الرئيسية - عربي ودولي - الخلاف الفلسطيني
الخلاف الفلسطيني
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

أظهرت النتائج الأولية التي ترتبت على الحرب الإجرامية التي سبق وأن شنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة تباينات مختلفة كشفت في طياتها جوانب مهمة لصالح الاحتلال إذ تباينت المواقف بين حركتي الجهاد وحماس من جهة ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بالسلطة الوطنية خصوصا بعد الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحركة حماس والتي هي الأخرى ردت بالمثل. ومعنى ذلك أن أحد أهم الأهداف الاستراتيجية والمحورية للكيان الصهيوني في عدوانه على قطاع غزة الالتفاف على حكومة الوفاق الفلسطيني وإلحاق التأثير السلبي على المدى المنظور والبعيد بين أعضاء تلك الحكومة وهو ما اتضح في الظرف الراهن بالنظر للتصريحات المتبادلة من قبل ذينك الحركتين الأمر الذي يعكس بالتأكيد وجود ما يشبه الانقسام في الصف الوطني الفلسطيني وذلك ما يريده العدو يلي ذلك إجراء مباحثات مرتقبة بين الفلسطينيين لجهة حماس والاسرائيليين بهدف إيجاد تسوية دائمة بغزة بناء على ما تضمنه البيان المصري الخاص بوقف اطلاق النار ثم استئناف المحادثات غير المباشرة بعد شهر بين الجانبين في القاهرة. وبالتالي فإن إيجاد تسوية دائمة في غزة وفقا لما يريده ويخطط له الكيان الصهيوني خاصة وهو نفذ ذلك العدوان من أجل المفاوضات وما يسعى إليه من جر أحد الأطراف الفلسطينية إلى توقيع اتفاقية أمنية ليس بالضرورة أن تشترط تلك الاتفاقية نزع سلاح المقاومة ولكن عدم استخدام ذلك السلاح ضد الاحتلال يلي ذلك أن تكون تلك الاتفاقية الأمنية في نطاق غزة مقابل فتح بعض المعابر. وهذا بالتأكيد يظهر القضية الفلسطينية قبالة تحديات محلية على صعيد الشأن الفلسطيني الداخلي وإقليمية ودولية انطلاقا مما يخطط له ذلك الكيان إزاء تصوراته المحددة ورؤيته الخاصة لجهة حفظ أمن واستقرار الدولة اليهودية من خلال ضمان عدم اطلاق النار من غزة دون وجود أي ضمانات تحول دون تكرار العدوان على القطاع لأنه يحتل فلسطين الأمر الذي يعكس جملة حقائق وإن كانت المقاومة قد أحرزت نصرا سياسيا وعسكريا وهزم العدو سياسيا وعسكريا لكن الواضح بالنظر لتلك الحقائق أن الشعب الفلسطيني الموحد كجبهة واحدة يجد نفسه من خلال الحديث السياسي المتواصل والمتكرر عن القضية المركزية لذلك الشعب والأمتين العربية والإسلامية إزاء فلسطين في قطاع غزة وفلسطين في الضفة الغربية وفلسطين بعاصمتها القدس التي احتلها الصهاينة وهو ما يعني أن السياسة الصهيونية أوجدت حالة انقسام داخل الصف الوطني الفلسطيني الأمر الذي أثر كما أشرنا بشكل سلبي على حكومة التوافق التي تم تشكيلها والتي عارضها الكيان الصهيوني وكان ذلك من أسباب عدوانه على قطاع غزة. وإذا كانت المفاوضات السابقة التي قادتها السلطة الوطنية قد شملت محاور وأجندة وملفات عديدة تراوحت بين الاستيطان والقدس وقضايا أخرى لم يتم التوصل مع العدو إلى نتائج محددة وثابتة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإنما ما حدث مزيد من التعنت الصهيوني في ظل استمراره في سياسة الاستيطان واعتراف الإدارة الأميركية بأن القدس العاصمة الأبدية لذلك الكيان.. الذي نجح في تجزئة المفاوضات بالنظر لما حدث عقب وقف اطلاق النار على غزة محوره الأساسي بحث دؤوب من قبل اسرائيل لإيجاد اتفاقية أمنية خاصة وقد استندت اتفاقية التهدئة إلى وقف اطلاق نار دائم وهو ما يعني أن المحادثات المرتقبة غامضة وملتبسة فهل هي بوفد فلسطيني موحد كما كان ذلك الوضع قائما عند اتفاق التهدئة ثم نفضها وتكرار العدوان في المباحثات غير المباشرة في القاهرة أم أن شكل التفاوض المرتقب سيقتصر على جانب المقاومة أو أحد أهم فصائلها والكيان الصهيوني¿. وهذا أحد الأسباب في حالة الاختلاف القائمة بين السلطة الوطنية وحركة حماس برغم أن كلاهما ضمن حكومة الوفاق الفلسطينية وإن كان كما يطرح ولا نقلل من أهمية ذلك بأن غزة قد انتصرت لكن على صعيد المشهد السياسي الفلسطيني تبدو العملية تواجه تحديات راهنة إضافة إلى جملة اختلالات يبدو أبرزها أنه لا توجد رؤية سياسية فلسطينية موحدة حيال أية مفاوضات مرتقبة ولا رؤية مماثلة بالمقابل من ذلك حول مستقبل المقاومة التي لا يجب أن تكون موسمية وفي حالة تأهب انتظارا للعدوان من قبل الاحتلال وهو ما يتطلب أن يكون انتصار غزة دعما أساسيا لوحدة الشعب الفلسطيني وتماسك جبهته الداخلية كما كان الوضع عند العدوان على قطاع غزة خلافا لما هو حاصل الآن من تباينات مؤسفة تتطلب قدرا عاليا من العقلانية السياسية لتجاوز الانقسامات الحاصلة وما نجم عن ذلك عقب العدوان الأخير من خلافات لا تساعد على بقاء حكومة الوفاق الفلسطينية.