فوز الروائي اليمني حميد الرقيمي بجائزة كتارا للرواية العربية عن روايته عمى الذاكرة
السفير طريق يشارك في الملتقى الاقتصادي التركي- العربي الـ 24 بإسطنبول
اللواء القملي يبحث مع قائدي القوات الفرنسية والاتحاد الأوروبي "أسبيدس" تعزيز التعاون في مجالات الأمن البحري
انطلاق حملة إلكترونية واسعة لكشف فساد ميليشيا الحوثي ونهبها لمقدرات اليمنيين
وزير التخطيط: الدعم السعودي كان شريان حياة للاقتصاد اليمني
وزير الخارجية يشيد بجهود المانيا والاتحاد الأوروبي في اليمن
الإرياني: اعتراف الحوثيين بمصرع "الغماري" يكشف تصدعهم الداخلي وبداية تآكل مشروعهم الإرهابي
نعمان يبحث مع المبعوث الايطالي الخاص لليمن تعزيز العلاقات الثنائية
المالية والبنك المركزي يبحثان مع صندوق النقد العربي مستوى تنفيذ الإصلاحات الشاملة
محافظ البنك المركزي ونائب وزير المالية يبحثان مع دائرة الإحصاءات بصندوق النقد تعزيز التعاون والدعم الفني
كثيرة هي الفوادح التي خلفتها الحرب من قبل ومن بعد ؛ لاسيما أنها ابتلعت كل شيء جميل وحولته إلى ضياع ، وسلخت أهم شريان للمجتمع والمتمثل بسلك التعليم والمعلمين ، وبلغ تنكيلها بهذا الفصيل الحيوي حداً مريعاً كون العداء للتعليم متجذراً في صلب هذا الخصم الأمي الآتي مما وراء العلم والعصر والثقافة.
يمقت هذا الخصم بشكل مزري كل ما يمت بصلة للتعليم ، وينبذ المنتمين له والمنتسبين إليه من قريب أو من بعيد ، وقد سعى جاهداً بكل السبل لتمزيق الجيل الذي يثابر ليتعلم دافعاً به لهجر المدارس والجامعات والمعاهد والالتحاق بركب مسيرتهم المتوحشة ، وتحبيذ الجهل والفوضى ، وحمل السلاح مما جعل جيلاً بأكمله يتدافع للتضحية بنفسه في جبهات عدة بعد أن تشرب وهم الشهادة وغاص في مستنقع الحماقة فكان حطباً بلا ثمن لحرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
لقد تعمد هذا الخصم عن قصد تعيين أحد دعاة السلالة يحيى بدر الدين الحوثي وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الانقلاب الحوثية ؛ ليتفنن في طمس التعليم كهوية ؛ بطرق ممنهجة من صلب الوزارة ، وبقرارات وآليات عدة تمكنه من تحقيق مآربه تحت مسمى الدولة ، وإحلال أوهام مشروعه في ثنايا المناهج ، وبين أروقتها وخلق نماذج مناهضة للمدارس تتمثل بمراكز تنشر ملازم المسيرة ، وتنفر من كسب المعارف المعتادة في نظام التعليم التابع للدولة.
أساليب كثر تنهش في جسد المجتمع تقافياً وتعليمياً ، أبرزها تلك الصورة الهشة لمخرجات التعليم الفاشلة ، والتي تفتقر لأدنى حد من التأهيل لتمتد المأساة باتجاه الجامعات ، وتكتمل الصورة بجيل محبط وجاهل حتى لو كان يحمل شهادات.
وللغوص في التفاصيل شتى وجوه شائهة تنبئ عما لا يمكن تداركه بيسر ، وبالأخص أننا نتغاضى عن وضع حد لانتشار هذا الفيروس المشين الذي يفتك بلا رحمة بأهم شريحة في المجتمع ، ويقتادها صوب الجحيم ؛ حيث يبدو الأمر في نظري بشكل مختلف يثير فيني الفزع والوحشة ، وأنا أطيل التفكير بمصير هذا المجتمع ، وهو يفقد خيرة شبابه ولا يأبه بهذه الإشكالية.
ومما يزيد استغرابي هو كيف يفكر ألئك الذين يرفعون شعار إيقاف الحرب ؛ دون أن يخطر ببالهم مصير التعليم في اليمن، في ظل إحلال ثقافة المسخ، وانقطاع الرواتب المعلمين، وتهاوي وتعطيل متكامل للمسيرة التعليمية.
ولتقريب القارئ من الموضوع أكثر: تذكر بعض التقارير أن ما يقارب من 40% من طلاب المدارس تركوا التعليم، وتربويون كثر نهشهم الجوع ، ومزقهم العوز فتفرقوا في كل البقاع بحثاً عن مصدر رزق يتكفل بقوت أسرهم، بعد أن يأسوا من انبلاج صبح العتمة وانبعاث الضوء ، ولم تمنحهم تضحياتهم الكبيرة في التدريس حصانة أو احترام وأهمية لدى سلطات الانقلاب.
لقد أصبحت المليشيا الإنقلابية تشعر بالزهو لما تحققه من نتائج ملموسة وهي ترى بأم عينيها الشلل التام للتعليم موفرة بذلك نقص المقاتلين، وقد وجدت طلاب المدارس غنيمة فائضة تنهل منها متى ما تشاء ، وكلما شعرت بالعجز.
هل يدرك العالم ومنظمات حقوق الإنسان ، والأمم المتحدة واليونسكو أن التعليم في اليمن لم يعد أكثر من صرخات وتعبئة عامة وحشد مستبسل للموت ، ومعلمين وجدوا أنفسهم مجبرين على عملهم ، مقابل قطعتين من الجبن المحشي وسط قرصين من الروتي، أو الفصل الوظيفي.
أي استخفاف أكثر من هذا ؛ وأي سقوط أخلاقي وإنساني أشد من هذه المعاناة ؟!!