الرئيسية - سياحة وتراث - متاحف ومزارات اسطنبول.. وعاء الحضارة وأسرار الجمال
متاحف ومزارات اسطنبول.. وعاء الحضارة وأسرار الجمال
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

انطباعات من اسطنبول/ عبدالباسط النوعة –

بعد عام من الفراق يتجدد اللقاء مع فاتنة الشرق والغرب مدينة اسطنبول التي لا تمل زيارتها ولا تنتهي عجائبها وحكايتها الممزوجة بعبق الماضي وأمجاده وبهاء الطبيعة وروعتها ومظاهر الحاضر وحداثته في كل زيارة لهذه المدينة نقف عند كل جديد فهي مدينة ثرية بالمزارات والمعالم والمواقع الجديرة بالزيارة والمشاهدة وإذا ما أراد المرء الوقوف عليها أو معظمها يلزمه الكثير من الوقت فهناك مزارات ساهمت الطبيعة في تجسيدها وتتجلى فيها روعة صنع الخالق عز وجل الذي أودعها أسرار الجمال ومكامن الجاذبية وعوامل أخرى كان للإنسان دور فيها أبرزها تلك المواقع التاريخية التي تنتشر في مختلف أرجاء هذه المدينة وهذا ليس بغريب على مدينة شهدت الكثير من التحولات التاريخية وكانت حاضرة للعديد من الدول القديمة أبرزها على الإطلاق البيزنطيين والعثمانيين كذلك تظهر مساهمة الإنسان التركي حديثاٍ في إضافة المزيد من العوامل والوسائل الجمالية وغير الجمالية التي كان لها دور مكمل لما تحويه هذه المدينة من مواقع الجمال والحضارة بل وساهمت في إبرازها بطريقة جاذبة مثلا أخبرنا مرشد الرحلة الشاب سيف الله حامي الدين والذي يعمل لدى الخطوط الجوية التركية ان الحكومة التركية تنفق في شهر واحد وهو بداية الموسم السياحي لهذه المدينة مبلغ “5” ملايين ليرة أي ما يعاد 2 مليون وخمسمائة ألف دولار لزراعة وتنظيم وتشكيل الورود الطبيعية في شوارع اسطنبول لتبدو في أبهى وأحلى زينتها لاستقبال الزوار الذين يقصدونها في موسم السياحة حيث يكون الجو معتدلاٍ بعد موسم برد قارس تمر به المدينة وينتهي ربما في شهر فبراير أو مارس إضافة إلى ذلك مظاهر الحياة الحديثة وتوفير البنى التحتية اللازمة للنشاط السياحي وفق أساليب وطرق عصرية وإدارة المواقع التاريخية السياحية بطريقة مناسبة جداٍ تمثل ارتياحا للسياح ناهيك عن النظافة والترويج السياحي لهذه المدينة التي تم تهيئتها كمدينة عالمية وتوفير ما تحتاج إليه ورغم أن زيارتنا كانت بهدف الاطلاع على الاستعدادات والترتيبات الخاصة بإطلاق المهرجان السياحي السنوي الرابع للتسوق والذي سيكون خلال الفترة من 7-29 من شهر يونيو المقبل وزيارتنا لعدد من الأسواق والمولات الكبيرة المشاركة في المهرجان البالغ عددها 3 ألف مول هذا العام كنماذج نتعرف من خلالها على ترتيبات واستعدادات تلك الأسواق لاستقبال هذا المهرجان الذي يسعى القائمون عليه أن يصبح في المستقبل كمهرجان دبي ويحظى بنسبة كبيرة من الزوار والسياح لزيارته والاستمتاع بما يقدمه من عروض وأنشطة. مهرجان التسوق السياحي وبحسب مديرة المهرجات السيدة فيوزن تافوس بأن الهدف الأساسي من هذا المهرجان هو سياحي من خلال جذب المزيد من السياح لزيارة تركيا والاسهام بفعالية في خدمة النشاط السياحي الذي يشهد تنامياٍ كبيراٍ عاماٍ بعد آخر بفضل الإجراءات والأساليب التي تعتمدها تركيا وتمثل المهرجانات ابرز تلك الأساليب.. بانو راما 1453 ولعل هذا ما يفسر اشتمال برنامج الزيارة للعديد من المواقع السياحية (المتاحف والمزارات) التي عملت على جذب وإعجاب كل المشاركين في هذه الرحلة والذين تنوعت مشاربهم ودولهم من أوروبا وروسيا ودول البلقان والدول العربية وإيران واليونان وغيرها وجميع المتاحف مشاركة في هذا المهرجان السياحي وتم انشاؤها بعناية فائقة وابتكار إبداعي فريد حيث عشنا في المتحف أو المزار الأول مع أحداث فتح القسطنطينة اسطنبول في عهد السلطان محمد الفاتح في العام 857 للهجرة الموافق 1453م ويسمى بانوراما 1453م وهي عبارة عن تجسيده لهذه المعركة بالرسم وأجمل شيء في المتحف القبة التي رسمت كالسماء وأسفلها رسومات للمعارك والأسلحة وبجوارها بعض نماذج السيوف والدروع والمدافع الحقيقية وبالأفق تسمع مؤثرات صوتية لأصوات الخيول والسيوف ودوي المدافع وكأنك فعلاٍ تعيش الحدث بتفاصيله قمة في الإبداع والفن ساهم فيها 8 من أشهر رسامي تركيا واستمر العمل في هذا المزار 4 سنوات ثلاث منها للقبة فقط وانشأتها بلدية اسطنبول ومن إبداع فني إلى ابداع فني آخر يخدم السياحة ويدعمها متحف آخر دخلناه ليدهشنا وتجولنا فيه ليبهرنا متحف (عيش مع الصورة) وهو موجود في قلب أحد الأسواق الضخمة في اسطنبول مناظر وحيوانات وأشخاص تم رسمهم في لوحات جدارية ضخمة وحددت فيها زاويا لمشاركة الزائر والعيش في الصورة وكأنه جزء منها ووضعت أماكن للتصوير بإشارات معينة تحدد الزاوية المناسبة لالتقاط الصورة في كل لوحة مواطن وأماكن الزيارة لا تنتهي في مدينة اسطنبول ففي قلب إحدى الحدائق الفاتنة المجاورة لـ بانوراما 1453م يوجد مزار سياحي متحف مفتوح يشتمل على عدد من الغرف والمخيمات المجاورة لبعضها تحكي كل غرفة أو خيمة ثقافة الدول الناطقة بالتركية أو ذات الثقافة التركية حرف وفلكلور شعبي اذربيحان – كازاخستان – قيرغيزستان – أوزبكستان – تركمانستان – شمال قبرص- تتارشان – باشكورتوستان – البلقان. متحف للأحياء البحرية ولم ينته الأمر عند هذا الحد فالأتراك لا يزالون يبتكرون كل ما من شأنه خدمة السياحة في مدينتهم الجميلة اسطنبول وتوفير كل عوامل الجذب وإيجاد مزارات يجد فيها الزائر المتعة والدهشة فها نحن وقبل مغادرتنا اسطنبول التي قضينا فيها ساعات قليلة لا تروي ضمأنا ولا تشبع رغباتنا للاستمتاع بهذه المدينة الساحرة ثلاثة أيام قضيناها أشبه بحلم مر سريعاٍ وانتهى قبل أن يبدأ مع أن القائمين على الرحلة والخطوط التركية بذلوا جهوداٍ كبيرة لإنجاح الرحلة قبل الختام التقينا بمزار سياحي أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع إنه متحف خصص هذه المرة للحياة والأحياء البحرية «akvaryum» أحواض ضخمة تحوي بين ثناياها أنواعاٍ وأنواعاٍ من الأسماك تواصل المسير وعن يمينك وشمالك وفوق رأسك اسماك وأحياء تغدو ذاهبة آتية تمتع الزائرين بحركاتها وجمال منظرها وتتنوع طرق العرض وتتعدد بطريقة مدهشة جناح فيه ديكور أشبه بالثلوج والكائنات البحرية الموجودة فيه تعيش في البرودة وجناح آخر أشبه بمغارات كهوف وثالث أشبه بسفينة وفي الأخير وبعد جولة طويلة ومتنوعة تصل إلى قاعة كبيرة سطحها مغطى بالزجاج تعيش فيها أجواء الغابة وتصحبك مؤثرات صوتية لحيوانات وأشجار وشلالات مائية صغيرة تشعرك وكأنك في غابة حقيقية. أناس استغلوا ما تملكه مدينتهم من مقومات سياحية وأضافوا لها الكثير وهي ستعطيهم الكثير فكلما اعطوها زادتهم عطاء أكثر من عطائهم فمتى يا ترى نستطيع أن نستغل نحن في اليمن تلك المقومات السياحية الهائلة الموجودة في بلادنا أو على الأقل نحافظ عليها¿¿!! ولا نستغرب أبداٍ من الرقم الذي وضعه القائمون على الطيران التركي وأورده رئيس مجلس الخطوط التركية السيد كمال جوتيه والذي أكد أن عائدات الخطوط التركية من المتوقع أن تصل في عام 2023م إلى 24 بليون دولار خاصة إذا ما علمنا أن عدد الركاب العام الماضي عبر هذه الخطوط وصل 111 مليون راكب فهي تطير في 105 بلدان.