استنفرت روسيا مؤخرا ورفعت درجة يقظتها الأمنية بعد تعرضها لهجمات إرهابية إثر مرحلة الأمن التي تمتعت به خلال السنوات القليلة الماضية بعد نجاحها في محاصرة والقضاء على الحركات المسلحة في بعض جمهورياتها التي شهدت بعض القلاقل وعدم الاستقرار في العقدين الماضيين. وتزامنت الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ضربت مدينة فولغوغراد مع احتفالات أعياد الميلاد بالإضافة إلى الاستعدادات الجارية في استضافة الألعاب الشتوية في سوتشي على البحر الأسود حيث لم يكد ينصرم العام 2013م على روسيا التي سادها الهدوء النسبي في بدايته حتى أطل الإرهاب برأسه في اللحظات الأخيرة من نهايته بوقوع اعتداءين في جنوب روسيا وتحديدا في مدينة فولغوغراد , وكانت الحصيلة سقوط 34 قتيلا ومئات الجرحى بتفجيرين ,أستهدف الأول مدخل محطة فولغوغراد للسكة الحديدية والآخر حافلة ركاب في نفس المدينة . وتضاربت الآراء حول مصدر ومغزى التفجيرات الأخيرة ,حيث يرى بعض المراقبين أن التفجيرات الإرهابية التي ضربت فولغوغراد مرتبطة بالألعاب الأولمبية الشتوية 2014م التي ستقام في مدينة سوتشي الروسية في السابع من فبراير المقبل بهدف خلق جو من الرعب قبيل الأولمبياد. فيما يرى بعض المراقبين أن لها علاقة ببروز الدور الروسي كلاعب مؤثر في أحداث وقضايا العالم وخصوصا منطقة الشرق الأوسط التي تشهد العديد من الأزمات . وأشارت مصادر دبلوماسية أوروبية إلى أن المخابرات الروسية تعرف جيدا مصدر هذه العمليات الإرهابية ومن هي الجهات التي تقف وراءها وهذه المجموعات تعرف بمجموعات القوقاز والتي تتسلم التمويل من الخارج . ودفعت التفجيرات الإرهابية الأخيرة السلطات الروسية خصوصا الأمنية منها إلى الاستنفار ورفع درجة التأهب إلى درجات عليا حيث نشر العديد من رجال الشرطة الذين قاموا بتأمين مدينة فولغوغراد بلغ عددهم 3آلاف ساعدهم متطوعون من السكان المحليين. وأطلقت أجهزة الأمن الروسية عمليات خاصة في فولغوغراد عقب التفجيرين الإرهابيين, وقاموا بالتفتيش بحثا عن المتفجرات باستخدام الكلاب المدربة لـ2700 منزل و112 موقفا للمواصلات المحلية و27 محطة حافلات وغيرها من المواقع والمنشآت التي بلغ عددها الإجمالي 4579. وقررت أجهزة الأمن تشديد الإجراءات الأمنية في 105 مواقع حيوية. وخلال تلك العمليات تم القبض على 12 شخصا مطلوبا وعلى 70 مشتبها بأعمال إجرامية كما قامت الشرطة بمصادرة 85 قطعة سلاح واكتشفت عددا كبيرا من المقيمين بشكل غير شرعي في روسيا وسيتم ترحيلهم خارج الأراضي الروسية. وسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتلافي مثل هذه المعضلة التي قد تدخل روسيا في حالة من زعزعة الأمن والاستقرار بعقد عدد من الاجتماعات الطارئة ,كما قام بزيارة لمنقطة التفجيرات مطلقا تصريحات قوية حول ضرورة مواجهة الإرهاب ومكافحته حتى يتم القضاء عليه نهائيا . وشهدت روسيا في عقد التسعينيات ومطلع اللعبة الجديدة موجه من أعمال إرهابية وتمردات مسلحة من تفجيرات إلى هجمات انتحارية استهدفت وسائل النقل مثل الطيارات والسكك الحديدية وكذلك الأبنية السكنية والأماكن العامة راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى , وكانت أكبر عمليتين هزت أرجاء روسيا وقعت في العامين 1999م و2004م حيث قتل 600 شخص وجرح العشرات من بينهم أطفال . وقد اتخذت روسيا تدابير وإجراءات أمنية مشددة في أنحاء البلاد وبالذات في مدينة سوتشي تحسبا لأيه أعمال إرهابية جديدة , وهي بهذه الخطوة تكون قد اجتازت مسافة في مكافحة الإرهاب .ومع ذلك تظل التساؤلات مطروحة على الطاولة حول استطاعة روسيا بكل ما لديها القضاء تماما على الإرهاب وتجفيف منابعه .