدماٍ تقنياٍ وفنياٍ أعلى مثل الشعر أو الفن التشكيلي ولكنها مع ذلك لن تتسيد المشهد الإبداعي ولاشك أن في هذا ظلم فادح. وبصورة عامة يرتبط مزاج البشر بعصرهم الذي يعيشون فيه وهذا العصر الحديث الذي بدأ باختراع المطبعة ـ والرواية ابنة المطبعة ـ على وشك الأفول مع اقتراب موعد إحالة المطبعة إلى المتحف وسيادة الثقافة الرقمية التي قد تميل إلى تفضيل المقطوعات الأدبية المركزة وأقرب شكل فني يرد إلى ذهني هي قصيدة النثر. * تجربتك الروائية مرت بمراحل هل لك أن تحدثنا عن ذلك¿ – كتبت أربع محاولات روائية روايتي الأولى “قوارب جبلية” هي محاولة للتجريب في الشكل الروائي وروايتي الثانية “حمار بين الأغاني” حاولت الاستفادة من الحبكة البوليسية لتوجيه الاتهام للسلطة وفي روايتي الثالثة “فيلسوف الكرنتينة” حاولت فيها الخروج من الواقعية إلى نسق يْحاكي روايات الخيال العلمي تنتمي هذه الروايات الثلاث الأولى بالنسبة لي إلى مرحلة الهجاء السياسي.. وأعتقد أن هذا الولع السخيف قد زال من نفسي مع كتابتي لروايتي الرابعة “بلاد بلا سماء” التي تشكل لي مرحلة جديدة وفيها محاولة للاقتراب من ألغاز الحياة. *برأيك ما هي معوقات التلقي بالنسبة لأعمالك الروائية¿ -يبدو أن سوء التوزيع ومحدودية النسخ هما المعوقان.. وقد يكون المعوق شيئاٍ آخر وهو أن أعمالي لم ترض ذائقة القراء. * السرديات العربية إلى أي سقف بلغت مقارنة بالسرديات العالمية¿ – السرد العربي اليوم يواكب نظيره في شتى أنحاء العالم لكن مساحة الحرية الضيقة التي يكتب فيها العربي تؤخره عن أقرانه وهذه المساحة الضيقة ليست حيزاٍ مكانياٍ يمكن التغلب عليه بالانتقال إلى موقع جغرافي تكون فيه الحرية أرحب ولكنها مساحة نفسية.. يصعب جداٍ على الأديب العربي أن يقوم بتوسيع عالمه الداخلي ضمن ثقافة ضيقة الأفق. * ماهي أبرز العوامل التي تفسر تأخر بروز الرواية في اليمن¿ – تحتاج الرواية إلى مجتمع مستقر لتنمو وتتطور وتحقق التراكم الكمي والنوعي باستمرار وبلادنا مع الأسف تعيش حالة مزمنة من الاضطرابات السياسية. *الحبكة حسب أرسطو “نتيجة لعلاقة الضرورة والسببية بين الأحداث” إلى أي حد تولي الحبكة اهتماماٍ في رواياتك¿ – الحبكة في روايتي الأولى “قوارب جبلية” أداة ثانوية وهذا الإقصاء للحبكة إلى الهامش جعلها رواية غير مفهومة ومثيرة للجدل.. في رواياتي التالية تقدمت الحبكة إلى موقع بارز.. كتابة الرواية وأنت تمسك في يدك بوصلة الحبكة مفيد لك ومريح للجميع. * في روايتك الأخيرة “بلاد بلا سماء” تتلاقى الغرائبية أو السرد العجائبي بالواقعية السحرية المبنية على تقنية اللغز المبحوث عنه .. هل يحضر الكاتب في الرواية استكمالاٍ للغرائبية التي تؤطر أحداث السرد¿ -للرواية ستة رواة ولا أعتقد أن هناك مكاناٍ شاغراٍ للمؤلف! * هل تبني شخصيات رواياتك على نحو مخطط ومدروس سلفاٍ¿ – وهل تحمل تلك الشخصيات أبعاداٍ رمزية¿ قد أضع خطة ولكنها غالباٍ لا تنجح.. الشخصية الروائية ليست ذات بعدين يسهل السيطرة عليهما.. هناك بعد ثالث وهذا البعد الثالث يجعل الشخصية مستديرة ملساء لا تعرف من أين تمسكها.. وتحويلها إلى رمز يجعل المهمة أسهل. * باعتبارك مبدع متعدد الاهتمامات والمواهب.. أين تجد ذاتك¿ – في القصة القصيرة. * يمكن القول بأن ما بعد الحداثة قد أصبحت إلى حد ما هي السردية الكبرى باعتبارها خطاٍ ينتظم جميع القضايا الفلسفية .. هل اشتغالاتك في رواية “فيلسوف الكرنتينة” من هذا القبيل¿ -التاريخ تابو.. وما فعلته في فيلسوف الكرنتينة كان محاولة لتقديم وجهة نظر حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولكن هذا الجهد يبدو لي اليوم أقل بكثير من أن يشكل تضاداٍ ساخراٍ مع الروايات المتداولة عن ذلك الحدث سواءٍ الرسمية أو التي يتبناها أصحاب نظرية المؤامرة.. *هل يستطيع النقد أن يْغيب مبدعاٍ متجاوزاٍ مثلك¿ – بالنقد أو بدونه على الكاتب أن يمضي في طريقه ويقدم أفضل ما عنده. *سمعنا في الآونة الأخيرة خبر ترجمة روايتك “بلاد بلا سماء” إلى اللغة الإنجليزية.. ماذا عن بقية أعمالك الأخرى هل سترى طريقها إلى الترجمة¿ – ترجمت رواية “قوارب جبلية” إلى الفرنسية وترجمت رواية “حمار بين الأغاني” إلى الإيطالية وهناك احتمال أن تصدر الترجمة الروسية لرواية “بلاد بلا سماء” قريباٍ.