استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية وفد عسكري يطلع على سير العمليات العسكرية في محور علب بصعدة الارياني يرحب بإعلان حكومة نيوزيلندا تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية نيوزيلندا تصنف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية الارياني: استمرار تجاهل التهديد الحوثي وعدم التعامل معه بحزم، سيؤدي لمزيد من زعزعة الامن والاستقرار المكتب التنفيذي لأمانة العاصمة يناقش انتهاكات الحوثي وتحديات النازحين وكيل شبوة يفتتح إفتتاح مشروعات امنية في المحافظة
د. عبد المطلب جبر –
لا شك في أن ما كتبه الرحالة الغربيون سواء أكانوا بريطانيين أم فرنسيين أم أمريكيين أم ألمان عن الجزيرة العربية يعد أحد المصادر المهمة لكتابة تأريخ بلادنا والتعريف بها من مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والجغرافية وغيرها. وكثيرة – في الواقع- هي تلك الكتب والدراسات التي ألفها الرحالة الغربيون عن الجزيرة العربية. بعضهم كتب عنها بشكل عام ومنهم من اكتفى بتناول جزء منها أو إحدى مدنها. وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة التي تنطوي عليها الكتب والدراسات التي ألفها الرحالة والباحثون الأجانب عن شبه الجزيرة العربية فحتى اليوم لم ينل معظمها الاهتمام المناسب من المترجمين والباحثين لاسيما تلك التي كتبت منها باللغة الفرنسية. ولا ريب في أن قلة عدد الباحثين والمترجمين عن اللغة الفرنسية من أبناء الجزيرة وطغيان الثقافة الإنجليزية والأمريكية في المنطقة يعدان من أبرز أسباب ذلك الإهمال من قبل المؤرخين والباحثين. وقد دفع هذا الإهمال أ.د. مسعود عمشوش – الذي حضر الدراسات العليا في جامعة السوربون بباريس- إلى الاهتمام بالوثائق الفرنسية ليساعد الباحثين والمؤرخين العرب على الخروج من دائرة القراءة الأحادية والاعتماد على الوثائق الإنجليزية فقط عند كتابتهم لتاريخنا الحديث والمعاصر. وسبق للدكتور عمشوش أن أنجز منذ العقد الأخير من القرن الماضي عددا من الدراسات والترجمات اعتمد فيها على النصوص الفرنسية التي كتبت حول الجزيرةº منها بحث بعنوان (قراءة فرنسية للاحتلال الفرنسي لعدن سنة 1839) وترجمة (وثائق الأراضي الفرنسية في الجزيرة العربية). ومن أشهر الرحالة الفرنسيين الذين زاروا الجزيرة العربية خلال القرن التاسع عشر الأديب الدبلوماسي الكونت جوزيف آرثر دي غوبينو (1816-1882). وبما أنه لم يحظ باهتمام أي باحث عربي حتى اليوم فقد اختار د. مسعود عمشوش أن يكرس له كتابه الثامن الذي رأى أن يركز فيه على دراسة الصورة التي رسمها دي غوبينو لثلاث مدن تقع على سواحل الجزيرة العربية: جدة وعدن ومسقط وذلك في الفصول الثلاثة (الرابع والخامس والسادس) من المجلد الأول من كتابه (ثلاث سنوات في آسيا Trois ans en Asie). وبعد أن حاول المؤلف في الجزء الأول من الكتاب إزاحة النقاب قليلا عن شخصية الكونت جوزيف آرثر دي غوبينو لاسيما عن أفكاره العنصرية والاستعمارية والعوامل التي دفعته لزيارة جدة وعدن ومسقط والحديث عنها وأهم ملامح كتابه (ثلاث سنوات في آسيا) قام في الجزء الثاني بعرض الأبعاد الأثنولوجية/العنصرية التي ركز عليها الرحالة دي غوبينو في تصويره لمدن جدة وعدن ومسقط. وفي الجزء الثالث تناول الأبعاد الاستعمارية: الاقتصادية والسياسية التي تبرز في تقديم دي غوبينو لتلك المدن الساحلية العربية. ويلاحظ د. عمشوش أن دي غوبينو بعكس كثير من الرحالة الغربيين لم يتناول مختلف جوانب الحياة في المدن العربية التي زارها بل ركز على تقديم الأجناس البشرية التي تعيش فيها ورصد طبيعة نشاطها التجاري والاقتصادي الذي رأى أن السكان المحليين هم المستفيدون منه. لهذا يؤكد أن نصوص دي غوبينو تحاول أن تقدم نفسها “كدروس بالغة الأهمية” للمستعمر الفرنسي بدرجة أساسية وتسعى كذلك إلى تبريره من خلال تبني منطلقاته “الحضارية” والعنصرية. ومن الواضح أيضا أن الصورة التي رسمها دي غوبينو للمدن العربية التي زارها قد تأثرت كثيرا برغبته في توظيف نصه للبرهنة على صحة ما ذهب إليه من أطروحات (نظرية وفكرية) حول تفاوت الأجناس البشرية. وهي أطروحات عنصرية في المقام الأول وبعيدة عن الدقة والموضوعية العلمية ولا تستند في الغالب إلا إلى المنطلقات الثقافية والعنصرية للمؤلف. وفي خاتمة الكتاب يدعو الدكتور عمشوش الباحثين العرب إلى الاهتمام بمختلف نصوص الكتاب الغربيين الذين كتبوا عن العرب والبلاد العربية بمن فيهم أولئك المنظرون العنصريون الذين تناولوا العرب بشكل سلبي كما هو الحال في (ثلاث سنوات في آسيا). فهذه الكتابات العنصرية تعد مرتكزا لأطروحات كثير من قادة اليمين العنصري مثل هتلر أو الفاعلين في الغرب اليوم الذين يرون في تقدم العالم الثالث خطرا على عالم (الأسياد البيض) الذي لا يمكن إنقاذه إلا من خلال منع الأجناس والشعوب الأخرى من التقدم. ويكتب :”ربما يرى بعض القراء أنه بعد أن باتت علاقات التآلف والاتحاد راسخة بين الأشقاء العرب في مختلف أرجاء الجزيرة العربية ليس من المناسب اليوم تناول بعض جوانب تاريخ هذه الجزيرة في القرن التاسع عشر أي في تلك الحقبة التي شهدت فيها المنطقة مثل غيرها من مناطق العالم عددا من الاحتكاكات بين المتنافسين الطامحين للوصول إلى دفة الحكم. ولهؤلاء أقول إننا في الحقيقة واقعون تحت تأثير طريقة تقديم الغربيين لتاريخنا. كما أننا في كثير من الأحيان لم نبادر نحن إلى كتابة تاريخنا بأنفسنا بطريقة تبين حقيقة تلك الاحتكاكات وتعطي للأحداث وصانعيها أسماءها الصحيحة. فمن الواضح اليوم أن الغرب ليتمكن من فرض هيمنته على مصادر المواد الخام وطرق التجارة في البحار والموانئ العربية سعى منذ مطلع القرن التاسع عشر إلى توظيف رغبات بعض العرب الطامعين للحكم لضرب بعضهم بعضا وأطلق عليهم صفة: متمردين وقراصنة و….الخ. ولا شك في أن الغرب قد افتعل كثيرا من تلك الاحتكاكات والأحداث وغذاها ووجهها لتحقيق أهدافه الخاصة الرامية إلى السيطرة على طرق التجارة وتقاسم تركة الدولة العثمانية. ويمكننا أن نلمس ذلك في ما كتبه الدبلوماسي الفرنسي دي غوبينو عن مقاومة القواسم للنفوذ البريطاني والفرنسي في موانئ الخليج العربي في نصه حول مسقط”. وفي نهاية الكتاب ألحق المؤلف النص الكامل للترجمة العربية التي أنجزها للفصول الثلاثة المكرسة لجدة وعدن ومسقط في كتاب (ثلاث سنوات في آسيا). فإذا كان قد قام بتنصيص صفحات طويلة منها في ثنايا العرض والتحليل فهناك أجزاء أخرى مهمة ظلت غائبة عن الدراسة.