الرئيسية - عربي ودولي - فضائح التجسس..هل تكشف المستور¿!
فضائح التجسس..هل تكشف المستور¿!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

في الوقت الذي شكلت فيه ولا تزال قضية التجسس بشكل عام على سكان المعمورة انتهاكا خطيرا غير مسبوق لحقوق الإنسان وممارسة الديمقراطية مايكشف زيف الادعاءات التي تزعم على الدوام انها المدافع الحصري عن الديمقراطيات وحقوق الإنسان التي تنتهك حول العالم بعد أن تسلل برنامج تجسس متطور إلى مئات من أجهزة الكمبيوتر الحكومية عبر أوروبا والولايات المتحدة في واحدة من أعقد عمليات التجسس الإلكتروني المكتشفة حتى الآن وانضمت روسيا إلى هذه القائمة. إذ أكد خبراء أمنيون أنه رغم قوة المظاهر التي تربط بين برنامج “تورلا” وروسيا فإن من المستحيل تأكيد هذه الشكوك ما لم تعلن موسكو مسؤوليتها. فمطورو مثل هذه البرامج يستخدمون غالبا تقنيات بارعة لإخفاء هويتهم وانكشف الأمر منذ أيام حين نشرت شركة ألمانية مغمورة لمكافحة الفيروس هي شركة “جي داتا” تقريرا عن الفيروس الذي أسمته “يوروبوروسوهو” اسم ربما يشير إلى رمز يوناني لثعبان يلتهم ذيله. وكانت الحكومات الأوروبية رحبت منذ فترة طويلة بالمساعدة الأميركية في التصدي لتجسس الكرملين لكنها استاءت بشدة العام الماضي حين اكتشفت نطاق عملية المراقبة التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأميركية والتي امتدت إلى أراضيها. ولم تقتصر نشاطات التجسس الأميركي على أشخاص يشتبه تورطهم بالإرهاب بل طالت رجال أعمال وصناعيين وحتى مسؤولين سياسيين وصل عددهم إلى 35 من زعماء العالم من بينهم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف والرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون وكذا استهدف الرئاسة الفرنسية في مايو 2012م ومنظمات الأمم المتحدة التي لم تحرك ساكنا إضافة إلى التجسس على عشرات السفارات والبعثات الدبلوماسية من خلال زرع أجهزة تنصت في الأجهزة الإلكترونية في السفارات وسواها والتنصت على الهواتف النقالة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تستخدم من طرف الأفراد والتجسس على مستخدمي محركي البحث “غوغل” و”ياهو” وغير ها من المواقع. و صارت قضية تجسس واشنطن على دول الاتحاد الأوروبي مثار جدل واسع النطاق في الأوساط السياسية والإعلامية لدى تلك الدول خصوصاٍ والحكومات الأوروبية حيث تشكو أغلبها من ظاهرة التجسس الأميركي والتي اتخذت أبعاداٍ مختلفة من التنصت على المكالمات الهاتفية إلى التجسس على التكنولوجيا والأنشطة العسكرية وانعكس ذلك سلباٍ على العلاقات الأوروبية الأميركية. وباتت فضيحة التجسس الأميركي تؤرق صناع القرار في البيت الأبيض بعد أن أصبحت الشغل الشاغل لوسائل الإعلام العالمية وذلك منذ أن بدأ “إدوارد سنودن” العميل السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي بتسريب المعلومات عن برنامج التجسس الأميركي الذي ظهر أنه من الضخامة بحيث طال مئات ملايين الأشخاص في مختلف أنحاء العالم من بينهم أميركيون. وخلال الحرب الباردة وْجهت كافة أجهزة التجسس نحو الاتحاد السوفييتي السابق ودول المنظومة الاشتراكية التي انهارت واهتم عالم الجاسوسية بأخبار هذا المعسكر وبأعداد الغواصات التي يملكها والصواريخ والطائرات والقواعد المنتشرة في دول صديقة له..ثم تحول التجسس خلال تلك الحقبة إلى لعبة أمم مارسها الجميع حيث كان معظم الأشخاص الذين يعملون داخل السفارات بصفة دبلوماسية يرتبطون بشكل سري بأجهزة الأمن. وكان من شروط اللعبة الاحتفاظ بالمعلومات داخل الملفات والتقارير فقط والمحافظة على السرية بحيث لا تصل محتويات هذا الرصد التجسسي إلى الصحف أو الرأي العام.  أما في عالم ما بعد الحرب الباردة فقد انهارت السرية وراحت أجهزة التجسس الأميركية تختبر قدرتها على التغلغل واختراق شبكات وتجميع معلومات عبر أدوات تكنولوجية حديثة تملكها وحدها. ويعتبر التجسس إحدى أهم الركائز السياسية الهامة والمثيرة للجدل بالنسبة لساسة الولايات المتحدة الأميركية واستخدمته جميع الإدارات الأميركية التي تعاقبت على البيت الأبيض سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية حيث اعتمدته جميعها بوصفه سلاحا ضد الخصوم السياسيين والأعداء والأصدقاء وعمدت إليه حتى في ما يتعلق بالشؤون الداخلية وفي مجال التنافس بين الطبقة السياسية وقد كانت فضيحة “ووترغيت” أكبر فضيحة تجسس سياسية في تاريخ أميركا ونشأت على خلفية لجوء الرئيس الأميركي”نيكسون” إلى التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس له في مبنى ووتر غيت خلال خوضه معركة التجديد الرئاسي في انتخابات 1972م.. وفجرت أزمة سياسية هائلة نتجت عنها فضيحة أطاحت بالرئيس نيكسون في أغسطس من العام 1974م وجرت محاكمته بسببها. ولعل العديد من المسؤولين الأميركيين وخاصة في أجهزة الاستخبارات من يحاول تبرير التجسس الأميركي بهاجس الخوف من الإرهاب ويدخله في سياق “مكافحة الإرهاب” أو “الحرب العالمية ضد الإرهاب” التي اجترحها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن على خلفية هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2011م وبالتالي فإن برنامج التجسس الأميركي يستند إلى القاعدة الشائعة التي تقول بأن “الغاية تبرر الوسيلة”. وهي قاعدة معروفة بأخلاقيتها وذرائعيتها غير أن هذا التبرير للتجسس الأميركي مردود عليه كونه لا يمكن أن يستخدم ذريعة للتجسس على خصوصيات أكثر من مائة وخمسة وعشرين مليون إنسان في العالم خلال شهر واحد فقط..