الرئيسية - فنون - رحيل المطرب العربي فؤاد سالم غريب◌ٍا في دمشق
رحيل المطرب العربي فؤاد سالم غريب◌ٍا في دمشق
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

■ بعد صراع مرير مع المرض توفي صباح امس السبت الفنان العراقي فؤاد سالم في أحد مستشفيات العاصمة السورية دمشق عن عمر يناهز الـ68 عامٍا عاش أكثر من نصفه في الغربة والمنافي بسبب الظروف السياسية في العراق وعانى خلال السنتين الأخيرتين من مشاكل صحية أدت إلى إصابته بتلف في أنسجة الدماغ أفقده القدرة على النطق والحركة. ونقلت وسائل الأعلام السورية عن نجله حسن أن أسرة الراحل في دمشق تستعد لنقل جثمانه إلى العراق ليدفن في مقبرة السلام في محافظة النجف في ما ارتفعت نداءات لتطالب الحكومة العراقية بتهيئة استقبال مشرف له أما محبوه فهم يستعدون لاستقبال جثمانه في مطار بغداد الدولي بلافتات تنعيه وتؤكد على أصالته والتزامه الفني ونضاله. والراحل مطرب مميز بصوته العذب وأغانيه المعبرة ترك بصمة في الذاكرة الجمعية للمجتمع العراقي من خلال أغانيه الوطنية والعاطفية والأوبريتات الخالدة التي قدمها فضلٍا عن نضاله ضد الأنظمة المستبدة بصوته ووجوده الإنساني فكان بحق رمزٍا من رموز الفن العراقي الملتزم الذي أسرج أغنياته للفقراء والمناضلين والعشاق وكانت أعماله مثل منشورات سرية تتنقل بين الناس وتحمل همومهم وتمنحهم الأمل بالحرية والمحبة والجمال. لم يأبه للتهديدات والضغوطات والإغراءات فكان يغني بملء إرادته للعراق وللحرية وحينما حدث التغيير الكبير كان أول العائدين إلى العراق فجاء إلى بغداد ومن ثم ذهب إلى مدينته البصرة ليعانق كل شيء فيها. سيرته الذاتية لا يمكن اختصارها بسطور بسيطة ولا يمكن الوقوف عند أغنية دون أخرى إسمه الحقيقي فالح حسن بريج من مواليد محافظة البصرة (قضاء التنومة) عام 1945 بدأ نشاطه الفني بالعزف على آلة الأوكورديون ثم انضم إلى فرقة “نادي الميناء الموسيقية” وأشرف على تمرينه الفنان مجيد العلي بدأ الغناء عام 1963 وكان متأثرٍا بالمطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي فكان أول ظهور علني له مع أول أوبريت غنائي عراقي عنوانه “بيادر الخير” في بداية السبعينيات وكان من إخراج الفنان قصي البصري ثم أتبعه بعد عام بأوبريت “المطرقة” ظهر للمرة الأولى على شاشة التلفزيون العراقي عام 1968 من خلال برنامج “وجه لوجه” تبناه في بداية الأمر عازف القانون الفنان سالم حسين ومنحه إسمه “فؤاد سالم” الذي اشتهر به ولحن له أول أغنية في حياته الفنية وهي “سوار الذهب” وكانت من كلمات جودت التميمي ثم غنى “موبدينه نودع عيون الحبايب” التي لحنها محمد نوشي عام 1975. غادرالعراق لأسباب سياسية عام 1977 بعدما فْصل من معهد الفنون الجميلة من ثم مْنع من الغناء في الأماكن العامة ومْنع من دخول مبنى الإذاعة والتلفزيون قبل أن يتعرض للإعتقال وقال ذات مرة: “إستطعت ذات مرة أن أغني في مكان ما لكنهم انتظروني في الخارج وأشبعوني ضربٍا بأعقاب المسدسات وجعلوا دمائي تسيل على الأرض عندها أيقنت أن لا مكان لي في العراق لأنهم سيقتلوني في المرة المقبلة فغادرت العراق وقلبي على كفي”. هرب إلى الكويت وخلال الفترة الأولى لخروجه من العراق كان يتنقل في منطقة الخليج لكنه اضطر بسبب مضايقات النظام السابق إلى مغادرة الخليج والتوجه إلى أميركا التي تركها فيما بعد واستقر في سوريا وكانت خاتمة حياته فيها. قال فؤاد عن نفسه: “أنا من عائلة أرستقراطية ولكن ليست برجوازية وبيت “بريج” معروفون في البصرة وكانوا يرون في تحولي إلى الغناء أمرٍا غريبٍا فأنا حالة شاذة بالنسبة للعائلة”. ويؤكد فؤاد سالم أنه ينتمي إلى أسرة المبدعين الذي لفتهم الغربة وهو يشير إلى أحزانه يوم شاهد الشاعر بدر شاكر السياب وهو على فراش المرض في الكويت وكيف بكى على حاله وحال الأدباء العراقيين الذين لفتهم الغربة قال: “لما رأيت السياب في هذه الحالة مريضٍا ورجله ضعيفة بكيت فهل يعقل رجل عظيم مثله يصل به المرض إلى هذه الحالة”. وأضاف: “أنتمي إلى هذه العائلة المبدعة هؤلاء هم الناس الكبار الذين تربوا على الإبداع وربونا وأعطونا الكثير ونحن لم نعط شيئٍا ومنن المؤسف أن تموت الفنانة زينب في الغربة وكذلك الجواهري والبياتي ومصطفى جمال الدين نحن نطالب بحقوق المثقفين والمبدعين الذين ماتوا ولا بد أن نجد إنسانٍا يقيمهــم لأن التاريــخ سيتذكره” وهكذا إنضم فؤاد سالم لقافلة المبدعين الكبار الذين ماتوا في الغربة. رحل جسد المطرب فؤاد سالم في الساعة الثالثة من صباح يوم السبت (21122013) وسيبقى إسمه خالدٍا في ذاكرة كل الشرفاء وروحه تغرد في الفضاءات: “يا طير الرايح لبلادي أخذ عيوني تشوف بلادي مشتاق لأهلي الطيبين مشتاق لهم من سنين يا عيني يا بلادي” فيما لسان الحال يردد ما قاله الشاعر محمد غازي الـخرس : “مات فؤاد سالم يا للعجب أيموت من يحمل في صوته كل ذلك الحنين¿”.