"حقوق الإنسان" ترحب بقرار واشنطن فرص عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان من الحوثيين الإعلان رسميًا عن استضافة المغرب والبرتغال وإسبانيا لكأس العالم 2030 البنك المركزي يعلن بدء العمل الفعلي بنظام الحساب البنكي الدولي IBAN عدن.. إنعقاد ورشة العمل التأسيسية لمشروع تحسين فرص الحصول على الأدوية الفريق الداعري يلتقي السفيرة البريطانية لدى اليمن الرئيس العليمي يهنئ القيادة السعودية بفوز المملكة باستضافة مونديال 2034 الحكومة: السلام في اليمن لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلى عن خيار الحرب وزير الدفاع يبحث مع القائم بأعمال السفارة الصينية مستجدات الوضع في اليمن فرنسا تدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى الانسحاب من الجولان واحترام سيادة سوريا المخلافي يشيد بالبرامج والتدخلات الإنسانية لمفوضية اللاجئين بتعز
في هذة الايام وفي ذكرى الثورات اليمنية التي فـُرغت من مضامينها لابد علينا أن نبحث عن أسباب ما وصل الية حالنا في اليمن ، ونحن في الوحدوي نت ومن منطلق شعورنا بالمسئولية تجاة وطننا الحبيب نبحث من خلال منبرنا عن تلك الأسباب فوقع إختيارنا على أحد الأقلام اليمنية الشابة الرائعه والذي يحاول دائماً من خلال كتاباته وأراءة المحكمة تسليط الضوء على مكامن الخلل وإبداء الأراء بكيفية إصلاحها إستشعاراً منه لحجم الخطر الذي يحدق بالبلاد والعباد فكان لنا هذا الحوار الثري مع الأخ والكاتب الفذ إسكندر شاهر .
حاورة من أمريكا عمر الضبياني ...
عمر : بداية مرحبا بك اخي الكريم إسكندر على صفحات الوحدوي نت .
إسكندر : شكراً جزيلا ً اخي عمر .
عمر : دكتور اسكندر نعيش هذه الأيام ذكرى الثورة اليمنية سبتمبر وتليها أكتوبر ونوفمبر كيف تقرأ هذه المناسبات ضمن المعطى الراهن ؟
اسكندر : كما ذكرت في سؤالك (ذكرى) الثورة وكلنا نعرف ما ذا تعني الذكريات الماضية بالنسبة للبشر لأن الثورة الحقة هي تلك المتدفقة كسيل أو المتراكمة ككرة ثلج.. ولكنها صارت ذكرى حزينة ويجري إهانتها كل يوم بممارسات أكثر من ملكية وإمامية وتتوج هذه الأفعال بإهانة سنوية في 26 سبتمبر من كل عام.. الثورة صارت ذكرى أي شيء من الماضي وكان الشعب يتعشم بها خيراً ليتعرف على المستقبل ولكنه ظل رهنا للماضي الذي يلعنونه ليل نهار ولم يفرغوا بعد من هذه التعويذة المملة الفارطة والاسطوانة المشروخة ، كان أمل الشعب من الثورة أن تخرجه من دياجير الظلام إلى رحاب النور ولم يتحقق ذلك على كثير من المستويات وبخاصة على المستوى الثقافي الذي تريد أن تركز عليه في حوارك هذا مع أن المستويات الأخرى التي هبطت لا تقل أهمية بل وخطورة كالمستويين السياسي والاقتصادي والأخطر هو المستوى الاجتماعي وهذا المستوى بالذات مربوط بأحد أهم أهداف الثورة وهو تحقيق الوحدة التي أعلنت في 90م وأزهقت روحها في 94م وتم النيل منها بعد ذلك بتكريس الضم والإلحاق وصولاً إلى القضاء على النيل من الوحدة الاجتماعية التي كانت قائمة وآكدة قبل مايو 90م وبتنا لا نلمح منها سوى شبحها المقيم الموحش الذي يهدد السلم الأهلي لشعب واحد عبر التاريخ فالأزمة أصبحت غائرة في النفوس وبات إنقاذ الحالة بحكم الواجب التاريخي والمسؤولية الوطنية و القومية الكبرى.
عمر :بما أننا سنركز على الثقافة والتي كان رفع مستواها أحد أهداف الثورة فكيف ترى الحال ؟
اسكندر : بتقديري الثقافة والثورة صنوان لا يفترقان فالمثقف هو ثائر حتى يتنازل عن ثورته ويتحول إلى أي شيء آخر كأن يصبح رعوي بامتياز كما هو حال كثير من مثقفينا الذين ينافسون الرعية من الهمج الرعاع على مقايل ومكاتب وأبواب العسكر والمسؤولين والمشائخ القبليين والدينيين وعلى نوادي أبناء كل هؤلاء ممن استيقظوا على أموال وأملاك وحالة طبقية لم يجهدوا أنفسهم حتى في التفكير والبحث قليلاً عن ماهيتها . فتجد بعض مثقفينا من يقال بأنه محسوب على الرئيس وآخر محسوب على علي محسن وآخر على أحمد علي وثالث على يحيى صالح وبعضهم في كنف حميد وثلة في ديوان حسين وآخرون مع عمار وطارق والشيخ فلان وووو.....إلخ .
الغريب أن بعضهم يبحث جاهداً عن مبرر لتمرير رعويته وأكثر هذه المبررات شيوعاً هو قولهم أن هذا هو الأمر الواقع مع أن مهمة المثقف الذي هو ثائر بالضرورة تكمن في تغيير الأمر الواقع . أما إذا كان القصد من المثقف هو الدارس أو المتعلم فما أكثرهم في اليمن وغير اليمن . وإنه لمن المؤسف أن يسهم المثقف في إعادة إنتاج سجنه وسجّانه عبر تنظيرات ما أنزال الله بها من سلطان .
ولعل المرحوم الشاعر الكبير عبد الله البردوني كان أكثر من وعى هذه الإشكالية وكان أكثر تعبيراً عن فكرة ارتباط الثقافة بالثورة فهو يرى أن الثورة مشروع مستمر إلى أن تحقق أهدافها الرامية إلى إقامة المجتمع الذي يسوده العدل والمساواة... فهل نرى شي من هذا أم نلمس تكريس لكل هذا ولغيره من المثالب ما ظهر منها وما بطن ؟!!!!.
عمر :وبالنسبة لثورة سبتمبر التي نحن في ذكراها؟
اسكندر: ثورة سبتمبر جرى الانقلاب عليها في المهد وكانت الكارثة أكبر عندما تحول شكل المؤامرة من الرغبة في إعادة الملكية وحصار صنعاء الذي فشل إلى مرحلة تفريغ الثورة من مضمونها لأن ما تحقق بفعل الشكل الثاني للمؤامرة كان أخطر وأقسى وأشد على الشعب والوطن وأبلغ لمقاصد أعداء الثورة من الخيار الأول وهو عودة الملكية لو تحقق هذا .. ولكنه لم يتحقق وتحقق الخيار الأخطر والأسوأ المتمثل في تفريغ الثورة من مضامينها وتحويلها إلى مسخ . وقد تحول مسار الثورة في المهد بانقلابات متكررة طمعا بالسلطة وجلها من وحي المؤامرة الكبرى ثم وئدت الثورة بمقتل الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي الذي كان يشكل بارقة الأمل لإعادة الاعتبار لأرواح الشهداء ونضال الأحرار وجرى حرق جثة الثورة وذر رمادها أشتاتا في عهد علي عبد الله صالح .
عمر : وكيف تنظر إلى مقولة واحدية الثورة سبتمبر وأكتوبر ؟
اسكندر : مقولة مضللة ولا تخلو من تسطيح من جهة وتمرير فكرة أخطر من جهة ثانية فالمعروف ان لكل ثورة ظروفها الذاتية والموضوعية الخاصة بها .. صحيح إن شعبنا اليمني واحد لكن ما كان يعاني منه الشمال غير ما كان يعاني منه الجنوب وعلى نحو مغاير تماماً والظروف التي أفرزت ثورة سبتمبر ليست ذاتها الظروف التي أفرزت ثورة اكتوبر .. وهذا لا يعني البتة نفي التعاون والتكامل بين الثورتين بحكم الانتماء المبكر والمشترك للحركة الوطنية منذ أربعينات القرن الماضي وتشهد بهذا التكامل كثير من الوقائع التاريخية وكان الثوار يتنقلون شمالا وجنوباً بحكم واحدية الشعب وهي الواحدية الأساس.. ولعلك تلحظ تكريس هذه المقولات منذ ما بعد حرب 94م التي تتحدث بشكل أو بآخر عن الأصل والفرع .. الشمال أصل والجنوب فرع وسبتمبر أم واكتوبر إبن ونوفمبر خالة ، فالمقصود تكريس التبعية حتى في القضايا التاريخية ونضالات الشهداء وحتى ظروف أسرهم التي تختلف باختلاف الثورة فإن كانت أسرة لشهيد سبتمبري فهي أسرة للثورة الأم ولو كانت أسرة لشهيد أكتوبري فهي أسرة للثورة الإبن وغير ذلك من أنواع وصنوف التمييز والانفصال فهم يتحدثون عن واحدية الثورة وعن الوحدة الوطنية ويقسمون اليمن آحادا.
عمر : ثمة من يلاحظ بوضوح غياب المثقف اليمني عن أي دور قومي أو خارج اليمن عربياً وإسلامياً وعالمياً كيف تفسر ذلك ؟
اسكندر :هناك عوامل كثيرة ومتظافرة وراء هذا الغياب والتغييب فهناك عوامل ذاتية وأخرى موضوعية فكيف يمكن لمثقف لا يضطلع بدوره الطليعي والريادي في مجتمعه أن يكون له أدنى تأثير في الخارج وقد لمست هذا الغياب مجسداً وصارخاً بحكم إقامتي الطويلة في الخارج لأكثر من عقد من الزمن ابتداءا بالوطن العربي سوريا ولبنان وصولا إلى الولايات المتحدة وكنت دوماً أواجه أسئلة عن غياب المثقف اليمني بل إن هذا الغياب لم يكن فقط في الخارج أو لشأن عربي أو عالمي بل كان كثيرون يبذلون جهوداً مضنية في البحث عن مثقف يمني يتحدث عن القضايا اليمنية نفسها سواءا في الفضائيات أو المؤتمرات والندوات وغير ذلك من الفعاليات المختلفة. أضف إلى ذلك أن أي دور مأمول للمثقف محلياً وخارجياً لا يمكن أن يحصل في ظل حياة ما قبل الدولة التي تفرض بطبيعتها نمط من الوعي أو بالأحرى تكرس وعي تقليدي لم يتحرر بعد من ربقة القبيلة أو الهامش المحدود للمدينة التي لم يكتمل نموها على نحو يساعد المثقف في التفاعل والتغيير الإيجابي بل إنه ووفقا لهذه النمطية يفقد المثقف أدواته كل يوم كما ذكرت سابقا ليتحول إلى رعوي .. ولا نغفل بأن ماقبل الدولة يعني أن تبقى أسير جدران عازلة والتخلص منها لن يتأتى بلغة انهزامية ( الأمر الواقع ) فالثورة لا يضطلع بها سوى أقوياء النفوس والتغيير دون تضحيات محض هراء .
الإشكالية الأعمق وهذه تندرج ضمن العوامل الذاتية أن المثقف نفسه لديه حالة من التنافر واللاوعي مع الثقافة فهو ربما ينظر إليها على أنها أداة تتمظهر من خلالها ذاته ويصف عبرها واقعه لكنه لربما لايدرك بأن عليه أن ينتج الثقافة وبالتالي يكون صانع الأداة لا مالكها وحسب . وهذا ينسحب أيضاً على كثير من المثقفين العرب . كما أنني أربط بين الغياب والتغييب للمثقف اليمني خارج الحدود إلى تكامل بين ما يحصل من تكسير لمجاديفه بسلطة تكرس التخلف بصورة ممنهجة وبين مؤامرة خارجية يستطيع من يدقق في الأمور أن يكشف قنواتها علماً أن المثقف اليمني لو أتيحت له الظروف اللازمة والمناخ الإيجابي يحقق إبداعاً وحضوراً نوعياً فهو يمتلك خصوصيات خلاقة .
عمر : وبالنسبة للعلماء أليسوا من طبقة المثقفين أم أعلى شأنا وكيف يمكن قراءة دورهم ؟
اسكندر : العلماء ورثة الأنبياء –كما في المأثور- وهذا يعني أنهم الأجدر بقيادة التغيير ويُنظر إليهم على أنهم منارات الهدى فبأيهم اقتديتم اهتديتم .. وهم أعلى رتبة من المثقفين لو جسدوا دورهم بفعالية ولكن عندما تحولوا إلى وعاظ للسلاطين وأسروا أنفسهم في مقولة طاعة ولي الأمر –كيفما اتفق- لا وبل تحولوا إلى مروجي فتنة في بعض المواقف والحالات المشهودة وأصحاب فتاوى حرب بين أبناء الوطن الواحد ومنتجي تطرف وتكفير وإرهاب ومتمسحين في بلاط الحاكم فضلا عن المسؤولين فلا خير في هكذا ورثة .. والأنبياء منهم براء .. وتحضرني هنا مقولة قديمة تقول : إذا رأيت الملوك في أبواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء وإذا رأيت العلماء في أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك .. وهذا هو واقعنا. وأتذكر هنا أن هذه المقولة سمعتها أيضاً وأنا أحضر مناقشة دكتوراه في جامعة دمشق لطالب يمني وكان الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد إلى جانبنا وفي مقدمة الحاضرين فما كان من الدكتور السوري المشرف إلا أن رحب بفخامة الرئيس وقال هذه المقولة وكان لها وقع كبير على الحاضرين .
عمر : اسمح لي بعيداً عن هذا التكثيف الثوري الثقافي أن أسألك جانبياً فهناك من يتهمك بأنك حوثي وهناك من يتهمك بانك انفصالي كيف ترد ؟
اسكندر: أحسب أن من رتبوا هذه الاتهامات المتناقضة واقعين تحت تأثير جهلهم المركب فكلا القضيتين متباينتان شكلاً ومضموناً ولكنهم ربما احتاروا فلست من شمال الشمال ولا من الجنوب ودوما المنطقة الوسطى جغرافيا وفكريا تكون محيرة ومثيرة للجدل ولكن ما لا يعلمه أصحاب التهم الجاهزة انني انتمي إلى وطني الكبير المنكوب وليس إلى الوسط أو الشمال أو الجنوب وأنتمي أكثر إلى نكبته المقيمة ومن هذا المنطلق كان دفاعي عن صعدة عبر القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية ومن المنطلق ذاته كان دفاعي عن الجنوب واعرف أن ذلك كان أمراً مزعجاً لمن يحارب صعدة والجنوب وما لايدركونه ان الدفاع عن صعدة لا يعني الحوثية والدفاع عن الجنوب لا يعني الانفصالية ، ونتوقع منهم كل التهم وأخشى عليهم من كثر ترديدهم وصرفهم للتهم أن يصابوا بما أصيب به الشاعر الحطيئة الذي ذم وجهه القبيح حين قال :
أرى لي وجهاً قبح الله شكله فقُبح من وجه وقُبح حامله
عمر :فماذا نحتاج اليوم إذا ونحن على هذه الأحوال المؤسفة ؟
اسكندر :نحتاج إلى ثورة مختلفة غير تلك الجامدة المجمدة التي تتصدر أهدافها الصحف الرسمية ، وهذه الثورة لا تقل شأنا عن ثورتي سبتمبر وأكتوبر بل إنها ستكون أعظم ثورة في تاريخ اليمن المعاصر لو قيض الله لها أحراراً أقوياء نفوس وأصحاب عزائم .. ثورة التغيير الحقيقي المنتظرة التي سيكون الجياع جيشها والمثقفون الثوريون روادها بعد أن يعلنوا عن فك ارتباطهم بالأطر الاستاتيكية التقليدية التي رهنوا حاضرهم ومستقبلهم بها ، وكما ذكرت سلفاً بأن الثورة والتغيير دون تضحيات هو محض هراء والترفع عن المصالح الخاصة والضيقة أمر حتمي من أجل التغيير .. فلا تقول لي بان من يتمسك بمليارات معظمها من أموال الشعب ولا يريد أن يقدم اعتذاراً أو تنازلاً .. يمكن أن يقود التغيير أو الثورة ..
فأسباب الثورة متوافرة ومتعاظمة وباتت ناجزة على نحو لم تتوافر فيه من قبل فالجماعات الثائرة يؤدي إلى تشكلها – حسب البردوني- شدة حرمان الغالبية وترف الأقلية من حكام وتجار ، فلم تكن تلك الجماعات إلا نتاج ظروفها ومن وجود ظالم ومظلوم ، ومترف ومحروم .
ونحن أحوج ما نكون إلى الثورة والتغيير للوصول إلى دولة أولاً ، ولكن دولة محددة المعالم نفهم دلالاتها وأبعادها وأطرها معرفياً وتنظيمياً بما يحقق المدنية الحديثة مدنية الحق والقانون والعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية من خلال عقد اجتماعي يتوافق عليه اليمنيون ويحتكمون إليه بدلا من احتكامهم إلى الفراغ والضياع والتيه المعربد ولننتمي حقيقة لا تلفيقاً إلى هذا العصر الذي نعيشه ، ومالم يحصل ذلك قريباً فإننا مقبلون على أكثر من صوملة وسيتحول الشعب إلى طوائف متقاتلة من شارع إلى شارع ومن طاقة إلى طاقة ومن زوة إلى زوة كما أنذر بذلك كبيرهم الذي علمهم السحر .
وأخيراً ..نتساءل .. لماذا لا نقدم تضحيات وقد بتنا ( أضحيات ) ؟!!.. ويقول المتنبي :
إذا غامرت في شرف مروم
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم .
http://www.alwahdawi.net/news_details.php?sid=6546