الرئيسية - دنيا الإعلام - عيد الثورة ..ورقصة الطير المذبوح
عيد الثورة ..ورقصة الطير المذبوح
الساعة 12:00 صباحاً البديل خاص بقلم/ خليفة المفلحي


لو افترضنا أننا ركبنا آلة الزمان وعدنا إلى الوراء 47 عاماً أو يزيد وسألنا أنفسنا: هل يحق لنا أن نحتفل بالثورة؟
ولو افترضنا أن علي عبدالمغني ورفاقه انتقلوا على آلة الزمان إلى العام 2009.. فهل كانوا سيقومون بالثورة؟
تساؤلات تم استهلالها بكلمة لو .. ولو تفتح عمل الشيطان وأعوذ بالله منه ويبدو أن الشيطان اللعين سوف يقفز الآن إلى رؤوس الكثيرين مستغلاً ورود هذه الكلمة لتعكير الصفو وإذكاء الفتنة بيننا وبين مبغضي الإمامة وعشاق الأنطمة الديمقراطية الذين نحن منهم خاصة والفتنة على أشدها هذه الأيام ونحن نعيش في أجواء مستعرة من الطائفية والصراع.
وقبل أن يصدّق أحد منّا الشيطان.. لماذا لا نكون منطقيين ونقارن بين هاتين المرحلتين والتي أخذت باعاً طويلاً من المقارنات والنقاشات على مدى عقود من الزمان ولا زال الجدل قائماً إلى اليوم.
قال محمد علي الربادي رحمه الله في كلمة وجهها للرئيس (سيدي الرئيس حفظكم الله، كلما جئتم بخطاب لعنتوا العهد البائد وأسرة آل حميد الدين، وفي عهد أسرة آل حميد الدين كان هناك جوع وكان هناك أمن ولكن في عهد فخامتكم هناك جوع وهناك خوف فأمنوا لنا واحدة منهما لنشهد لكم أنكم مثل أسرة آل حميد الدين) والمعنى واضح وهذه مقارنة بسيطة استطاع المرحوم الربادي أن يلخصها بجملة بسيطة ليضع الإمامة بكل مساوئها في صف أعلى قليلاً من عهد الديمقراطية المزعومة.
لنعد مرة أخرى إلى الافتراض الجدلي ولنفترض أن آلة الزمان قد اقلت الربادي إلى العام 2009 ورأى بأم عينيه كيف أصبحت الوحدة اليمنية مجرد وحدة جغرافية وقد أفرغت تماماً من مضمونها وأن الشعب اليمني قد تم تمزيقه أشلاءً ما بين وحدوي وانفصالي وحوثي وسني وشيعي ورافضي وشيخ وخادم وقبيلي وسيد ومطلع ومنزل و. و.. ولم يعد يجمع أبناء اليمن الواحد أي رابط نفسي أو عضوي سوى المواطنة بالإكراه.
ترى هل سوف تكون كلمته الشهيرة هذه كما هي وسيظل ينظر إلى الوطن بنفس النظرة التشاؤمية أم أن درجة التشاؤم سوف تصل إلى الذروة وستكون كلمته أقوى من تلك خاصة وأنه لم تقم حرب صيف 94 بعد ولازالت الوحدة بشكلها القديم ولازال الشريك الآخر موجود على الساحة وأسعار المعيشة أقل بكثير وكذلك انطفاءات الكهرباء ولم يكن هناك حراك ولا حوثية ولا حرب صعدة مع الإشارة إلى أن هناك من يقول أن كلمته هذه قد أوصلته إلى نهايته لأنه توفي بعدها بثلاثة أيام فقط.
نحن لا نترحم على أيام الإمام لأنها بكل الأحوال ساهمت بشكل كبير في خلق الوضع القائم اليوم ولا زالت آثار التجهيل والعزل عن العالم الخاجي باقية إلى اليوم بل ان النظام الحالي قد استفاد كثيراً من أساليب التجهيل المتبعة وطورها لتواكب المتغيرات وأصبحت قطرنة عصرية تناسب القرن الواحد والعشرين والألفية الثالثة لأن النظام يمتلك عقلية إمامية وأسوأ.
ولكن يجب على الجميع وبدون استثناء أن يأخذ في الاعتبار فترة نصف قرن من الزمان مرت ونحن بهذه الحالة المزرية وكأن الثورة قامت لقتل الإمام فقط وليس لتغيير الصورة الحضارية لليمن ونقلها إلى مصاف الدول المتقدمة.
نصف قرن من الزمان كافية لأن تؤسس دولة ابتداءً وتتطور وتسير مع عجلة الزمن حتى ترتقي بشعوبها إلى أي أعلى مستوى إذا وجدت القيادة الرشيدة.
لا أعرف سبباً واحداً للرقص والاحتفال والكرنفالات بمرور هذه المناسبة ولا أعرف أين مصدر البهجة والسرور في قلوب اليمنيين لأن الرقص تعبير عن البهجة وكيف يمكن أن يحتفلوا وهم يرزحون تحت وطأة الجوع والألم والحرب والظلم والظلمة التي تخيم على المدن اليمنية وخاصة العاصمة وهذه المناسبات لم تؤت أكلها بل أشقت المواطن وأتعسته من بين خلق الله وإنما تحولت الثورة إلى رمز مقدس يجب الاحتفال به على كل حال مثلها مثل الوحدة مثل علي عبدالله صالح وغيرها من الرموز.
ولكن إذا كانت رقصة الشعب اليمني ناتجة عن الألم والشقاء فيحق له فالطير المذبوح يرقص ألماً كما قال الشاعر: (فالطير يرقص مذبوحاً من الألم) وهذا الشعب المذبوح لا يملك خياراً إلا أن يحاكي الطير في رقصته ويعبر عن آلامه وشقائه من خلال الرقص بألم، بينما يرقص الآخرون فرحاً على رؤوس الثعابين كما يقولون وهم في الواقع لا يرقصون إلا على جراح الشعب، ونشاهد أيضاً في الأفلام الهندية يرقصون في قمة الحزن والمعاناة ومن يدري ربما يكون الرقص الفلكلوري للشعب اليمني من هذا النوع.


[email protected]