الرئيسية - عربي ودولي - روسيا تستعيد مكانتها الدولية
روسيا تستعيد مكانتها الدولية
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

* منذ تولي فلاديمير بوتين رئاسة روسيا الاتحادية عام 2000م استطاع أن يقود بلاده وفق خطط مدروسة إلى آفاق التطور والنماء حيث تمكنت الدولة الاتحادية من العودة إلى مسرح السياسة العالمية وبقوة وذلك بعد سنوات من تفكك الامبراطوريةالروسية وبروز بوادر خطر من احتمال التجزئة وانفصال جمهوريات ومناطق عن جسد الدولة الروسية نفسها. ولروسيا أهمية مضاعفة بالنظر إلى ما تمثله من ميراث الامبراطورية السوفيتية التي ظلت تحتل مكانة القطب العالمي في ظل عالم ثنائي القطبية لأكثر من نصف قرن وعلى الرغم من حقيقة انتهاء صراع القطبية وظهور عالم عاوني جديد مختلف ومغاير لا تزال المواقف الروسية في مجلس الأمن ثابتة إزاء الكثير من القضايا الدولية والعربية ولا سيما تجاه عودة منطقة القرم إلى أحضان الوطن الأم بالرغم من حجم التبيانات مع الغرب وتبادل العقوبات ومحاولة وسائل الإعلام الأميركي والغربي تشويه صورة الرئيس بوتين .. إلا أن الدب الروسي هو الكاسب الاكبر من منظور الحسابات الدقيقة فهو في كل الحالات ربح معركة السيطرة على ضم البحر الأسود وأسطوله العسكري بعد سلخه من اوكرانيا التي كانت جزءا لا يتجزأ من الاتحاد السوفيتي السابق وهي التي تنكرت لكل مبادئ حق الجوار تجاه روسيا وارتمت في أحضان الغرب وهي كمن يستجير من الرمضاء بالنار. وفي السنوات الأخيرة تبنت روسيا مواقف في سياستها الخارجية أحيت التطلعات بعودة التوازن إلى قمة العالم? وكانت خطوات ومواقف السياسة الروسية في منطقة الشرق الأوسط تحديدا لافتة مع استمرار دعمها للنظام السوري وكيف استطاعت أن ترقص الولايات المتحده على انغام رقصة التانغو الروسية من خلال إقناع بوتين لنظيره الأميركي اوباما بالتخلي عن ضرب سوريا بما يعنيه ذلك من دخول الآلة العسكرية الأميركية مستنقا جديدا وهي ماتزال تجتر تبعات احتلال العراق . وكذا دعم روسيا وبقوة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والقوات المسلحة المصرية عبر عقد صفقة اسلحة جديدة تأتي في اطار تغيير مصر لسياستها تجاه الأميركان . لقد ذهبت أنماط التفكير بخصوص التحركات الجديدة لروسيا في الشرق الأوسط مذاهب متعددة: الأول يشير إلى العنوان العريض وهو? عودة روسيا في مشابهة بين الدور السوفيتي السابق? – في الخمسينيات والستينيات – وما يتوقع من العودة الثانية لروسيا من تحالفات. والثاني : انطلق من نظرية ملء الفراغ حيث أكد العديد من التحليلات أن الولايات المتحدة على مشارف إنهاء وجودها في المنطقة بعد قربها من التخلي عن نفط الخليج ولأجل ذلك تراجعت عن ضرب سوريا وتقدمت في الموضوع النووي مع إيران وأرسلت رسائل متعددة إلى دول بالمنطقة تدعوها إلى التأهب للاعتماد على ذاتها أمنيا وأنها قررت نقل وتوجيه اهتمامها وتكثيف علاقاتها في العقود المقبلة مع آسيا ( نحو الصين والهند) وذلك في أكبر عملية تحول استراتيجي مخططة ومدروسة للسياسة الخارجية لقوة عظمى في التاريخ. وليس هنا مجال لتحليل جوانب قوة أو ضعف أي من المذاهب المذكورة والعلاقات الدولية تتضمن أبعادا مختلفة للظاهرة الواحدة قد تجمع كل ذلك لكن هذه المذاهب في قراءة الاطلالة الروسية الجديدة على الشرق الأوسط تتسم بالذاتية وتربط التوجهات العالمية للسياسة الروسية باحتياجات وأوضاع منطقة الشرق الأوسط وكأن القوى العظمى تضبط بوصلة سياساتها وفق مقاسات هذه المنطقة فقط . وهذا المذهب ليس بعيدا فحسب من الناحية العلمية والواقعية ولكنه أيضا بعيد عن فكر القيادات على الجانب الروسي أو على جانب دول المنطقة الذين حرصوا على تأكيد أن تطوير العلاقة البينية لن يكون على حساب الاصطدام مع الولايات المتحدة . ويوحي المذهب الأول وكأن روسيا عادت إلى العالم ـ حين قررت العودة إلى الشرق الأوسط ولا يأخذ في الحسبان التراكم الكبير الذي حققته الدولة الروسية في علاقاتها بمختلف المناطق الاستراتيجية على مدى السنوات العشر الماضية ـ سواء منطقة آسيا الوسطى أو شرق آسيا أو في سياق مجموعة البريكس وهو ما يؤكد أن تحولات السياسة الروسية تدور وفق مصالح اقتصادية عالمية كبرى وليست منطلقة من ترتيبات استراتيجية شرق أوسطية فقط? [email protected]