الرئيسية - السياسية - حزب لا يحبه جيرانه
حزب لا يحبه جيرانه
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

” أنور لم يأتö بعد” استمعت إلى هذه العبارة لمرات متباعدة من أحد أفراد الحراسة في حزب البعث العربي الاشتراكي أثناء جلوسه في غرفة صغيرة مكتظة بمن يبدو عليهم هيئة الزائر. أنور الركن انضم إلى البعث حين بدأ بالنضوج وتدرج إلى أن أصبح مسؤولا تنظيما داخل الحزب الذي شهدت الخمسينيات والسبعينيات ازدهاره عقب تأسسه عام 1956 في بلادنا وعدد من الأقطار العربية بينما شهدت المراحل التالية توزعه إلى سواعد لا تتفق. وقد صار في اليمن كما صار في سواها باستثناء القطر السوري كما توحي بذلك الصور المعلقة على جدران مقر الحزب في صنعاء حيث تتعدد اللقطات المأخوذة لبشار الأسد الرئيس الذي يواجه صعوبة في البقاء مع الاستقرار الذي نعمت به سوريا لعقود . تعرضت بعض صور الأسد المعلقة على باب مقر الحزب من الخارج للتمزق ويبدو أن أيادي كثيرة تنافسه على تمزيق ما تم تعليقه أثناء الانطلاقة أو العودة من مظاهرات تأييد تنطلق من مقر الحزب وتعود إليه في أيام متباعدة. بالنسبة للصور المعلقة على جدران المبني من الداخل نجت من المؤيدين للثورة السورية كما هو حال العاصمة دمشق التي تحمي الرئيس ببدنه وصورته ولم تستطع أن توفر الحماية الكافية لمؤسس الحزب ميشيل عفلق في العام 1966 ولم يجد غير باب للهروب من النخبة الحاكمة العسكرية إلى بيروت ومنها إلى بغداد بعد عبارته المعروفة “هذا ليس البعث الذي عرفت”. لقد كلف التضامن الحزبي للبعث في صنعاء مع أسد سوريا الكثير من المخاوف وكاد التحالف المحلي مع المشترك ينفض لولا تجاهل اللقاءات التي تجريها قيادات في الحزب مع قيادات القطر السوري الذي لا يروق بعض مكونات المشترك . يقل التواجد الكثيف للمجتمعين في غرفة الحراسة كلما تقدمنا نحو الغرف الداخلية للحزب ويصبح يسيرا تعداد الجالسين في الداخل وهم ثلاثة ممن عرفوا أنفسهم بأعضاء الشعبة دون تفاصيل وقد كانوا أيضا في انتظار قدوم أنور الركن الذي وعدهم بالقدوم. يمكن ملاحظة عدم الإعداد وحسن الاستقبال للأعضاء الجدد في الحزب أو الراغبين في الانتساب رغم المبادئ الجليلة التي تحملها أجندة الحزب والتي تدور حول أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة لم يتمكن البعثيون من الوصول إليها أو حتى مجرد الاقترب من الشعار الذي ينتصف شعارهم متعدد الأشكال, كما تواجه الحزب محليا الغياب الاضطراري الطويل للأمين العام عبدالوهاب محمود الذي ظل لسنوات طويلة عنوانا لهذا التوجه السياسي وأخذ المرض محمود للبقاء في دولة أخرى “كوبا” تقترب نسبيا من أفكار الرجل فيما يخص تعدد صور ووجوه المقاومة ويبدو أن هذا هو ما جذب محمود لمقاومة المرض في أرض أصدقاء الفكرة والتطلع ومكن غيابه قيادات أخرى في الحزب من تصدر المشهد وبزغ نجم عدد منهم كمحمد الزبيري الذي أكمل دورة ترؤسه للقاء المشترك عن حزب البعث ومحمد القانص الذي تمت مهاجمته بشدة عقب لقائه ببشار الأسد ولا يرى الركن أي أشكال في التضامن مع سوريا بل ويرى أن هذا من واجبهم الحزبي والمبدأي والإنساني فمن وجهة نظره أن سوريا تواجه إرهابا وليس ثورة شعبية وأنها الدولة العربية الوحيدة الممانعة لإسرائيل ويضيف في لقاء خارج المقر الحزبي سبق الزيارة أن لديها قائدا ذكيا وأنه لا إشكال في تدمير ترسانته النووية فهي أصبحت عبئا وأن الأسد كثير ما أراد التخلص منها بعد أن توفر له جيش قوي بأسلحة تقليدية وأن الحاجة للنووي كانت سابقة لهذا وكان الغرض منها إخافة إسرائيل وليست آراء الأعضاء وحدها بل حتى أجندة الحزب وأنشطته فلديه بيان عقب كل تفجير في سوريا ويعلن تضامنه المستمر وينفي كلما ظهرت شائعة تخليه عن القيادة القطرية. ومقارنة بذلك تتحدث بيانات الحزب عن اليمن فهناك فقط تأييد للنقاط العشرين وتضامن مع محافظ تعز شوقي هائل أمام الحملة الإعلامية ضده والتمسك بالوحدة الوطنية وهو ما جعله أفضل من سواه ممن تخلو عن جوهرهم الداعي إلى وحدة كبيرة تشمل الوطن العربي كله. على العكس تماما أدلى غاضبا أحد المارة برأيه حين كنت خارجا من مقر الحزب فقد هاجم الحزب وقال إنه يشعر بالحزن وهو يرى حزبا يمنيا يشجع قتل شعب بأكمله لأنه لا يريد حاكم يضرب مواطنيه بالنووي وبالطائرات وأضاف الواقف على مقربة من البوابة أنه يشارك في كل مظاهرة مع الشعب السوري ضد الأسد ولا يحترم من يؤيدون قتله للأبرياء وقبل أن ينصرف قال إنه يسكن بالجوار وإنه مع بقية الجيران لا يحبونه ولا يحبون من يتردد أو يتظاهر مع النظام السوري. يحسب للحزب قيامه بإعطاء فرص لعدد من الشباب للسفر والتحصيل العلمي في سوريا دون اهتمام منه بتنسيب من يحصلون على هذه الميزة .