الرئيسية - السياسية - حين شاركوا في الحوار لم يكونوا جادين
حين شاركوا في الحوار لم يكونوا جادين
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يحدثنا التاريخ عن كثير من الحروب تنتهي إلى اتفاقات يضع شروطها المنتصر وهو ما يبعدها عن العدالة ويقربها من الرغبة في الانتقام وتكون مقدمة لمعركة أخرى . في لحظة مهمة اختار اليمنيون تقديم التفاهم على الحرب وأقاموا مؤتمر حوار شمل معظم مكوناتهم ووصلوا إلى مخرجات من شأنها ان تقيهم شر وويلات المعارك – لكن هذا المخرجات تحتاج إلى من يحميها وان يعيد من يريد الهروب منها بعد أن اقرها إلى صوابه .

حتى الإعادة إلى الصواب تكلفنا الكثير وتمنح اليائس فرصاٍ أكثر من الأمل وهو ما يخشاه كل عاقل عرف قيمة الأمان ومعنى الخوف – ووسط كل مخاطر اليوم لازلنا متمسكين بما اتفق عليه الجميع وهي أيضا محل تهديد من المتفقين أنفسهم أولا وقد اسماها الدكتور عبدالوارث محمد انعم بمخاطر التعثر والفشل التي تواجه مخرجات الحوار وأفاق التنفيذ المتاحة , وقد استخدم عبدالوارث مفردة المتاحة نظرا للتوقيت الخطير الذي نمر به والذي جعل ما هو غير متاح يحظى بتأييد اكبر – إننا اذا نبحث عن ما هو متاح اليوم ومعروف انه قد لا يكون متاحا غدا ما لم نعمل جاهدين للالتحاق باللحظة وتجاوز المخاطر . يبدأ انعم في الندوة التي أقامها نهاية الأسبوع الفائت المعهد الأمريكي للدراسات اليمنية بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث بالتذكير بسر الاهتمام الدولي والاقليمي باليمن وبذل الجهود لتجنيبها الانزلاق ويقول إن موقعها الحساس وإطلالها على واحد من أهم الممرات المائية الدولية الذي تمر منه نسبة كبيرة من صادرات الطاقة التي تعتمد عليها كثير من الدول الصناعية التي تعتبر المنطقة العربية منطقة مصالح حيوية – هذه الاعتبارات والخوف من تداعيات انزلاق اليمن إلى حرب أهلية وخروج الأوضاع عن السيطرة أكسبت التسوية السياسية التي حملتها المبادرة الخليجية ونهج الحوار اهتماما دوليا كبيرا . ووصف الدكتور عبدالوارث ما حققه الحوار خلال النقاشات بالنتائج الطيبة لكثير من القضايا ومن الجوانب اللافتة في مخرجات الحوار مصفوفة الحقوق والحريات التي تضمنتها الوثيقة النهائية بشكل محددات دستورية وقانونية وتوصيات وما أقرته وثيقة الحوار من حقوق مدنية وسياسية للمرأة وعلى وجه الخصوص الكوتا للنساء. وبعد استعراض ما حققته أجندة الحوار ذهب انعم إلى ربط أهمية ما تم التوصل إليه بقدرة اليمنيين على الاستفادة من وثيقة الحوار وعلى تحويل مضامينها إلى واقع حي وملموس في حياة اليمن ويضيف ينبغي أن نتذكر على الدوام أن ما تضمنته وثيقة الحوار الوطني كانت عبارة عن إجابات لأهم القضايا والمشاكل التي ناقشها المؤتمر ومعالجات لأسباب كثيرة من المشاكل والصعوبات التي أرقت اليمنيين عقود وسنوات طويلة لا سيما تلك المتعلقة بأسس بناء الدولة وشكلها وطبيعة النظام السياسي وغيرها من الجوانب التي كان الخلل فيها من أهم أسباب الأزمات بالتالي فالتمسك بها مسألة بالغة الحيوية والأهمية لأنها الأوضاع والصيغ التي توافق عليها المتحاورون إزاء مختلف القضايا التي تم تحكيم منطق الحوار لمعالجتها لذلك فقد أصبحت حجة على الجميع لاسيما أطراف الحوار والجميع ملزمون بالعمل على تنفيذها وترتبط أهمية مخرجات الحوار بأهمية القضايا التي عالجتها ووضعت أسسها وجميعها قضايا حيوية – واذا كان الحوار شكل حضاري في مواجهة المشاكل والتحديات فإن الخطوة المكملة لهذا الوجه الحضاري هي أن نحترم ما أسفر عنه تحاورنا وان نلتزم به – وإذا لم يكن هناك التزام جاد ومسؤول من قبل أطراف الحوار بما توافقت عليه فيمكن القول بان الحوار كان مضيعة للوقت والجهد بل وشكل من أشكال العبث والأمر لم يكن كذلك قطعا وان كان لهذه القاعدة استثناءات لكن الأمر الثابت والأكيد هنا انه حينما يتعلق الأمر بمصير بلد وشعب لا يمكن حتى مجرد التفكير بالهزل وعدم الجدية خصوصا وأن المشاكل التي حكمنا الحوار فيها مازالت قائمة بل وأكثر حدة وإذا كان الأمر بهذه الصورة ولم يكن البعض جادا بالمشاركة وانه أراد بها توجيه رسالة خادعة لإطراف داخلية كانت أو خارجية فإن مردود على ذلك البعض وهي مواقف غير مقبولة لجملة من العوامل والأسباب ذات الصلة بالمبادئ التي ارتكز عليها الحوار وأكدتها نتائجه . كانوا طرفا في الحوار ويرى انعم أن ما يدفع بموضوع مخرجات الحوار الآن إلى الواجهة هو أنها تواجه معوقات وصعوبات كبيرة في طريق تنفيذها هذه المعوقات تشكل خطرا على العملية السياسية برمتها وما يستوجب الإشارة هو أن الإخطار التي تهدد العملية السياسية الجارية وتعيق تنفيذ المخرجات تأتي من قوى كانت طرفا أساسيا في مؤتمر الحوار الأمر الذي يجعلها ملزمة بمخرجاته ففي ضوء المبادئ الواردة في ضمانات التنفيذ هي ملزمة بالعمل الجاد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي تبلورت بالتوافق ومن منطلق الشراكة الوطنية الواسعة بمعنى ان القوى التي تفتعل العراقيل والمشاكل في مسار تنفيذ المخرجات تعد أعمالها ومواقف مدانة وغير مشروعة – وإذا كانت القوى المشاركة في الحوار ملزمة بالعمل الجاد من أجل تنفيذ المخرجات فأن أي تعطيل أو عرقلة لمسار التسوية يندرج في خانة الجرائم والأعمال المدانة وطنيا ودوليا . عوامل أدت إلى التعثر وبالنسبة للعوامل التي ساهمت في تعثر التسوية وفي تنفيذ المخرجات وأصبحت تشكل تهديدا فقد عددها الدكتور عبدالوارث ومنها ان المبادرة الخليجية تضمنت شروط غير مشروعة كالحصانة التي لم تربط باعتزال العمل السياسي وتم الحصول عليها دون مقابل وأيضا من العوامل هشاشة هيئات الدولة القائمة وعدم وجود نظام مؤسسي حيث كانت عبارة عن هياكل ديكور لا تمارس سلطاتها المفترضة وأيضا تعطيل دور النقابات والأحزاب وكثير من منظمات المجتمع المدني وعدم هيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية رغم انها من المهام المزمنة ومحدد لها قبل بدء الحوار . ومن العوامل الانقسام المبكر في قوى الثورة المشاركة والانعكاسات السلبية لنهج التقاسم والمحاصصة وعدم التزام أطراف التسوية بتطعيم هيئات أو مؤسسات الدولة بالكفاءات الشابة المؤهلة والنزيهة وبقاء منظومة السلطة التي ثار عليها الشعب دون تفكيك كما ان الإجراءات الرئاسية والحكومية ضد التخريب للمصالح العامة لم تكن عند المستوى المطلوب ولم تكن معايير التعيين في الوظائف ألعامه مختلفة ولم يتم الالتزام بأسس الحكم الرشيد وتراكم إخفاق الحكومة وزيادة رصيد أخطائها . مواجهة قوى الماضي ويختم عبدالوارث بالقول انه مثلما تراهن قوى الماضي على إفشال التسوية السياسية الجارية للحيلولة دون حدوث تغيير حقيقي وتعمل بكل ما لديها من إمكانيات وهي كبيرة إضافة إلى دعم وإسناد إقليمي تحظى به ولما لديها من تحالفات وحتى يكون بمقدور قوى الحداثة والتغيير ان تنتصر لمشروعها الذي ينشد الحرية والكرامة والعدالة والمساواة عليها ان ترتقي إلى مستوى الحدث وأن تعد للدفاع عن مشرعها الوطني ما يمكنه من الاستمرار والنجاح وأن تعمل في إطار من الاصطفاف وعلى قاعدة الشراكة الوطنية الواسعة حتى يصبح للتغيير بعد وطني كبير وإسناد شعبي واسع – وفي ذلك الاصطفاف تكمن كثير من الفرص وتتفتح الآفاق لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واستكمال العملية السياسية بنجاح .