الرئيسية - الدين والحياة - أدعو اليمنيين إلى تجسيد إيجابية أجدادهم في النهضة والوحدة والتعايش
أدعو اليمنيين إلى تجسيد إيجابية أجدادهم في النهضة والوحدة والتعايش
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه والتابعين لهداه إلى يوم أن نلقى الله تعالى. أما بعد: فإن من أجمل الصفات التي يتصف بها الإنسان المسلم أن يكون إيجابياٍ والإيجابية معناها أن ترى الشيء واجباٍ عليك وإن لم يطلبه منك أحد والمبادرة والمسارعة إلى كل ما هو خير. وقد وردت الأوامر في القرآن والسنة بها فمن القرآن قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض..” وقوله تعالى في وصف المؤمنين “أولئك يسارعون في الخيرات” وقوله تعالى: فاستبقوا الخيرات” وقوله تعالى: ففروا إلى الله ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكراٍ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” وقوله صلى الله عليه وسلم “الدين النصيحة “ثلاثاٍ” قلنا لمن¿ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”. ويقابل الإيجابية السلبية ومن مظاهرها الكسل والتقاعس عن عمل الخير ولذلك اعتبرها القرآن من صفات المنافقين قال الله تعالى عنهم: “وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى” وقال جل شأنه: “ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون” ومن صْور السلبية المثيرة للسخرية قول قوم موسى له “اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون”. والمسلم ينبغي أن يكون إيجابيا في تفكيره فيلتزم التفكير الجماعي الذي يحقق المصلحة العامة للمجتمع لأن الأنانية والانكفاء على الذات وتغليب المصلحة الخاصة حتى ولو جاءت على حساب الآخرين كل ذلك من التفكير السلبي الذي يرفضه الإسلام لأنه لا يأتي بخير. ومن التفكير السلبي سوء الظن بالمؤمنين قال عمر رضى الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاٍ مادْمت تجد لها في الخير محملاٍ ومن التفكير السلبي المنهي عنه التفكير في الذات الإلهية وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لن تقدروا قدره”. وكما يجب على المسلم أن يكون إيجابياٍ في تفكيره ينبغي أن يكون إيجابياٍ في سلوكه وعمله وما أكثر الأعمال الإيجابية منها: التعاون على الخير والمساهمة في حل مشاكل المجتمع ومعالجة قضاياه ومنها: الصدق والأمانة والوفاء والإخلاص والنشاط وعْلو الهمة والصبر والمصابرة والتضحية وأدب الحديث فلا يقول إلا خيراٍ والمهارة في فنون إلى الآخرين وكسب الأصدقاء والقدرة على التكيف الاجتماعي والمجاملة والمواساة للمصابين والمشاركة الوجدانية للناس في أفراحهم وأتراحهم وغير ذلك كثير. وكذلك يجب أن يكون المسلم إيجابياٍ في مشاعره وانفعالاته فلا تتسرب إليه مشاعر اليأس والضغوط وهو دائما مسلح بالأمل وقوة الإرادة والعزيمة الماضية وكما يقول المؤلف الأمريكي المسلم ديل كارينحي “دع القلق وأبدأ الحياة” فالإسلام لا يعرف الانهزامية أو الإحباط أو الشعور بالدونية بل يربي أبناءه على مشاعر العزة والكرامة وحب الرفعة والعطاء. ويدعو إلى التفاؤل ويْحرم التشاؤم كما يدعو إلى التيسير وينهي عن التعسير وفي الحديث يسروا لا تعسروا وبشروا ولا تنفروا. والإيجابية تشمل كافة العلاقات فالمسلم الحق إيجابي في علاقته بربه ينقاعس عن تنفيذ أوامره وإيجابي في علاقته بنفسه فلا يوردها موارد الشر والهلكة وإيجابي في علاقته بأهله وأولاده وأقاربه. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : “أظلم الظالمين اللئيم إذا ارتفع جفا أقاربه وأنكر معارفه واستخف بالأشراف وتكبر على ذوي الفضل فجفاء الأقارب والتنكر للناس والاستخفاف بهم والتكبر عليهم كل هذه مشاعر سلبية سيئة من شأنها أن تقض على أواصر المودة وتقطع أوصال المجتمع وتنشر الحقد والكراهية بل أن الدول تسقط بمثل هذه الأخلاق السيئة قال شوقي رحمه الله: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا وكذلك يدعو الإسلام إلى الإيجابية في العلاقة بالمسلمين خاصة وبغير المسلمين عامة قال تعالى: يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباٍ وقبائل لتعارفوا” بل يدعو إلى السلوك الإيجابي مع الحيوان فقد دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض. وقد قص الله تعالى علينا في القرآن مواقف إيجابية كثيرة منها: 1 – إيجابية نملة حين رأت جيش بني الله سليمان قادماٍ فخافت على بني جنسها وكان من الممكن أن تنجو بنفسها فنصحت لهم قائلة: “ياأيها النمل أدخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده”. 2 – إيجابية هدهد نما إلى علمه أن أناساٍ يسجدون للشمس من دون الله فراح يتقصى الحقائق ثم ينكر أمام سليمان عليه السلام عبادتهم للشمس قائلاٍ: “ألا يسجدوا لله الذي يْخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون. الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم. 3 – إيجابية الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى ينصح موسى عليه السلام قائلاٍ: “يا موسى أن الملأ ياتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين”. ويحدثنا التاريخ عن إيجابية أهل اليمن عندما تحركت الوفود من اليمنيين متجهين إلى المدينة المناورة لإعلان إسلامهم وكان ذلك بإيجابية من أنفسهم عندما سمعوا بالنبي ومكارم أخلاقه وشمائله العظيمة وكان من أشهر هذه الوفود: 1 – وفد مْروة بن مسيك المرادي. 2 – وفد الأزد بقيادة الصرد بن عبدالله. 3 – وفد كندة بقيادة الأشعث بن قيس. 4 – وفد الأشعرين. إنني أدعو أن يتحرك اليمنيون اليوم بإيجابية كبيرة وهمة عالية نحو التنمية والنهضة والبناء والوحدة والألفة والتعايش ونبذ العصبية والفرقة والخلاف فتاريخيهم طيب وطبيعتهم تؤهلهم لذلك إن شاء الله تعالى. وأخيراٍ هناك سؤال يطرح نفسه بقوة وهو: كيف أكون إيجابياٍ¿ والجواب يتحقق ذلك: بالإيمان الصحية والطاعة لله وللرسول ولأولى الأمر في غير معصية ولرئيس العمل وقائد الجيش وللوالدين وللمعلم وللزوج بالنسبة للمرأة كل هذه الطاعات سلوك إيجابي يحقق قوة وتماسك أبناء الوطن الواحد. كما يكون ذلك بمكارم الأخلاق واحترام الآخرين وحْسن الظن بهم والتعاون معهم على الخير والعفو والتسامح والإحسان وإقالة العثرات وإصلاح ذات البين حتى يمكن لنا أن نحقق هدفنا وهو “الوحدة والتنمية والبناء”. والله ولي التوفيق

عضو بعثة الأزهر في اليمن