الرئيسية - عربي ودولي - جنوب السودان من الانفصال الى الذوبان
جنوب السودان من الانفصال الى الذوبان
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

كشفت التطورات المأساوية في جنوب السودان هشاشة هذه الدولة الأحدث في خارطة دول العالم والتي انفصلت عن السودان الأم عام 2011 م بعد استفتاء جرى برعاية الأمم المتحدة بحجة إنهاء الصراعات ومنع الحروب الأهلية التي امتدت لأكثر من خمسة عقود إلا أن هذا الهدف يبدو أنه صعب التحقيق بل قد يؤدي إلى مزيد من التقسيم ومزيد من الحروب في شطري السودان وهو ما دللت عليه أحداث جوبا وبقية المدن في جنوب السودان. فالدولة التي لم يمض على قيامها سوى عامين وحظيت بدعم ورعاية دولية غير عادية خصوصا من قبل الولايات المتحدة الأميركية الداعمة الرئيسية لانفصالها والتي كان يراد لها أن تكون نموذجا للتجانس الداخلي وإرساء أسس الديمقراطية والابتعاد عن مخالب الفساد وواحة للتنمية خيبت آمال الجميع ورجحت التوقعات المتشائمة التي كانت تثار قبل وخلال إجراءات الانفصال وتحول حلم النماء والاستقرار إلى كابوس يهدد هذه الدولة بالولوج إلى حرب أهلية ترتكز على خلفيات عرقية قبلية بعدما بدت مطلع هذا العام في صورة أزمة سياسية بين رفاق النضال وحروب التحرير التي هيمنت عليها جبهة الحركة الشعبية. وما أحداث جوبا الأخيرة التي انفجرت كانت بمثابة الإعلان عن انتهاء نشوة نصر الانفصال وبداية مرحلة من الصراعات التي تكشف رغبة بعض الأطراف داخل الجبهة الحاكمة على الاستحواذ على السلطة وإقصاء المخالفين لهم في السياسات والاتجاهات وهو ما عبرت عنه تبادل الاتهامات بين الرئيس الحالي سلف كير ونائبه السابق رياك مشار الذي سحبت منه الصلاحيات في ابريل من عام 2013 م قبل أن يقال نهائيا في يوليو من العام نفسه وصولا لاتهامه من قبل كير بالوقوف وراء الحركة الانقلابية الفاشلة التي جرت في ديسمبر الماضي وتحولت إلى تصفيات عرقية تهدد بحرب أهلية تقوم على الهوية وهو ما يجعل مستقبل هذه الدولة في مهب الفوضى والذوبان وربما تقسيم المقسم. ورغم ما تملكه هذا الجزء الذي كان إلى ما قبل عام 2011 م من مكونات السودان الطبيعية التاريخية من ثروات وتهافت الشركات الغربية خصوصا الأميركية وأيضا الاسرائيلية التي استغلت غياب رأس المال العربي على الفوز بعقود الاستثمارات ظلت حبيسة الفوضى والفساد والصفقات التي تجرى تحت الطاولة الأمر الذي حرم المواطنين من الكثير مما كانوا يحلمون به أيام التهيئة والترويج للانفصال والحقيقة المرة التي أكدتها لهم أيام ما بعد الاستقلال بأنها سراب والمرعب أكثر أن شبح الصراعات السياسية برزت من جديد وأن هيمنة قبيلة “الدينكا” التي ينتمي إليها كير على كل مفاصل الدولة والتعامل مع المكونات الاجتماعية الأخرى على أنهم متمردون تعيد ذكريات استحواذ الشمال على مقدرات الجنوب وكل هذا يهدد مستقبل دولة جنوب السودان وشمالها بمزيد من الصراعات والحروب التي لا تنتهي.