الرئيسية - الأخبار - انتقلنا من عدن إلى تعز وإلى الحديدة وعبس وصولا◌ٍ إلى جبهات القتال بالمحابشة دفاعا◌ٍ عن الثورة
انتقلنا من عدن إلى تعز وإلى الحديدة وعبس وصولا◌ٍ إلى جبهات القتال بالمحابشة دفاعا◌ٍ عن الثورة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

 -  بين تعز وعدن كانت رحل الطفولة والتعليم لكن لحظة انتشار خبر قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م كان نقطة الانعطافة الاولى نحو مسار النضال الوطني لتبدأ الخطوة الاولى الانضمام إلى طلائع الحرس الوطني ثم الانتقال من عدن إلى تعز ثم إل

> واجهنا في المحابشة قتالا رجوليا من قبل الموالين للبدر لكن قناعتنا بالثورة كانت أكبر من كل التحديات

> الحدث السبتمبري بدأ عسكريا في صنعاء بينما الثورة الشعبية الحقيقية في تعز وعدن

> بين تعز وعدن كانت رحل الطفولة والتعليم لكن لحظة انتشار خبر قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م كان نقطة الانعطافة الاولى نحو مسار النضال الوطني لتبدأ الخطوة الاولى الانضمام إلى طلائع الحرس الوطني ثم الانتقال من عدن إلى تعز ثم إلى المحابشة ثم صنعاء ليكون صموده هو ورفاقه وراء استحقاقهم الابتعاث العسكري ضمن اول دفعة طيران إلى الاتحاد السوفيتي بعد الثورة وتحديداٍ في عام 1963م ليتخرج في 1965م ويواصل الدراسة العليا بأمر من الملحقية العسكرية اليمنية بموسكو ويتخرج في يونيو 1967م ليحمل حقائب العودة إلى صنعاء مطلع نوفمبر 1967م حين كان طوق الحصار يضيق على مشارف صنعاء. بين هذه الأمكنة والمحطات الزمنية تكمن تفاصيل هامة عن اللبنات الاولى لتشكيل الحرس الوطني وجانب من خارطة معاركه في المحابشة ضد فلول الملكية وقصة شقيقه عن البدايات الاولى لبناء القوات الجوية اليمنية. كل هذا شيء بسيط مما تحوي ذاكرة اللواء طيار عبدالله محمد سالم المعمري الذي فزنا بمتعة الاستماع اليه في حوار الذكريات بمناسبة العيد الواحد والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر والعيد الـ50 لثورة الرابع عشر من اكتوبر إلى سطور هذا الحوار: ¶ بداية دعنا نعود إلى مرحلة الطفولة والنشأة المعرفية والتكوينية اختزالاٍ لما تدخره ذاكرتكم عن تلك المرحلة¿ – في البداية ارحب بصحيفة الثورة واحييك في زيارتك لي إلى منزلي المتواضع وذهاباٍ إلى سؤالك حول ما تدخرة الذاكرة من ظروف النشأة والتكوين المعرفي فقد تعلمت في البداية في المعلامة بالقرية ابجديات القراءة وانتقلت إلى عدن وعمري 8 سنوات مع والدي وهناك التحقت ايضاٍ بمعلامة للقرآن الكريم باعتباري شماليا اذ كانت المدارس الحكومية محصورة على أبناء عدن أو من له وساطات مساعد المعهد الاسلامي الذي كان مفتوحاٍ للجميع وكان يعرف بمعهد البيحاني نسبة لمؤسسة محمد سالم البيحاني رحمه الله . ¶ وهل التحقت بمعهد البيحاني¿ – كنت على وشك الالتحاق بمعهد البيحاني لكن الثورة قامت في غضون تلك الايام التي كنت احاول الالتحاق بها حيث وصلنا خبر اندلاعها صبيحة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م. > مقاطعاٍ قبل الدخول في تفاصيل انتشار خبر الثورة ماذا تسترجع من مشاعد الحياة اليومية التي حفظتها الذاكرة في رحلتك من القرية بتعز إلى عدن وكيف كانت وسيلة الانتقال والطرقات¿ – المشاهد كبيرة وبما يكفي لأن نروي ساعات عن ما شهدناه في طريقنا من تعز إلى عدن من مشاعد عن حياة الناس ووعورة الطرقات ومشقة السفر التي لا يتحملها طفل صغير كسني حينها الاسرة محدودة الدخل اذ لم اكن من الطبقة الارستقراطية لكن لا أظن المقام هنا يتسع لشرح ذلك. حدث الثورة ¶ اين كنت ليلة قيام الثورة وكيف وصلك الخبر¿ – ليه قيام الثورة كنت في عدن واتذكر اني كنت اقطن في حارة القاضي بكريتر وصلني الخبر في الساعة السابعة صباحاٍ يوم الخميس يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م حيث جاء يطرق علي الباب الاخ الاستاذ محمد علي باصهي ليبشرني بقيام الثورة في صنعاء وكان عمري يومها بين16-15 سنة. ¶ ماذا كان عمل باصهي ¿ وكيف استقبلت الخبر¿ – كان باصهي جاري وصديقي وكان احد أبناء الحارة واستقبلت الخبر بدهشة وفرحة كبيرة كشاب تواق لان يشهد حدثاٍ لم يشهده من قبل وهو ثورة تغير الحياة إلى الافضل لحظتها خرجنا إلى الشارع فوجدنا الجماهير تخرج من كل حارة وبيت ابتهاجاٍ بهذا الحدث العظيم وكوننا شبابا مندفعين ومتحمسين خرجنا إلى الشوارع والساحات العامة لنتفاجأ بالشعب قد خرج بجماهيره وبصورة لا يتوقعها العقل. ¶ هل كانت هذه الجماهير تعبيراٍ عن الثورة في صنعاء ام كان لخروجها ارتباط باحداث اخرى تجري في الجزء الجنوبي من الوطن¿ – كان هناك قوى وطنية في عدن تناضل قبل 26 سبتمبر على مستوى وطني وحدوي يهدف إلى التحرر من الاستبداد في الشطر الشمالي وتناضل ايضاٍ ضد الاستعمار من اجل الاستقلال في الجزء الجنوبي من الوطن. هذه القوى كانت يمثلها باتحاد عمال اليمن أو القوى الشبابية في المنظمات والجمعيات والتيارات المصرح لها في عدن كلها تنفست الصعداء. وخرجت تحرض الشباب لمناصرة الثورة ودفعهم لمواصلة النضال والذهاب إلى شمال الوطن لمناصرة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والدفاع عنها وهذا الزخم الجماهيري والاستعداد الثوري لم يكن يعني الجماهير وكانت على علم وإحاطة بما يجري في صنعاء من حدث ثوري خلال تلك الفترة بل دليل على تعطش الناس للتغيير لكن دون تخطيط فقد كان الحدث الثوري مفاجأة بدأ بالحركة الانقلابية العسكرية ضد بيت حميد الدين في صنعاء وتحول بزمن قياسي إلى ثورة شعبية حقيقية محورها: تعز وعدن وامتدت لتعم اليمن وكانت تلك المدينتان مركز تجمع القوى الشبابية المتعطشة للحرية والكرامة والتحرر. الانقلاب والثورة ¶ إذا كان الحدث السبتمبري نواة للثورة التي تناغم معها إيقاع الشارع اليمني فلماذا يطلق على ما حدث فى صنعاء بالانقلاب العسكري مبدئياٍ¿ > أي ثورة في العالم لا يمكن لها أن تكون بحدث طبيعي من خارج الأنظمة فهي تبدأ بانقلابي عسكري داخل النظام وبعد هذا الحدث تكتسب شرعية الثورية من عدمها من خلال الشعب والشارع اليمني بطبيعته ثائر بمجرد سماعه بصوت صنعاء باسم الجمهورية.. «هنا صنعاء – الجمهورية العربية اليمنية» خرجت الجماهير عشوائياٍ وتلقائياٍ إلى الشوارع والساحات العامة وكأنهم قادة الثورة ومخططوها ومنفذوها وبدأت القوى الوطنية المناضلة تحث الجماهير بالاستعداد والتوجه إلى تعز وقد هيأت وسائل النقل المختلفة مجاناٍ لمن يريد أن يتطوع في الحرس الوطني. والذي نعرفه أن الثورة لها مواصفات ثورية نضالية تمتد عبر مراحل وتنظيمات منها ما هي سياسية ومنها ما هي عسكرية ومنها ما هو جماهيري شعبي ما علمناه للثورة السبتمبرية إن بدايتها انقلاب عسكري حيث كان هناك تنظيم عسكري تكون قبل الثورة هو تنظيم الضباط الأحرار جميعهم من السلك العسكري وليس التنظيم للشعب جماهيرياٍ كانت مجاميع معينة يمكن معرفتها أكثر من خلال العودة إلى ما نشر عن الإخوة المناضلين من تنظيم الضباط الأحرار وفي مقدمتهم اللواء المناضل عبداللطيف ضيف الله واللواء صالح الأشول واللواء أحمد الرحومي وسيتضح تفاصيل عن حقيقة التنظيم والثورة والانقلاب وغيرها من المفاهيم التي تتصل بالحدث السبتمبري. الحرس الوطني > كنت حسب إشارتك.. ضمن المتطوعين إلى الحرس الوطني ماذا عن هذا التكوين الهام الذي حمل على عاتقه حماية الثورة والدفاع عنها. ¶ كنا ننتمي لخارطة واسعة من اليمن فقد كنا نحن المتطوعين من كل الجهات والمحافظات احتشدنا لمناصرة الثورة فكان أبناء عدن والضالع ولحج وأبين يتجمعون في عدن باعتبارها مركز تجمع بينما أبناء تعز وإب والبيضاء ورداع يتجمعون في تعز التي يقع فيها معسكر الاستقبال وكانت القوى السياسية توزع هذه الجماهير إلى كل من صنعاء والحديدة. > ماذا عنك أين كنت¿ – بالنسبة لي شخصياٍ فقد انضممت كغيري إلى صفوف المتطوعين بمجرد ما سمعت نداءات تلك القوى السياسية التي كانت تطوف بالمايكرفونات وتهلل وترحب بالثورة وتدعو الشباب للتسجيل واتذكر أن جمعية القبيطة واليوسفيين وجمعية بني عمر كانت في الحارة التي أسكن فيها فسجلت مع مجموعة كبيرة من الشباب في الحارة وخلال يومين من التسجيل استدعونا وكانت وسائل النقل جاهزة لتقلنا إلى تعز على نفقات هذه الجمعيات الثلاث ومثل هذه المبادرة والتجاوب عملت المنظمات والجمعيات في كل المحافظات التي ذكرتها لك ليتدفق الناس كالسيل إلى معسكر الاستقبال بتعز. ¶ تتذكر بالاسم من كان ينظمكم ويدعوكم للستجيل¿ ومن الشباب الذين رافقوا رحلتك إلى تعز¿ – كان في مقدمة من يدعو في عدن ويحشد الناس لمناصرة الثورة المناضل عبدالمجيد السلفي وهو أحد قادة القوى السياسية في كريتر صاحب بستان عبدالمجيد السلفي في الشبح عثمان. أما من رافقوا رحلتي إلى تعز فلم أكن أعرفهم وكان مئات تجمعوا من مختلف حارات عدن ولا أتذكر بالاسم من كان معي لكن التعارف حصل في تعز أكثر وأتذكر أنهم وزعونا على شكل مجاميع لنشكل فيالق عسكرية تكون رديفا أساسيا لثورة 26 سبتمبر 1962م تحت مسمى الحرس الوطني وخلال أسبوع من وصولنا كنا دفعة تتألف من أكثر من (270) شاباٍ لننقل إلى الحديدة للدفاع عن الثورة من مناطق الشمال. ¶ من كان ينظمكم ويدربكم في معسكر الاستقبال في تعز¿ وهل تذكر تاريخ وصولكم الحديدة¿ – استقبلنا في تعز مجموعة من المشائخ والمناضلين وكبار تجار المحافظة منهم اللواء قائد سيف حينها أول وزير دفاع حسب تشكيل حكومة الثورة والطيار عبدالرحيم عبدالله والدكتور عبدالرحمن البيضاني ومن التجار عبدالغني مطهر وعبدالقوي حاميم وعلي محمد سعيد والشيخ الرماح الرماح الذي كان يستقبل الشباب في بيته أما وصولنا الحديدة فأظنه كان مطلع نوفمبر 1962م ووصلنا بعد سفر ثلاثة أيام. ¶ ما هو البرنامج الذي تلقيتموه في معسكر الاستقبال بتعز¿ – كانت المسألة عبارة عن تهيئة وتدريب لكل الشباب لخوض المعارك للدفاع عن الثورة لكن بالنسبة للمجموعة التي كنت فيها أتذكر أن قيادة الثورة بتعز ابلغنا اننا سوف نذهب إلى القاهرة لأخذ دورات عسكرية سريعة حيث تكون نواة القوات المسلحة الحديثة وعندما وصلنا الحديدة استقبلنا اللواء محمد الرعيني رحمه الله حينها قدمنا له الكشوفات بالمجاميع التي وصلت لإخباره إننا مسافرون للقاهرة لأخذ دورات عسكرية سريعة ونعود لليمن وإذا به يلقي محاضرة ترحيبية حيث رحب بنا كشباب متعطش للثورة والجمهورية والكرامة وفي نفس الوقت يشرح لنا أن الإمام البدر في المحابشة وعلى مسافة قريبة من الحديدة من جهة حجة وأن البدر يقوم بجمع قبائل هذه المناطق ويمدها بالسلاح من أجل العودة إلى صنعاء واستعادة الملكية وبمنطق القائد الوطني يخيرنا إما بدفع ضريبة الدم حتى تنتصر الثورة على الملكية أو عودة الكل لمكانه بينما السفر إلى القاهرة أمر مؤجل على اعتبار أن الثورة المضادة إذا أسقطت صنعاء فأول من يتعرض للمساءلة والمحاكمة هم قادة الثورة والحرس الوطني وإذا باغلبنا نطالب العقيد الرعيني – حينها – بتدريبنا وتسليحنا وارسالنا إلى جبهات القتال وتم تدريبنا في الحديدة لمدة أسبوعين وتسليمنا بسلاح (شيكي) وثم رحلنا إلى مدينة عبس حجة وكان فيها معسكر لاستقبال الوافدين من عدن ولحج والضالع وأبين وتعز وريمة وآنس. ¶ من استقبلكم¿ – استقبلنا فيه بعض قادة الثورة وأتذكر منهم اللواء أحمد الرحومي واللواء صالح العريض واللواء أحمد قرحش واللواء علي علي الجائفي واللواء عباس المضواحي والنقيب صالح أبوبكر البيضاني وغيرهم وإذا بهؤلاء يجمعون الوافدين ويوزعوهم جماعات وسرايا البعض توجه إلى ميدي وحرض والبعض ابقوهم خدمات في القرى التهامية والزيدية فيما كنت أنا ضمن المجموعة التي توجهت للمحابشة حيث يتواجد البدر وكان بعض القادة كالجائفي والعريض وقرحش في هذه المناطق على رؤوس المجاميع المدافعة عن الثورة وما أتذكره من تلك الأيام هو أننا واجهنا قتالا شرسا في تلك المناطق وللأمانة والتاريخ كان قتالا رجوليا ومستميتا .. من قبل الموالين للبدر حتى النخاع ثم أن قدراتهم القتالية المجربة كانت أفضل من خبرة الحرس الوطني كوننا حديثي التجنيد وبقدر ما كانت القناعة عند الملكيين بنصرة بيت حميد الدين كانت القناعة عند الحرس الوطني بمستوى أكبر للدفاع عن الثورة والجمهورية حتى الموت وبالرغم من وعورة الطريق ومرتفعات الجبال وعدم الخبرة للحرس الوطني في القتال إلا أنه ضحى بالغالي وبالنفيس بالنفس والدم والروح على مدى ثلاثة أشهر استطعنا من خلال دحر قوة الملكية ومناصريها من المشائخ والقبائل وطردهم من مديرية المحابشة والشاهل والقفل وعزان وكحلان الشرف وقارية وقبة مودم وفْصر حتى هربوا ووصلوا إلى رازح وهناك الجبهة الثانية التي انطلقت من صنعاء باتجاه صعدة حتى أخرجوهم إلى حدود الجوار. العودة إلى صنعاء ¶ بعد الثلاثة الأشهر .. والانتصار في المحابشة هل عدتم إلى الحديدة أم إلى صنعاء وماذا عن ظروف العودة¿ – بعد الثلاثة الأشهر والانتصار تلقينا دعوة من قبل المشير السلال ووزير الدفاع اللواء محمد قائد سيف بعد أن علموا أن المجاميع التي وصلت من عدن وتجندت في تعز والتحقت بالحرس الوطني في المحابشة قد ضحوا بأكثر من النصف ما بين شهيد وجريح ومفقود طلبونا للعودة إلى صنعاء وعندما وصلنا صنعاء احتفل بنا وتم استقبالنا استقبالا جديرا بالتقدير. ¶ كم كان عددكم¿ – حين ذهبنا إلى المحابشة من الحديدة كان عددنا نحو (270) شاباٍ جميعنا كانوا مرشحين للذهاب إلى القاهرة ولم يعد منا إلى صنعاء سوى (80) شاباٍ. ¶ هل استشهد البقية¿ – منهم من استشهد ومنهم من جرح وعاد معاقاٍ إلى أهله ومنهم وزع على جبهات أخرى وهم قليل جداٍ.. ¶ بماذا تم تكريمكم¿ – لم يكن تكريماٍ بقدر ماكان ماحصلنا عليه استحقاق حيث حصلنا على منحة دراسية إلى الخارج للدراسة في الكليات البحرية والجوية والبرية وكنت أنا ضمن الدفعة التي رحلت إلى الاتحاد السوفيتي كأول دفعة طيران بعد الثورة السبتمبرية وكان تاريخ الرحلة في مارس 1963م لنتخرج في عام 1965م. ¶ عدتم مباشرة بعد التخرج¿ – عاد زملائي أما أنا فتأخرت لظروف علاجية بعد أن أصبت بوعكة صحية لكنها كانت سببا لالتحاقي مباشرة وبعد تخرجي بتخصص طيران بأكاديمية المدرعات بتوجيهات من الملحقية العسكرية بمسكو وفي يونيو 1967م تخرجت من أكاديمية المدرعات تخصص قيادة لواء فرقة مدرعات للشؤن الفنية. بناء القوات الجوية ¶ كونكم- لواء عبدالله- من أوائل الطيارين اليمنيين بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وبما يدل أنكم من الذين أسسوا القوات الجوية.. هلا حدثتنا عن ظروف تأسيس وبداية بناء القوات الجوية اليمنية¿ – في هذا السياق أتذكر جيداٍ أنه في نوفمبر 1967م بعد خروج القوات المصرية من اليمن تأسست القوات الجوية وحدد تاريخ 20 نوفمبر عيداٍ للقوات الجوية اليمنية وتجدر الإشارة هنا إلى إنني استدعيت بأمر عسكري من القيادة العليا وبصورة عاجلة للعودة إلى التخصص السابق كطيار على اليوشن 28 قاذفات قنابل نظراٍ لخطورة الموقف العسكري بصنعاء وغيرها من الجبهات القتالية الأمامية. ¶ وهل كنت خارج العمل العسكري ليتم استدعاؤك عسكرياٍ للعودة لتخصصك¿ – كما ذكرت لك بعد تخرجي تخصص طيران في 1965م واصلت الدراسات العليا بأكاديمية المدرعات وبعد تخرجي وعودتي في 1967م تم تعييني في سلاح المهندسين في الوقت الذي لم يكن في هيكلة الجيش سلاح مهندسين أصلاٍ ففضلت البقاء في البيت بتعز وفجأة أتاني طلب للعمل في مشروع طريق الحديدة صنعاء: كمترجم من الروسية إلى العربية لمساعدة فريق العمل الروسي واليمني وبالتالي جاء هذا الاستدعاء لعودتي لتخصصي الأول” الطيار” وهي دعوة أوامر كان لي ولزملائي الطيارين الذين كانوا مشتتين خصوصاٍ في ظل إمساك المصريين بكل ما يتصل بالعمل العسكري الجوي كون معظمه مصريا لكن بعد خروج المصريين تأسست القوات الجوية اليمنية وبدأ تشكيل الوحدات الأساسية وإعادت تدريبها وتنظيمها وماهي إلا أيام وإذا بالقوات تزحف من جميع الاتجاهات لإسقاط صنعاء. ¶ ماهي ردة فعل هذه الدفع حينها خصوصاٍ وهي في طور التأسيس¿ – كانت ردة فعلها نابعة من قناعتها الوطنية المخلصة بأن لابديل عن النظام الجمهوري وبالتالي لم يكن لها من خيار سوى الصمود حتى النهاية وقد رفع في هذه الفترة الشعار العظيم” الثورة أو الموت” وقد تكاتفت كل القوى الوطنية الشريفة من المشائخ والأعيان والقبائل للوقوف إلى جانب القوات المسلحة والأمن وأبناء صنعاء الذي أبلوا بلاء حسناٍ في دعم وإمداد القوات المسلحة بكل مايملكون.. وكان هذا الصمود نابع من إيمانهم العميق أن أي تهاون أو تراجع سيعيد سيناريو نهب صنعاء الذي حصل في عام 1948م. ¶ كيف توزعت تلك التشكيلات¿ – تم توزيع جميع التشكيلات القتالية على جميع الاتجاهات للدفاع والصمود بكل ما أوتينا من قوة عن صنعاء ثم الهجوم على فلول الملكيين ومرتزقته واستمر ذلك حوالي 70 يوماٍ وسميت بعد ذلك بحصار السبعين يوماٍ على صنعاء. ¶ كيف عاشت صنعاء كعاصمة للجمهورية في هذه الفترة خصوصاٍ من الناحية الدبلوماسية ووجود البعثات الدولية¿ – في تلك الفترة قررت العديد من سفارات العالم أما تقفل أو تنقل سفارتها ومكاتبها إلى تعز أو الحديدة التي تمثل أكثر أمانا من صنعاء ولم يبق في العاصمة صنعاء سوى سفارة الصين والجزائر ومصر تقريباٍ وعلى اعتبار أن صنعاء بنظرهم قد تسقط خلال أيام كون المؤامرة على الثورة قد اتسعت واسندت من قبل أكثر من 30 دولة عدائية سواء كان هذا العداء مباشراٍ عبر مرتزقيها في اليمن أو غير مباشر بالمال. كما أن العاصمة صنعاء عاشت ظروفا صعبة لم يصمد فيها إلا المخلصين للثورة والنظام الجمهوري بعد أن رحل من صنعاء العديد من القادة الكبار” المرتعشين” اعتقاداٍ منهم أن صنعاء ستسقط لامحالة خلال أيام وسوف تكون رقابهم أولى الرقاب المتساقطة تحت سيف الجلاد غير أن إرادة الله جل شأنه وبفضل الصمود العظيم الذي تحلى به أبناء صنعاء الشرفاء إلى جانب أخوانهم رجال الوحدات العسكرية حديثة التخرج ممثلاٍ بالمدرعات والمظلات والصاعقة والمدفعية وطلاب الكليات الحربية والشرطة العسكرية وكذلك أوائل المشائخ والقبائل الأحرار والذين وقفوا وقفة الرجل الواحد بجانب تلك الوحدات للدفاع عن صنعاء والثورة والجمهورية وبعضهم بأسلحتهم الشخصية كانوا أقوى من كل التحديات. دور بطولي لسلاح الجو ¶ باختصار.. هلا وضحتم لنا دور القوات الجوية في المعارك خصوصاٍ وهو حديث النشأة¿ – رغم حداثة بنائها والظروف الصعبة التي ذكرتها لك إلا أن القوات الجواية الممثلة بأبطال ونسور الجو كان لها الدور الرئيسي واليد الطولا في حماية صنعاء – قلب الثورة والنظام الجمهوري – من خلال ضرب تجمعات الملكية والمرتزقة حوالي صنعاء وضواحيها تمهيداٍ لزحف القوات البرية واحتلال المواقع الرئيسية المهمِة وفتح المجال لدخول القوات المسلحة القادمة من طريق الحديدة صنعاء وطريق تعز صنعاء وكذا مارب صنعاء وجميع المداخل إلى العاصمة ودحر المعتدين المرتزقة الأمر الذي مهد لدخول الامدادات العسكرية والتموينية ومن ثم فتح مطار السبعين ثم مطار الرحبة – ولم يتوقف دور القوات الجوية في فك الحصار على صنعاء بل واصل الطيران المقاتل الذي يقوده ثلة من صقور الجوية اليمنية الأوائل – ضرب تجمعات الملكيين في مواقع خولان وصحانة وصرواح وعلى طريق صنعاء مارب وفي بني حشيش وكذلك في بيت نهامة غربي عيبان بني مطر وهو الموقع الذي كان لضربته أثر إيجابي في إنهاء الحصار حول صنعاء.. أما طياري القاذفات فكانوا يضربون تجمعات وامدادات الملكية في جحانة وصرواح ومارب والمطمة والجوف ووائلة والبقع وصعدة وكناف والسنارة كما تجسد دور القوات الجوية في ما لعبه طيار والنقل من نقل متطلبات القوات المسلحة التموينية واسقاطها جواٍ للقوات المسلحة المرابطة بالجبال والوديان واحيانا كانت تتحول إلى اسقاط الذخيرة والمعدات العسكرية للمقاتلين المحاربين في الجبال والوديان ثم استمر هذا القتال حتى جاء دور المصالحة بين الجمهورية والملكية وانتقل واقع القوات المسلحة إلى البناء والتدريب وإعادة تنظيم القوات المسلحة بحسب العقيدة العسكرية. بناء القوات > بعد الخلاص من هذه المعارك والأدوار هلا لخصتم لنا باختزال مرحلة مواصلة بناء القوات الجوية وصولا إلى الصورة الواضحة والمكتملة¿ – بعد دحر الملكيين واستقرار النظام الجمهوري على مطلع السبعينيات تقريباٍ كنا في القوات الجواية التي تشكلت من خريجي الدفع التي ذكرت لك ومن أبرز ملامح ذروة عمل البناء للقوات الجوية فنياٍ وبشرياٍ هو أننا اثناء تدريب وتأهيل القوات الجوية من طيارين ومراجعين ومهندسين رفع شعار للقوات الجوية هو النصر في الجو يصنع في الأرض كان هذا الشعار تعبيراٍ عن حاجتنا الملحة إلى الجهد والمثابرة والروح العالية لتحقيق انتصار للتأهيل والتدريب والبناء في وقت كانت فيه القوات الجوية محدودة جداٍ على الصعيد البشري وكان الطيار والملاح والمهندس يقوم بأكثر من مهمة فكان الطيار هو سائق سيارة الوقود وهو مشغل عربة الكهرباء وهو حامل الذخيرة بجانب الملاح والمهندس والجندي وكان هناك تعاون كبير وحب وثيق جداٍ بين الطيارين وبقية المختصين إلى حد لا تستطيع فيه تحديد القائد من المرؤوسين نتيجة هذا التلاحم الوثيق الذي من خلاله قام الطيارون والملاحون والمهندسون بدور تعليمي كبير جداٍ للطلبة الذين التحقوا مؤخراٍ بالقوات الجواية كلاٍ حسب تخصصه. ولم تمر فترة إلا وذلك الطالب والكاتب والإداري من أفضل كوادر القوات الجوية يستحقون الجدارة والابتعاث إلى الكليات الجوية في الخارج ومنها الاتحاد السوفيتي ومصر وسوريا واليوم تراهم مرجعية علمية في التخصصات في الكليات والاكاديميات وكلية القيادة والأركان والمعاهد التقنية والفنية في الجمهورية اليمنية وهذا ليس مدحاٍ أو مناٍ وإنما حقيقة أكيدة ولكم أن تعودوا إلى الكليات والأكاديميات العليا والقيادة والأركان والمعاهد الجوية وعاينوا الكادر اليمني المؤهل براٍ وبحراٍ وجواٍ. ¶ هل كان دور البناء محصورا على الدْفع التي تخرجت بعد الثورة التي جاءت من الحرس الوطني¿ وأين كانت دفع ما قبل الثورة¿ – لا لم تكن دفع ما بعد الثورة وحدها هي صاحبة الدور فكانت حديثة وجاءت معضم فيالق هذه الدفع من الحرس الوطني الذي تشكل إبان الأيام الأولى للثورة وخلاصة القول وانصافاٍ لأدوار الآخرين فأن الدفع التي تخرجت قبل الثورة المجيدة أو ما يسمى بالضباط السبتمبريين أو الدفع السبع التي تخرجت بعد الثورة والتي ناضلت وضحت كانت هي القطب المحوري في تأسيس وبناء القوات المسلحة وما تجدر الإشارة إليه هو أن هذه الدفع المذكورة – للأسف الشديد – كافأتها القيادة السياسية والعسكرية عام 2001م بالنفي والطرد والتقاعد وحرمانهم من أبسط حقوق الخدمة المعنوية والمادية المستحقة وفقاٍ لقانون الخدمة العسكرية وقد كان قرار التقاعد الجماعي التعسفي لأكثر من «1500» ضابط وهم أساس القوات المسلحة عدى عدد قليل ممن استثناهم قرار التقاعد التعسفي والقهري لغرض في نفس يعقوب. اخيراٍ ¶ ما هي رسالتك للقيادة في هذه المناسبة¿ – نناشد القيادة العسكرية الحالية بإعادة النظر بشأن حل مشاكل المناضلين القدامى شمالا وجنوباٍ والذين تربيتم أنتم على أيديهم.