الرئيسية - اقتصاد - سبعة اجتماعات عجاف !!
سبعة اجتماعات عجاف !!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تتجه عيون ملايين اليمنيين إلى العاصمة البريطانية لندن التي تحتضن اليوم الثلاثاء الاجتماع السابع لأصدقاء اليمن والأمل يحدوهم هذه المرة بوفاء المانحين بتعهداتهم المالية تجاه اليمن خاصة في ظل الظروف الاستثنائية والصعبة التي يعيشها الاقتصاد الوطني والعجز الكبير في الميزانية العامة للدولة كلها تحديات تعجز الحكومة اليمنية عن تجاوزها دون مساعدات الآخرين من الأشقاء والأصدقاء.

حدد البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية عشرة مجالات اقتصادية ذات أولوية وإجراءات عاجلة ينبغي على الحكومة اليمنية تنفيذها على المدى القصير والمتوسط. وبالرغم من أن التعهدات المْعلن عنها في الرياض في الرابع من سبتمبر وفي نيويورك في السابع والعشرين من سبتمبر لم تغط بالكامل الفجوة التمويلية في البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية (والمقدرة بمبلغ 11.47 مليار دولار) إلا أن المجتمع الدولي تعهد بما يقارب من 7.9 مليار دولار وهو أعلى مستوى من التعهدات بالمساعدات المالية تحصل عليه اليمن في تاريخها الحديث.

دول الخليج نصيب الأسد ساهمت دول مجلس التعاون الخليجي بأكثر من نصف التعهدات وساهمت المملكة العربية السعودية بحصة الأسد من تلك التعهدات (3.25 مليار دولار) ولاحقا تم تخصيص تعهدات دول مجلس التعاون الخليجي للعديد من القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والطرق والمياه والصرف الصحي والتعليم والصحة مع التأكيد على معالجة الاحتياجات العاجلة في تلك القطاعات أولاٍ فيما تقاسمت كلَ من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التعهدات الباقية بشكل متساو تقريباٍ حيث ساهم الصندوق العربي والبنك الدولي وصندوق النقد العربي تقريباٍ بمعظم التعهدات من مجموعة مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية حيث ركزت التمويلات من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية بشكل أساسي على مشاريع البنية التحتية وبشكل خاص على تعزيز شبكة الطرق الريفية والوطنية. وبالنسبة لمجموعة منظمة دول التعاون الاقتصادي والتنمية فالمانحون الثلاثة الرئيسيون هم الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والمفوضية الأوروبية الذين ساهموا مْجتمعين بما يزيد عن مليار دولار من الـ1.8 مليار دولار التي تم تخصيصها من المجموعة كاملة كما خصصت دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معظم أموالها تجاه معالجة الأزمة الإنسانية التي تواجهها اليمن كما تم تخصيص الأموال المتبقية على العديد من القطاعات الأخرى نذكر منها قطاعات المياه والصرف الصحي وتطوير المجتمعات المحلية وإنفاذ القانون والصحة والتعليم.

تقدم بطيء منذ يونيو 2013م زاد مجتمع المانحين من مستوى تخصيص واعتماد وصرف الأموال بنسبة 10% و 16% و 11% على التوالي إلا أن المستوى الحالي من اعتماد وصرف هذه الأموال لازال بطيئاٍ. في حال أن استمر مجتمع المانحين والحكومة اليمنية في نفس معدل الإنجاز فإن الأموال المتبقية سوف تتطلب ما يقارب من السنة والنصف لكي يتم اعتمادها على هيئة مشاريع وستتطلب ما يقارب من الأربع سنوات وسبعة أشهر من أجل صرفها. تنبع فكرة الشراكة على المستوى الدولي من التعاون وهي فكرة متأصلة في المجتمع الدولي. وتنبني الشراكة على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بين الدول وبعضها البعض على المستوى الثنائي وبين الدول والهيئات والمؤسسات الدولية والإقليمية وبالذات بين الأخيرة والدول النامية والأقل نمواٍ المتلقية للمساعدات والمنح والقروض التنموية الميسرة وكما هو الحال في أي شراكة ثنائية تقوم الشراكة على المستوى الدولي على أساس وجود مسئوليات وواجبات على طرفي الشراكة (أو أطراف الشراكة) وعلى حدُ سواء ومن بين المسئوليات التي يجب على الدول المتلقية للمساعدات والمعونات الإنمائية توفير بيئة ملائمة تساهم في تمكين هذه المساعدات من تحقيق نتائج أفضل وتأثيرات أكبر في مجالات التنمية المختلفة.

الحكم الرشيد يْعتبر الحكم الجيد والإدارة الرشيدة الشرط الأول لجعل المساعدات التنموية أكثر فعالية وأقوى تأثيراٍ ولذلك تربط الدول والمؤسسات الدولية والإقليمية المانحة مساعداتها ودعمها بالجهود التي تبذلها الدول المتلقية للمساعدات لتعزيز وتقوية جوانب الإدارة والحكم الرشيد يأتي في مقدمتها تلك الجهود الموجهة للحد من ومحاربة الفساد وكذلك تبني سياسات اقتصادية ومالية صائبة وتطبيق أنظمة فعالة وقابلة للمحاسبة والمساءلة عن استخدام الموارد العامة وينطبق الأمر نفسه بالنسبة لسيادة القانون والبناء المؤسسي السليم لأجهزة الدولة وسلطاتها وتحسين بنية الأعمال ومناخ الاستثمار فيما يتمثل الشرط الثاني في ملكية الدولة المتلقيةcountry ownership للمساعدات التنموية بحيث تتولى هذه البلدان مزيداٍ من السيطرة على إنفاق هذه المساعدات بما في ذلك مسئولية تصميم المشاريع والبرامج التنموية بصورة أساسية مع المانحين وانتهاءٍ بتنفيذها ومتابعتها وتقييم مخرجاتها وآثارها, ومع ذلك يشير واقع الحال أنه عادة ما يتولى المانحين ذلك بصورة أساسية تحت مبررات عديدة أبرزها ضعف القدرات المؤسسية والبشرية والتنظيمية للدول المتلقية في إدارة التنمية وبالتالي مشاريعها وبرامجها. وفي ظل اختلال توازن القدرة والقوة بين الطرفين (المانحين والدول المتلقية) وأحياناٍ انعدامه فإن ذلك يكون له عواقب وخيمة على ملكية البلدان المتلقية وبالتالي ينعكس ذلك سلباٍ بحيث يجعل من المساعدات التنموية أقل فاعلية وأقل تأثيراٍ ,ويعتمد الشرط الثالث على ثلاث صور مرتبطة ببعضها البعض التزام المانحين بتقديم وتسليم المساعدات والمعونات بكميات كافية تسمح بالشروع في دعم التنمية البشرية بصورة صحيحة وسليمة وأن يتم تقديم هذه المساعدات بشكل يمكن التنبؤ بها وبالتالي أهمية عدم تقييد المساعدات والمعونات التنموية فيما يعرف بالمشروطية .

معوقات ويعزو خبراء الاقتصاد معوقات قيام الشراكة الاقتصادية فعلاٍ على أرض الواقع بين اليمن ومؤسستي الصندوق والبنك الدوليين بالذات والمانحين الآخرين عامة ترجع بصورة أساسية إلى أن صنع القرار يتمركز أساساٍ في يد خبراء البنك والصندوق الدوليين وفي عواصم الدول المانحة عامة فالقرارات يتم اتخاذها مسبقاٍ ومجالات التدخل يتم تحديدها مسبقاٍ. وفي هذا الإطار ويشير البعض إلى أنه في الوقت الذي تواجه فيه اليمن العديد من التحديات التنموية الكبيرة بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض احتياطي النفط وتناقص الموارد المائية فقد قامت هذه المؤسسات المالية الدولية بإقناع الحكومة اليمنية بتبني سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية الرامية إلى تخفيض معدلات الإنفاق الحكومي وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في البلاد, إلا أن هذه الإصلاحات المقترحة كان من شأنها أن أثرت إلى حد كبير على مستوى ما توفره الحكومة من خدمات أساسية للفقراء والرفع من تكلفة المعيشة كذلك يسعى البنك والصندوق الدوليين إلى تنفيذ أجندة إصلاحات اقتصادية جوهرية والتي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة ومباشرة على مستوى الحياة اليومية في اليمن. وفي الوقت الذي تصر فيه هذه المؤسسات المالية على أن ما تقوم به ليس سوى توفير الدعم لبرامج الإصلاح الاقتصادي النابعة من الحكومة اليمنية ذاتها إلا أن هذه البرامج عادة ما يتم وضعها بطلب من البنك وصندوق النقد الدوليين لتتأهل الحكومة اليمنية للحصول على المزيد من قروض الدعم المالي. ويؤكد الاقتصاديون أن المساعدات والمعونات بما في ذلك القروض التنموية الميسرة يتم تقييدها فيما يعرف بالمشروطية “Conditionality” الأمر الذي يجعل من مساعدات وقروض البنك والصندوق الدوليين ذات كلفة باهظة للدول المتلقية بل أن التأثير لهذه المشروطية لا يقتصر فحسب على تقليل استفادة الدول المتلقية من المساعدات التنموية وإنما أيضا قد يجعل من هذه المساعدات عبئاٍ على هذه الدول (المتلقية) لأن شروط القروض والمساعدات تْـقيد في أغلب الأحيان دور المؤسسات السياسية الوطنية وتحد كذلك من تطوير المؤسسات الديمقراطية فيها فمحاولة الوفاء بعشرات الشروط قد يصبح عائقاٍ صعباٍ أمام صانع القرار في الدول المتلقية في عملية الإصلاح كذلك من غير الممكن فرض الإصلاحات المؤسسية على الدول المتلقية بواسطة شروط تأتي من الخارج بل ينبغي تصميم هذه الإصلاحات وتطويرها من الداخل.