صدور كتاب بعنوان "حوطة سيئون.. أمجاد وأصالة ومعاصرة"
الإرياني: تباكي الحوثيين على مقدرات اليمن كذب فاضح وتاريخهم حافل بالتدمير
دراسة صادمة.. تغير المناخ قد يحرم الملايين من الدم المنقذ للحياة!
علماء صينيون يطوّرون مركّبًا ذكيًا من الإسمنت يحوّل الحرارة إلى كهرباء
تأهل السعودية واوزباكستان لنهائي كأس آسيا لكرة القدم للناشئين
الدفاع المدني يخمد حريقا في محطة محروقات بسيئون
تدشين كتاب "مدن ومعالم مملكة سبأ" للباحث طعيمان
استشهاد 10 فلسطينيين إثر قصف اسرائيلي استهدف منازل شرق خان يونس
اجتماع أمني يشدد على رفع الجاهزية وتعزيز التنسيق الأمني بوادي حضرموت
الحوادث المرورية تحصد حياة 22 شخصا خلال النصف الاول من إبريل
- مدير عام مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة
لم تتوقف مليشيا الحوثي عن تجنيد الأطفال واستخدام المراكز الصيفية كمنصات للتدريب والحشد حتى وهي تعيش أيامها الأخيرة، رغم توقيع مليشيا الحوثي على خطة عمل مع الأمم المتحدة في أبريل 2022م، تتعهد فيها بوقف تجنيد الأطفال، لكنها مضت في انتهاكاتها الصارخة لحقوق الطفولة، وحوّلت الاتفاق الأممي إلى مظلة لاستقطاب الدعم الدولي واستغلاله في مضاعفة عمليات التجنيد الإجباري للأطفال، خصوصاً عبر ما يُسمّى بالمراكز الصيفية، التي تحولت فعلياً إلى معسكرات تدريب عسكري ودورات طائفية تستهدف النشء.
وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها اليمن، يُعدّ تجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة عاماً واستخدامهم في الأعمال العسكرية جريمة حرب، كما ينص البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، الذي دخل حيز النفاذ في 2002، على منع الجماعات المسلحة من تجنيد الأطفال أو استخدامهم بأي شكل.
إلا أن مليشيا الحوثي لم تكتف بتجنيد الأطفال، بل سخّرت المدارس والمساجد والمراكز الصيفية الحكومية لتكون منصات تعبئة أيديولوجية، تمهّد الطريق للزجّ بهم في المعارك، في انتهاك ممنهج لأبسط قواعد القانون الدولي.
تقارير خبراء الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية (مثل اليونيسيف، وهيومن رايتس ووتش) وثّقت استخدام الحوثيين للأطفال كمقاتلين، مشيرة إلى أن ما يزيد عن 65% من مجندي المليشيات هم أطفال، وبدلاً من الوفاء بتعهداتها الدولية، كثفت المليشيات الحوثية حملاتها سنوياً خلال أشهر الصيف، وتستهدف المدارس الحكومية وأحياء الفقراء، وتبتز الأسر بالمعونات والسلال الغذائية مقابل إرسال أطفالهم.
طبقا للرصد الميداني فإن مليشيا الحوثي تخصص آلاف المراكز الصيفية، لا سيما في العاصمة صنعاء، مستغلين المدارس الرسمية والمساجد ومراكز محو الأمية، التي بلغ عددها 25 مركزًا تم تحويلها إلى معسكرات أيديولوجية، كما أجبروا المعلمين - رغم انقطاع رواتبهم منذ سنوات - على الإشراف والمشاركة في هذه المخيمات، ضمن سياسة ممنهجة لتوظيف التعليم في خدمة المشروع الطائفي.
الأسماء التي تُطلقها المليشيات على هذه المراكز تكشف بوضوح الطابع الطائفي، مثل: مركز الرسول الأعظم، الإمام علي، الحسين، الشهيد الصماد، أم البنين، السنباني، وغيرها، كما رفعت صور قادة إيرانيين في خيام مخيمات "عصر"، في مؤشر واضح على تبعية المشروع لمخططات خارجية.
عشرات الشهادات من أولياء أمور أكدت تعرّضهم للترهيب والإكراه على إرسال أطفالهم، خاصة عبر تهديدهم بالحرمان من الخدمات أو الاعتقال، وتشترط بعض المدارس الحكومية المشاركة في هذه المراكز لقبول الطلاب في التسجيل العام.
إن ما تقوم به المليشيا الحوثية يُعد جريمة متكاملة الأركان بموجب الدستور اليمني الذي يحظر المساس بحرية التعليم وحقوق الطفل، والقانون رقم 45 لسنة 2002م بشأن حقوق الطفل، الذي يجرّم تعريض الأطفال لأي خطر بدني أو نفسي، قانون العقوبات اليمني الذي يجرّم استغلال القُصّر في أعمال حربية أو حزبية، واتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية، التي تُصنف تجنيد الأطفال ضمن الجرائم التي لا تسقط بالتقادم.
لا بد للجهات الحقوقية ومنظمات الطفولة ونشطاء حقوق الإنسان رفع الصوت عالياً والمطالبة بتحقيق العدالة، وعلى الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً التحرك القانوني وإعداد قائمة سوداء تشمل المتورطين في تجنيد الأطفال، تمهيداً لإحالتهم إلى القضاء الوطني والدولي، وملاحقتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية، باعتبار أن تجنيد الأطفال يدخل ضمن اختصاصها النوعي، كجريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب.
رغم محاولات الحوثيين إضفاء طابع جماهيري على هذه الأنشطة، إلا أن نسبة العزوف عنها تتزايد عاماً بعد آخر، وقد عكس ذلك الحضور الضعيف والتمثيل المصطنع في وسائل إعلامهم. وفي المقابل، يظهر وعي شعبي متصاعد في أوساط اليمنيين، انعكس في موجات الرفض الشعبي، والتفاعل مع المناسبات الوطنية مثل ذكرى 26 سبتمبر، ورفع العلم الجمهوري، والهتاف للهوية اليمنية في تحدٍ مباشر لرموز المليشيا.
إن استمرار هذا الانتهاك يشكل تهديداً لمستقبل الطفولة في اليمن، ويُغرق البلد في مزيد من الدمار. لذا، على الحكومة الشرعية بالتعاون مع الأمم المتحدة، العمل على تطوير برامج حماية وتأهيل نفسي وتعليمي للأطفال المجندين، وإعداد حملات توعية وطنية وإعلامية موجهة للمجتمع وأولياء الأمور، وتفعيل المساءلة القانونية لمجرمي الحرب من قيادات المليشيات.
تبقى المراكز الصيفية الحوثية نموذجًا خطيرًا لتسييس التعليم وتدمير الطفولة في اليمن، وما لم يتحرك المجتمع الدولي بجدية، وتكثف الحكومة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني جهودها، فإن جيلاً كاملاً قد ينشأ مشبعًا بالعنف، محرومًا من أبسط حقوقه في التعليم والحياة الآمنة.
إن ما تقوم به مليشيا الحوثي من خلال مراكزها الصيفية ليس مجرد مخالفة تعليمية، بل هو جريمة مركبة ضد الطفولة والهوية الوطنية والدستور اليمني، وضد القانون الإنساني الدولي، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع - مؤسسات الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، والمجتمع الدولي - لحماية أطفال اليمن من براثن هذا المشروع الطائفي الهدام.