الرئيسية - الدين والحياة - إن الله يحب الإصلاح بذات البين ويبغض الصدق في الإفساد
إن الله يحب الإصلاح بذات البين ويبغض الصدق في الإفساد
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

■ من أصلح بين اثنين أعطاه الله بكل كلمة عتق رقبة وأبراه من النار

الخلاف من أخطر أسلحة الشيطان الفتاكة التي يوغر بها صدور الخلق ليفصلوا بعد اتحاد ويتنافروا بعد اتفاق ويتعادوا بعد أخوة فكيف اهتم الإسلام بهذه المسألة وما هو الأجر المترتب للمصلحين كل هذا وأكثر يطرحه العلماء والدعاة في ثنايا الاستطلاع الآتي:

* في البداية يوضح لنا العلامة عبدالله المهدي –خطيب جامع عثمان بن عفان- أن الإصلاح بين الناس عبادة عظيمة يحبها الله سبحانه وتعالى فالمصالح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله ويبذل جاهه ليصلح بين المتخاصمين قلبه من أحسن الناس قلوباٍ ونفسه تحب الخير وتشتاق إليه ببذل ماله ووقته ويقع في حرج ويحمل هموم إخوانه ليصلح بينهما. وأضاف المهدي: كم من بيت كاد أن يتهدم بسبب خلاف سهل بين الزوج وزوجه وكاد الطلاق أن يقع فإذا بهذا المصلح بكلمة طيبة ونصيحة غالية ومال مبذول يعيد المياه إلى مجاريها ويصلح بينهما وكم من قطيعة كادت أن تكون بين أخوين أو صديقين أو قريبين بسبب زلة أو هفوة وإذا بهذا المصلح يرفع خرق الفتنة ويصلح بينهما كم عصم بالمصلحين من دماء وأموال وفتن شيطانية كادت أن تشتعل لولا فضل الله ثم المصلحين فهنيئاٍ لمن وفقه الله للإصلاح بين متخاصمين أو زوجين أو جارين أو صديقين أو شريكين أو طائفتين .. هنيئاٍ له. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة) “أي درجة الصيام نافلة والصدقة نافلة والصلاة نافلة” فقال أبو الدرداء: قلنا بلى يارسول الله قال: إصلاح ذات البين). وأكد المهدي أن ديننا دين عظيم ينظر إلى الصلح ويسعى له وينادي إليه فأخبر سبحانه أن الصلح خير قال تعالى: (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير). قال أنس رضي الله عنه: (من أصلح بين اثنين أعطاه الله بكل كلمة عتق رقبة). وقال الأوزاعي: ما خطوة أحب إلى الله –عز وجل- من خطوة من إصلاح ذات البيت ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار.. وأشار المهدي أن الإسلام أجاز الكذب للإصلاح بين أهل الخصومة فقال عليه الصلاة والسلام: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول وينمي خيراٍ). قال ابن بابويه: (إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد) والأعمال لا تْرفع حتى يصطلح المتخاصمان. ونوه المهدي أن المسارع إلى تصفية القلوب مع كل من حوله من أعظم القربة إلى الله .. وأردف المهدي قائلاٍ البعض قد يؤخر .. فإذا توفى الله أحد إخوانه أو أحد أقارنه .. وقف عند قبره يبكي ويندم .. وهذا البكاء لا ينفع وقد رأيت. رأيت مرة رجلاٍ يبكي عند قبر .. فسألت عنه قال: هذا قبر أخي .. فقلت أدع الله له فقال: فلما كان أخي حياٍ كنت في قطيعة معه في مدة تزيد على 10 سنوات .. لا أزوره ولا أسلم عليه أيام العيد لا أحضر لأمازحه وبعد الموت يأتي ويبكي على قبره .. وماذا ينفع البكاء وقد يقول قائل: أريد أن أذهب إلى فلان لأتصالح معه لكن أخشى أن يردني أو لا يستقبلني أو لا يعرف قدر مجيئي إليه. نبيك صلى الله عليه وسلم يقول لك: اذهب إليه ولو طردك ولو تكلم عليك اذهب إليه المرة الأول والثانية والثالثة وسارع إليه بالهدية ابتسم في وجهه تلطف معه. يقول نبيك: (وما زاد الله عبداٍ بعفو إلا عز) فأنت إذا عفوت زادك الله عزاٍ .. وإذا أصلحت زادك الله عزاٍ .. وإن طردك ولم يفتح لك الباب فإن هذا دليل على طهارة القلب وزكاته .. قال تعالى: (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم). من أفضل الأعمال * وأما الدكتور خالد الحوباني –أستاذ علم التفسير وخطيب مسجد الأنوار- فيقول: – حذر الإسلام من التخاصم والتهاجر والتدابر والتقاطع بين المسلمين فقد أمرهم وحثهم على وجوب الإصلاح بينهم قال تعالى: (فاتقوا وأصلحوا ذات بينكم) وقال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) وقال سبحانه: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم تْرحمون). وذلك حفاظاٍ على أمن الناس من الخلافات التي تفكك المجتمع وتقويض بنيانه المتماسك ولقد جعل الإسلام الإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال قال الأوزاعي: ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة من إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار. والإصلاح يكون بين الأفراد وبين الجماعات عن سهل بن سعد –رضي الله عنه- أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: (اذهبوا بنا نصلح بينهم). ويكون بين الأزواج والزوجات والإصلاح واجب شرعي بين الأقرباء والأرحام. وأشار الحوباني إلى أن سبل الإصلاح كثيرة جداٍ وطرق التوفيق بين المسلمين ممكنة ومتاحة وبخاصة إذا صلحت النيات وقويت العزائم وحسنت المقاصد ويجب التوسط بين المختلفين عند حصول النزاع والفرقة وإياكم أن تتركوهم للشيطان وجنده من قرناء السوء ورفاق الباطل. ونوه الحوباني أن واقعنا المعاصر يفرض علينا أن يكون في كل مدينة وقرية وفي كل قبيلة وجماعة مصلحون من أهل العلم والعقل والحكمة والروية وأصحاب المنزلة الاجتماعية وبعد النظر ليقوموا بمهمة الإصلاح بين الناس والتقريب بينهم وحل مشكلاتهم وتذكيرهم بما هم فيه من النعم التي يأتي من أعظم صور شكرها والحفاظ عليها أن تسود المحبة والألفة والمودة بين أبناء المجتمع فلا خلاف ولا شقاق ولا نزاع ولا بغضاء قال الله –عز وجل- منوهاٍ للخير العظيم: (لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراٍ عظيماٍ) قال ابن القيم رحمه الله: (فالصلح الجائز بين المسلمين هو يعتمد فيه رضا الله سبحانه ورضا الخصمين فهذا عدل الصلح وأحقه وهو يعتمد العلم والعدل فيكون المصلح عالماٍ بالوقائع عارفاٍ بالواجب قاصداٍ العدل فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم”.