الصينيون ... سنقاتل حتى النهاية
الساعة 06:12 مساءً
  • إعلامي وكاتب

 

حينما أصدر ترامب التعريفات الجمركية ظن بأن جميع البلدان ستشد الرحال إلى البيت الأبيض للتفاوض معه.

وكان يتوقع بأن الدولة الوحيدة التي لن تفاوضه على التعريفات الجمركية هي جزيرتي هيرد وماكدونالد لأن من يسكنها طيور البطريق ولم يصل إليهما بشر منذ عشر سنوات.

بعد التعريفات الأمريكية رن هاتف البيت الأبيض أكثر من سبعين مرة، مستقبلا مكالمات من كثير من قادة الدول جميعهم اتصلوا للتفاوض مع ترامب واستعطافه لإيقاف التعريفات.

لكن لم تكن الجزيرتين التي تسكنها طيور البطريق هما الدولة الوحيدة التي لم تتصل بالبيت الأبيض، فثمة بلاد في مشرق الأرض يسكنها تجار بروح المحاربين رفضوا الهيمنة الأمريكية وواجهوا التصعيد بالتصعيد.

ولم ينته الأمر بعدم تلقي البيت الأبيض مكالمة هاتفية من رقم يبدأ ب +86 ، بل تلقى ترامب صفعة حين ردت الصين على التعريفات بتعريفات مماثلة على الصادرات الأمريكية .

ضاعف ترامب التعريفات رداً على الرد ، فجأه الرد من بكين بكل حزم لتصل التعريفات الجمريكية الأمريكية حتى الآن 145 % فيما الرد الصيني 125%.

أراد ترامب التفاوض معه عن طريق الابتزاز والضغط على الجميع لكن لدى الصينيون مبادئ أساسية في السياسة الخارجية الاحترام المتبادل، التعايش السلمي، التعاون المربح للجميع ، وحين أخل بها ترامب واجهت الصين الهيمنة الأمريكية بكل حزم ورفضت الاتصال بالبيت الأبيض أو التفاوض معه.

ومن الغريب أن أسباب لحرب التجارية التي أشعلها ترامب إدعائه مظلومية أمريكا وأن بقية دول العالم تستغل بلاده وتنهب أموالها وعادة ما يردد في خطاباته حان موعد استعادة أموالنا.

ولنفس السبب أطلق على يوم الثاني من أبريل مسمى يوم التحرير، التحرير من ماذا ، من ينهب ثروات أمريكا ؟ من يستغل موردها ؟ يجيب ترامب في خطاباته بأن العالم ينهب أمريكا منذ عقود ، وهو أمر مضحك وغريب .

فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية والولايات المتحدة الأمريكية تمارس هيمنتها على مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والثقافية والعسكرية  .

وبعد كل تلك العقود من الهيمنة الأمريكية جاء ترامب مدعيا مظلومية أمريكا ويطلب من العالم أن يعيدوا له الأموال التي نهبوها.

الصينيون يدركون بأن ترامب يريد من خلال ذلك التفاوض معه لكنهم يفاوضونه بالطريقة التي يريدونها هم وليس بالطريقة التي أرداها هو، يفاوضونه بالنار ، التصعيد مقابل التصعيد.

 يردد القادة الصينيون بأن قرار الحرب في يد ترامب فإنها أرادها حربا فسيقاتلون حتى النهاية ، ونشرت ناطقة الخارجية الصينية خطابا للرئيس الصيني الأسبق ماو في خمسينات القرن الماضي وهو يقول بأن قرار الحرب ( يومها) وفي المستقبل سيبقى بيد الرئيس الأمريكي ولا يهم كم ستسغرق هذه الحرب ، سنقاتل حتى النصر.

هذه اللهجة الحازمة من الصينيين أربكت البيت الأبيض، فيما يؤكد القادة في بكين بأنه مهما كانت تغيرات البيئة الخارجية، ستبقى الصين واثقة، وهادئة، ومركزة على إدارة شؤونها الخاصة بكفاءة.

 ورداً على اتهامات ترامب بأن العالم ينهب أموال امريكا قال الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن تنمية الصين في السنوات الماضية كانت ثمرة الاعتماد على الذات والعمل الجاد، وليس فضل من الآخرين، وأن الصين ستقمع أي ظلم في هذا العالم.

وأضاف خلال استقباله رئيس الوزارء الأسباني بإن على الصين و الأتحاد الأوربي النهوض بمسؤولياتهما الدولية والعمل على حماية العولمة الاقتصادية وبيئة التجارة الدولية ، وينبغي على الصين والاتحاد الاوربي الدفاع ليس فقط عن حقوقهما فحسب بل أيضا عن العدالة الدولية.

بعد كل هذا التصعيد ، يتساءل الناس في شرق الأرض وغربها ، ما الذي سيحدث في الأيام القادمة ، إلى أن يسير الاقتصاد الدولي وإلى أين يمضي النِزال التاريخي للتعريفات الجمركية.

ترامب أشعل الحرب التجارية وقاد الجميع إلى حافة الهاوية ، بيد أنه رغم تهوره تاجر يبحث عن صفقة ، فهل سيكمل المقامرة، أم أنه سيرقص على حافة الهاوية رقصته المعروفة ويتراجع عن قرارته قائلا ، الصينيون أصدقاء رائعون.