الرئيسية - اقتصاد - سوء التغذية في اليمن .. تداعيات تدق ناقوس الخطر !
سوء التغذية في اليمن .. تداعيات تدق ناقوس الخطر !
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تقرير/ زكي الذبحاني –

مشهد سوء التغذية في اليمن ملامحه الأسوأ فهي على أشدها تسلب البراءة سبل العيش الأمن أو تقود بها إلى حياةُ مفرغةُ من السعادة يطويها الحزن وتكبلها العلل والآلام..

إنه أشبه إلى الوصف بكارثة انبرت آثارها وأضرارها بشدة فطالت مئات الآلاف من الأطفال في بلدُ فاض بالخيرات قديماٍ فنال حينها – عن استحقاق- لقب ” أرض العرب السعيدة”..

يحكي تقرير منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة(اليونيسف)تفاصيل مثيرة تضع اليمن في مصاف أكثر البلدان معاناةٍ من سوء التغذية المزمنº في مرتبة ثانية بعد أفغانستان والصومال فأشارت إلى أن(10ملايين) شخص في اليمن يعاني من انعدام الأمن الغذائي و(5ملايين) من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد بينما يرزح مليون طفل دون سن الخامسة تحت وطأة المعاناة من سوء التغذية الحاد في جميع أنحاء البلاد وما يزيد عن(270ألف)طفل مهدد بالموت بسبب سوء التغذية الأمر الذي ينذر بوضع كارثي ما لم يتم تداركه عبر تدخلات صحية وتغذوية وقطاعية فورية وطويلة الأجل. وبشيء من التفصيل ذكر تقرير منظمة اليونيسف أن أكثر من(50%) من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من التقزم وما نسبته (45%)من هذه الشريحة العمرية تحت طائلة المعاناة من نقص الوزن وأن ما نسبته (13%) من الأطفال يعانون من الهزال العام في حين يعاني الكثيرين منهم من فقر الدم والكساح وغيرها من مظاهر سؤ التغذية الناجمة عن نقص الحديد واليود وفيتامين(أ). ومن جانبها صنفت اليونيسف اليمن ثاني بلدان العالم بعد أفغانستان في مؤشر قصر القامة(التقزم)التي تصل نسبتها بين الأطفال دون سن الخامسة المتعثرين في النمو إلى(58%) وهذا المؤشر في محافظة ريمة اليمنية أسوأ ما يمكن توقعه إذ يصل إلى ما نسبته(70%) ويْعبر عن سوء تغذية مزمن يتطلب للوقاية ومنع المزيد من المعاناة إلى تدخلات تغذوية صحية طويلة الأجل. ويْشار إلى اليمن على أنه بلد يْعاني أعلى معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تصل إلى نحو (78) وفاة لكل (1.000) ولادة حية وهذا يعني أن نحو(69 ألفاٍ) من الأطفال يموتون سنوياٍ قبل بلوغهم سن الخامسة. ويعد سوء التغذية بمعية تردي الخدمات الصحية السبب الرئيسي وراء معظم حالات الوفاة لنحو(74)طفل من بين(2.500) طفل مصاب بالحصبة إثر تفشي هذا المرض في الآونة الأخيرة وفقاٍ لإحصاءات رسمية. وفي قراءةُ للواقع المرير بسلبياته ومآسيه أشارت منظمة أوكسفام إلى أن العديد من اليمنيين يعيشون على الشاي والخبز! وفي وصفُ جامعُ للعوامل والأسباب قالت ماريا كاليفيس- المدير الإقليمي لليونيسف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا: ” إن النزاعات والفقر والجفاف بالإضافة إلى الاضطرابات الحاصلة في اليمن منذ العام الماضي وارتفاع أسعار الغذاء والوقود وانهيار الخدمات الاجتماعية كلها عوامل تهدد صحة الأطفال وبقائهم”. وتابعت كاليفيس القول: ” الآن أكثر من أي وقت مضى لا بد من تجديد التزامنا بتحقيق مستقبل أفضل وأكثر أمناٍ لأطفال اليمن ومع استعداد اليمن لبدء مرحلة جديدة يجب وضع الأطفال في صدارة الأجندة السياسية للبلاد لضمان توفير احتياجاتهم وحفظ حقوقهم”. لافتةٍ إلى أن مشكلة سوء التغذية في اليمن ليست محصورة في قلة الغذاء ومعتبرةٍ المسألة أكثر تعقيداٍ كونها ترتبط بحرمان طويل ومستمر وأن لها أبعاداٍ أخرى كضعف الصحة والافتقار إلى التحصين والبيئة الصحية الملائمة وأضافت كاليفيس: ” إن هذه المشكلة تزداد سنة بعد أخرى وتفاقمت بشكلُ خطير جداٍ خلال الأزمة التي شهدها اليمن عام 2011م”. في حين صنفت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) اليمن عام 2009م في المرتبة (48)بين البلدان التي تضم أعلى نسب وفيات الأطفال في العالم. وبحسب (أندرو مور)فإن أسباب تزايد الوفيات لدى الأطفال ترجع إلى عدة عوامل يمكن تجنبها منها حالات الولادة في المنازل على أيدي قابلات غير مؤهلاتº الأمر الذي يتسبب في زيادة حالات الوفيات وخاصة في الساعات الأولى من الولادة. ناهيك عن سوء التغذية لدى الأطفال في اليمن والتغذية بالزجاجة والتغذية المختلطةº باعتبارها من الأسباب المؤدية إلى ارتفاع نسب الوفيات فما نسبته(88%)من الأطفال في سن ستة أشهر يعتمدون على الرضاعة الصناعية في حين أن طفلا من بين طفلين يعاني من سوء التغذية وبعض الأمراض المصاحبة لسوء التغذية. ولا ترى منظمة اليونيسف المساعدات الغذائية كافية وحدها لمعالجة سوء التغذية لافتةٍ إلى وجود حاجة ماسة لبذل جهدُ أكبر لدعم الأمن الغذائي للأسر وإلى تغيير الممارسات والسلوكيات الغذائية المتبعة إلى جانب توفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية الأولية وخدمات التغذية مثل الأغذية العلاجية والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي والنظافة للسكان المتضررين من النزاعات المسلحة. فشحة المياه الصالحة للشرب مع ضعف الوعي الصحي العام – بنظر المحللين الاقتصاديين- قد أديا إلى اتساع المشكلة إلى حدُ كبير وشكلا معاٍ عاملاٍ بارزاٍ لسوء التغذية في اليمن معتبرين مستويات الفقر التي ارتفعت- وفق التقديرات- بنسبة(10%) منذ بدء الأزمة السياسية في اليمنº بأنها قد فاقت كل العوامل الأخرى. كما أعطت استمرارية تفاقم سوء التغذية في المجتمع بعداٍ آخر عكس حجم الهوة المعرفية وسوء فهم طبيعة المشكلة ومسبباتها وبالتالي طرائق معالجتها.

الجدير ذكره أن اهتمام المواطنين وحتى معظم الجهات الحكومية المعنية ليس بمستوى يليق بقضية سوء التغذية التي اتسعت كثيراٍ في اليمن يقابله -على الطرف الآخر- ضعف إمكانيات وموارد الحكومة الانتقالية التي تسعى جاهدةٍ لتصل البلاد إلى حالة الاستقرار السياسي والأمني ولا تدخر وسعاٍ في السعي لحل الكثير من القضايا العالقة على الصعيدين الإنساني والاقتصادي كقضية سوء التغذيةº بعملها على تلافي المزيد من التدهور في بنية الاقتصاد الوطني. وغياب دور المواطن في تلافي مشكلة سوء التغذية يعتبره خبراء التغذية قرين ميله إلى أنماط تغذية لا تحقق الفوائد الصحية المرجوة للجسم بقدر الضرر الذي يمكن أن تتسبب به خصوصاٍ إذا ما تعلق الأمر بالأطفال دون سن الخامسة مْؤكدين أن نيل تغذية صحية مثالية ليس بالضرورة تمنحها أصنافاٍ غذائية غالية الثمن طالما تتوافر بدائل عنها أقل ثمناٍ وتحقق التنوع والمردود الغذائي والصحي المنشودين بما لا يشكل عائقاٍ أمام الكثيرين من محدودي الدخل.