الرئيسية - تقارير وحوارات - أطفال اليمن.. مستقبل محفوف بالمخاطر في ظل الحرب!
أطفال اليمن.. مستقبل محفوف بالمخاطر في ظل الحرب!
صورة ارشيفية
الساعة 04:04 مساءً الثورة نت../

لم يكد المولود محمد عبداللة سعد يكمل شهرة الثاني من العمر حتى بدأ الجفاف يداعب جسده مفسحا المجال لظهور هيكلة العظمي واضحا للعيان ومنذرا بمضاعفات صحية تتهدد وظائف الكلى.

محمد من قرية يعر مديرية عنس محافظة ذمار ولادته طبيعية وكان وزنة في الشهر الأول سبعة كيلو ونصف، بحسب تأكيد والدته، ووزنه حاليا (2 كيلو و600جرام) وهو في الشهر الخامس من العمر.

أم محمد حكيمة محمد ناصر( 20 عاماً ) قالت: "أن مولودها كان يتناول الحليب من ثديها بشكل طبيعي لمدة شهرين، وبعد ذلك أصيب بإسهال طرش فأسعفناه إلى مستشفى ذمار العام وبعد ثمانية أيام رقود تم تحويلنا إلى مستشفى السبعين بصنعاء".

الفحوصات التي أجريت لمحمد أظهرت إصابته بضمور في الكلى نتيجة الجفاف الناجم عن سوء التغدية الوخيم الذي أصيب به.

أخصائي التمريض فؤاد محمد الريمي أكد : "أن حالة محمد تحت المتابعة وبالإمكان تجاوز المضاعفات الناجمة عن سوء التغذية، ووظائف الكلى تعود تدريجيا إلى حالتها الطبيعية بعد أسبوع من رقوده، بعد أن كانت مرتفعة بسبب الإسهال والقي المستمر".

وأضاف: "تم إعطاءه المغذيات الوريدية بحسب وزنة والآن بدأنا إعطاءه الحليب ومتابعة الحالة وان شاء الله يعود إلى حالته الطبيعية ولكن هذا يحتاج إلى وقت".

                        ضيق في المريء

الطفل رماح احمد السروي (6سنوات) يعاني من ضيق في المريء ويحتاج إلى عملية جراحية، ولأنة يعاني من جفاف وسوء تغذية، تقرر إحالته إلى مستشفى السبعين للرقود وتغذيته عبر أنبوب عن طريق الأنف  للوصول إلى حالة تثبيت وزن أولاً لضمان إجراء العملية.

"الوضع المادي للأسرة صعب جدا، فوالدة مقعد، لذلك بعنا كل ما نملك لإجراء العملية لرماح"، والحديث لوالدته سمية حسن السروي (25سنة)، والتي استطردت قائلة: "يعاني رماح من عيب خلقي في المريء، وكلما شرب الحليب يتقيأ فأصيب بحالة سوء تغذية، وجئنا إلى مستشفى السبعين، والحمد لله بعد ثلاثة أشهر تحسنت حالته، وزاد وزنة وأخرجناه لإجراء العملية، ولكن بعد أسبوع واحد فقط حصلت له انتكاسة وعدنا من جديد إلى هنا، ولنا حتى الآن شهرين في قسم التغذية بالسبعين، ووزنه لم يتحسن، وما كنا نملكه من مال لإجراء العملية صرف في علاجات ومواصلات، وما تبقى معنا قد لا يكفي لإجراء العملية".

معظم الأطفال الرقود في قسم التغذية بمستشفى السبعين، والحالات التي تم تحويلها إلى مستشفيات أخرى قادمين من محافظات مختلفة لخروج معظم المراكز والمنشات الصحية في القرى والمديريات عن الخدمة، وانعدام العلاجات وغياب الكوادر الصحية عن المستشفيات في مراكز المحافظات بسبب الحرب الدائرة في اليمن، وإيقاف صرف المرتبات.

الطاقة الاستيعابية للمرضى بقسم معالجة أمراض سوء التغذية بمستشفى السبعين هو (24) سريراً فقط، لا تواكب الأعداد الكبيرة للمرضى الذين يتوافدن إلى القسم، ما يدفع القائمين عليه إلى تحويل الحالات الوافدة التي تتطلب رقود إلى مستشفيات أخرى، مثل الكويت وزايد ومركز الزبيري بصنعاء القديمة ومركز علي عبدالمغني بمديرية الوحدة ومركز 22 مايو بضلاع همدان وغيرها من المراكز.

ووفقا لإحصائية الحالات التي دخلت القسم منذ بداية العام الجاري وحتى منتصف يوليو، فقد وصلت إلى 264 حالة مقارنة ب479 حالة مرضية رقدت لنفس الفترة من العام الماضي .

وخلافا لما قد يعتقد البعض أن النقص في عدد المرضي الرقود لهذا العام يعكس تحسن الوضع الصحي، يرى أخصائي التمريض هائل الجرباني عكس ذلك مرجعا الأسباب  إلى زيادة تدني المستوى المعيشي للمواطنين بشكل عام، وعدم امتلاك  الأهالي  القدرة على إيصال مرضاهم إلى المراكز الصحية في مراكز المحافظات  فضلا عن إيصالها إلى العاصمة.

                               خدمات طبية وعلاجية

من جانبه يؤكد رئيس قسم أمراض سوء التغذية بمستشفى السبعين الدكتور عبداللة ثابت حجاش أن القسم يقدم عناية طبية متكاملة بما فيها التغذية وفي حال وجود مرضى ليست في تخصصنا نحيلهم إلى الأقسام المختصة بعد إنعاشه ووصوله إلى الوزن المطلوب مثل الفشل الكلوي أو التخصصات التي تتطلب تدخل جراحي.

وأضاف حجاش: "تختلف فترات رقود المرضى في قسم التغذية تبعا لحالة المريض واستجابته للغذاء الجاهز وبعد تعافي الحالة تتحول إلى العيادة الخارجية لمواصلة الغذاء العلاجي الجاهز للاستخدام".

المرور العابر في قسم أمراض سوء التغذية بمستشفى السبعين بأمانة العاصمة يكفي لاستخلاص حجم ما يعانيه هؤلاء الأطفال من ملامح وجوههم الشاحبة.. وأجسادهم النحيلة.. وعظامهم البارزة الملتصقة بجلودهم.

وبحسب تقارير حديثة لمنظمة اليونيسف فإن الخدمات العامة الأساسية في اليمن على شفير الانهيار التام، حيث لم يعد هناك سوى 51 في المائة من إجمالي المرافق الصحية لا تزال تعمل بشكل كامل رغم أنها تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات والموظفين.

 وفيما يتعلق بحجم المعاناة في اليمن، بينت منظمة اليونيسف أن 24 مليون و100 ألف شخص بحاجة إلى مساعدة إنسانية، وأن 10 ملايين مواطن يمني يعانون من الجوع الشديد، و(238) ألف شخص يعيشون في جيوب من المجاعة الكارثية.. ونحو (2,3) مليون نازح من منازلهم، و360 ألف طفل دون الخامسة من سوء التغذية.