الرئيسية - السياسية - هل يصلح رمضان ما أفسدته السياسة
هل يصلح رمضان ما أفسدته السياسة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يأمل الجميع أن يمثل شهر رمضان المبارك بداية يقف الفرقاء في الساحة السياسية لمراجعة مواقفهم تجاه القضية الوطنية التي تمر اليوم بمنعطف حساس يتطلب الالتفاف حول القيادة السياسية والواقع في اتجاه ترجمة مخرجات الحوار الوطني إلى واقع ملموس. في هذه الجولة الاستطلاعية نحاول التعرف على الطروحات التي تصف الواقع متضمنة مقترحات الدخول إلى مرحلة الاستقرار. في هذا تعددت آراء الساسة والمراقبين حيث أفادنا المحلل السياسي والإعلامي أمين الخرساني بقوله: إن العرب المسلمين يتقاتلون في الأشهر الحرم أكثر من الأشهر غير الحرم ومن الصعب أن يهذب رمضان أخلاقهم, وقال : نحن نعيش أزمة حضارية جوهرها أخلاقي ونتمنى أن يأتي اليوم الذي يعرف فيه العرب المسلمون علتهم أو بالأحرى يشخصون أمراضهم ليتمكنوا من علاجها .. فالإسلام قال: “الأعراب أشد كفرا ونفاقا” .. وقال : “قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا” .. فيما يرى المحلل السياسي الدكتور محمود البكاري جامعة صنعاء : إن من أهم المفاسد المنتشرة في عالمنا العربي والمترتبة بشكل مباشر على السياسة الخاطئة هو انتشار الفساد الذي أهلك الحرث والنسل وأدى إلى توسع مساحة الفقر والعوز حيث إن هناك أقلية تعيش في ثراء فاحش وأغلبية تعيش حياة الفقر والإملاق. وقال: وما يجب أن نحييه في هذا الشهر الكريم هي النماذج الناصعة في تاريخنا الإسلامي والمتمثلة بحكم الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز الذي استطاع وخلال فترة قصيرة أن يحقق ما يطلق عليه بالمصطلحات الحديثة التوافق والتنمية الشاملة والمستدامة والمتمثلة بالقضاء على ظاهرة الفقر بشكل كلي والسؤال الهام هل يمكن استلهام هذه التجربة الفريدة ¿ وهل يشعر الحكام العرب بمعاناة شعوبهم ¿ وهل آن الأوان لتحقيق التراحم والتكافل الاجتماعي الذي يعد من أهم مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف ¿ فالسياسة لا قيمة لها إذا لم تكن مكرسة لخدمة التنمية وما نشهده من حروب واقتتال على السلطة خير دليل على أن التخلف السياسي الذي نعيشه هو السبب المباشر لحالة التخلف المجتمعي العام وليس عدم وجود الثروات أو الإمكانات وهذا هو الفارق الحضاري بين مجتمعات متخلفة يحكمها ويتحكم بها أفراد وأخرى متقدمة تحكمها مؤسسات. وأوضح أن المخرج من هذا المأزق وهذا الوضع المتردي يتمثل بالتوجه الجاد والصادق لإحداث إصلاح سياسي حقيقي يحقق التلاحم العضوي بين كافة مكونات المجتمع من جانب وبين الدولة والمجتمع من جانب آخر وبدون ذلك سنظل ندور في حلقة مفرغة من القهر والتخلف. إفرازات متراكمة عبد الله كرامي – ناشط حقوقي – أوضح بأن روحانية الشهر الكريم والأزمات السياسية ضدان لا يجتمعان لكون الأزمة السياسية فرضت نفسها في دروب التغيير وكانت محظوظة آنذاك. لكنها تعرت أمام الواقع كونها متجوفة فكرياٍ لا تحترم مبادئها الوطنية ولا تملك رؤية واضحة تسابقت على حجز الأماكن مسبقاٍ في السلطة بداعي الوطنية وعقب التوقيع على الوثيقة أخذت تروج للمناكفات والمماحكات مما خلفت تشتتاٍ فكرياٍ لدى العامة وتشرداٍ ذهنياٍ لدى النخبة. وأضاف: فالقوى التقليدية لا تستطيع تطوير نفسها لذلك شوهت الذاكرة الفكرية بفيروساتها المتأزمة. وما نشاهده في الواقع الملموس ينبئ بملامح المشهد اليمني في شهر رمضان المبارك ربما ستشهد الحالة المتأزمة بالجسد اليمني تشنجات فيسيولوجية تزيد من إفرازات الإنزيمات المتطفلة المتفاعلة في البيئة العقائدية المتخالفة على الساحة الوطنية في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية التي أنتجتها الأزمات السياسية المتتالية. نماذج حية من جهته يقول كمال شجاع الدين – محلل سياسي: ارتسم شهر رمضان في ذاكرة ونفوس المسلمين بشكل عام واليمنيين بشكل خاص بالروحانية والشعور بالقرب والتقرب إلى الله من خلال التعبد والأعمال الصالحة والتماس معاناة المساكين والفقر وتصفية النفوس من الكراهية والبغضاء والحقد وتطهيرها مما يشوبها من دنس الدنيا للوصول بها إلى حالة السلام والمحبة والألفة هكذا كان شهر رمضان بكرمه ورحمته وهكذا كان المؤمنون يرون في أيامه ولياليه ولكن ومنذ أن طغى على النفوس حب الدنيا وساد بين البشر الصراع على متاعها الزائل وألبسوا الحق بالباطل وابتعدوا عن كنه الدين والعبادة أصابت الأنفس أدناس السياسة وألبسوا الدين بها فابتعدوا عن الله وعن الدين الحق وجعلوا الدين والعبادات مجرد وعاء يحملون فيه أطماعهم وشهواتهم الدنيوية من المال والسلطة. وتابع حديثه قائلا : ولذلك فإن شهر رمضان هذا العام يأتي في ظل تغيرات وتشوهات مفصلية في فكر ونفوس الناس وعلى وجه الخصوص من ينصبون أنفسهم خلفاء الله على الأرض الذين يهدون بهديهم عامة الناس وما هم بمهتدين فالسياسة أصبحت دينهم ومعتقدهم فرمضان يعود مع منغصات يزرعها هؤلاء في كل مفصل من مفاصل الحياة فهناك من يرى فيه شهر جهاد ليس على النفس بل على من ينازعهم سلطانهم فيدعون مريديهم إلى تأجيج وتصعيد صراعاتهم السلطوية على وعد بمضاعفة الأجر ويحللون سفك دماء المسلمين في شهر رب العالمين كما أن آثار صراعاتهم التي انعكست بتضييق سبل الحياة على العباد من شحة الدخول وغلاء أسعار السلع وفقدان الخدمات واتساع رقعة الأزمات التي تنعكس بالطبع على نفسية الفرد والجماعة كل هذا لا يشير إلى أن شهر رمضان الفضيل من المقدر لهْ أن يصلح ما أفسده المدعون كذباٍ وزوراٍ أنهم سياسيون متسائلا : فكيف يصلح رمضان بروحانيته عقولاٍ وأجساداٍ ماتت فيها الروحانية واحتلتها الأطماع الدنيوية فأولواٍ وحرفوا وكذبوا ودلسوا فالإنسان هو الأداة والهدف فإن فسد كأداة فقد وجوده كهدف فما أصابنا في ديننا وفي دنيانا من فساد يجعلنا هنا نقول بأن السياسة ستفسد روحانية شهر رمضان وليس بمقدور شهر رمضان أن يصلح ما أفسدته السياسة . الشحن المرحلي الناشط أنور الداعي استهل حديثه بالقول: لقد أكرمنا الله بهذا الشهر الكريم مرة في كل عام وخصه بالرحمة والمغفرة والعتق من النار كما أن الصيام غايته أن يتزود المؤمن بالتقوى كما جاء في كتابه الكريم (لعلكم تتقون) لذا فالهدف من الصيام هو تقوى الله التي يسعى كل إنسان إلى أن يحققها خلال هذا الشهر الكريم وكما أن الصائم لا يرفث ولا يشتم ولا يسب حتى وإن سابه أحد يقول إني امرؤ صائم كما جاء في الحديث ويجب أيضا الكفْ عما يتنافى مع الصوم من قبيح المقال وكريه الفعال. وأضاف الداعي: لقد حل علينا شهر رمضان والمشهد اليمني السياسي يمر بمرحلة مشحونة بالكثير من التباينات المختلفة بين كل القوى المتصارعة على الساحة حيث كل طرف يرفض الطرف الآخر باعثا برسالة لكل الأطراف السياسية أن يغلبوا المصلحة الوطنية وأن يسعوا إلى مصالحة وطنية تقرب الناس إلى رؤية وطنية موحدة تجمع ولا تفرق تصلح ولا تفسد وأن يستغلوا شهر رمضان المبارك ليوحدوا الجهود بما يخدم الوطن والمواطن على حد سواء وأن يجعلوا شهر رمضان مصلحاٍ لما أفسدته سياستهم وأن ينبذوا الخلافات السياسية والرسالة التي أحب أن أوجهها أن يجعلوا من شهر رمضان محطة للتسامح وعمل الخير للعباد والبلاد بما يعطي للمواطن الأمل والسعادة . جور الصراعات الأكاديمي عبد الله طامش – جامعة إب – يقول: ما يتطلع إليه اليمنيون أن يكون رمضان شهراٍ كريماٍ تصفو فيه النفوس وتخف الأحقاد والصراعات , وقال إن كل طرف سيظل متمسكاٍ بمواقفه المعلنة وسيحدث نوع من الهدنة الإعلامية وتراجع في المواقف المتشنجة للأطراف لكن هل سيغير رمضان بعض النفوس إلى أن تعمل لصالح هذا الوطن بفعل الأجواء الروحانية التي يتميز بها هذا الشهر ¿ خدمة رمضان من جانبه يرى الناشط حمود الكمالي أن شهر رمضان سيكون أكثر الأشهر دماء ذلك أن من يزعمون أنهم يريدون النصر للإسلام يشعرون أنهم قد قدموا لله خدمة في رمضان بصيامهم وأن الله قد رضي عنهم ووكلهم ليقتلوا ويشردوا ويفجروا ويفعلوا كل ما يحلو لهم ولذلك نجد أن الضرب والقتل والمشاكل تكثر في رمضان بدلا مما يفترض أنها تتوقف وأن يصوم المسلم عن القول والعمل السيئ كما يصوم عن المأكل والمشرب. توجه سطحي الأكاديمي والمحلل السياسي هاشم علوي – جامعة إب: يرى أن رمضان لم يندرج ضمن الخصوصية الروحانية السنوية لعبادة الصوم في ظل التعاطي السطحي للعبادة رغم أن اليمن هم أهل الحكمة والإيمان وأرق قلوباٍ وألين أفئدة ولكن التعاطي السياسي يظل قائماٍ بشوائبه التي شوهت النفس البشرية والعبادة الربانية على حد سواء. موضحا أنه ومع قدوم شهر رمضان المبارك ورغم التوجه السطحي للعبادة إلا أن الواقع لم يشهد أي تغيير في التعامل السياسي مع الحدث وهو الشهر المبارك وأنه ليس في الجانب السياسي فحسب بل في كل الجوانب الاقتصادية والثقافية ومن المفترض أن يكون للصوم تأثير كبير على النفس البشرية في العودة إلى الله والتعامل مع المجتمع بروحانية الشهر المبارك ومتطلبات العبادة التي يجب أن تتحلى بها الطبقة السياسية. مؤملا أن يكون لشهر رمضان تأثير في إصلاح ما أفسدته السياسة وأربابها من النخب وأن يعود الجميع إلى أنفسهم ويسألوا أنفسهم هل ما يقومون به في غير رمضان محرم في رمضان أي يجب أن يعود الساسة إلى ذاتهم إلى ضمائرهم أمام الله والوطن فماذا حققوا للوطن وماذا يجب عليهم العمل في رمضان لا بد من عودة النخبة إلى جادة الصواب وأن تعود الأحزاب إلى ذاتها فلماذا تحرم القتل في رمضان وتبيحه في غير رمضان لماذا تتدثر بدثار التوبة في رمضان وتخلعه في شوال ¿ . قلة الموارد المحلل السياسي عامر الضبياني: يطل علينا رمضان هذا العام في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد على مستوى الفرد والدولة فالمواطن المسكين يشكو من انعدام المشتقات النفطية وانطفاء متكرر للكهرباء وغلاء في الأسعار والدولة تشكو من نقص في الإيرادات وعجز في الموازنة وشحة في الإمكانيات الأمر الذي يجعل رمضان هذا العام مختلف جدا عن الأعوام السابقة وكل هذا بلا شك يشكل أزمة اقتصادية خانقة خلفتها الأزمة السياسية في بلادنا جراء الصراعات والخلافات بين الأحزاب والجماعات والتنظيمات. وقال: عندما نظن بأن شهر رمضان سيصلح ما أفسدته السياسة مؤخرا فنحن واهمون وذلك لأن اليمن وبسبب عدة عوامل ومؤثرات منها ما ذكرناه سابقا وهي الأزمة الاقتصادية الخانقة وصراعات الأحزاب جعله يمر بمرحلة عصيبة من الزمن ويجب علينا التكاتف والتعاون للخروج من هذه المرحلة الشاقة فلا تهمنا المادة والحياة الكريمة بقدر ما يهمنا تصفية قلوبنا وتطهيرها من الحقد والكراهية ونشر الحب والسلام في عموم أبناء الشعب. سياسة الابتزاز من جانبه يقول الدكتور عبدالباسط الحكيمي – جامعة صنعاء : رمضان لا يصلح النفوس الفاسدة والضمائر الميتة وإنما يزكي النفوس الطيبة فقط فمن كانت نفسه طيبة زاد رمضان نفسه طيبة ومن كانت نفسه فاسدة وشريرة فلا رمضان ولا غير رمضان يصلحها. ويرى أن الأوضاع ستظل على ما هي عليه إن لم تزدد سوءاٍ بفعل سياسة الابتزاز التي لا تنهيها الأشهر الحرم ولا غيرها . دور العلماء وأما الأستاذ مفتاح الزوبة – جامعة صنعاء – فيقول : لعل الأسوأ حاليا على الساحة اليمنية هو الاقتتال الطائفي أو الاقتتال بين جماعات مسلحة على خلفية دينية تعتقد أنها تقاتل باسم الله ودفاعا عن دينه وهنا تكمن خطورة الوضع خلال رمضان? فأنا أخشى أن يكون هذا الشهر الفضيل فرصة حسب فهم تلك الجماعات للتقرب إلى الله بالمزيد من القتل وسفك الدماء. وأوضح أنه يأتي دور علماء الدين الذين لم يتلطخوا بعد بصراع الطائفية في توعية المواطنين وعدم الانجرار خلف الدعوات الهدامة واستحضار روحانية رمضان والاتجاه نحو الاستكثار من الخير والنوافل وقراءة القرآن بدلا من سفك دماء المسلمين.