الرئيسية - كــتب - الصقعبي في (حالة كذب)
الصقعبي في (حالة كذب)
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

– • قرأنا السارد السعودي عبدالعزيز الصقعبي قاصا.. في المجموعات القصصية (لا ليلك ليل ولا أنت أنا) و(الحكواتي يفقد صوته) و(فراغات) وفي (يوقد الليل أصواتهم ويملأ أصواتهم تعب) وهو الكاتب المسرحي في (صفعة في المرآة) واليوم نقرأ له رواية (حالة كذب) الصادرة عام 2009 المركز الثقافي العربي الدار البيضاء-المغرب.. وهي ليست الرواية الوحيدة فقد صدرت له ثلاث روايات أخرى خلال الأربع السنوات الأخيرة. رواية حالة كذب.. 175 صفحة.. توزعت على 37 قسما.. تعالج في قالب فني مبتكر حالة من الحالات النادرة التي قد يجد الفرد نفسه أمام أكثر من شخص يتشابهون معه في الملامح ونفس العمر.. بل ليس شبه نسبي فقد قدم لنا الصقعبي في روايته شخصية تعاني من تطابق الملامح والصفات مع أكثر من شخص. قدم الكاتب تلك الحالة بأسلوب شائق.. حيث يمثل الراوي (منصور) الشخصية المحورية لتدور بقية الشخصيات الثانوية من ذكور وإناث في فلكه.. الراوي موظف بأحد المؤسسات بالرياض.. يبدأ الكاتب من أول صفحات الرواية بإدخال القارئ ومشاركته في تلك الحالة الملتبسة التي تمثل البحث عن الشبيه.. صاحب السعادة مالك الشركة.. و أثناء تكليفه بالسفر إلى شمال أوربا لحضور معرض خاص بالتقنيات الرقمية.. ليقابل خميس ياسين في إحدى المطارات (ترانزيت).. وهو الشبيه الثاني.. يغادره خميس ليكتشف منصور أنه قد نسي أجندته التي وجدها أسفل المقعد الذي كان يجلس عليه خميس. تلك الأجندة وما دون عليها خميس من يوميات ومواقف استخدامها الكاتب استخداما فنيا ذكيا.. كحيلة فنية لمشاركة صوت آخر يضيف للرواية شيئا◌ٍ من التجديد والتشويق.. وهذا يحسب للمؤلف رغم أنها في بعض الأجزاء أثقلت على القارئ كونها لم تكن متماشية مع تنامي أحداث الراوية. الشبيه الثالث يظهر من خلال لقاء الراوي (منصور النبيل) في كوبنهاجن بالمهندس المصري أحمد عبدالخالق القادم من أميركا لحضور نفس المعرض.. ليتعارفا على اعتبار أن منصور هو فيصل الذي أكان قد التقاه المهندس المصري في أميركا لفترة دراسته في الحاسوب. ليتضح له بأن من أمامه ليس فيصل.. وهنا تبدأ علاقات جديدة من خلال ذلك التشابه بينه وبين فيصل مع معارف فيصل: المهندس المصري.. موزة الباحثة الإماراتية والقادمة إلى المعرض لنفس الغرض.. ثم الدكتور محمود الأخرس فلسطيني قادم من لندن وزوجته دكتورة عفاف للمشاركة في المعرض.. سوزي امرأة من نيوزيلندا بالجزء الجنوبي من الكرة الأرضية جاءت للمشاركة في المعرض.. مايا فائقة الجمال من لبنان وهي شاعرة وموظفة بأحد شركات التقنية الرقمية. الكاتب استطاع من خلال هذا العمل أن يشرك القارئ في عالم مبتكر.. وهذا يذكرني بالكثير من الروايات التي يبتكر فيها الكتاب مجتمعا طارئا.. تتباين فيه الثقافات وتتنوع وتتعايش.. وأن يجعل القارئ يعيش تلك اللحظات في جو من الخيال والمتعة. موزة التي مرت في تجربة عاطفية مع الشبيه فيصل أثناء دراستها في أميركا.. وهو المتزوج والأب لطفلين.. وهنا يمثل فيصل الرجل العربي الذي تقوده دوما شهواته رغم تدرجه في السلم التعليمي ورغم سفراته إلى مجتمعات تختلف ثقافاتها عن ثقافته.. وموزة وهي الفتاة التي تمثل الجيل الجديد بتفكيره المنفتح المتأثر بمنطق التطور.. ولذلك يجد القارئ معجبا بأسلوب تفكير موزة وطريقة حياتها وتعاملها مع محيطها. فيصل بعقليته التقليدية في نهاية المطاف يقع فريسة للأفكار المتطرفة.. فبعد عودته إلى وطنه السعودية.. يترك الحياة وأسرته وراء ظهره ويذهب ليموت مجاهدا خارج وطنه. منصور المتأرجح بين ما هو حديث وبين ثقافته التقليدية.. نجده يمثل شريحة الشباب العربي الذي يحاول الخروج من عنق الزجاجة متجاوزا ثقافته وموروثة.. ليتلمس محيطة بثقة.. فنجده مع موزة يميل بعاطفته ولا يجرؤ.. ونجد مع النيوزيلندية سوزي يتعامل معها كصديق لامرأة مثلية وكفى.. ونجدة مع مايا فارقة الفتنة.. وهي المنفتحة.. ليجد نفسه منقادا لها.. وهي التواقة لإعجاب محيطها من الرجال. المختلف في هذا العمل.. أن الرواية لم توظف الجنس بالشكل الفج الذي تتناوله بعض الروايات دون توظيف فني.. مخالفا بذلك بعض الروايات في السعودية.. وهذا يحسب للصقعبي. ولا أقول الكل فهناك أعمال المزيني والحميد والعالم واليوسف.. وامقاسم التي لا توغل في الجنس مثل روايات عبده خال.. عبدالله بن بخيت.. وغيرهم.. أنا مع توظيف الجنس في الرواية ولست مع الأدب الجنسي. وقبل الختام أحب أن أذكر أن تلك الأجواء التي سيطرت على الرواية لنعش حالة من الالتباس بفضل تلك القدرة الفذة على تصوير الراوي وهو يبحث عن أشباهه: فيصل.. خميس.. وغيرهم متنقلا بين الرياض وجدة بعد عودته من شمال أوربا.. ليكتشف بأن من يبحث عنه هو نفسه.