وفد اليمن في مؤتمر المناخ يبحث مع نائب وزير الصحة الاذربيجاني تعزيز أوجه التعاون المستشار العسكري للمبعوث الأممي يطلع على نشاط مشروع مسام بمأرب اللواء ثوابة: المليشيات الحوثية تهدم أي مبادرات لإنهاء الحرب وإحلال السلام قوات الجيش تفشل هجوم لميليشيا الحوثي على قطاع الكدحة غرب تعز الأغذية العالمي: نحتاج الى 16.9 مليار دولار لمعالجة أزمة الجوع العالمية "موديز" ترفع تصنيف السعودية الائتماني عند "aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة رئيس الامارات يبحث مع الرئيس الاندونيسي العلاقات بين البلدين وشراكتهما الاقتصادية فريق طبي يؤكد استقرار حالة جدري الماء في ميناء نشطون بالمهرة مأرب تحتفي باليوم العالمي للطفولة ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 44,176 شهيدا و104,473 مصابا
ينطلق الروائي اليمني المهاجر أحمد زين في روايته (حرب تحت الجلد ) والصادرة عن دار الآداب 2010م من قاعدة الداخل إلى الداخل…ينطلق ليس من الداخل اليمني فحسب بل من داخل الداخل..الوحدة وحرب الوحدة ..الخليج وحرب الخليج..! استشهادات مؤلمة تتمثل بداية تلك الملحمة في استشهاداته التي حتماٍ ما ترسم للرواية إطاراٍ معيناٍ في ذهنية المتلقي.. ويتمثل الإطار في ( الوحدة ..حرب الوحدة..حرب الخليج) ..يطل الاستشهاد الأول مقطعاٍ من قصيدة للشاعر الكبير عبدالله البردوني ..يحمل إشارات كافية ودالة لفكرة الرواية وشخوصها المتشظين في وطن واحد ..! يمنيون في المنفى… منفيون في اليمن جنوبيون في (صنعاء) ..شماليون في (عدن) وكالأعمام والأخوال…في الإصرار والوهن خطى أكتوبر انقلبت…حزيرانية الكفن لم يشر زين في المقطع المقتبس إلى عنوان القصيدة (الغزو من الداخل ) أو أي تلميحات عن الشاعر والقصيدة وهذا لم ينبع من إهمال بل من ذكاء راو متمكن! الاستشهاد الثاني في رواية (حرب تحت الجلد) مطلع من رواية (صحراء التتار): (ها هم الآن مشدودون نحو الشمال لسماع صوت الحرب الذي بدأ يتناهى إليهم كأنه صمت عميق)..يظهر صوت (يبدو لي أنني أستعيد سنوات شخص آخر. هذا الآخر الذي أنكره). وهكذا..استشهاد يتبعه استشهاد .. كلها تصب في مسألة (اليمن..توحد شمالها عن جنوبها مطلع العام 1990م ومن ثم محاولات انفصال الجنوب عن الشمال حرب صيف 1994م وحرب الخليج وانعكاسات كل ذلك على المواطن البسيط .. ذلك الذي يعيش بين نيران السياسة وأزقتها المظلمة! لوحة من الجلد معروف بان الفنان التشكيلي عندما يشرع في رسم لوحة فإنه يجهز الورقة المخصصة للرسم والألوان لكن أحمد زين في روايته هذه جهز (جلد إنسان) كاتبا بها روايته …لم يختر أحمد زين الكتابة على الورق لأن تلك الرواية التي ترصد سنوات بل عقوداٍ من التشظي والضياع اليمني كانت مفجعة بصورة يعتقد معها القارئ بأنها كْتبت بجلد الإنسان اليمني سواء المقيم في الداخل والذي يكتوي بنار السياسة أو المهاجر الضائع في أوطان لا تعترف بكرامته وبحقه في قليل من الحياة! إنها رائحة الجلد اليمني التعيس خائب الرجاء محطم الأماني التي تفوح بين جنبات وصفحات الرواية في إدانة واضحة لمن كانوا السبب في إيصال سفينة هذا المواطن والمتمثل في الوطن –خلال تاريخنا الماضي الحديث- إلى الصخور! (لم يدفن اليمنيون سوى التاريخ لا نريد أن نكون في التاريخ نريد أن نكون في الحياة). بتلك الجملة تعبر احدى الشخصيات عن ذلكم الحال..صـ13) بدايات من فوق الجلد تبدأ الرواية مسلحة بحيطة الروائي الشديد من تناول مجريات التاريخ الحديث كوقائع سطحية..مطلع الأربعينيات من القرن المنصرم .. حيث كان اليمن يمنين ..الأول في الشمال ويحكمه إمام يستند إلى سلطة دينية والثاني في الجنوب ..محتل من قبل الاستعمار البريطاني.. لا صوت هنا سوى صوت الإمام يدين ويشجب الاستعمار البريطاني للجنوب..في إشارة إلى أن الأئمة لم يفعلوا شيئاٍ يذكر من أجل مكافحة ومحاربة الاستعمار بل على العكس استثمروا ذلك الاحتلال لصالح إطالة أمد بقائهم في الحكم ..من مثل جعل الإنجليزي المحتل شماعة لتعليق أخطائهم..وحروبهم الكلامية منطلقا لنهب مدخرات البلاد. شخصيات تاريخية معروفة كعبدالفتاح إسماعيل ..أحداث عاشها الروائي نفسه كصراع قيادات الحزب الاشتراكي بينها البين..وأخرى لم يعشها ولم توثق بشكل دقيق ..وتسير الرواية ببطء متوقفة مطولا عند الزمن الذي أطلق عليه أحمد زين بـ(الكارثة) شخصيات الرواية المتفقة مع الخط الزمني للراوية تكشف عن حالها …وعن انقسامها المتعمد رغم المشتركات التي بينها …أما الوجوه المغبرة فهي انعكاس لكل ما يشهد هذا الإنسان.. (لا يكتشف الإنسان ملامحه إلا في زمن يعترف به إنساناٍ كامل الحقوق بعيداٍ عن أزمنة الظلام التي تحول البشر إلى متواليات من الأسماء صـ31) الإنسان في رواية حرب الجلد ليس سوى كائن مقموع هامشي أحلامه معطله مغترب ليس كالمغترب في الخارج بل مغترب عن ذاته – وهنا ثمة إشارة إلى مقطع من قصيدة البردوني والتي افتتح بها الرواية- يعيش في زمن بلا ملامح …زمن مفكك ..أضلاع هذا الزمن المفكك (الظلمات..الجثث..المقابر)..ليست كل شخصيات الرواية كعامر وقيس والشابة عليا وصاحب النياشين مغبرة ضائعة مفككة بل ثمة شخصيات أخرى زاهية المظهر والهندام مثل الأب الذي يخفي وراء مظهره الزاهي كوارث وعليا الصحفية التي تتعرض لعملية اغتصاب والشاب الحاصل على عدة نياشين. ليس ثمة عبث في اختيار زين لشخصيات رواياته..فكل شخصية إنما ترمز إلى حدث تاريخي معين وكل تصرف من تصرف الشخصيات يرمز إلى واقعة سياسية وقعت بالفعل وكانت نتائجها وبالاٍ على المجتمع اليمني! فصول مسلوبة كل فصول الرواية تبدأ بمقطع وتنتهي بمقطع يشير إلى ما يتعرض له الإنسان من عمليات سلب وتدمير بطيء (هش عن عينيه غرباناٍ ونسراٍ وحيداٍ أعرج وانحنى مكبلاٍ…). (تغلب على مشاعر تأنيب الضمير تعاوده منذ بدأ يكذب…) (لا بد له من أن يكتب مباشرة وليس عبر صورة غامضة…). (قطعة من سماء بلا غيوم وأشعة شمس واهية) (يحاول كتابة الجملة في التحقيق ولا يقدر…) تواصل سردي يتكشف عالم الرواية بانكشاف مقاصد الشخصيات..قيس يعلن عن برائته من قيامه قبل الوحدة بدور الداعي للوحدة ..عامر معارض سياسي شبه بارز وصل إلى العاصمة بعد الوحدة بأيام حاملا مشروعا مجتمعيا ..يريد إيصاله عن طريق مؤسسة مدنية..من مشروعه اقتبس رغبته الشديدة في نقل العاصمة صنعاء إلى عدن وذلك كحل للدعوات الذاهبة إلى الانفصال عليا.. الصحفية الشجاعة والتي تعرضت للاعتقال مرارا وللتعذيب وأخيرا للاغتصاب..قيس مع فكرة انفصال الشمال عن الجنوب وعامر مع فكرة بناء البلد ..بداية بنقل العاصمة إلى عدن فيما عليا معارضة لفكرة الانفصال..هنا ثمة دلالات وإشارات لأحداث وشخصيات سياسية نافذة عاشت تلك الفترة وكانت سببا لوقوع الكثير من المآسي! حواراتهم أو بالأصح همساتهم تنتهي – قاعديا أي على المستوى المجتمع- إلى لا شيء و-هرميا- على مستوى القيادة إلى مصالح كبرى وفوائد وهلم جرا..منافع لم تتحقق إلا لتلك القوى النافذة..(أصبحنا كلنا مهزومين والروح الجديدة التي كنا نستشعرها ماتت فجأة تحولت الوحدة شعاراٍ يستعمله الجميع لتصفية الحسابات فيما بينهم) ( هل من السهل اليوم أن تقنع أي جنوبي بأنه كانت لنا الأحلام نفسها وأننا الغالبية إننا نعيش مأساة واحدة من القهر والفقر والتهميش. .. إذا ذهبت إلى عدن هل سأبدو غريبة هل سيعترض طريقي أحد ويدفعني إلى إشهار هويتي وإذا عرفني أحد من الشمال هل سيرغمني على العودة ) بلا نهاية كوارث يمكن تلخصيها في (البطالة..الفقر ..الألم ..وهم انفصال الجنوب عن الشمال..القات هذه النبتة الشيطانية..الحروب..) وما أكثرها ..آفات شكلت ليس ثيمة الرواية بل روحها. بلا بداية يقول الكاتب فيصل دراج “يمسك الروائي اليمني أحمد زين بواقع بلاده ويترك جزءاٍ منه في الفراغ.. يمسك بحاضر مريض أمسكت به السلطة بيد قاسية ويترك ما تبقى لأنه إن أمسك به تساقط تراباٍ كما لو كان في رواياته..” وهذا هو حال الروائي اليمني المهاجر أحمد زين ليس في روايته (حرب تحت الجلد) بل في كل أعماله القصصية والروائية مهاجراٍ مغتربا كما أعماله..غارقا إلى العمق في تأمل واقعه كما أعماله..مشخصا الواقع اليمني المشتظي بكثير من الحزن ..راسما المتغيرات التاريخية الحديثة بتقنيات سردية جديدة. لأحمد زين أعمال قصصية كـ” أسلاك تصطخب “1997م و”كمن يهش ظلال”2002م وروائية مثل “تصحيح وضع” صدرت على ثلاث طبعات و”قهوة أمريكية” وأخرى سنتناولها في الأعداد المقبلة.