فتاوى
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

اعداد / عبداللطيف الصعر – “حكم أكل لحـم القنفـذ”

يجيب عليها القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني – حفظه الله-

* السائل (س.أ.ش) من أمانة العاصمة يسأل عن: ماهو حكم أكل القنفذ أو ما يسمى في اليمن “الشبريزة”¿ – الجواب: الأصل في كل شيء الحل ولكنه ورد حديث ضعيف بأن (القنفذ) خبيث وإذا تعارض الحديث الضعيف والأصل فلا يعمل بالحديث الضعيف فيرجع إلى الأصل والأصل الحل وأما التفصيل في حكم أكل لحم القنفذ فقد اختلف العلماء من ذلك: – (الأول): هو الحكم على لحمها بأنه حرام وهو قول أبي طالب ويحيى بن حمزة. – (الثاني): القول بأن القنفذ من الحيوانات التي يجوز أكل لحمها مع الكراهة وهذا هو قول علماء الهادوية ورجحه العلامة الحسن بن أحمد الجلال في كتاب (ضوء النهار). – (الثالث): هو أنه من الحيوانات التي تؤكل بلا كراهة وهذا القول هو مقول (الشافعية) ورجحه الإمام ابن حزم الظاهري في كتابه (المحلى) والعلامة محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه (سبل السلام) وشيخ الإسلام القاضي محمد بن علي الشوكاني في كتابه (السيل الجرار). وقد احتج أصحاب (القول الأول) بحديث أبي هريرة مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في القنفذ أنه (خبيث من الخبائث) مسند أحمد المكثرين أخرجه أبو داوود في السنن وقد احتج أصحاب (القول الثاني) القائل بالكراهة لا التحريم بالأصل وهو الجواز لأن الأصل في كل شيء الجواز وقالوا بأن الحديث ليس بصحيح حتى يكون دليلا على تحريم أكل لحم القنفذ لكون الراوي له عن أبي هريرة مجهولا فلا يكون حجة على التحريم وغاية ما يمكن أن يستفاد منه هو الكراهة كما نص على معنى هذا الجلال من ضوء النهار. واحتج أهل القول الثالث بالأصل وهو عدم القول بالتحريم أو بالكراهة عملا بالقاعدة التي يعمل بها الفقهاء وهي (أن الأصل في الاستياء الإباحة ومن ادعى تحريم أي شيء أو كراهته فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي من المعارضة) فإن استطاع المحرم لأكل القنفذ أو القائل بالجواز مع الكراهة إبراز دليل صريح صحيح كان العمل به وإن لم يستطع كان الرجوع للأصل وهو الإباحة وجواز الأكل هو الواجب وهذا الحديث الذي احتج به أهل القول الأول على التحريم وأهل القول الثاني على الكراهة غير صحيح عند علماء الحديث بجهالة الراوي عن الصحابي أبي هريرة فسيكون الحديث ضعيفا كما قاله الخطابي في (معالم السنن) والبيهقي في (السنن) وابن حزم (في المحلى) والدميري في (حياة الحيوان) وابن حجر في (بلوغ المرام) والأمير في (سبل السلام) والشوكاني في (السيل الجرار) وغيرهم فلا يكون دليلا على التحريم الذي ذهب إليه أهل القول الأول ولا يكون دليلا على القول بالكراهة الذي ذهب إليه أهل القول الثاني وأما ما قاله الجلال بأن غاية ما يدل عليه هذا الحديث هو الكراهة حيث وهو غير صحيح من جهة السند فقد أجاب عنه صاحب (السيل الجرار) بأن الكراهة حكم شرعي والحكم الشرعي لابد فيه من صحة الدليل الذي يحتج به القائل بالكراهة فإذا لم يصح هذا الحديث من ناحية السند فلا يصح الاحتجاج به على الكراهة وإن صح السند سيكون دالا على التحريم لا على الكراهة هذا معنى ما قاله مؤلف (السيل الجرار) وكل ماسبق هو بالنسبة إلى من لا يستقذر أكله من الناس الذين يعتبرون أكله حلالا ولا يتقززون من ذلك أما من كان يستقذر أكله فالأحوط له عدم أكله سواء صح عنده هذا الحديث أم لم يصح هذا. والجدير بالذكر أن الدميري مؤلف حياة الحيوان يذهب إلى أن الحديث المذكور ضعيف وعلى فرض صحته لا يكون دليلا على التحريم لجواز أن يكون الخبث في الحديث هو خبث عمله أي أن القنفذ خبيث في عمله لا في أكله كما هو المشاهد والمعروف عنه أنه ينقض على الزرع فيتدحرج شوكه القوي من طرف الحقل إلى طرفه الآخر فيفسد الزرع. * والخلاصة: إن الدميري قد رد على من احتج بحديث (خبيث من الخبائث) بوجهين: – (الأول): أن الحديث من ناحية الرواية غير صحيح. – (الثاني): إن دلالته من ناحية المتن غير صحيحة المقصود لكون الخبيث غير صريح في الدلالة على تحريم الأكل لجواز أن يكون المراد به هو خبث الفعل وهو احتمال بعيد لا يدفع الظهور والأولى الاعتماد على الوجه الأول وهو عدم الصحة لهذا الحديث. * والخلاصة لما جاء في جوابي هذا ينحصر فيما يلي: (1) أكل لحم القنفذ حرام عند علي بن أبي طالب ويحيى بن حمزة عملا بحديث (خبيث من الخبائث). (2) أكل لحم القنفذ جائز مع الكراهة عند الهادوية. (3) أكل لحم القنفذ حلال بلا كراهة عند (الشافعية) وابن حزم والأمير الشوكاني لكون الحديث غير صحيح فلا يكون صالحا للاحتجاج به لا على التحريم ولا على الكراهة.