الرئيسية - دنيا الإعلام - بين نهاية التاريخ   ,,,,,,,,ونهاية امريكا !!؟
بين نهاية التاريخ   ,,,,,,,,ونهاية امريكا !!؟
الساعة 12:00 صباحاً البديل خاصبقلم احمد الهواس
كلما جرت انتخابات أمريكية انشغل العالم بالمرشح الديمقراطي وخصمه الجمهوري واختزلت أخبار العالم بمن سيدخل البيت الأبيض , وكأن الداخل لهذا البيت هو رئيس العالم أو هكذا يبدو ... ولكن هذه المرة لن يكون خليفة بوش مرتاحا في الأقل فهو ليس زعيم العالم المنتظر , فقد آن لأحادية القطب أن تنتهي , وهناك مشاكل كثيرة أوقعت إدارة بوش أمريكا بها وبالتالي انعكست أزماتها على العالم أجمع , وبات المتربصون بأمريكا يجاهرون علنا بخطأ سياساتها على الأصعدة كافة .! فمن فشل عسكري ( العراق وأفغانستان ) إلى فشل مالي ( الأزمة المالية وسبقها بقليل أزمة الغلاء العالمي والصعود الجنوني لأسعار البترول ) والغزو الروسي لجورجيا رغم الدعم الأمريكي لها , وكذلك استعراض القوة الروسية في الحديقة الخلفية لأمريكا ..! وهكذا لن يكون خروج بوش الابن أمرا عاديا بل مصحوبا بالكوارث والأزمات وربما إيذانا بنهاية القرن الأمريكي الذي بشر به المحافظون الجدد وعلى رأسهم فرانسيس فوكوياما...   قبل أن يحدث كتاب فوكوياما ( نهاية التاريخ والإنسان الأخير ) جدلا في الأوساط العالمية كان قد سبق ذلك بمقال له عام 1989 يحمل العنوان ذاته , ثم طوره من مقال إلى كتاب كان سببا في مصائب تترى , وأُستند على أراء مؤلفه في غزو أفغانستان والعراق بحجة محاربة الأصولية أو ما عرف فيما بعد الإرهاب .مؤلف العمل رأى أن الدنيا قد خاضت تجارب عدة وفشلت وآخرها الشيوعية , وما أن سقطت النظم الشمولية الاشتراكية حتى لاذت بعدو الأمس الديمقراطية الليبرالية , فنهاية كل التجارب تصب بالتجربة الغربية والليبرالية الرأسمالية الغربية والنموذج الأمريكي تحديدا وأي تطور سيكون طفيفا في التجربة الأخيرة للبشرية , فهي نتاج الشرعية كما يقول .... ويطرح في نهاية مقدمة كتابه  سؤالا :  هل يقود التطور التاريخي المضطرد الغالبية العظمى من البشر نحو النظام الرأسمالي الليبرالي .؟؟ والإجابة التي تمكنت ُ من الإجابة عليها هي :  نعم ...!وبعد صدور كتابه عام 1992 قال فوكوياما في لقاء مع وكالة أورينت برس :   (( لقد حققت أمريكا أضخم انتصار مع نهاية القرن العشرين.. إبادة الشيوعية , وسحق العراق , ولا أحد يشك الآن في أن أمريكا هي زعيمة العالم , نحن الأقوى والأعظم , أنظروا إلى الروس والشعوب الأخرى التي خلعت رداء الشيوعية وجاءت لتحتمي بأمريكا .! أنا أمريكي مئة بالمئة ولا أعاني إطلاقا من ازدواجية الانتماء , فأنا – رغم أصولي اليابانية – ابن أمريكا..  إن أمريكا هي آخر بلد يمكن أن يكون للاعتبارات العائلية أو العرقية أية أهمية , وهي لم تقم – كما يدعي البعض – على أشلاء أهلها الأصليين من الهنود الحمر والآزتيك الذين كانوا يذبحون أطفالهم قرابين للآلهة .إن وصول المهاجرين الأوربيين لم يكن عملا بربريا , بل كان إنجازا حضاريا , هل يمكن أن نتخيل مدى سوء الأوضاع فيما لو ظلت أمريكا مأهولة بتلك المخلوقات البدائية ..!!!لدي إحساس قوي بأنني سأصبح شيئا مهما ً في التاريخ الأمريكي الجديد ربما كان البيت الأبيض ))  فوكوياما المبشر بالأنموذج الأمريكي والذي كان داعما لتوجهات المحافظين الجدد ففي عام 1997 أسس مركزا للبحوث تبنى مشروعا أطلق عليه (مشروع القرن الأمريكي )...هو المتناقض في أفكاره وآرائه , فبعد غزو العراق دعا إلى استقالة وزير الدفاع ( دونالد رامسفيلد ) ورأى أن إدارة بوش قد هولت من خطر الأصولية الإسلامية ما أدى إلى تنامي العداء للولايات المتحدة الأمريكية ...!وما أن ضربت الهزة المالية الولايات المتحدة الأمريكية حتى سارع إلى التصريح بأن النفوذ الأمريكي يتضاءل وقد نشر مقالا في ( نيوزويك) بقول فيه: إن أميركا لم تستمد سلطانها ونفوذها من دباباتنا ودولاراتنا, ولكن من إحساس السواد الأعظم من الناس بجاذبية النمط الأميركي في الحكم مما جعلهم يتوقون إلى إعادة صياغة مجتمعاتهم على نفس الشاكلة التي أطلق عليها أستاذ العلوم السياسية (جوزيف ناي) مصطلح "قوتنا الناعمة".ومن العسير أن ندرك كنه الضرر الذي لحق بالنموذج الأميركي في سماته المميزة , ففي السنوات ما بين 2002 و2007 عندما كان العالم يمر بفترة غير مسبوقة من النمو, كان من السهل تجاهل أولئك الاشتراكيين الأوروبيين والمدافعين عن حقوق عامة الناس ممن شجبوا النموذج الاقتصادي الأميركي ووصفوه بأنه "رأسمالية رعاة البقر".غير أن محرك ذلك النمو, الذي هو الاقتصاد الأميركي، قد خرج من سكته وهو ينذر بسحب بقية العالم معه، والأدهى والأمر أن الجاني هو النموذج الأميركي بذاته. وبتبني مبدأ تقليص سيطرة الدولة, أخفقت واشنطن في ضبط القطاع المالي على نحو واف وأفسحت المجال للحكومة لتلحق ضررا بليغا بباقي المجتمع..... على أن الديمقراطية فقدت بريقها حتى قبل ذلك، فعندما ثبت أن صدام حسين لا يمتلك أسلحة دمار شامل التمست إدارة بوش تبرير شن حرب على العراق بربطها ببرنامج حريات عريض , وسرعان ما أصبح نشر الديمقراطية هو السلاح الرئيس في الحرب على الإرهاب، وبدا الخطاب الأميركي عند الكثيرين في مختلف أرجاء العالم أشبه بالمبرر الذي يسوغ تعزيز الهيمنة الأميركية. إن الخيار الذي نواجهه اليوم يذهب إلى أبعد من خطة الإنقاذ أو حملة الانتخابات الرئاسية, فالنموذج الأميركي يقف على المحك على نحو مؤلم في وقت تبدو فيه النماذج الأخرى الصيني منها أو الروسي أكثر جاذبية.فوكوياما حاول أن يستدرك تناقضه فوقع في تناقض أكبر حينما رأى أن أمريكا قادرة على الخروج من الأزمة المالية الحالية فقد توقع أن العالم سيواجه انكماشا اقتصاديا ولن يكون النموذج الروسي أو الصيني بديلا للنموذج الأمريكي , واستشهد بالكساد الكبير في ثلاثينيات القرن المنصرم حيث استطاعت أمريكا الخروج منه بفضل قابلية نظامها للتكيف , ومرونة الشعب الأمريكي ... !فأين كلام فوكوياما الحالي من كلامه في كتابه نهاية التاريخ..؟  (يبدو لي – أخيرا – الجنس البشري كما لو كان قطارا طويلا من العربات الخشبية التي تجرها الجياد متجها إلى مدينة بعينها عبر طريق طويل في قلب الصحراء , بعض هذه العربات قد حددت وجهتها بدقة ووصلت إليها بأسرع وقت ممكن , والبعض الآخر تعرض لهجوم من الآباش ( الهنود الحمر) فضل الطريق , والبعض الثالث أنهكته الرحلة الطويلة فقرر اختيار مكان وسط الصحراء للإقامة فيه وتنازل عن فكرة الوصول للمدينة , بينما من ضلوا الطريق راحوا يبحثون عن طرق بديلة للوصول للمدينة , وفي النهاية يجد الجميع أنفسهم مجبرين على استخدام الطريق نفسه – ولو عبر طرق فرعية مختلفة – للوصول لغايتهم , وفعلا تصل هذه العربات إلى المدينة في النهاية , وهذه العربات عند وصولها لا تختلف عن بعضها بعضا إلا في شيء واحد ... هو توقيت الوصول للمدينة ..في  سرعة أو بطء وصولها إلى الديمقراطية الليبرالية .. ومن ثم نهاية رحلتها الطويلة ... نهاية التاريخ )لقد رأى (بوش الأب) عشية حربه على العراق أن العالم قد دخل في نظام عالمي جديد بقيادة أمريكا , وقد كانت حرب الخليج إيذانا بنهاية المنظومة الاشتراكية, فالبرسترويكا التي أطلقها غورباتشوف كانت رصاصة الرحمة على الاتحاد السوفياتي فانحل عقده وتلاشى .   و يرى كثير من الباحثين في الشأن الأمريكي أن الواقع الجغرافي قد خدم أمريكا في جعلها بعيدة عن الغزوات , وأن الثروات الهائلة التي تمتلكها ساهمت بنموها الصناعي الهائل , وكذلك  التجاري هذه الظروف دفعتها لأن تسود العالم لاسيما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية , فقد برزت كقوة عسكرية حسمت المعركة لصالح الحلفاء واستخدمت السلاح الذري لأول مرة في تاريخ الحروب الحديثة , كذلك سيطرت على أوربا اقتصاديا عبر مشروع مرشال .وقد اقتسمت العالم بينها وبين عدوها الشيوعي حتى سقط جدار برلين عام 1989فكشف عورة المعسكر الاشتراكي الذي تداعى كأحجار الدومينو...! فقد استطاع الرئيس الأمريكي  الأسبق (رونالد ريغان ) أن يجعل الشيوعية في سباق تسلح لم تكن قادرة على تحمل نتائجه الاقتصادية الكارثية , ثم كانت حرب الخليج 991 لتعلن تأسيس النظام العالمي الجديد الذي تقوده بنفسها , وبعد ذلك ضربت بلغراد وهي تعني نهاية الراديكالية داخل أوربا وحلفاء السوفييت أمس , وانتهى الأمر بتقسيم يوغسلافيا ومن ثم اختفاء هذه الدولة نهائيا بعد أن انفصلت صربيا عن الجبل الأسود..وجاءت أحداث 11ايلول سبتمبر  لتعلن أمريكا أن هذه الأحداث ستغير وجه العالم فأعلنت حربها ضد ما يسمى الإرهاب فغزت أفغانستان ومن ثم العراق ورأت أن حربها طويلة قد تمتد لعقدين.الآن أمريكا الغارقة في العراق وأفغانستان  عسكريا , والمصابة بزلزال مالي قد يكلفها قيادة العالم , تبحث عن حلول كانت تعدها عيبا على الآخرين ..!  فهاهي تذهب للتدخل في المصارف والشركات بعد أن كان شعارها ( دعه يعمل دعه يمر) وفي هذا الشأن كتب الفيلسوف البريطاني ( جون غري ) في صحيفة ( الاوبزيرفر) يوم الأحد 29- 9- 2008 تحت عنوان "لحظة الانكسار في سقوط قوة أميركا"  (( إن ما نمر به من غليان في الأسواق العالمية هو أكثر من أزمة مالية، بل هو (تغيير جيو سياسي) تاريخي يعاد فيه تشكيل موازين القوى في العالم دون رجعة، ويعلن فيه انتهاء حقبة الهيمنة الأميركية التي تعود منذ الحرب العالمية الثانية". ويضيف : مع تأميم الولايات المتحدة لأجزاء حيوية من نظامها المالي، فإن نظام أميركا الخاص بالأسواق الحرة يدمر نفسه بنفسه في حين تبقى الدول التي احتفظت بسيطرتها على الأسواق في أمان.))لقد أطلقها الرئيس الروسي (مدفيدف) علانية حينما هوت بورصة وول ستريت : لقد ولى زمن الهيمنة الأمريكية إلى غير رجعة ...! لايعني نهاية النظام المالي الأمريكي انهيار اقتصاد دولة عظمى فحسب , بل هو نهاية إمبراطورية تسود العالم , وتتفرد بالقرار الدولي يعني نهاية العولمة ونهاية المشروع الأمريكي في العالم ولاسيما مشروعها المسمى بالشرق الأوسط الكبير , وسقوط أخلاقي وقيمي (غوانتينامو وأبو غريب) وكذلك بروز قوى جديدة نأت بنفسها عن نصائح صندوق النقد الدولي ( كالصين) وفي هذا المجال يقول الخبير الاقتصادي الأمريكي (جوزيف ستجليتز ) في كتابه ضحايا العولمة الصادر عام 2002 : (إن كانت العولمة لم تنجح في تخفيف الفقر , فإنها لم تنجح أيضا في تأمين الاستقرار , إن الأزمات في كل من آسيا وأمريكا الجنوبية هددت الاقتصادات والاستقرار في البلدان النامية كلها , هناك مخاوف من انتشار عدوى مالية حول العالم بحيث يؤدي انهيار العملة المتداولة في إحدى الأسواق الناشئة إلى انهيار العملات الأخرى بالمثل , ففي عامي 1997-1998 بدا لفترة ما أن الأزمة الآسيوية تشكل تهديدا لكل الاقتصاد العالمي .إن العولمة وإدخال اقتصاد السوق  لم يحققا النتائج الموعودة في روسيا وأغلب الاقتصادات الأخرى , التي تقوم بعملية التحول من الشيوعية إلى اقتصاد السوق , لقد قال الغرب لهذه الدول : إن النظام الاقتصادي الجديد سيجلب لهم  رخاء اقتصاديا غير مسبوق , وبدلا من ذلك جلب لهم فقرا غير مسبوق...! لقد أثبت اقتصاد السوق من نواح ٍ كثيرة بالنسبة لأغلب الناس أنه الأسوأ حتى مما تنبأ به زعماؤهم الشيوعيون . إن التناقض بين التحول في روسيا الذي وضعت هندسته المؤسسات الاقتصادية الدولية , والتحول في الصين الذي وضعت الصين تصميمه بنفسها لا يمكن أن يكون أكبر من ذلك , فبينما كان إجمالي الناتج المحلي للصين عام 1990 لا يمثل سوى 60% من إجمالي الناتج المحلي لروسيا , انعكست هذه النسبة في نهاية عقد التسعينيات , ففي الوقت الذي شهدت فيه روسيا زيادة غير مسبوقة للفقر , شهدت فيه الصين انخفاضا غير مسبوق للفقر ..! )لقد كانت مرحلة الرئيس الأمريكي ( بيل كلنتون ) مرحلة مهمة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية , فقد برزت العولمة كظاهرة اقتصادية تسمح لأمريكا أن تتسيد العالم بعد هزيمة الشيوعية , وهذا ما زاد الشعور لدى فوكوياما أن نظرية نهاية التاريخ صحيحة .! وتناسى أن عدوتهم الشيوعية قد بشرت بذلك قبل حين في انتهاء العالم بمرحلة المشاع ..! لكنه لم ينتبه إلى أن أمريكا تعتمد على الثالوث المهلك ( الطغيان والاستكبار والربا ) وهذا مخالف للسنن الإلهية , وقد دفع الخيال (بفوكوياما) أن النهاية ستكون بالليبرالية الأمريكية بعد أن استعرض آراء من سبقه ونقضها , لكن توقف أمام الإسلام قائلا : (يبدو أنه من الممكن استثناء الإسلام – مبدئيا على الأقل – من هذا الحكم العام حول الايدولوجيات المنافسة للديمقراطية , فالإسلام يشكل أيديولوجيا متجانسة ومنتظمة , مثله في ذلك مثل الديمقراطية والشيوعية , مع دلالته الخاصة في الأخلاق ومذهبه في السياسة والعدالة الاجتماعية , وقد هزم الإسلام في الواقع الديمقراطية الحرة في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي موجها تهديدا خطرا للممارسات التحررية حتى في البلاد التي لاتمثل قوة سياسية ذات بال ,  وقد شهدت نهاية الحرب الباردة تحديا سافرا للغرب من قبل العراق الذي يشكل الدين الإسلامي عاملا مهما في تكوينه الإيديولوجي , وعلى الرغم من الحديث عن جاذبية الإسلام العالمية , إلا أن الحقيقة الواضحة والأكيدة وهي أن هذا الدين ليس له أي جاذبية خارج المناطق ذات الثقافة الإسلامية , فقد انتهت أيام الغزوات الثقافية الإسلامية , قد يكسب الإسلام أحيانا أتباعا ساخطين على أوضاع معينة , لكن لا رنين له لدى الشباب في برلين أو طوكيو أو موسكو مثلا , وبينما يوجد حوالي بليون من البشر ذوي ثقافة إسلامية – أي حوالي خمس سكان العالم – إلا أنهم لايستطيعون تحدي الديمقراطية الحرة الموجودة في بلادهم على المستوى الفكري أو النظري , وفي الواقع فالواضح أنه بات ممكنا اختراق العالم الإسلامي - على المدى الطويل  - بالأفكار التحررية , لأن مثل هذه الأفكار قد جذبت العديد من المسلمين الأقوياء خلال القرن ونصف الماضيين , ويبدو أنه من أسباب إحياء الأصولية الإسلامية التهديد الذي أحست به هذه المجتمعات الإسلامية التقليدية بسبب اختراقها بالقيم والأفكار الغربية التحررية ) نظرة فوكوياما للإسلام  مليئة بالتناقضات وإن ما مر ّ عليه بكلمات تحتاج إلى وقفات لاسيما حين عدّ الإسلام أيدلوجية متجانسة ومنتظمة مثله مثل الديمقراطية والشيوعية , وهذا فهم قاصر جدا فالإسلام ليس فكرا من وضع البشر حتى يقارن بأفكار البشر وأيدلوجياتهم المختلفة سواء كانت شيوعية أو ديمقراطية , ثم أضاف ( مع دلالته الخاصة في الأخلاق ومذهبه في السياسة والعدالة الاجتماعية ) فلم يبين ماهية تلك الأخلاق , والسياسة , والعدالة الاجتماعية .. والفكرة الأخيرة هي كلمة السر في عظمة الإسلام وقدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية ..!وحين نظر إلى نسبة المسلمين في العالم رأى أن هذه النسبة على ضخامتها ليست ذات تأثير , وعد الثقافة الإسلامية التي سماها (غزوا ) ليس بإمكانها أن تجذب أنصارا لها في العواصم الغربية والمتقدمة , والذين يعلنون إسلامهم نتيجة حالة سخط هؤلاء المنضمين للإسلام من أوضاع معينة ولا ندري ما الذي رمى إليه بهذه العبارة ..؟ متجاهلا أن الذين يعلنون إسلامهم من كبار العلماء والمفكرين الغربيين ..! ثم خلص إلى نتيجة أن الأقوياء كما أسماهم من المسلمين ينجذبون للنموذج الديمقراطي الليبرالي , وهنا يعني أن البقية الباقية ضعفاء وبالتالي يمكن اختراق المجتمعات الإسلامية ولو كان ذلك على المدى البعيد -  وهو لا يفرق بين ضعف المسلمين الحالي وقوة الدين الإسلامي -  متناسيا أن شعوبا مختلفة قد دخلت الإسلام من خلال معاملات وأخلاق التجار المسلمين ولاسيما في شرق آسيا ,وزعم أن الانجذاب من هذه الفئة  ( الأقوياء ) وسهولة الاختراق من قبل القيم والأفكار الغربية  التحررية  للمجتمعات الإسلامية قد ساهم في بروز الأصولية الإسلامية ..!فوكوياما المعتز بأمريكيته تجاهل طغيان أمريكا بل برر للمهاجرين ما فعلوه بالسكان الأصليين كما ذكرنا آنفا , وكذلك الاستكبار ومحاولة فرض الثقافة الأمريكية على الآخرين بالقوة , وهو ذهب إلى أبعد من هذا فقد رأى أن النموذج الأمريكي هو الأخير حتما وإن كان من متغير فسيكون طفيفا جدا متناسيا حركة التاريخ وتغير الظروف طبقا للحالة التي يمر بها الناس , وكذلك الحالة الاقتصادية الأمريكية القائمة على الربا كباقي العالم الغربي الغارق في المعاملات الربوية , وهذه الحالة انسحبت على دول العالم أجمع من خلال المصارف الربوية وبنظرة سريعة للحالة التي وصل إليها الاقتصاد الأمريكي القائم على مبدأ الحرية نجد أن (الاقتصاد الأمريكي فقد في يومَي الاثنين والثلاثاء 29-30/9 فقط في (وول ستريت) تريليون دولار في صورة هبوط في قيمة الأوراق المالية المتداوَلة.وعمليات الإنقاذ في التجربة الأمريكية والعالم تجاوزت حتى الآن رقماً غير مسبوق، وهو ثلاثة تريليونات دولار, اثنان منها في التجربة الأمريكية ..!) وقد قدّم الخبير الاقتصادي د عبد الحميد الغزالي مجموعة من الحلول : ( 1- وقف المضاربات, أي المقامرات، وبالذات التعامل في المشتقات، وهي: الخيارات والمستقبليات والتحوّطات لتغيرات سعر الفائدة.2- محاسبة المسؤولين عن الجهاز المصرفي بعامة والوحدات التي انهارت بخاصة.3- تشديد رقابة السلطات النقدية, وعلى رأسها البنك المركزي، في ممارسة العمل المصرفي بعامة وضخ الائتمان بخاصة.4- اعتماد السياسات المصرفية بحزم وصرامة، خاصةً في ما يتصل بإدارة السيولة والربحية وبإدارة مخاطرة الائتمان وبإدارة كفاية رأس المال.5- الاستمرار في ضخ سيولة في شرايين الاقتصاد, حتى لا تنهار أساسيات القاعدة الإنتاجية، وندخل في كساد عالمي عظيم.6- أخيراً وليس آخراً.. التفكير الجاد من قِبل المُنظِّرين الغربيين وأصحاب القرار في دراسة تطبيق النظام الإسلامي البعيد عن سعر الفائدة الربوية، والقائم على معدل الربح كأداة لإدارة النشاط الاقتصادي المعاصر، الذي يستند على استثمار حقيقي لتوسيع القاعدة الإنتاجية، وليس على أساس استثمار مالي قوامه المضاربات, أي المقامرات والمغامرات والاستغلال والفساد.) لقد أثبتت التجارب أن نجاح تجربة ما لا يعني استمرارها , وبالتالي يمكن مراجعتها والاستفادة من تجارب أخرى لاسيما إذا كانت ذات بعد أخلاقي وقيمي , ومثال ذلك المصرفية الإسلامية وتحريم الربا  , والعودة للمعادن النفيسة , ولقد سبق( لديغول )أن طالب بالعودة للمعادن النفيسة وكذلك نظرية رئيس وزراء ماليزيا السابق ( مهاتير محمد ) في العودة للدينار الذهبي .أمريكا التي سحبت الغطاء الذهبي عن الدولار منذ سبعينيات القرن المنصرم أدى ذلك إلى انخفاض سعر الدولار منذ عام 1973 حتى هذا الوقت أربعين مرة ...! إضافة للتضخم وأخيرا الغرق في حالة الكساد وانعدام ثقة المستهلك ..!فهل لفوكوياما أن يعي عظمة الدين الإسلامي ... وأنه ليس فكرا من وضع البشر.. وهو الذي بشر بنهاية التجارب الإنسانية بالتجربة الأمريكية..؟  وهل سيشهد بأم عينه نهاية أمريكا والتي باتت وشيكة... وهي مسألة وقت ليس أكثر ...؟! وسيتذكر طويلا أن النهاية كانت بدايتها بالتمدد الإمبراطوري وغزو بلدين مسلمين , وإن مفكري الاقتصاد الغربي بدأوا بالاستعانة بنظام المصرفية الإسلامية للخروج من الأزمة ..! وأن نهاية أمريكا يكمن بداخلها لاسيما بالخلل الاجتماعي  والشذوذ الجنسي , والزواج المثلي , وارتفاع نسبة الجريمة .. أحمد الهواس  كاتب وإعلامي سوري مقيم في القاهرة  [email protected]