الرئيسية - الأخبار - عمال القطاع غير الرسمي.. فئة ضخمة معرضة للصدمات
عمال القطاع غير الرسمي.. فئة ضخمة معرضة للصدمات
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

استطلاع / محمد راجح – ● الجميع بات يدرك اليوم أن الواسطة حقيقة متفشية في بلد نامُ مثل اليمن منذ سنوات طويلة ومتجذرة في بنية الإدارة العامة وتتجسد في حالات كثيرة تتراوح من استيلاء قلة على الشؤون السياسية والموارد المالية إلى جوانب من الحياة اليومية كقرارات التعيين وإرساء العقود وتوفير السلع العامة. وإلى حين حل هذه المعضلة يبقى الشباب العاطل في حالة إحباط لأن ما يظهر من فرص أعمال ووظائف قليلة يتم شغلها عن طريق الوساطات في ظل تكدس كبير لعمالة فائضة في أغلب مرافق وقطاعات الإدارة العامة ومختلف الأعمال بدرجة كبيرة في القطاع العام وبدرجة متوسطة في القطاع الخاص. لا تتوقف الخطورة عند هذا الحد بل شظايا انعكاساتها تنمي مشكلة خطيرة غير مرئية تتمثل في العاملين بالقطاع غير الرسمي ممن يزداد عددهم كل يوم كفئة ضخمة ضعيفة معرضة للصدمات الخارجية.

تقدر العمالة غير المنظمة في سوق العمل المحلية بما يقرب من ثلثي قوة العمل وبنسبة تتجاوز الـ85 % وهناك نحو 98 % من العاملين في القطاع الخاص في اليمن لم يشملهم التأمين سواء في القطاع المنظم أو القطاع غير المنظم والذي يشكل نسبة كبيرة من اليد العاملة . وتعاني اليمن تضخماٍ لافتاٍ للقطاع غير المنظم وتركز خلق فرص العمل في العقود الماضية في قطاعات ضعيفة الإنتاجية وفي الاقتصاد غير الرسمي الآخذ بالتوسع. وتشير تقديرات رسمية إلى ارتفاع كبير بمقدار ثلثي العمال يعملون اليوم بصفة غير منظمة وهذا يعني أنهم لا يستطيعون الحصول على ضمانات قانونية تحمي حقوقهم الأساسية في العمل كالحصول على الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وتدابير السلامة والصحة المهنية وأنظمة ظروف العمل. فساد تشمل العوامل التي تدفع العمال إلى الاقتصاد غير المنظم بحسب المستشار القانوني في أنظمة العمل خالد النقيب ” الفساد المنتشر على نطاق واسع وتعطل المؤسسات الرسمية وضعف القطاع الخاص والقيود المفروضة على النقابات العمالية التي تضعف الحوار الاجتماعي ما يؤدي إلى تدني الأجور وتدهور ظروف العمل وعدم قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الوصول إلى العدالة بسبب المحسوبية والروتين. ويرى النقيب أن سوق العمل المحلية يشهد تحديات واختلالات متعددة تتطلب تكاتف الجميع في القطاعين العام والخاص للتغلب عليها من أهمها القضايا المتعلقة بحقوق العمل وارتباطه ببيئة العمل ومؤسسات وشركات وقطاعات العمل والجدل المتواصل حول الحقوق والمسؤوليات بالإضافة الى المشاكل المرتبطة في تأهيل الكوادر البشرية وعدم ملاءمة مخرجات التعليم للاحتياجات الاقتصادية والاستثمارية والإنتاجية وعدم استجابة المؤسسات التعليمية والمناهج للمتغيرات التي تشهدها الأسواق وتأثرها بالتطورات التكنولوجية والأهم معضلة القدرة على خلق الوظائف والتوسع في عملية التشغيل. إطار النمو يصنف تقرير جديد للبنك الدولي اليمن ضمن إطار النمو الضعيف ومحصورة داخل دائرة “سوء السياسات وضعف النمو” التي تحول دون انتقال الاقتصاد إلى مسار النمو المستدام وبحسب أحدث طبعة من الموجز الاقتصادي الفصلي لأرفع مؤسسة مالية عالمية تضمنها تقرير “التوقعات والتكهنات والحقائق الاقتصادية ” فإن أمام دولة مثل اليمن إلى جانب دول أخرى مصنفة في إطارها تحديات كبيرة نتيجة لتفاقم الوضع بعد أحداث العام 2011. ورغم ما ظهر حديثا من دلائل عن جهود لتحسين الوضع الاقتصادي فإن معدل النمو مازال ضعيفا ولا يستطيع أن يخلق فرص العمل المطلوبة فالعجز المالي مازال مرتفعا والدين العام يتزايد بمعدل أسرع من ذي قبل ما يترك مجالا ضئيلا للاستثمار المعزز للنمو. وقد توقف نشاط القطاع الخاص طبقا لهذا التقرير أما الوظائف القليلة التي تظهر في القطاع العام فقد تم شغلها عن طريق الوساطات لتبقى البطالة في حالة ارتفاع متواصل. ويشير التقرير إلى انتقال كثير من العاملين إلى القطاع غير الرسمي لتظهر بذلك فئة ضخمة ضعيفة معرضة للصدمات الخارجية. مشكلة على الرغم من ارتفاع البطالة كمعضلة يتعذر حلها فإن المشكلة الأكبر في هذا الخصوص تتمثل في العاملين بالقطاع غير الرسمي. ويرى كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك الدولي شانتا ديفاراجان” أن مشكلة ارتفاع البطالة مدمرة بشكل خاص في مثل هذه البيئات التي تسمح بنموها لكن المشكلة الأخطر من وجهة نظرة ” تتمثل في العاملين بالقطاع غير الرسمي. فهؤلاء الناس الذين لا يتم حصرهم في إحصاءات البطالة بحسب “شانتا” هم في حال أسوأ لأنهم يفتقرون للأمن في دخلهم وغالبا ما يعيشون قرب خط الفقر. تدابير استناداٍ إلى التقرير ينبغي اتخاذ تدابير سريعة لتشجيع الأنشطة الاقتصادية التي توفر الرفاه المستدامة لجميع المواطنين. وتشمل هذه التدابير إصلاحات هيكلية تستهدف الدعم وتعزز من مناخ الاستثمار وتحسن من نظام الإدارة العامة مع إزالة أوجه الجمود في أسواق المنتجات والعمل ويجري دمجها على نحوُ جيد في السياسات الاقتصادية وهذه الإصلاحات ضرورية سواء كانت التوقعات الاقتصادية القصيرة الأجل وردية أم قاتمة فبدونها سيعاني القطاع الخاص كي يصبح محركا للنمو ولتوفير فرص العمل. وتوضح ليلي موتاغي الخبيرة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي ومؤلفة التقرير ذلك قائلة “هناك مخاطر أخطاء السياسات إذا قاوم صانعو السياسات الإصلاحات المطلوبة لأنهم يثقون في توقعات اقتصادية ترسم صورة مشرقة لاقتصاد بلدانهم. وتوضح الدراسات أنه يوجد تحيز نحو التفاؤل في توقعات النمو في المناطق النامية لأن هذه التوقعات لا تأخذ في حسبانها بالضرورة المعلومات الجديدة التي تتوفر في اللحظة الأخيرة ولا انهيار البنى الذي أحيانا ما يدفع الاقتصاد الى النمو. عوامل تستعرض دراسة بعنوان وظائف من أجل الرخاء المشترك ” وضعية سوق العمل وصعوبة الحصول على فرصة عمل كريمة ومجزية ولهذا فإن إحباطات الشباب تتفاقم فيما يتعلق بعدم إتاحة الفرص أمامهم وتكدسهم بسبب “الواسطة” وعوامل أخرى في رصيف البطالة أو في عمالة القطاع غير الرسمي والضرر الحقيقي الذي يمكن أن تْلحقه بفرص جيل كامل في عيش حياة كريمة. وتركز الدراسة على العوامل التي تؤثر على أسواق العمل إذ أنها تشكل مفتاحاٍ لفهم أسباب الإقصاء من سوق العمل وهذا الإقصاء يْنتج اليوم أعلى معدلات للبطالة بين الشباب ويترك ثلاثة من بين كل أربعة خارج قوة العمل بالإضافة الى مشكلة عدم إيلاء أهمية للمهارات في التوظيف وهذا الأمر يشكل أبرز التحديات في سوق العمل. ويرى خبراء أن المشكلة تتمثل كذلك في طريقة التفكير حيث يْنظر إلى المؤهلات التعليمية على أنها تلعب دوراٍ ثانوياٍ في قرارات التعيين من جانب أصحاب العمل وأيضا وجود شبكات معارف غير رسمية تْمكن كلاٍ من القطاعات العامة والشركات والموظفين من إيجاد بعضهم البعض.