الرئيسية - عربي ودولي - المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية نفق الفشل التراكمي
المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية نفق الفشل التراكمي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

فقدت القضية الفلسطينية الكثير من بريقها بتراجعها أولا في سلم أولويات السياسة العربية باعتبارها الجرح النازف في خاصرة الأمة العربية وذلك بانكفاء معظم العواصم العربية التي تملك التأثير في الملف الفلسطيني نحو الداخل بترتيب أوضاعها وإصلاح الوهن الذي أصابها بفعل الأحداث الأخيرة التي هزت المنطقة إضافة إلى الجامعة العربية التي لم يعد لها أي دور يذكر أو انه تم تهميشها قصدا. وفي الإجمال استغل الطرف الأميركي هكذا فرصة كي يلعب دور الوسيط أو الراعي الرسمي المتفرد في دفع مفاوضات التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية إلى الأمام – .. ولكن دون وجود رؤية واضحة أو سقف زمني لأهم القضايا التي يجب أن تدرج ضمن جدول أعمال المفاوضات في ظل غياب ضغوط أميركية واضحة لفرملة الاستيطان المحرم وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة. ولعل غياب أية ضمانات أميركية مسبقة هو ما يفسر تمادي إسرائيل في غيها وهكذا أمر لو وجد فإنه قد يحدث اختراقا ملموسا في مسار المفاوضات مع توفر الإرادة الحقيقية لنجاحه وبسقف زمني محدد يستدعي من الإدارة الأمريكية ممارسة ضغط حقيقي على حكومة نتنياهو إذا ما أرادت قطف ثمار دبلوماسية مثلما حدث في اتفاق جنيف النووي مع إيران. الإغراءات واللآءات ولكن كيف للظل أن يستقيمْ وهو أعوج فمسار التسوية الفلسطينية- الإسرائيلية يعتريه الكثير من العقبات واللاءات التي تزرعها حكومة نتنياهو أخطرها على الإطلاق تسمين المستوطنات التي تعد بمثابة قنبلة ديموغرافية تفخخ نفق المفاوضات في نهاية المطاف الذي بات ينظر إليه بأنه مضيعة للوقت وعديم الجدوى وهو ما جعل قيادة منظمة التحرير تصر منذ انهيار المفاوضات أواخر العام 2010م على رفض العودة إليها إلا بشرط وقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وأن تكون هناك مرجعية واضحة ومحددة للتفاوض مبنية على اعتراف الكيان الصهيوني بحل الدولتين على أساس حدود 1967م وسط خلاف علني على كثير من قضايا الوضع النهائي هي باختصار شديد القدس الشريف التي ينبغي أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة ثم المياه ومشكلة اللاجئين والحل القائم على أساس الدولتين وهي ثوابت فلسطينية تعجز منظمة التحرير أو القيادة الفلسطينية التفريط فيها دون الرجوع إلى الشعب الفلسطيني صاحب القرار. ومع ذلك الترويج أميركيا لحل منقوص يرضي الحليفة إسرائيل ويدغدغ مشاعر الفلسطينيين من حيث الإغراءات الأوروبية التي لوحت بها قريباٍ في حال التوصل إلى تسوية ما مع الكيان العبري بأي صيغة من الصيغ . وبالعودة إلى مسار المفاوضات الراهنة وهي العاشرة نجد أنه تم تضمينها بمسكنات آنية تتجلى في صفقة إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وخصوصاٍ القدامى الذين أسروا قبل اتفاق أوسلو عام 1993. ومعظمهم وبالمناسبة قد قضوا فترة محكوميتهم القانونية. ومن باب تجميل المفاوضات ليس أكثر . وقد اكتفت قيادة المنظمة بالتوضيحات و”الضمانات” التي تضمنتها الدعوة الأميركية لاستئناف المفاوضات وهي ضمانات شفوية -عْرفت بخطة كيري- تؤكد في جوهرها على حق الشعب الفلسطيني في أن يحكم نفسه بنفسه ويحقق تطلعاته في دولة متصلة ذات سيادة وتتبنى حل الدولتين وأن تكون مرتكزة على حدود 1967 مع تعديلات متفق عليها. أسباب الفشل * وتحاول القيادة الفلسطينية وبالذات المفاوض الفلسطيني نبيل شعث التمسك بثوابت الحل الدائم والعادل القائم على أرضية تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة مبادئ مدريد واتفاقات وأي ريفر وأخواتها .. ولكن دون وجود ظهير مساند عربي أو غربي محايد للاستحقاقات الفلسطينية المسلوبة ما لم تطرأ متغيرات جديدة تقلب طاولة المفاوضات لصالح المطالب العربية الشاملة كأن تدخل روسيا على هذا الخط في المستقبل القريب بعد أن عادت وبقوة على الساحة الدولية لتلعب دورا محوريا في كافة قضايا المنطقة العربية عموما والسورية على وجه التحديد ولعل هذا التفسير يجعل إسرائيل تخشاه وتحسب له ألف حساب إذا ما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود وتفويت الفرصة التاريخية بانتزاع تنازلات كبرى من الفلسطينيين في ظل الانقسام الفلسطيني الحاصل وتجزئ المجزأ أصلا وتعطْل مسار المصالحة والوهن العربي الراهن . . بيد أن عوامل الفشل تترائ أكثر من عوامل النجاح وتتلخصْ في أن الإستراتيجية التفاوضية الإسرائيلية قائمة على أساس “إدارة المشكلة” لا على حلها وهي معنية بإطالة أمد المفاوضات ما أمكن مع الاستمرار في بناء الحقائق على الأرض من تهويد واستيطان ومصادرات للأرض والمقدسات إلى أن تصل إلى فرض تصورها على الطرف الآخر بعد أن تكون قد انتزعت منه أوراق القوة التي يملكها. كذلك من عوامل الفشل انعدام حالة الثقة بين الطرفين المتفاوضين وأيضاٍ استحالة قبول الطرف الفلسطيني تسويق اتفاق نهائي بالشروط الإسرائيلية يتضمن تنازلات تاريخية. وأخيراٍ نجد أن إسرائيل نفسها غير مهيأة لتنازلات “تاريخية” للشعب الفلسطيني في ظل حكومة متعاقبة ومتطرفة لا تعرف سوى اللآءات والغطرسة.