الرئيسية - عربي ودولي - النصر في ظل الاحتلال
النصر في ظل الاحتلال
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

بعد سبعة أسابيع من القصف الاسرائيلي على قطاع غزة بالطيران العسكري وما ترافق مع ذلك من مفاوضات غير مباشرة جرت في القاهرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي كانت تتخللها تهدئة محددة يعقبها تكرار العدوان وكأن تلك التهدئات لم تكن إلا مسكنات من أجل أن يستكمل العدو أهدافه السياسية والعسكرية من ذلك العدوان والتي أبرزها تدمير الأنفاق ثم استئناف المباحثات غير المباشرة ومن ثم ترحيل الوعي بالقضية الفلسطينية إلى نطاق محدد يتمثل بحصر الصراع ليس حول القدس فلسطين ولكن في إطار غزة مع أن الوضع الجغرافي الطبيعي لقطاع غزة إلى فترة طويلة ولا يزال يقع ذلك القطاع في نطاق الأمن القومي لمصر. وفي ذلك تفسير موضوعي للبيان المصري حول وقف اطلاق النار في غزة ومعنى ذلك وفقا للبيان قبول الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي بما ورد بالدعوة المصرية التي لم تعد تتحدث عن البيان المشار إليه من تهدئة مقدارها 72 ساعة كما كان يحدث في الحالات السابقة وإنما تحدث ذلك البيان عن وقف اطلاق النار مشيرا إلى استمرار المفاوضات بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى خلال شهر من بدء تثبيت وقف اطلاق النار دونما تحديد لماهية تلك الموضوعات التي سيتم بحثها والتفاوض حولها. الأمر الذي يظهر حقيقة أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للكيان الصهيوني من عدوانه على غزة إيجاد مناخات ملائمة من خلال استخدام القوة العسكرية لما من شأنه استئناف المحادثات غير المباشرة بعيدا عن بحث القضايا ذات الصلة بالقدس كعاصمة للدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان. وهو ما يعني أن المفاوضات المرتقبة وذلك ما كانت تريده تل أبيب سترتكز بدرجة أساسية على نص البيان المصري حول وقف اطلاق النار في غزة ولن تخرج تلك المفاوضات عن قضايا تتعلق بغزة كفتح المعابر والاتفاق بين الجانبين حول الصيد البحري وإن كان بالتأكيد ثبات وصمود المقاومة يعتبر بكل التقديرات والمقاييس بادرة إيجابية نحو تعزيز فعالية تلك المقاومة والارتقاء بدورها ومستواها. لأن ما حدث من عدوان على قطاع غزة كان نتيجة ترتبت بدرجة أساسية على مشكلة احتلال فلسطين لأن المشكلة الجوهرية والأساسية وما نتجب عنها من مشكلات أخرى ترجع في طبيعتها وتكوينها إلى الاحتلال الصهيوني لفلسطين لذلك لا يمكن في أي حال من الأحوال ممارسة الشطط القائم على المبالغة والتهويل والقول بأن غزة انتصرت وإن كان ذلك صحيحا لكن المبالغة والاحتفاء الكبير بذلك لا يعني إلا نصرا منقوصا يتبلور في الوعي واللاوعي على حساب القضية الفلسطينية بدرجة أساسية ويضفي مشروعية وإن كانت مرحلية على الاحتلال الصهيوني لفلسطين. لذلك يجب التأكيد على أن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة هو نتاج طبيعي لذلك الاحتلال الذي يسيطر على فلسطين وما دام وهناك احتلال فإن حالة العدوان عملية مستمرة وإن كان ذلك الكيان لم يتحدث عن انتصاره في غزة جراء عدوانه لأنه يعي ويدرك بأن هدفه من ذلك العدوان استئناف المفاوضات وتوسيع قاعدتها وحصرها في نطاق غزة في ظل المساعي الرامية من قبل تل أبيب لتحقيق أهداف بعيدة المدى تتمثل كمرحلة أولى في فصل غزة عن فلسطين يلي ذلك فصل غزة عن الضفة الغربية. انطلاقا من رؤية صهيونية قديمة وجديدة ترى بأن ذلك يحقق أمن واستقرار الدولة اليهودية ليبقى احتلالها لفلسطين وكذلك استمرار مشروعها الاستيطاني خصوصا والصهاينة يدركون جيدا أن فلسطين هي القدس نقطة المركز ليست في جغرافية فلسطين فحسب ولكن في جغرافية الكون لذلك يسعون مجددا إلى تجزئة القضية الفلسطينية والفصل بين المركز والأطراف. وهذا بالتأكيد يتطلب وعيا مسبقا بالخفايا التي يريد من خلالها الكيان اللقيط إقناع العالم بأن انتصار غزة تحرير فلسطين وساحات القدس وبالتالي حلا للمشكلة وإنهاء للاحتلال وكأننا إزاء ذلك الوعي الزائف الذي يتماهى في الأجندة الإعلامية المختلفة أمام إشكالية مغلقة تظهر في طياتها أن ما هو حاصل احتلال فلسطيني لاسرائيل وليس العكس عندما يتم فهم وتفسير العدوان على غزة بعيدا عن المشكلة الكلية المتمثلة باحتلال اليهود لفلسطين.